غــزوة تبـوك
نصرﷺ وصحبه بالرعب
مرور الجيش على ديار ثمود
ما أمر رسول الله ﷺ أن يُفعل-وتأييد لنبوته
غزوة تبوك -ح ٢
مرور الجيش أثناء مسيره إلى تبوك بأرض ثمود :
وفي أثناء مسيرهم، مروا على أرض ثمود، وكان أناس ممن سبق راحلة رسول الله ﷺ قد نزلوا أرض ثمود؛ الحجر، فاستقوا من بئرها واعتجنوا به، فأمرهم رسول الله ﷺأن يهريقوا ما استقوا من بئرها، وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة. ففي حديث عن سهل بن سعد أن رسول الله ﷺ حين مر بالحجر ونزلها استقى الناس، وكان قد قال لهم: "لا تشربوا من مائها شيئا ، ولا تتوضئوا منه للصلاة ، وما كان من عجين عجنتموه فأعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئا، ولا يخرجن أحد منكم الليلة إلا ومعه صاحب له"
ففعل الناس ما أمرهم به رسول الله ﷺ إلا رجلين من بني ساعدة، خرج أحدهما لحاجته، وخرج الآخر في طلب بعير له؛ فأما الذي ذهب لحاجته، فإنه خنق في مكانه، وأما الذي ذهب في طلب بعيره، فاحتملته الريح حتى ألقته بجبلي طيئ ، فأخبر رسول الله ﷺبذلك فقال : "ألم أنهكم أن يخرج رجل إلا ومعه صاحب له ؟ " ثم دعا للذي أصيب على مذهبه فشفي، وأما الآخر فإنه وصل إلى رسول الله ﷺ بعد مرجعه من تبوك - وفي رواية زياد عن ابن إسحاق أن طيئا أهدته إلى رسول الله ﷺحين رجع إلى المدينة .
وعن عبد بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول اللهﷺ للناس: " لا تَدْخُلُوا مَساكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ، إلَّا أنْ تَكُونُوا باكِينَ، أنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أصابَهُمْ." (صحيح البخاري) – فهذا نهي عن الذهاب خاصة لأماكن الأقوام الذين عذبوا، خوفا بأن يصيبهم ما أصاب هذه الأقوام
وعن ابن عمر قال: " نزل رسول الله ﷺبالناس
عام تبوك الحجر عند بيوت ثمود، فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود،
فعجنوا ونصبوا القدور باللحم ، فأمرهم رسول الله ﷺفأهرقوا القدور ، وعلفوا العجين
الإبل،
ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ، ونهاهم أن
يدخلوا على القوم الذين عذبوا فقال : "إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا
عليهم " وهذا
الحديث إسناده على شرط " الصحيحين " من هذا الوجه
ففي " الصحيحين
" من حديث ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال : " لا تَدْخُلُوا مَساكِنَ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ، إلَّا أنْ تَكُونُوا باكِينَ، أنْ يُصِيبَكُمْ
مِثْلُ ما أصابَهُمْ ".
وعن جابر قال : لما مر النبي ﷺ بالحجر قال :" لا تَسْأَلوا الآياتِ ، فقد سألَها قَوْمُ صالِحٍ فَكانَتْ يعني النَّاقَةَ تَرِدُ من هذا الفَجِّ ، وتَصْدُرُ من هذا الفَجِّ ، فَعَتَوْا عن أَمْرِ رَبِّهِمْ فَعَقَرُوها ، وكانَتْ تَشْرَبُ ماءَهُمْ يومًا ويشربُونَ لَبَنَها يومًا، فَعَقَرُوها، فأخذَتْهُمْ صَيْحَةٌ أَهْمَدَ اللهُ مَنْ تَحْتَ أَدِيمِ السَّماءِ مِنْهُمْ ، إلَّا رجلًا واحِدًا كان في حَرَمِ اللهِ . فَقَالوا : مَنْ هو يا رسولَ اللهِ ؟ قال : أبو رِغَالٍ ، فلمَّا خرجَ مِنَ الحَرَمِ أَصابَهُ ما أَصابَ قَوْمَهُإ" (سناده صحيح ، ولم يخرجوه)
وعن محمد بن أبي كبشة الأنماري عن أبيه قال: " لمَّا كان في غَزوةِ تَبوكَ، تَسارَعَ النَّاسُ إلى أهلِ الحِجْرِ يَدخُلونَ عليهم، فبلَغَ ذلك رسولَ اللهِ ﷺ، فنادى في النَّاسِ: "الصَّلاةَ جامعةً"، قال: "فأتَيْتُ رسولَ اللهِ ﷺوهو مُمسِكٌ بَعيرَه، وهو يقولُ: "ما تَدخُلونَ على قومٍ غضِبَ اللهُ عليهم؟" فناداهُ رَجلٌ منهم: "نَعجَبُ منهم يا رسولَ اللهِ"، قال: "أفلَا أُنبِّئُكم بأعجَبَ من ذلك؟ رَجلٌ من أنفُسِكم يُنبِّئُكم بما كان قبلَكم، وما هو كائنٌ بعدَكم- يقصد نفسه ﷺ- فاسْتَقيموا وسَدِّدوا؛ فإنَّ اللهَ لا يَعبَأُ بعَذابِكم شيئًا، وسَيأْتي قومٌ لا يَدفَعونَ عن أنفُسِهم بشيءٍ." إسناده حسن ولم يخرجوه .
ولما مر بتلك الديار ، ديار ثمود قال لهم أيضاً : "لا تَدْخُلُوا مَساكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ، إلَّا أنْ تَكُونُوا باكِينَ، أنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أصابَهُمْ" ( البخاري)، ثم قنع رأسه، وأسرع السير، حتى جاز الوادي .
فتوى هيئة العلماء في زيارة هذه الديار
أولا: منع الأحياء والسكن فيما يلي:
أ_ ماكان فيه أثار من جبال وسهول:
ب_ الأبار الثمودية.
ج_ مجرى الوادي ومفرشه.
ثانيا: ماعدا ذلك مما كان خارجا عما منوه عنه اعلاه وداخلا في محيط سلسلة الجبال القائمة فان الهيئة تقرر بالاكثرية جواز احيائه والسكن فيه لأن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد دليل الخظر وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.هيئة كبار العلماء
وفي الطريق كان رسول الله ﷺ يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء ، جمع التقديم والتأخير . وهذا الجمع بين الصلاتين مع القصر هو ما كان في أثناء المسير، والقصر يجوز أثناء الإقامة في البلد التي سافر إليها ولا ينوي أن يقيم فيها.- ولها أيام معدودة لذلك.
أبو خيثمة يطرد عن قلبه حب الراحة والعيش الهنيء:
ولما نزل بتبوك لحقه أبو خيثمة، وكان مؤمناً صادقاً تخلف بغير عذر، فلما دخل في بستانه – وكان يوماً شديد الحر – وجد زوجتيه قد رشت كل واحدة منها عريشتها، وهيأت طعاماً وماءً بارداً فقال: رسول اللهﷺ في الحر، وأبو خيثمة في ظل بارد، وماء مهيأ، وامرأة حسناء؟ ما هذا بالنصف، والله لا أدخل عريشة واحدة منكما حتى ألحق برسول اللهﷺ، فهيئا لي زاداً ، ففعلتا، ثم ركب بعيره، وأخذ سيفه ورمحه، وخرج يسير حتى صادف رسول الله ﷺحين نزل بتبوك .
عشرون يوماً في تبوك :
وعلمت الروم بنزول رسول الله ﷺ في تبوك فخارت عزائمهم، ولم يجترؤا على اللقاء، فتفرقوا في داخل بلادهم، مصداقا لقوله ﷺ: " أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ مِنَ الأنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، وأَيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لي الغَنَائِمُ، وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ كَافَّةً، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ. (البخاري)
وبقى رسول اللهﷺ عشرين يوماً يرهِّب العدو، ويستقبل الوفود، وقد جاءه يوحنا بن رؤبة حاكم أيلة [ آيلة: هي مدينة قديمة إسلامية حاليا، أنشئت على الموقع الحالي لمدينة العقبة الموجودة في جنوب الأردن، شمال غرب المركز الحالي لمدينة العقبة، كانت أول مدينة إسلامية تأسست خارج الجزيرة العربية] وصحبته أهل جرباء وأذرح، وأهل ميناء، فصالحوه على إعطاء الجزية، ولم يسلموا، وكتب رسول الله ﷺ ليوحنا كتاباً فيه الأمان له، ولأهل أيلة، وفيه الذمة لسفنهم وسياراتهم في البحر والبر، وفيه حرية التنقل والنزول، وأن أحدث حدثاً فلا يحول ماله دون نفسه.
وكتب لأهل جرباء وأذرح كتاباً أعطاهم فيه الأمان، وأن عليهم مائة دينار في كل رجب، وهذه الجزية مقابل الحماية، ولهم منها مقابل عند الكبر إن احتاجوا لمعونة، وصالحه أهل ميناء على ربع ثمارها .
اسـر أكيـدر دومـة الجندل:
وأرسل رسول الله ﷺ خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة الجندل، في أربعمائة وعشرين فارساً ، وقال له: أنك ستجده يصيد البقر، فسار خالد حتى إذا كان بمنظر العين خرجت بقرة تحك بقرونها باب القصر، فخرج أكيدر ليصيدها، فتلقاه خالد في خليه، وجاء به إلى رسول الله ﷺ، فحقن دمه، وصالحه على ألفي بعير، وثمانمائة رأس، وأربعمائة درع ، وأربعمائة رمح ، وأقر بإعطاء الجزية على قضية أيلة وميناء .
حب
النبي ﷺلجبل أحد وثناؤه على دور الأنصار:
عن أبي حميد الساعدي قال : غَزَوْنَا مع النبيِّ ﷺ غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَلَمَّا جَاءَ وادِيَ القُرَى إذَا امْرَأَةٌ في حَدِيقَةٍ لَهَا، فَقالَ النبيُّﷺ لأصْحَابِهِ: اخْرُصُوا، وخَرَصَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، فَقالَ لَهَا: "أَحْصِي ما يَخْرُجُ منها". فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قالَ: "أَما إنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فلا يَقُومَنَّ أَحَدٌ، ومَن كانَ معهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ." فَعَقَلْنَاهَا، وهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ، فألْقَتْهُ بجَبَلِ طَيِّئٍ، وأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ للنبيِّ ﷺ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وكَسَاهُ بُرْدًا، وكَتَبَ له ببَحْرِهِمْ، [وكَتَب لَه ﷺ بِبَحْرِهِم، يعني ببَلدِهم أَيلَةَ، والمُرادُ بِأَهْلِ بَحْرِهم؛ لأنَّهم كانوا سُكَّانًا بِساحِلِ البَحْرِ، فأقَرَّه عليهم بِما الْتَزَموه مِن الجِزيةِ.] فَلَمَّا أَتَى وادِيَ القُرَى قالَ لِلْمَرْأَةِ: "كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ؟" قالَتْ: عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، خَرْصَ رَسولِ اللَّهِ ﷺ.
فَقالَ النبيُّ ﷺ: إنِّي مُتَعَجِّلٌ
إلى المَدِينَةِ، فمَن أَرَادَ مِنكُم أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي، فَلْيَتَعَجَّلْ. فَلَمَّا قالَ ابنُ
بَكَّارٍ كَلِمَةً مَعْنَاهَا: أَشْرَفَ علَى المَدِينَةِ قالَ: "هذِه طَابَةُ"، فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قالَ: هذا جُبَيْلٌ
يُحِبُّنَا ونُحِبُّهُ،. قال: " خير دور الأنصار بنو النجار ، ثم دار بني عبد الأشهل
ثم دار بني ساعدة ثم في كل دور الأنصار خير
No comments:
Post a Comment