Sunday 27 July 2014

مختصر شامل في أحكام الصيام – الدرس الثالث والعشرون – أحكام صيام الست من شوال

   



   




حكم صيام الستّ من شوال وفضيلتها:

صيام ست من شوال بعد فريضة رمضان سنّة مستحبّة وليست بواجب ، ويشرع للمسلم صيام ستة أيام من شوال، وفي ذلك فضل عظيم، وأجر كبير ذلك أن من صامها يكتب له أجر صيام سنة كاملة كما صح ذلك عن المصطفى كما في حديث أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله قال : " من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر . " رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
وقد فسّر ذلك النبي بقوله : " من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة : (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) ( الأنعام 160) " وفي رواية : " جعل الله الحسنة بعشر أمثالها فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام تمام السنة " النسائي وابن ماجة وهو في صحيح الترغيب والترهيب ورواه ابن خزيمة بلفظ : " صيام شهر رمضان بعشرة أمثالها وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة " .
وقد صرّح الفقهاء من الحنابلة والشافعية: بأن صوم ستة أيام من شوال بعد رمضان يعدل صيام سنة فرضا، وإلا فإنّ مضاعفة الأجر عموما ثابت حتى في صيام النافلة لأن الحسنة بعشرة أمثالها .
فوائد صيام الستّ من شوال:
من الفوائد المهمّة لصيام ستّ من شوال تعويض النّقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثّر سلبا في صيامه ويوم القيامة يُؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض كما قال :" إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت تامة وإن انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم " رواه أبو داود . والله أعلم .
( موقع فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد )
هل يجوز صيام الست من شوال قبل قضاء ما عليه من رمضان؟
جواز التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان، وهو قول الجمهور إما مطلقاً أو مع الكراهة. فقال الحنفية بجواز التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان، لكون القضاء لا يجب على الفور بل وجوبه موسع وهو رواية عن أحمد.
أما المالكية والشافعية فقالوا: بالجواز مع الكراهة، لما يترتب على الاشتغال بالتطوع عن القضاء من تأخير الواجب.
الثاني: تحريم التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان، وهو المذهب عند الحنابلة.
والصحيح من هذين القولين هو القول بالجواز، لأن وقت القضاء موسع وهو طول العام قبل رمضان التالي، والقول بعدم الجواز وعدم الصحة يحتاج إلى دليل، وليس هناك ما يعتمد عليه في ذلك.
أما ما يتعلق بصوم ست من شوال قبل الفراغ من قضاء ما عليه من رمضان ففيه لأهل العلم قولان:
الأول: أن فضيلة صيام الست من شوال لا تحصل إلا لمن قضى ما عليه من أيام رمضان التي أفطرها لعذر. واستدلوا لذلك بأن النبي قال فيما رواه مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري: "من صام رمضان ثم أتبعه ستّاً من شوال كان كصيام الدهر". وإنما يتحقق وصف صيام رمضان لمن أكمل العدة. قال الهيتمي في تحفة المحتاج: "لأنها مع صيام رمضان أي: جميعه، وإلا لم يحصل الفضل الآتي وإن أفطر لعذر". وبهذا قال جماعة من العلماء المعاصرين كشيخنا عبد العزيز بن باز وشيخنا محمد العثيمين رحمهما الله.

الثاني: أن فضيلة صيام الست من شوال تحصل لمن صامها قبل قضاء ما عليه من أيام رمضان التي أفطرها لعذر، لأن من أفطر أياماً من رمضان لعذر يصدق عليه أنه صام رمضان فإذا صام الست من شوال قبل القضاء حصل ما رتبه النبي من الأجر على إتباع صيام رمضان ستاً من شوال. وقد نقل البجيرمي في حاشيته على الخطيب بعد ذكر القول بأن الثواب لا يحصل لمن قدم الست على القضاء محتجاً بقول النبي "ثم أتبعه ستاً من شوال" عن بعض أهل العلم الجواب التالي: "قد يقال التبعية تشمل التقديرية لأنه إذا صام رمضان بعدها وقع عما قبلها تقديراً، أو التبعية تشمل المتأخرة كما في نفل الفرائض التابع لها ا هـ. فيسن صومها وإن أفطر رمضان". وقال في المبدع: "لكن ذكر في الفروع أن فضيلتها تحصل لمن صامها وقضى رمضان وقد أفطر لعذر ".
والذي يظهر لي أن ما قاله أصحاب القول الثاني أقرب إلى الصواب، لاسيما وأن المعنى الذي تدرك به الفضيلة ليس موقوفاً على الفراغ من القضاء قبل الست فإن مقابلة صيام شهر رمضان لصيام عشرة أشهر حاصل بإكمال الفرض أداء وقضاء وقد وسع الله في القضاء فقال: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) (البقرة:185)، أما صيام الست من شوال فهي فضيلة تختص هذا الشهر تفوت بفواته. ومع هذا فإن البداءة بإبراء الذمة بصيام الفرض أولى من الاشتغال بالتطوع. لكن من صام الست ثم صام القضاء بعد ذلك فإنه تحصل له الفضيلة إذ لا دليل على انتفائها، والله أعلم.  ( موقع الشيخ خالد المصلح)
وخروجا من الخلاف : يجوز للمن أفطر في رمضان لعذر ، ولا يستطيع أن يقضي ما عليه من الأيام  في شوال، ثم يصوم الست من شوال بعدها ، فيمكنه أن يصوم ست أيام مما عليه بنية الفريضة في شوال ، ثم يصوم في خلال العام ست أخرى بنية قضاء الفريضة أيضا، وإذا أكملها صرف ما كان صامه في شوال صرفه – أو غير نيته فيه - لصيام الست من شوال – ويجوز له ذلك حيث أنه يصرف فريضة لتقضى مكان نافلة ، وليس العكس – والله أعلم .
هل يجوز صيام الأيام الستة من شوال بنية أيام القضاء للمرأة التي كانت مدة الحيض لديها ستة أيام، أم أنها تصوم الأيام التي أفطرتها ومن بعد دلك تصوم أيام شوال الستة؟
لا يجوز صيام ستة من شوال بنية صيامها استناناً وقضاءً عن ستة أيام من رمضان، لأن ما فات صيامه من شهر رمضان لعذر جائز ولغير عذر كذلك يجب قضاؤه، لقوله تعالى: (فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) (البقرة:184)
وصيام ستة من شوال سنة، لحديث أبي أيوب الأنصاري قال: سمعت رسول الله يقول: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فذلك كصيام الدهر" أخرجه مسلم. فحكم هذه المرأة أن تقضي ما أفطرت فيه من رمضان، ثم تصوم ستة من شوال استناناً.
وذلك لأن هذه الأيام الستة مقصودة لذاتها، وأيام القضاء مقصودة لذاتها كذلك، فليست هذه الصورة من الصور التي يمكن فيها جمع عبادتين بنية واحدة، كغسل الجنابة والجمعة مثلاً. والله أعلم ( مركز الفتوى؛ موقع إسلام ويب)
شهر شوال كله محل لصيام الست منه:
هل أيام الست من شوال هي ايام محددة بذاتها يجب صيامها ؟ أم يجوز أن يصوم أي أيام من شهر شوال؟
وهذه الأيام ليست معينة من الشهر بل يختارها المؤمن من جميع الشهر ، فإذا شاء صامها في أوله ، أو في أثنائه، أو في آخره ، وإن شاء فرقها ، وإن شاء تابعها ، فالأمر واسع بحمد الله ، وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان ذلك أفضل ؛ لأن ذلك من باب المسارعة إلى الخير ، ولا تكون بذلك فرضاً عليه ، بل يجوز له تركها في أي سنة ، لكن الاستمرار على صومها هو الأفضل والأكمل ؛ لقول النبي : " أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل " والله الموفق .
لا يشترط التتابع في صيام ست شوال
صيام ست من شوال سنة ثابتة عن رسول الله ويجوز صيامها متتابعة ومتفرقة ؛ لأن الرسول أطلق صيامها ولم يذكر تتابعاً ولا تفريقاً ، حيث قال : " من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر " أخرجه الإمام مسلم في صحيحه . وبالله التوفيق .