تتمة وتنبيهات في المسح على الجوربين
المسح على الجبائر-والعمامة وشروطها
المسح على الجبائر-والعمامة وشروطها
تنبيهات لبعض الأخطاء في المسح على الخفين:
1- لا يشترط أن يكون الجورب من الجلد:
عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : ( تَوَضَّأَ النَّبِيُّ ﷺوَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ ) .
رواه الترمذي ، وصححه الألباني في " صحيح سنن الترمذي "
قال " صاحب القاموس " : الجورب : لفافة الرِّجْلِ .
قال أبو بكر بن العربي : والجورب هو غِشَاءٌ للقدم من الصوف يُتَّخَذُ للتَدْفِئَة .
وعنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ قَالَ سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ : الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ
قال ابن حزم : وَالْمَسْحُ عَلَى كُلِّ مَا لُبِسَ فِي الرِّجْلَيْنِ - مِمَّا يَحِلُّ لِبَاسُهُ مِمَّا يَبْلُغُ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ سُنَّةٌ , سَوَاءٌ كَانَا خُفَّيْنِ مِنْ جُلُودٍ أَوْ لُبُودٍ أَوْ عُودٍ أَوْ حَلْفَاءَ أَوْ جَوْرَبَيْنِ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ وَبَرٍ أَوْ شَعْرٍ - كَانَ عَلَيْهِمَا جِلْدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ
2- حكم المسح على الجورب المثقوب
الصحيح من أقاويل العلماء جواز المسح على الخف أو الجورب المخرق فقد رخص النبي ﷺ بالمسح على الخفين ولم يشترط كونه سليماً من الخروق أو الفتوق ولا سيما أن خفاف بعض الصحابة لا تخلو من فتوق وشقوق فلو كان هذا مؤثراً على المسح لبين النبي ﷺ ذلك بياناً عاماً فقد تقرر في القواعد الأصولية أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز .
ويصح أيضاً المسح على الجوربين اللذين يصفان البشرة لأن الإذن بالمسح على الخفين مطلق ولم يرد تقييده بشيء فكان مقتضى ذلك أن كل جورب يلبسه الناس لهم أن يمسحوا عليه وهذا مقتضى قول القائلين بجواز المسح على الخف المخرق ما أمكن المشيء عليه .
3- هل المسح على الخفين أفضل أم غسل القدمين؟
أن الأفضل في حق كل واحد ما كان موافقاً للحال التي عليها قدمه ، فإن كان لابساً للخف فالأفضل المسح، وإن كانت قدماه مكشوفتين فالأفضل الغسل، ولا يلبس الخف من أجل أن يمسح عليه .
ويدل لهذا حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه لما أراد أن ينزع خفي النبي ﷺ ليغسل قدميه في الوضوء فقال له النبي ﷺ: ( دَعْهُمَا ، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ ، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا ) رواه البخاري ومسلم. فهذا يدل على أن المسح أفضل في حق من كان يلبس الخفين
ويدل لذلك أيضاً ما رواه الترمذي عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه قَالَ :( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهنَّ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ . حسنه الألباني في إرواء الغليل" . فالأمر بالمسح يدل على أنه أفضل، في حق لابس الخف أو الجورب.
4- لا يجب وجود نية المسح قبل لبس الجورب ليصح المسح :
والدليل الحديث السابق، أن رسول الله ﷺ كان يأمرهم بعدم نزع خفافهم إذا كانوا في سفر، وهذا يعني أنهم لم يكونوا عقدوا النية على المسح، ومع ذلك أمرهم بعدم نزع الخفاف ، والمسح عليها .
5- شروط المسح على الخفين
ويشترط لجواز المسح على الخفين والجوربين شروط منها:
1- أن يلبسهما على طهارة كاملة.
2- أن يسترا محل الفرض وهو كل القدمين إلى الكعبين.
3- أن يمكن تتابع المشي بهما عادة، بأن يكونا ثابتين على القدمين فلا يقعا.
4- أن يكونا مباحين، فلا يصح المسح على المغصوب، ولا على ما كان غالبه حريراً بالنسبة للرجال.
5- أن يكونا طاهرين عيناً.
6- لا يشترط أن يكونا صفيقين، لا ترى بشرة القدم من تحتهما، ومع أن قول عامة الفقهاء اشتراط أن لا يكونا صفيقين.إلا أنه قد اختار جماعة: منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض المعاصرين جواز المسح على الجوربين وإن كانت بشرة القدم ترى من ورائهما، ما دام يصدق عليهما مسمى الجوربين، ولأن الرخصة مبناها على التيسير- أنظر رقم 2 - وهو الأشبه بمقاصد الشريعة.
فإذا توفرت هذه الشروط مسح المقيم يوماً وليلة، والمسافر ثلاثة أيامٍ بلياليهن، لحديث صفوان بن عسالٍ المتقدم.
5- بداية ونهاية مدة المسح
أما بداية مدة المسح على الخفين أو الجوربين فإنها تكون مِن أول مرَّة مَسَح فيها بعد الحَدَث وليس من أول لبس الخف . فإذا لبس الخف أو الجورب في أول النهار على وضوء الفجر ، وصلى الظهر والعصر بنفس وضوء الفجر ، ثم انتقض وضوءه عند المغرب ، فتوضا ومسح على جوربه فيحسب للمقيم اليوم والليلة من المغرب إلى مغرب اليوم التالي ، فإذا توضأ في عند العصر من اليوم الثاني ، وظل على وضوءه للعشاء فيمكنه أن يصلى ما دام لم يحدث، وللمسافر الثلاثة أيام من المغرب أيضا
كيفية المسح على الخفين أو الجوربين :
6- صفة المسح فهي : أن يضع أصابع يديه مبلولتين بالماء على أصابع رجليه ثمَّ يُمرُّهما إلى ساقه ، يمسح الرجل اليمنى باليد اليمنى ، والرجل اليسرى باليد اليسرى ، ويُفرِّج أصابعه إذا مسح ولا يكرر المسح
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " يعني أن الذي يمسح هو أعلى الخف ، فيُمرّ يده من عند أصابع الرجل إلى الساق فقط، ويكون المسح باليدين جميعاً على الرجلين جميعاً، يعني اليد اليمنى تمسح الرجل اليمنى، واليد اليسرى تمسح الرجل اليسرى في نفس اللحظة، كما تمسح الأذنان ، لأن هذا هو ظاهر السنة ولا يمسح من جانبي الخف ّوخلفه فلم يرد في مسحه شيء .
لما روى أبو داود وغيره أن علياً رضي الله عنه قال: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه. لقد رأيت رسول الله ﷺ يمسح على ظاهر خفيه". ويكفي أن يمسح ظاهر قدمه اليمنى بيده اليمنى، وظاهر قدمه اليسرى بيده اليسرى مرة واحدة.
المسح على الجبائر
أولا:ـ ما هي الجبيرة؟
الجبيرة: في الأصل ما يُجَبر به الكسر، والمراد بها في عرف الفقهاء: "ما يوضع على موضع الطهارة لحاجة"، مثل الجبس الذي يكون على الكسر، أو اللزقة التي تكون على الجرح، أو على ألم في الظَّهر أو ما أشبه ذلك، فالمسح عليها بجزيء عن الغسل
فإذا تعذر على المسلم غسل عضو من أعضاء بدنه لعذر كأن يكون العضو مكسوراً وموضوعاً في الجبس أو مجروحاً وعليه دواء ومنعه الأطباء من استعمال الماء أو محروقاً أو نحو ذلك فإنه يشرع له المسح عليه دون الغسل بالماء وهذا يسمى عند العلماء المسح على العصائب والجبائر
والعصائب والجبائر قد تحتاج إلى مدة لإزالتها حسب حالة الجرح أو الكسر والمسلم في هذه المدة يحتاج إلى الطهارة سواء كانت الوضوء أو الغسل ودين الإسلام جاء باليسر والتسهيل على العباد فشرع المسح على العصائب والجبائر لرفع الحرج وإزالة المشقة عن الناس لأن في إزالة العصائب والجبائر حرجاً وضرراً يلحق بالمرضى
ومما يدل على مشروعية المسح على العصائب والجبائر ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول :( من كان له جرح معصوب عليه توضأ ومسح على العصائب ويغسل ما حول العصائب )ـ
وفي رواية أخرى عن ابن عمر ( أنه توضأ وكفه معصوبة فمسح على العصائب وغسل سوى ذلك ) رواه البيهقي وقال : وهو عن ابن عمر صحيح . سنن البيهقي
وقد ورد عن النبي ﷺ بعض الأحاديث الضعيفة في المسح على الجبائر ولكنها غير ثابتة
قال البيهقي
ولا يثبت عن النبي ﷺ في هذا الباب شيء- أي قول، غلا من الصحابة فعلهم. –
أي باب المسح على العصائب والجبائر وأصح ما روي فيه حديث عطاء بن أبي رباح وليس بالقوي وإنما فيه قول الفقهاء من التابعين ممن بعدهم مع ما روينا عن ابن عمر في المسح على العصابة .
مشروعيته المسح على العصائب والجبائر :
وقد قال بمشروعية المسح على العصائب والجبائر جمهور أهل العلم بما فيهم أصحاب المذاهب الأربعة وقد روى البيهقي عن جماعة من كبار التابعين جواز المسح على الجبائر
والمسح على العصائب والجبائر واجب لا يصح الوضوء والغسل بدونه لمن اضطر إلى وضع جبيرة ، أو ضماد على عضو الغسل أو المسح في الوضوء ، أو على أي جزء من جسمه لمن احتاج للغسل .
شروط المسح على الجبيرة أو ما في معناها:
1- أن يكون غسل العضو المريض الذي عليه عصابة أو جبيرة ضاراً بالإنسان بحيث يخشى من غسله زيادة الألم أو تأخر الشفاء
2- أن لا تغطي الجبيرة أو العصابة من العضو الصحيح إلا ما لا بد منه، هذا ومعروف وخاصة في الجبيرة فإنه يحتاج فيها إلى تغطية جزء من العضو الصحيح بالإضافة إلى محل الكسر حتى تتماسك الجبيرة وأما إذا تجاوزت الجبيرة المحل المصاب بدون حاجة فلا بد من نزعها عن المحل السليم لغسله ولا يصح مسحه هذا إذا كان نزعها لا يضر بالمريض
صفة الطهارة ( وضوء أو غسل ) من كان عليه جبيرة ، أو عصابة:
وصفة طهارة من كان على بدنه عصابة أو جبيرة أن يغسل الأعضاء السليمة ويمسح على
العضو الموضوع في الجبيرة ويجب أن يستوعب جميع الجبيرة بالمسح على مذهب جمهور الفقهاء
الفرق بين المسح على الجبائر والعصائب والمسح على الخفين:
1- إن المسح على العصائب والجبائر غير مؤقت بمدة معينة بل يجوز المسح بدون توقيت ما دام هنالك حاجة للعصائب والجبائر فمثلاً قد يحتاج وضع الرجل المكسورة في الجبس إلى شهر أو شهرين فيمسح طوال تلك المدة بخلاف المسح على الخفين والجوربين فإنه محدد بيوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر . أي أن المسح على العصائب والجبائر مؤقت بالشفاء وليس بالأيام
2- لا يشترط أن توضع العصائب والجبائر على طهارة سابقة على الراجح من أقوال أهل العلم لما في ذلك من الحرج والمشقة فإن الإنسان قد يصاب في حادث مفاجئ ويحمل إلى المستشفى وتوضع يده أو رجله في الجبس ولا يمكنه التطهر قبل ذلك
3- يمسح على الجبيرة والعصابة في الوضوء والغسل بخلاف المسح على الخفين فلا يصح إلا في الوضوء فقط
4- لا يجوز المسح على العصائب والجبائر إن برء العضو وشفي من الجرح أو الكسر لأن المسح عليها رخصة مرهونة بالعذر فإذا زال العذر بطل المسح
5- إن مسح على العصابة أو الجبيرة ثم نزعها للبرء أو الشفاء فإن طهارته لا تنتقض لأنها تمت على وجه شرعي
ولزيادة الفائدة نذكر ما ألحق بالمسح في الوضوء لحاجة أو مشقة :
1 ) العمامة ، والدليل عليها :
في صحيح البخاري: عن جعفر بن عمرو عن أبيه قال :(رأيت النبيﷺ يمسح على عمامته )
وأيضا ما روى مسلم عن ابن المغيرة عن أبيه
( أن النبي ﷺ مسح على الخفين ومقدم رأسه وعلى عمامته )
و لم يرد دليل على تكلُّف مسح الأذنين في الوضوء الذي مُسح فيه على العمامة ،فيُجْتَزئ بالمسح على العمامة وحدها عن مسح الأذنين مع الرأس ؛ لأنها جزء منه كما صح بذلك الدليل
-وإذا ظهر من الأذنين شيء مسح عليه استحبابا كما قال الشيخ بن العثيمين
2 ) وما يلبس في أيام الشتاء من القبع الشامل للرأس والأذنين الذي تكون في أسفله لفة على الرقبة، أي الذي يغطي الرأس والأذنين يجوز المسح عليها إلحاقا لها بالعمائم.
3 ) وكذا إذا لبّدت المرأة رأسها بالحناء فإنها تمسح عليه، ولا حاجة إلى أن تحت الحناء
لما صح من أثر عن أم سلمة رضي الله عنها حيث ورد فيه: أنها كانت تمسح على الخمار
4 ) جواز مسح المرأة على خمارها؛ قالوا : وكذا تمسح على خمارها إذا كان مداراً تحت حلقها
وقاسوا خمار المرأة على عِمَامة الرَّجُل فقالوا: ( الخِمَار للمرأة بمنزلة العِمَامة للرَّجُل، والمشقَّة موجودة في كليهما.) كما قالوا : وعلى كُلِّ حالٍ إِذا كان هناك مشقَّة إِما لبرودة الجوِّ، أو لمشقَّة النَّزع واللَّفّ مرَّة أخرى، فالتَّسامح في مثل هذا لا بأس به، وإلا فالأوْلى ألاَّ تمسح ولم ترد نصوصٌ صحيحة في هذا الباب
وعند المسح على أحد هذه يمسح عليها كلها أو أكثرها
وعند المسح على أحد هذه يمسح عليها كلها أو أكثرها
5- لا يجوز المسح على الشماغ والطاقية والنعل والطربوش ونحوها لمخالفتهم لشروط المسح على العمائم من صعوبة نزعها، وتغطيتها للرأس كله.