Wednesday 21 September 2016

أدعية عظيمة - من أذكار الصباح والمساء- اللهم عافني في بدني

    


  


أدعية عظيمة : من أذكار الصباح والمساء ؛ اللهم عافني في بدني

عن عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه قال لأبيه: يا أبت إني أسمعك تدعوه كل غداة : " اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي، لَا إلَهَ إلاَّ أنْتَ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكُفْرِ وَالفَقْرِ، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، لا إلَهَ إلاَّ أنْتَ"  تعيدها حين تصبح ثلاثا وثلاثا حين تمسي , فقال : إني سمعت رسول اللهِ يدعو بهن فأنا أحب أن استن بسنته

راوي الحديث هو أبو بكرة، نُفَيْع بن الحارث بن كَلَدَة [ أبو بكرة الثقفي الطائفي رضي الله عنه مولى النبي صلى الله عليه وسلم، اسمه نفيع بن الحارث، وقيل: نفيع بن مسروح، تدلى في حصار الطائف ببكرة، وفر إلى النبي وأسلم على يده، وأعلمه أنّه عبد، فأعتقه.
روى جملة أحاديث، وسكن البصرة بعد وفاة رسول الله ، وكان من فقهاء الصحابة ووفد على معاوية، وأمه سمية، فهو أخو زياد بن أبيه لأمه.]
قوله: " اللهم عافني في بدني"  أي: سلِّمْني من الآفاتِ والأمراض في بدني، والآفات بدنية محسوسة ، وغير مادية محسوسة أي معنوية ، فصلاح القلب صحيا ، أن سيكون سليم من الآفات ، وصلاحه الأهم أن يكون سليما من النفاق والرياء والشك والظن ....
قوله: "عافني في سمعي... وفي بصري" خاص بعد عام؛ فقوله بدني شامل لكل الجسم، ولكن خصص هاتين الحاستين؛ لأنهما الطريق إلى القلب؛ الذي بصلاحه يصلح الجسد كله، وبفساده يفسد الجسد كله، والعافية في السمع أن يكون بعيدا عن سمع الحرام، وفي البصر أن يجنبه النظر إلى ما يحرم عليه،  وكل ذلك يؤثر في القلب فيمرضه. ومن عافاه الله في سمعه أبعد عنه سماع ما يحرم عليه، بل واللغو الذي لا فائدة منه ، فمن أبُعد أو أبعد نفسه عن البصر الحرام ، والسمع الحرام فليستبشر بان الله يحبه، وبحبه له جنبه ما يضره، وما يؤدي به إلى المهالك،  فقد ورد في الحديث القدسي:" وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه ، فإذا أحببتُه : كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به ، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به ، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها ، ورِجلَه الَّتي يمشي بها ، وإن سألني لأُعطينَّه ، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه "، ومن كان الله سمعه – اي حافظا لسمعه مراقبا له-لا يسمعه إلا ما يرضيه ، فلن يسمعه ما فيه مهلكه.
واستعاذ في الحديث من :" الكفر والفقر "
وجاء في أحاديث ضعيفة : " كاد الفقر أن يكون كفرا ، وكاد الحسد أن يسبق القدر."  ضعفه الألباني.
وفي معجم الطبراني: كاد الحسد أن يسبق القدر، وكادت الحاجة أن تكون كفرا. قال الحافظ العراقي: وفيه ضعف، وقال السخاوي: طرقه كلها ضعيفة.
وقال في عمدة القاري: وذلك لأن الفقر ربما يحمل صاحبه على مباشرة ما لا يليق بأهل الدين والمروءة، ويهجم على أي حرام كان ولا يبالي، وربما يحمله على التلفظ  بكلمات تؤديه إلى الكفر.
قال المناوي في فيض القدير: ( كاد الفقر ) أي الفقر مع الاضطرار إلى ما لا بد منه كما ذكره الغزالي -أن يكون كفرا- أي: قارب أن يوقع في الكفر؛ لأنه يحمل على حسد الأغنياء، والحسد يأكل الحسنات، وعلى التذلل لهم بما يدنس به عرضه ويثلم به دينه، وعلى عدم الرضا بالقضاء وتسخط الرزق، وذلك إن لم يكن كفرا فهو جار إليه، ولذلك استعاذ المصطفى صلى الله عليه وسلم من الفقر. وقال سفيان الثوري: لأن أجمع عندي أربعين ألف دينار حتى أموت عنها أحب إلي من فقر يوم وذلي في سؤال الناس. قال : ووالله ما أدري ماذا يقع مني لو ابتليت ببلية من فقر أو مرض فلعلي أكفر ولا أشعر. فلذلك قال: كاد الفقر أن يكون كفرا؛ لأنه يحمل المرء على ركوب كل صعب وذلول وربما يؤديه إلى الاعتراض على الله والتصرف في ملكه...إلخ.
ولذلك جاءت أحاديث بالاقتران بينهما في الاستعاذة، كقوله عليه الصلاة والسلام هنا : اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر. رواه أبو داود وأحمد
قال المناوي في فيض القدير: وقرن الفقر بالكفر لأنه قد يجر إليه.
وقوله " وأعوذ بك من عذاب القبر" أي التجئ واحتمي بك من عذاب القبر وهو ما يكون في البرزخ من العذاب على الروح والبدن لمن استحق ذلك وفي هذا أثبات أن عذاب القبر حق وقد قال : " أيُّها الناسُ استعيذوا باللهِ من عذابِ القبرِ فإِنَّ عذابَ القبرِ حقٌّ " (رواه الهيثمي ورجالة على شرط البخاري)
وعذاب القبر ثابت وقوعه في الكتاب والسنة، فأما الكتاب، فقوله تعالى: ( وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ) (غافر: 45-46). والآية صريحة في إثبات عذاب القبر قبل قيام الساعة في قوله تعالى ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا) ،  يتبعها بقوله ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ )، فالأول عذاب القبر ، والثاني عذاب النار كما هو صريح في الآية،   وقوله تعالى: (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ )(التوبة:101). وقوله تعالى: (وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ )(الطور: 47). فهو عذاب القبر قبل عذاب يوم القيامة.
وأما السنة: فمنها ما ورد في الصحيحين أن النبي مر بقبرين فقال: " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما: فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة" ، ومنها ما ورد في صحيح مسلم: " إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه"،  وفي صحيح مسلم أيضا أن النبي قال: " إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال" إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة، وليعلم أن هذه الأحاديث بلغت حد التواتر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد تواترت الأخبار عن رسول الله في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلا، وسؤال الملكين فيجب اعتقاد ذلك والإيمان به.

وختم الدعاء بكلمة الحق والشهادة " لا إلَهَ إلاَّ أنْتَ ليكون الدعاء أحق بالإجابة ، فلا إله إلا هو سبحانه المنعم المتفضل بنعمة الصحة والسلامة من الآفات في البدن كله، وبنعمة الدين والثبات عليه÷ فقد سمع رسولَ اللهِ رجلًا يقول : " اللهم إني أسألُك بأني أشهدُ أنك أنت اللهُ لا إله إلا أنت الأحدُ الصمدُ الذي لم يلِدْ ولم يُولَدْ ولم يكنْ له كُفُوًا أحدٌ " فقال : " لقد سألتَ اللهَ باسمِه الأعظمِ ، ذي إذا سُئِلَ به أَعطى ، وإذا دُعِيَ به أجاب " ( الترغيب والترهيب – صححه الألباني) 


اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك وأعصمنا من الفتن ماظهر منها وما بطن وأرزقنا خشيتك في الغيب والشهادة