الفقه الميسر – الدرس الخامس ( 5 ) - الإستجاء وآدابه
معنى الإستنجاء: هو إزالة النجاسة أو تخفيفها عن مخرج البول أو الغائط. مأخوذ من
النَّجاء وهو الخلاص من الأذى، أو النجوة: وهي المرتفع عن الأرض، أو النجو: وهو الغائط
أي ما يخرج من الدبر.
سمي بذلك شرعاً، لأن المستنجي يطلب الخلاص من
الأذى ويعمل على إزالته عنه، والإرتفاع عنه بالطهارة.
حكمه: وهو فرض واجب
للعبادات التي تستوجبه. وقد دل
على ذلك قول الرسول ﷺ كما سيأتي.
ما يُستنجي به:
أولا: يجزيء
الاستنجاء بالماء المطلق، وهو
الأصل في التطهير من النجاسة
ثانياً: ويجزيء بكل جامد خشن يمكن أن يزيل النجاسة، كالحجر والورق ونحو ذلك
ثالثاً: وهو الأفضل أن
يستنجي أولاً بالحجر أو الورق ونحوه، ثم يستعمل الماء
لأن الحجر يزيل عين النجاسة والماء بعده يزيل أثرها دون أن يخلطها
وأن أقتصر على أحدهما فالماء أفضل، لأنه يزيل العين والأثر، بخلاف
غيره
وأن أقتصر على الحجر
ونحوه، فيشترط له :
1-
أن يكون المستعمل جافاً، وأن يستعمل قبل أن يجف
الخارج من القبل أو الدبر .
2-
وأن لا ينتقل عن المحل
الذي أصابه أثناء خروجه وينتشر حوله.
3-
كما
يشترط أن لا نقل المسحات عن ثلاثة أحجار أو قطع من الورق أو ما ينوب منابها، فإن
لم ينظف المحل زيد عليها.
4-
ويسن أن يجعل عدد مرات المسح وتراً، أي ينظف عدد
فردي من المرات ، كثلاث أو خمسة أو سبعة، ونحوها
روى البخاري ومسلم: عن أنس بن مالك قال:
كان رسول الله يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام نحوي [] إدواة من ماء وعنزة، فيستجني
بالماء
[الخلاء: مكان قضاء الحاجة – نجوي : أي مثلي ، في مثل سني- إداوة:
إناء صغير من جلد - عنزة: الحربة القصيرة،
تركز ليصلى إليها كسترة - يستنجي: يتخلص
من أثر النجاسة]ـ
وروى البخاري
وغيره، عن ابن مسعود قال: ( أتي
النبي ﷺ الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار)
[الغائط: المكان المنخفض من الأرض تقضى فيه
الحاجة، ويطلق على ما يخرج من الدبر]ـ
وروى أبو داود
وغيره، عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال: " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب
بهن، فإنها تجزئ عنه "ـ
[يستطيب: يستنجي، سمي بذلك لأن المستنجي يطيب
نفسه بإزالة الخبث عن المخرج]
وروى أبو داود
والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "
نزلت هذه الآية في أهل قباء: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) [التوبة: 108]ـ
قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية " يمدحهم الله
تعالى فيهاـ"
روى مسلم
عن سلمان عن رسول الله ﷺ قال: " لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار"ـ[ ليس بأقل من ثلاثة جوامد طاهرة ]
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: " ومن استجمر فليوتر "ـ
[استجمر: مسح بالجمار وهي الأحجار الصغيرة-
ومثلها مناديل الورق الجافة ـ]ـ
ما لا يستنجي به:
-
لا يصح الاستنجاء بما كان نجس العين أو متنجساً لأنه ربما زاد في
أثر النجاسة بدل تخفيفه
روى البخاري
عن عبدالله بن مسعود قال: أتى النبي ﷺ الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمســت
الثالث فلم أجدهـن فأخذت روثة فاتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثـة
وقال:"هذا ركس "ـ
[ الركس: النجس. روثة: براز الحيوان مأكول اللحم
وغيره]ـ
-
ويحرم الاستنجاء بما كان مطعوماً لأدمي كالخبز وغيره، أو مطعوما لجنّي
كالعظم.
آداب الاستنجاء
وقضاء الحاجة:ـ
هناك آداب يطلب من المسلم أن يراعيها عند القيام
بقضاء حاجته واستنجائه وهي:ـ
1ـ ما يتعلق بالمكان الذي يقضي فيه حاجته:
فإنه يجتنب التبول والتغوط في
أ-
طريق الناس أو المكان الذي يجلسون فيه، لما فيه من الأذى لهم.
روى مسلم وغيره، عن أبي هريرة : أن النبي ﷺ قال: " اتقوا اللعانين" . قالوا: وما اللعانان؟ قال: "
الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم"ـ
[اللاعنين: الأمرين الجالبين الّلعن]ـ
ب-
تحت الشجرة المثمرة: صيانة للثمر عن التلويث
عند وقوعه سواء كان مأكولاً أو منتفعاً به لئلا تعافه النفس.
ج- الماء الراكد:
لما ينتج من تقزز النفس منه، إن كان
كثيراً لا تغيره النجاسة، ومن إضاعته إن كانت النجاسة تغيره، أو كان دون القلتين .
روى مسلم وغيره عن جابر عن النبي ﷺ :( أنه نهى أن يبال في الماء الراكد)ـ
والتغوط أو التبرز أقبح وأولى بالنهي
2ـ ما يتعلق بالدخول إلى
مكان قضاء الحاجة والخروج منه، فيستحب لقاضي الحاجة:ـ
أن يقدم رجله اليسرى عند
الدخول، ويمناه عند الخروج لأنه الأليق
بأماكن القذر والنجس
ولا يحمل اسم الله تعالى
ومثله كل اسم معظم.
كما يسـتحب له أن يقول
الأذكار والأدعيـة التي ثبتت عـن رسـول الله ﷺ ، قبل دخول
الخلاء وبعد الخروج منه:
فيقول قبل الدخول: "باسم
الله، اللهم إني أعوذ بك من الخُبُثِ والخَبائِث" [رواه البخاري ومسلم]ـ
[الخُبُث: جمع خَبيث.
والخبائث: جمع خبيثة، والمراد ذكور الشياطين وإناثهم]
وبعد الخروج يقول: "غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافني، الحمــد لله
الذي أذاقني لذته، وأبقى من قوته، ودفع عنى أذاه"
[رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ضعيف،
أو قيل موقوفا على أبي ذر]
3ـ ما يتعلق بالجهة: يحرم على قاضي الحاجة أن يستقبل القبلة أو يستدبرها،[ اي لا يكون
موجها وجههه للقبلة ، ولا يعطيها ظهره] إن كان في الفضاء، ولكن إن كان في
بناء فلا يحرم ، ولكن يستحب لمن بنى لنفسه بيتا أن يراعي ذلك.
4-كما عليه أن يتخذ ساتر مرتفع يستر عورته حال قضاء حاجته
روى البخاري ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي ﷺ قال: "إذا أتيتم الغائط
فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول أو غائط، ولكن شرقوا أو غربوا" ـ
ويكره لقاضي الحاجة الكلام وغيره أثناء قضائها.
وروى أبو داود وغيره، عن
أبي سعيد قال: سمعت النبي ﷺ يقول: "لا يخرج الرجلان
يضربان الغائط، كاشفين عن عورتهما يتحدثان، فإن الله عز وجل يمقت على ذلك"ـ
[يضربان: يأتيان. يمقت:
يغضب]ـ
ويقاس على الكلام غيره
كالأكل والشرب والعبث، ونحو ذلك
5ـ الاستنجاء باليسار: يستعمل قاضي الحاجة
شماله لتنظيف المحل، ويمسك بالماء بيده اليمنى
روى
البخاري ومسلم عن أبي قتادة ، عن النبي ﷺ قال: "إذا بال
أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه ولا يستنج بيمينه"ـ
عن كتاب الفقه المنهجي – بتصرف والرجوع
غلى فتاوي الفقهاء في المسائل المختلف فيها
No comments:
Post a Comment