غزوة ذات الرقاع
عدد المحاربين المسلمين بين٤٠٠-٧٠٠
لم يكن معهم من الرواحل إلا القليل،تمزقت
أقدامهم من الرمل والحصى الحار فلفوها بالرقاع
الأسباب التي أدت إلى الغزوة:
تلقى النبيﷺ أخبار تفيد بأن بعض قبائل بنو غطفان كانت تتجمع في ضاحية الرقة، يستعدون للقدوم إلى المدينة لمحاربة المسلمين. فسبقهم النبي ﷺ بالخروج إليهم.
غزوة ذات الرقاع
غزوة ذات الرِّقاع هي واحدة من الغزوات التي خاضها رسول الله ﷺ، وكانت هذه الغزوة في العام السابع من الهجّرة في شهر ربيع الأوّل، وهذا يعني أنّها تبعتْ فتح خيبر مباشرة،
أهمّ أحداث غزوة ذات الرِّقاع:
كان لغزوة ذات الرِّقاع أهميّة خاصّة من عدّة وجوه، ويظهرُ ذلك من استعراض أحداثها ومجرايتها كما في الآتي:
خاض رسول الله ﷺ مع جماعة من المسلمين غزوة ذات الرِّقاع ضدّ كلٍّ من بني محارب وبني ثعلبة، وكلاهما من قبيلة غطفان، حيث كانوا قد أعدّوا العدّة لمهاجمة المسلمين في المدينة المنوّرة.
كان عدد جيش المسلمين الذين خرجوا لكبح أطماع العدوّ من غطفان فيما قيل أربعمئة أو سبعمئة مقاتل من المسلمين.
سار المسلمون في طريقهم إلى غطفان باتجاه إقليم نجد
واجه الجيش صعوبات بالغة، كان من أهمّها قلّة عدد الرّواحل التي تنقلهم، حتى كان السّتة أو السّبعة يشتركون في التّناوب على راحلة واحدة، كما أنّ وعورة الطّريق وكثرة حجارته الحادّة ضاعفت من المشقّة، حتى أُدْميَتْ أقدام صحابة رسول الله ﷺمن المشي عليها؛ فلفّوا أقدامهم بالخِرَق.
واصل جيش المسلمين تقدّمه إلى أنْ بلغ مكاناً لبني غطفان اسمه نخل، وفي هذا المكان وصل الخبر للأعراب من بني غطفان بوجود جيش المسلمين قريبا منهم، فأُشربتْ قلوبهم خوفاً وهلعاً، وأدركوا أنفسهم بالهروب إلى أعالي الجبال، ولمْ يأبهوا بمن خلفهم من نسائهم وأبنائهم وأموالهم. خشي النبيّ ﷺ على جيش المسلمين من هجوم الأعراب من على رؤوس الجبال مع حلول وقت الصّلاة؛ فجاء الأمر الإلهيّ بتشريع صلاة الخوف، حيث قال الله عزّ وجلّ: (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا)، فأدّى جيش المسلمين الصّلاة بإمامة رسول الله ﷺ على النحو الذي جاءت به الآية الكريمة السّابقة.
تحقّق مقصود المسلمين من تأديب الأعراب القُساة في نجد؛ عندما رأى الرّسولﷺ أن يرجع بالجيش إلى المدينة المنوّرة.
الحارس العابد الصامد:
كان عبّاد
بن بشر وعمّار بن ياسر رضي الله عنهما قد اتفقنا على حراسة الجيش، وفي الطريق بات الجيش في شعب قبل وصولهم
للمدينة، وحتى يبتوا ليلتهم بأمان، تقاسم الإثنين مهمّة الحراسة بينهما ينام أحدهما أول
الليل، ويبقى الآخر يحرس ثم يتناوبا، وبينما
عبّاد رضي الله عنه في نوبته الأولى للحراسته قائم يصلّي يقرأ بسورة الكهف ، أُصيب بأكثر من سهم من أحد المشركين الذين تعقّبوا
مسير جيش المسلمين في طريق عودته، وكلما أصابه سهم، نزعه وستمر في صلاته، وظلّ
قائم يصلّي إلى أنْ أتمّ قراءة السّورة التي غلب حبّها على حبّ سلامته من السّهام،
وبعد ذلك أيقظ عمّار بن ياسر رضي الله عنه، ليعالج له جراحه، فمل رأه قال: قال: سبحان الله ألا انبهتني أول ما رمى قال: كنت في سورة أقرأها فلم أحب أن أقطعها.
وواصل المسلمون بعدها رحلة العودة إلى
المدينة المنوّرة.
من يمنعك مني ؟
ومن أروع ما وقع في هذه الغزوة، ذلك أنه في في صبيحة اليوم التالي نزل رسول الله ﷺ تحت شجرة ظليلة، فعلق بها سيفه ونام، وتفرق الناس تحت الأشجار وناموا، فجاء رجل من المشركين، فاخترط سيف رسول الله ﷺ وهو نائم، فاستيقظ وهو في يده صلتا . فقال الرجل: أتخافني ؟ قال رسول الله ﷺ: لا. قال: فمن يمنعك مني ؟ قل: الله . فسقط السيف من يده . فأخذه رسول الله ﷺ وقال: من يمنعك مني ؟ قال: كن خير آخذ . فدعاه إلى الإسلام فلم يسلم. ولكنه أعطى العهد أنه لا يقاتله، ولا يكون مع قوم يقاتلونه، فخلى سبيله، فذهب إلى قومه، وقال: جئتكم من عند خير الناس.
انتهت أحداث غزوة ذات الرِّقاع بتحقيق أهدافها دون قتالٍ ومواجهةٍ؛ حيث ألقى الله عزّ وجلّ في قلوب الأعراب الرّعب من المسلمين؛ فلم يتجرّأ أحد من المشّركين بعد ذلك على أذيّة المسلمين لا بالسّلب ولا بالنّهب في صحارى نَجْد التي يقطنون بها، بل إنّ الله تعالى كتب لهم الهداية؛ فأسلمت قبائل غطفان وكان لها نصيب في المشّاركة في فتح مكّة المكرّمة، والقتال مع رسول الله في غزوة حُنين.
وقد أرسلت قبل هذه الغزوة وبعدها عدة سرايا لتأمين الطرق وتأديب المعتدين وتفريق المجتمعين.
No comments:
Post a Comment