Tuesday 31 May 2022

سورة النازعات ح1 - ما المقصود بالنازعات والناشطات- أحوال الناس عند خروج الروح

    
    
 

تفسير سورة النازعات:

وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا ﴿١﴾‏ وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا ﴿٢﴾‏ وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا ﴿٣﴾‏ فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا ﴿٤﴾‏ فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ﴿٥﴾‏ يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ ﴿٦﴾‏ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ﴿٧﴾

أقسم الله تعالى بالملائكة التي تنزع أرواح الكفار نزعا شديدا، والملائكة التي تقبض أرواح المؤمنين بنشاط ورفق، والملائكة التي تَسْبَح في نزولها من السماء وصعودها إليها، فالملائكة التي تسبق وتسارع إلى تنفيذ أمر الله،  فالملائكة المنفذات أمر ربها فيما أوكل إليها تدبيره من شؤون الكون - ولا يجوز للمخلوق أن يقسم بغير خالقه، فإن فعل فقد أشرك- لتُبعثَنَّ الخلائق وتُحَاسَب.

 يوم تضطرب الأرض بالنفخة الأولى نفخة الإماتة، تتبعها نفخة أخرى للإحياء. ( يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ) - فكقوله جلت عظمته: (يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ) ( المزمل١٤)، والثانية- وهي الرادفة- فهي كقوله: (وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً) (الحاقة١٤).

وقد قال الإمام أحمد عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: « جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه » . فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال: « إذًا يكفيك الله ما أهَمَّك من دنياك وآخرتك».

وقد رواه الترمذي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، من حديث سفيان الثوري، بإسناده مثله ولفظ الترمذي وابن أبي حاتم:كان رسول الله ﷺ إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: « يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه » .

قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴿٨﴾‏ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴿٩﴾

قلوب الكفار يومئذ مضطربة من شدة الخوف، أبصار أصحابها ذليلة من هول ما ترى. ذليلة حقيرة؛ مما عاينت من الأهوال.

يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ ﴿١٠﴾‏ أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً ﴿١١﴾‏ قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ ﴿١٢﴾‏

 وقوله: ( يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ ) ؟ يعني:مشركي قريش ومن قال بقولهم في إنكار المعاد، يستبعدون وقوعَ البعث بعد المصير إلى الحافرة، وهي القبور، قاله مجاهد. وبعد تمزق أجسادهم وتفتت عظامهم ونخورها؛ ولهذا قالوا: ( أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً ) ؟ وقرئ: « ناخرة » .

أي بالية. قال ابن عباس:وهو العظم إذا بلي الريح فيه ،ونخر. الحافرة: الحياة بعد الموت. وقال ابن زيد: الحافرة: النا. وما أكثر أسمائها! هي النار، والجحيم، وسقر، وجهنم، والهاوية، والحافرة، ولظى، والحُطَمة.

قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ ﴿١٢﴾‏ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ﴿١٣﴾

وأما قولهم: ( تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ ) قالت قريش: لئن أحيانا الله بعد أن نموت لنخسرن.

قال الله تعالى: ( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) أي: فإنما هو أمر من الله لا مثنوية فيه ولا تأكيد، فإذا الناس قيام ينظرون، وهو أن يأمر تعالى إسرافيلَ فينفخ في الصور نفخَة البعث، فإذا الأولون والآخرون قيامٌ بين يَدَي الربّ عز وجل ينظرون، كما قال: ( يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا ) (الإسراء ٥٢)،  وقال تعالى: (وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) (القمر٥٠)،  وقال تعالى: (وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) (النحل٧٧) .

وقوله: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال ابن عباس: ( بِالسَّاهِرَة ) الأرض كلها. وكذا قال سعيد بن جُبَير، وقتادة، وأبو صالح. وقال عكرمة،وابن زيد: ( بِالسَّاهِرَة ) وجه الأرض.

وقال مجاهد: كانوا بأسفلها فأخرجوا إلى أعلاها. قال:و ( بِالسَّاهِرَة ) المكان المستوي.

وقال الثوري: ( بِالسَّاهِرَة ) أرض الشام، وقال عثمان بن أبي العاتكة: ( بِالسَّاهِرَة ) أرض بيت المقدس. وقال وهب بن مُنَبه: ( بِالسَّاهِرَة ) جبل إلى جانب بيت المقدس.

والصحيح أنها الأرض وجهها الأعلى.

وقال ابن أبي حاتم:حدثنا علي بن الحسين، حدثنا خَزَر بن المبارك الشيخ الصالح، حدثنا بشر بن السري، حدثنا مصعب بن ثابت، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي: ( فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) قال: أرض بيضاء عفراء خالية كالخُبزَة النَّقِيّ. فإنما هي نفخة واحدة، فإذا هم أحياء على وجه الأرض بعد أن كانوا في بطنها 

يتبع إن شاء الله