Sunday 28 August 2016

أحكام الحج والعمرة 5- سنن الحج




 


أحكام الحج والعمرة 5- سنن الحج

 سنن الحجّ هي : الباقي مما لم يذكر من أفعال الحج وأقواله التي ثبتت عن النبي سنن 
وهي على الإختصار؛ الإغتسال عند الإحرام ،  طواف القدوم ، والمبيت بمنى ليلة عرفة ، والاضطباع والرمل في موضعهما ، وتقبيل الحجر ، وصلاة ركعتي بعد الطواف ، وشرب ماء زمزم ، والأذكار والأدعية ، وصعود الصفا والمروة .

الإغتسال عند الإحرام :
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : الاغتسال للمحرم سنة، لثبوت ذلك عن النبي سواء اغتسل مرة أو مرتين، ولكنه يجب أن يغتسل إذا احتلم وهو محرم فيغتسل من الجنابة، وأما الاغتسال للإحرام فهو سنة، ولا بأس أن يغتسل الحاج ويسافر ، ثم يحرم من الطريق.
ومن سنن الإحرام أيضا التطيب عند الإحرام بعد الاغتسال :
 وذلك أن النبي تطيب لإحرامه، قالت عائشة رضي الله عنها: "كنت أطيب النبي لإحرامه قبل أن يحرم "  وكان يُرى وبيص المسك في مفارق رأسه وهو محرم
ولكن لا يجوز تطيب ثياب الإحرام ، ؛ لأن النبي قال: "لا تلبسوا ثوباً مسه الزعفران ولا الورس " .والزعفران والورس : هما نوعان من الطيب.
ويستحب هنا أن نؤكد على أنه ليس للإحرام سنة من الصلاة،  قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله :" ليس هناك سنة تختص بمسجد الميقات ولا بالإحرام، فلم يرد عن النبي أنه كان إذا أراد أن يحرم صلى ركعتين، لكنه أهلّ بعد صلاة – اي صلاة صلاها من الفريضة أو النوافل، بمعنى أنه صلى الفريضة ثم أهل أي لبى، وإذا لم يكن بعد اغتساله  ووضوئه صلاة فريضة يصلي ركعتين سنة الوضوء؛ لأنه يسن بعد كل وضوء أن يصلي الإنسان ركعتين، فإذا صلى هاتين الركعتين فإنه يحرم بعدهما وبه يعلم أنه ليس للإحرام صلاة تخصه،
 طواف القدوم:
ويسمّى أيضاً طواف الورود، وطواف التّحية، لأنّه شُرع لغير القادم من مكّة من أجل تحيّة البيت، وهو سنّة عند الشّافعية، والحنفيّة، والحنابلة، لذلك يستحبّ البدء به دون تأخير، أمّا المالكيّة فذهبوا إلى وجوبه، وأنّ من تركه لزم دم ،  وهذا القول هو خلاف ما عليه الجمهور من أهل العلم .
الإضطباع :
كما جاء عند الخمسة وصححه الترمذي وغيره من حديث أبي يعلى بن أمية قال : " طاف رسول الله مضطبعاً ببرد " هذا لفظ الترمذي .

الرمَل الثلاث الأشواط الأولى ( للرجال ) :
والمشي باقي الأشواط ( فقط في طواف القدوم إن تيسر ذلك ):كما جاء في الصحيحين عن ابن عمر قال : " رأيت رسول الله إذا طاف في الحج أو العمرة أول مايَقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ويمشي أربعة ".
ولم يرمل رسول الله في طواف الزيارة – الإفاضة-بالإجماع .
تقبيل الحجر الأسود أو استلامه إن تيسر ذلك بكل طواف :
 كما جاء في مسلم عن أبي الطفيل قال : " رأيت رسول الله يطوف بالبيت ويستلم الحجر الأسود ويقبله ".وجاء عند أبي داود والنسائي عن ابن عمر مرفوعاً وفيه " في كل طواف " أي يستلمه .
إن لم يستطع تقبيل الحجر الأسود أو استلامه بأي شيء وتقبيله ( لشدة الزحام ) فإنه كلما حاذى الحجر الأسود يكبر يقول " الله أكبر " كما جاء في صحيح مسلم عن جابر " كلما حاذى الحجر كبر "
فائدة : جاء عند النسائي بسند صحيح عن النبي أنه قال " أنه من حجر الجنة " أي الحجر الأسود ، أما الحديث الذي عند الترمذي مرفوعاً "أنه كان أبيض فسودته خطايا بني آدم " فضعيف والله أعلم .
فائدة : جاء عند الترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله قال في الحجر الأسود " ليبعثنه يوم القيامة له لسان ينطق به وعينان يبصر بهما يشهد على من استلمه بحق ".
فائدة : جاء عن ابن عمر موقوف عليه " بسم الله والله أكبر " أما الوارد عن رسول الله فهو مقصور على " الله أكبر " .

 استلام الركن اليماني فقط وعدم تقبيله ولا يكبر عند استلامه أو محاذاته :
لأنه لم يرد : كما جاء في البخاري عن ابن عمر " لم أرى رسول الله يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين ".
فائدة : جاء في مسند الإمام أحمد بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال " استلام الركنين يحطان الذنوب " .
ذكر الدعاء بين الركنين:
 ( الركن اليماني والحجر الأسود ) فقط : كما جاء عن أبي داود والنسائي بسند لا بأس به عن عبدالله بن السائب قال :" سمعت رسول الله يقول – ما بين الركنين– ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "
 أما في بقية الطواف فلم يرد تخصيص ودعاء معين فله أن يدعوا بما شاء ، والله أعلم .
صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم بعد الطواف:
 إن تيسر ذلك وإلا بأي مكان جاز : كما جاء في صحيح مسلم عن جابر مرفوعاً وفيه " وصلى وجعل المقام بينه وبين الكعبة " .
ويقرأ في الركعة الأولى ( قل ياأيها الكافرون ) وفي الثانية ( قل هو الله أحد )
كما جاء في صحيح مسلم عن جابر مرفوعاً وفيه " أنه صلى بالأولى " قل ياأيها الكافرون " وبالثانية " قل هو الله أحد " .
شرب من ماء زمزم والتضلع منه :
 كما جاء عند الإمام أحمد عن جابر مرفوعاً وفيه " وصلى ركعتين ثم عاد إلى الحجر ثم ذهب إلى زمزم فشرب منها ، وصب على رأسه ".
قال الحافظ في الفتح : ولذلك بوب البخاري باب ماجاء في زمزم " أي أنه من سنن الحج " .
خطبة الإمام بالحجيج يوم عرفة:
وذلك ( إذا زاغت الشمس ) : كما جاء في صحيح مسلم عن جابر مرفوعاً وفيه " حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرُحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس " .
ومن السنة قصر الخطبة :
 فقد بوب عليه البخاري كما جاء في صحيح البخاري عن سالم بن عبدالله أنه قال للحجاج بن يوسف : إن كنت تريد أن تصيب السنة فأقصر الخطبة وعجل الوقوف فقال ابن عمر صدق " والحديث في صحيح مسلم عام في كل خطبة " إن قصر خطبة الرجل وطول صلاته مئنة من فقهه " .
أن تكون الخطبة واحدة فقط : كما جاء في صحيح مسلم عن جابر مرفوعاً وفيه " فخطب الناس وقال : إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم ....إلى قوله آخر الخطبة : اللهم اشهد " ثلاث مرات " ثم أذن ..." ففيه أنه لم يفصل بين الخطبة . والله أعلم .
وأن يصلي الظهر والعصر جمعاً وقصراً بآذان واحد وإقامتين يوم عرفة:
كما جاء في صحيح مسلم عن جابر مرفوعاً وفيه " ثم أذن ، ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر " وفي رواية " فصلى الظهر ركعتين أسر بالقراءة ثم أقام فصلى العصر ركعتين " .
 المبيت بمنى في ليلة عرفة:
حيث يسنّ للحاج أن يخرج من مكّة إلى منى في يوم التّروية، وذلك بعد طلوع الشّمس، حيث يصلي بمنى خمس صلوات هي: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، وهذا كله سنّة باتفاق الأئمّة.
السّير من منى إلى عرفة:
ويكون ذلك صباحاً بعد طلوع الشّمس في يوم عرفة، وهو سنّة عند الجمهور، ومندوب في المذهب الحنبلي.
المبيت بالمزدلفة في ليلة النّحر:
يسنّ للحاجّ أن يبيت في المزدلفة في ليلة عيد النّحر، وأن يبقى فيها حتى طلوع الفجر، ثمّ يقف للدعاء، ويمكث فيها حتّى يسفر جدّاً، ثمّ يدفع نحو منى، وهذا سنّة عن كلّ من الحنفيّة والشّافعية، ومندوب عند المالكيّة، ومستحبّ عن الحنابلة.

متفرقات في فتاوى للحج والعمرة ( من الموسوعة الفقهية الكويتية ، ومن فتاوي الشيخ بن عثينمين رحمه الله )

 النية للحج أو العمرة محلها القلب، ولا يجوز التلفظ بها، ولكنه يرفع صوته بالتلبية للحج أو العمرة :
التلفظ بالنية لم يرد عن النبي ، لا في الصلاة ولا في الطهارة ولا في الصيام ولا في أي شيء من عباداته ، حتى في الحج أو العمرة. لم يكن يقول: اللهم إني أريد كذا وكذا: ما ثبت عنه ذلك ولا أمر به أحداً من أصحابه، وأما ما ثبت به الحديث عن رسول الله في البخاري قوله: " اللَّيلة أتاني آتٍ من ربِّي - وهو بالعقيقِ - أنْ صلِّ في هذا الوادي المبارَكِ ، وقُلْ : عمرةٌ في حجَّةٍ " ، فليس معنى ذلك أنه يتلفظ بالنية، ولكن معنى ذلك أنه يذكر نسكه في تلبيته، وإلا فالنبي ما تلفظ بالنية.[ معنى: يذكر نسكه في تلبيته : أي يقول في التلبية : " لبيك اللهم عمرة في حجة" وليست التلبية هي النية ، فالنية محلها القلب]

الإشتراط في النية ( الإحصار، أو الحصر )

والإحصار في اللّغة  هو المنع من بلوغ المناسك بمرض أو نحوه، وهو المعنى الشّرعيّ أيضاً على خلاف عند الفقهاء فيما يتحقّق به الإحصار‏.‏
موجب الإحصار :  وهو التّحلّل بكيفيّة سيأتي تفصيلها‏،  والأصل في هذا المبحث حادثة الحديبية المعروفة، وهي باختصار كما قال ابن عمر رضي الله عنهما: " خرجنا مع رسول اللّه فحال كفّار قريش دون البيت، فنحر النّبيّ هديه وحلق رأسه" ‏.‏ أخرجه البخاريّ‏.‏
 وفي ذلك نزل قوله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏وأتمّوا الحجّ والعمرة للّه فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتّى يبلغ الهدي محلّه‏}‏‏.‏ ( البقرة 196)
ويتحقّق الإحصار بكلّ حابس يحبسه المحرم بالحج أو العمرة، عن المضيّ في موجب الإحرام‏ وهو أتمام أركان حجه أو عمرته، من خوف عدو أو خشية فتنة ، أو حبس ظلما، أو مرض مقعد أو هلاك نفقته ، او وفاة محرم المرأة‏ وغيرها من أسباب منع إكمال حجه أو عمرته.
وقد أرشد رسول الله  المرأة التي أتته مريضة وتريد الحج ، ولكنها تخشي أن لا تتمكن من أتمامه إذا زاد عليها المرض ، أرشدها إلى ما تفعله، ففي الحديث أن ضباعة بنت الزبير - رضي الله عنها- التي أتته تشكوا إليه أنها تريد الحج وهي شاكية (مريضة) فقال لها النبي : "حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني، فإن لك على ربك ما استثنيتى" ( صحيح ابن حبان )، أي أن عليها أن تتلفظ بالشرط باللسان لأن عقد الحج بالشرط بمنزلة النذر، والنذر يكون باللسان. لأن الإنسان لو نوى أن ينذر في قلبه لم يكن ذلك نذراً ولا ينعقد النذر، ولما كان الحج مثل النذر في لزوم الوفاء عند الشروع فيه أمرها النبي أن تشترط بلسانها، وأن تقول: (إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني). ومن اشترط عند النية ، فإن حدث ما يخشى منه فإنه يتحلل ولا دم عليه ويحج من العام التالي ، أو يعتمر بأسرع فرصة تيسرت له العمرة. فقد روى ابن دقيق العبد عن الحجاج بن عمرو الأنصاري قول رسول :‏ « من كسر أو عرج فقد حلّ، وعليه الحجّ من قابل»( صححه الألباني ) ‏.
هل على المحصر هدي ليتحلل من إحرامه؟
ذهب جمهور العلماء إلى وجوب ذبح الهدي على المحصر، لكي يتحلّل من إحرامه، وأنّه لو بعث به واشتراه، لا يحلّ ما لم يذبح‏، وهو مذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة وقول أشهب من المالكيّة‏.‏ وذهب المالكيّة إلى أنّ المحصر يتحلّل بالنّيّة فقط، ولا يجب عليه ذبح الهدي، بل هو سنّة، وليس شرطاً‏.‏ استدلّ الجمهور بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي‏}‏ على ما سبق‏.‏ واحتجّ الجمهور أيضاً بالسّنّة‏:‏ «بأنّ رسول اللّه لم يحلّ يوم الحديبية ولم يحلق رأسه حتّى نحر الهدي»، فدلّ ذلك على أنّ من شرط إحلال المحصر ذبح هدي إن كان عنده‏.‏ وأمّا وجه قول المالكيّة ودليلهم فهو دليل من جهة القياس، وهو أنّه تحلّل مأذون فيه، عار من التّفريط وإدخال النّقص، فلم يجب به هدي، أصل ذلك إذا أكمل حجّه‏.‏وقول الجمهور أولى.
ما يجزئ من الهدي في الإحصار
يجزئ في الهدي الشّاة عن واحد، وكذا الماعز باتّفاق العلماء، وأمّا البدنة وهي من الإبل والبقر، فتكفي عن سبعة عند الجماهير ومنهم الأئمّة الأربعة‏.‏

يحوز للمحرم أن يعتمر عن شخص ، ويحج عن نفسه، والعكس

يجوز ذلك، يجوز للمتمتع أن يجعل عمرته لنفسه والحج لشخص آخر، أو يجعل العمرة لشخص آخر والحج لنفسه، وهذا فيمن أدى الفريضة عن نفسه، أما من لم يؤدها فليحج عن نفسه ويعتمر عن نفسه أولاً ثم عن غيره ثانياً.،  وفي هذه الحالة يعتبر متمتعاً ، وعليه الهدي، قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى-: إذا اعتمر الإنسان عن شخص وحج عن نفسه فهو متمتع، فيجب عليه الهدي لقول الله تعالى: { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} قال العلماء: ولا يعتبر وقوع النسكين عن واحد فقط ليكون متمتعاً ، ولو كانت العمرة لشخص والحج لشخص آخر، اعتبر متمتعاً.

اللهم ارزقنا حج بيتك الحرام مرات عديدة ، وكل مشتاق يا رب العالمين، ولا تحرمنا بذنوبنا ، واهدنا واهدِ جميع من حجه هذا العام  لإتمامه على الوجه الذي يرضيك عنا وعنهم وتقبله منا ومن كل من أراد به وجهك الكريم