Tuesday, 9 November 2021

تفسير سورة قريش لقريش سبع ميزات عن بقية القبائل اشرفها أن جعل منها النب...

  

 

تفسير سورة قريش- أكرم الله قريشا بسبع خصال؛ أعزها بأن جعل النبي الخاتم منها، وأنزل فيها سورة كاملة لم ينزل بغيرها

التعريف بالسورة

- سورة مكية  - من المفصل – من الجزء (٣٠)- الجزب (٦٠) الربع(٨) - عدد آياتها ٤  - ترتيبها بالمصحف السادسة بعد المائة - نزلت بعد سورة التين-  تبدأ بحرف (ل) " لإيلاف قريش " - لم يذكر لفظ الجلالة في السورة

- وقريش أشهر قبائل الجزيرة العربية والقبيلة التي كان ينتمي إليها الرسولﷺ.

  

محور مواضيع السورة :

 

يدور محمور مواضيع السورة حول نعم الله على قريشً، أن وفقهم الله تعالى لرحلتين ، رحلة الشتاء إلى اليمن ، ورحلة الصيف إلى بلاد الشام للتجارة، وَقَدْ أَكْرَمَهم  الَّلهُ تَعَالى بنعمتين من نعمه الكثيرة عليهم؛  نعمة الأمن والإستقرار، ونعمة الغنى واليسرِ؛ {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا البَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}

سبب نزول السورة :

 

في حديث ينسب لرسول الله ﷺ، وهو عند أهل العلم لا يصح مرفوعا للنبي ﷺ، وذُكر (بالعلل والمتناهية-لابن الجوزي)

يروى عن سعيد بن المسيب أن النبي ﷺ قال: ""إنَّ اللَّه فضَّلَ قُريشًا بسبعِ خصالٍ؛  إنِّي منهم ، وأنَّ اللَّهَ أنزلَ فيهم سورةً كاملةً من كتابِهِ لم يذكُر فيها أحدًا غيرَهُم، وأنَّهم عبدوا اللَّهَ عشرَ سنينَ لا يعبدُهُ أحدٌ غيرُهُم، وأنَّ اللَّهَ نصرَهُم يومَ الفيلِ، وأنَّ الخلافةَ والسِّقايةَ والسِّدانةَ فيهم وللَّهِ الحمدُ كثيرًا ""

 

لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴿١﴾‏ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴿٢﴾‏ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ﴿٣﴾‏ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴿٤﴾‏

التفسير:

هذه السورة مفصولة عن التي قبلها في المصحف الإمام، كتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم وإن كانت متعلقة بما قبلها. كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛  لأن المعنى عندهما: حبسنا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله {لإيلافِ قُرَيْشٍ}  أي:لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين.

وقيل: المراد بذلك ما كانوا يألفونه من الرحلة في الشتاء إلى اليمن، وفي الصيف إلى الشام في المتاجر وغير ذلك، ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسفارهم؛ لعظمتهم عند الناس، لكونهم سكان حرم الله، فمن عَرَفهم احترمهم، بل من صوفي  إليهم وسار معهم أمن بهم. هذا حالهم في أسفارهم ورحلتهم في شتائهم وصيفهم. وأما في حال إقامتهم في البلد، فكما قال الله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ } (العنكبوت٦٧)، ولهذا قال: {لإيلافِ قُرَيْشٍ} بدل من الأول ومفسر له. ولهذا قال: { إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}

وقال ابن جرير:الصواب أن « اللام » لام التعجب، كأنه يقول: اعجبوا لإيلاف قريش نعمتي عليهم في ذلك. قال:وذلك لإجماع المسلمين على أنهما سورتان منفصلتان مستقلتان.

قال الإمام السعدي في تفسيره: قال كثير من المفسرين: إن الجار والمجرور متعلق بالسورة التي قبلها أي: فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش وأمنهم، واستقامة مصالحهم، وانتظام رحلتهم في الشتاء لليمن، والصيف للشام، لأجل التجارة والمكاسب.

فأهلك الله من أرادهم بسوء، وعظم أمر الحرم وأهله في قلوب العرب، حتى احترموهم، ولم يعترضوا لهم في أي: سفر أرادوا.

ثم أرشدهم إلى شكر هذه النعمة العظيمة فقال: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} أي:فليوحدوه بالعبادة، كما جعل لهم حرما آمنا وبيتا محرما، كما قال تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ( النمل٩١ )

وقوله: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ} أي:هو رب البيت، وهو  {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} أي:تفضل عليهم بالأمن والرخص فليفردوه بالعبادة وحده لا شريك له، ولا يعبدوا من دونه صنمًا ولا ندا ولا وثنًا. ولهذا من استجاب لهذا الأمر جَمَع الله له بين أمن الدنيا وأمن الآخرة، ومن عصاه سلبهما منه، كما قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} ( النحل ١١٢- ١١٣)

 

وقد قال ابن أبي حاتم:بسنده عن أسماء بنت يزيد قالت:سمعت رسول الله ﷺ يقول: « ويل أمكم، قريش، لإيلاف قريش » ثم قال:

حدثنا أبي، حدثنا المؤَمَّل بن الفضل الحراني، حدثنا عيسى - يعني ابن يونس- عن عُبَيد الله ابن أبي زياد، عن شهر بن حوشب، عن أسامة بن زيد قال:سمعت رسول اللهﷺ يقول: « لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. ويحكم يا معشر قريش، اعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمكم من جوع وآمنكم من خوف » .

رحلة الشتاء

أي فلتعبد قريش ربها شكرا له على أن جعلهم قوما تجارا ذوي أسفار في بلاد غير ذات زرع ولا ضرع، لهم رحلتان رحلة إلى اليمن شتاء لجلب الأعطار والأفاويه التي تأتي من بلاد الهند والخليج العربي إلى تلك البلاد ورحلة في الصيف إلى بلاد الشام لجلب الحاصلات الزراعية إلى بلادهم المحرومة منها. وقد كان العرب يحترمونهم في أسفارهم، لأنهم جيران بيت الله وسكان حرمه، وولاة الكعبة، فيذهبون آمنين، ويعودون سالمين، لا يمسهم أحد بسوء على كثرة ما كان بين العرب من السلب والنهب والغارات التي لا تنقطع. فكان احترام البيت ضربا من القوة المعنوية التي تحتمي بها قريش في الأسفار، ولهذا ألفتها نفوسهم، وتعلقت بالرحيل، استدرارا للرزق. وهذا الإجلال الذي ملك نفوس العرب من البيت الحرام، إنما هو من تسخير رب البيت سبحانه، وقد حفظ حرمته،

 وزادها في نفوس العرب ردّ الحبشة عنه حين أرادوا هدمه، وإهلاكهم قبل أن ينقضوا منه حجرا، بل قبل أن يدنوا منه.   

أول من جمع الناس على رحلتي الشتاء والصيف:

 ذكر في كتب التفسير أنّ هاشم بن عبد مناف كان أول من جمع الناس على رحلتي الشتاء والصيف،  من بعد أن عانوا من الجوع والقحط، وذكر الكلبي أنّه أول من حمل السمراء أي السمن من الشام ورحل إليها الإبل، وقد كانوا يتقاسمون أرباح تجارة اليمن والشام بينهم حتّى كان غنيهم كفقيرهم.

من فوائد هذه السورة :

-أن شكر الله على نعمه لن يكون بالإيمان القلبي بأنه المنعم فقط، ولكنه يكون بالقول والعمل.

- وإن ارتكاب الذنوب والمعاصي هي من مسببات زوال النعم التي بأيدينا.

 - ويظهر من سورة قريش مكانة وعظمة بيت الله الحرام عند الله عز وجل وعند المسلمين. وأن النعم التي أعطاها الله لقبيلة قريش لوجودهم على تلك البقعة المباركة. كما أنهم لا يزالوا حتى الآن يتمتعوا بالأمان ورغد العيش الذي منحهم الله عز وجل

- أحد فوائد سورة قريش الإشارة لأن نعمة الأمن والأمان هي أحد أفضل النعم التي ينعم بها الله علينا.

ويؤكد هذا حديث النبيﷺ حينما قال” من أصبحَ معافًى في جسمِهِ آمنًا في سربِهِ عندَهُ قوتُ يومِهِ فَكأنَّما حيزت لَهُ الدُّنيا" (الهيثمي -مجمع الزوائد- ضعيف)

 

آخر تفسير سورة قريش فلله الحمد والمنة

No comments:

Post a Comment