Monday 11 April 2016

الأمثال في القرآن -6 - المثل الرابع من سورة البقرة- الحجارة أليَن من القلوب القاسية



 



الأمثال في القرآن 6
المثل الرابع– من سورة البقرة – الحجارة أليَن من القلوب القاسية:

المثل اليوم في أنواع من القلوب وصف تعالى من قسوتها ما أن الصخر أليَن منها، والقلوب هي في الأصل محل الشعور والإحساس ، والرقة والرحمة والحنان ، قد تصبح عند بعض الناس من القسوة حتى أنها تزيد على قسوة أقسى الجمادات وهي الحجارة ، فلم شبه الله تعالى قلوب بعض الناس بالحجارة ، ومن هم هؤلاء الناس ؟  تعالوا معي نتدبر ونعتبر من قول الله تعالى، ومن ما يمثله لنا من الأمثال ليقرب لنا مراده سبحانه، وليشدد النهي عن أن نتمثل بهذا الحال.
أو أن نكون ممن أوعدهم ربهم بالويل : (فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ‌ اللَّـهِ ۚ أُولَـئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) ( الزمر 22)
يقول عز وجل : 

( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما 
يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) ( البقرة 74)

مختصر قصة البقرة:
وذلك أن شيخًا من بني إسرائيل على عهد موسى، عليه السلام، كان مكثرًا من المال، وكان بنو أخيه فقراء لا مال لهم، وكان الشيخ لا ولد له وبنو أخيه ورثته فقالوا:ليت عمنا قد مات فورثنا ماله، وإنه لما تطاول عليهم ألا يموت عمهم، أتاهم الشيطان فقال لهم:هل لكم إلى أن تقتلوا عمكم، فترثوا ماله، وَتُغْرِمُوا أهل المدينة التي لستم بها ديته، وذلك أنهما كانتا مدينتين، كانوا في إحداهما وكان القتيل إذا قتل فطرح بين المدينتين قيس ما بين القتيل والقريتين فأيهما كانت أقرب إليه غرمت الدية، وأنهم لما سول لهم الشيطان ذلك، وتطاول عليهم ألا يموت عمهم عمدوا إليه فقتلوه، ثم عمدوا فطرحوه على باب المدينة التي ليسوا فيها. فلما أصبح أهل المدينة جاء بنو أخي الشيخ، فقالوا:عمنا قتل على باب مدينتكم، فوالله لتغرمن لنا دية عمنا. قال أهل المدينة:نقسم بالله ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ولا فتحنا باب مدينتنا منذ أغلق حتى أصبحنا. وإنهم عمدوا إلى موسى، عليه السلام، فلما أتوه قال بنو أخي الشيخ:عمنا وجدناه مقتولا على باب مدينتهم. وقال أهل المدينة:نقسم بالله ما قتلناه ولا فتحنا باب المدينة من حين أغلقناه حتى أصبحنا، وإنه جبريل جاء بأمر السميع العليم إلى موسى، عليه السلام، فقال:قل لهم:( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً )  فتضربوه ببعضها..الآيات.
لما ضُرب المقتول ببعض البقرة جلس أحيا ما كان قط، فقيل له:من قتلك؟ فقال:بنو أخي قتلوني. ثم قبض. فقال بنو أخيه حين قبض:والله ما قتلناه، فكذبوا بالحق بعد إذا رأوا . فقال الله: ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ) يعني المقصود بها بني أخي الشيخ، وقد تعم على كل بني إسرائيل، والتشبيه يصح لكل من قسى قلبة عن ذكر الله.

التفسير الإجمالي للآية :

قوله تعالى: ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) القسوة: الصلابة والشدة واليبس وهي عبارة عن خلوها من الإنابة والإذعان لآيات الله تعالى. قالوا:ـ المراد قلوب جميع بني إسرائيل.
وقال ابن عباس: المراد قلوب ورثة القتيل – في قصة بقرة بني إسرائيل -، لأنهم حين حيي القتيل بعد ضربه بجزء من  البقرة وأخبر بقاتله وعاد إلى موته أنكروا قتله، وقالوا: كذب، بعد ما رأوا هذه الآية العظمى، فلم يكونوا قط أعمى قلوبا، ولا أشد تكذيبا لنبيهم منهم عند ذلك، لكن نفذ حكم الله بقتله. فقست قلوبهم عن الإذعان لله وأوامره حتى صارة أشد قسوة من الحجارة . ثم وصف قسوتها بأنها ( كَالْحِجَارَةِ ) التي هي أشد قسوة من الحديد، لأن الحديد والرصاص إذا أذيب في النار، ذاب بخلاف الأحجار. ( فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) فصارت قلوب بني إسرائيل مع طول الأمد قاسية بعيدة عن الموعظة بعد ما شاهدوه من الآيات والمعجزات فهي في قسوتها كالحجارة التي لا علاج للينها أو أشد قسوة من الحجارة، فإن من الحجارة ما تتفجر منها العيون الجارية بالأنهار، ومنها ما يشقق فيخرج منه الماء، وإن لم يكن جاريا، ومنها ما يهبط من رأس الجبل من خشية الله، وفيه إدراك لذلك بحسبه، كما قال: ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) ( الإسراء:44 ) .
وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد أنه كان يقول:كل حجر يتفجر منه الماء، أو يتشقق عن ماء، أو يتردى من رأس جبل، لمن خشية الله، نـزل بذلك القرآن.
وقال محمد بن إسحاق: عن ابن عباس: أي وإن من الحجارة لألين من قلوبكم عَمَّا تدعون إليه من الحق ( وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )

تأويل غريب جميل للآية :

قال ابن أبي حاتم:عن يحيى بن أبي طالب - يعني يحيى بن يعقوب- في قوله تعالى: ( وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَارُ ) قال:هو كثرة البكاء ( وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ) قال:قليل البكاء ( وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ) قال:بكاء القلب، من غير دموع العين.

في قسوة القلوب ؛ أسبابها ، وعلاجها:ـ 

صلاح القلوب هو الصلاح الخالص:ـ القلب هو مصدر إما السعادة أوالشقاء للإنسان فإذا صلح القلب صلح سائر الجسد واستبشر صاحبه بالخير والنور،  وكان من أهل الخير والسرور في الدنيا ، يراقب الله عز وجل في السر والعلانية ، يرجو رحمة الله ، ويخشى عذابه، وهو في الآخرة من أهل الفوز والحبور، كما قال رسول الله :(  ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ( صحيح مسلم)،
أسباب قسوة القلوب:ـ

* من أسباب قسوة القلب كثرة الكلام فيما لا يرضي الله ، ولو كان لغوا لا يأثم به المرء، فحسبه منه أنه يلهي عن ذكر الله، روى الترمذي عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله : ( لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي ) ( قال عنه حسن غريب )، فالكلام بذكر الله حياة للقلوب، وقال الرسول : (مثل المؤمن الذى يذكر الله والذى لايذكر الله كالحى والميت) رواه البخارى.
*
التفريط فى الفرائض: قال الله تعالى (فبما نقضهم ميثاقهم لعنَّاهم وجعلنا قلوبهم قاسية) (المائدة 13)
*
أكل الحرام.: وقد ذكرالرسول " الرجل الذى يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه الى السماء يارب يارب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام فأنّى يستجاب له" رواه مسلم.
*
استهانة المعاصي: (قال تعالى كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) (المطففين14) وورد فى السنة أن العبد إذا أذنب نكت فى قلبه نكته سوداء حتى يسودّ قلبه.
* استماع المحرم من الكلام مثل الغناء، والإنغماس فيه وتفضيله على كلام الله ، فالغناء الخليع صوت الشيطان ، قال تعالى :( واستفزز من استطعت منهم بصوتك ) ( الإسراء64 ).
ولأصلاح ما فسد من القلب فعلى المؤمن أن أن يشحذ الهمة إلى الله تعالى ، بادءاً ذا بدء بالدعاء، والدعاء سبب جامع لصلاح القلب تحلية وتخلية، فمن لجأ إلى الله، وانطرح بين يديه سائلا صلاح قلبه، داعيًا بحضور قلب، متحريًا أوقات الإجابة، فما أقرب أن يجاب وقد قال : «إنَّ الإيمانَ ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم»( رواه الحاكم وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة)
ومن الأدعية المفيدة  النافعة مما ثبت عن رسول الله ﷺ:
*اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك .
* اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
* ربنا (ولَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا) (الحشر 10)   
* ربي اجعلني لك ذكارًا، لك شكارًا، لك رهابًا، لك مطواعًا، لك مخبتًا، لك أواهًا منيبًا، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة صدري .

-     في معنى(  أو ) في قوله تعالى : (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً)  
قيل: هي بمعنى الواو – للعطف - كما قال: ( آثِماً أَوْ كَفُوراً) [الإنسان: 24]. (عُذْراً أَوْ نُذْراً) [ المرسلات 7 ]
- وقيل: هي بمعنى بل، كقوله تعالى: ( وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ) [الصافات: 147] المعنى بل يزيدون.
كقوله تعالى: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)[سبأ: 24]
-      وقيل: معناها التخيير، أي إن  تشبهوها بالحجارة تصيبوا، أو بأشد من الحجارة تصيبوا، وهذا كقول القائل: جالس الحسن أو ابن سيرين، وتعلم الفقه أو الحديث أو النحو.
-      وقالت فرقة: إنما أراد الله تعالى أن فيهم من قلبه كالحجر،. وفيهم من قلبه أشد من الحجر. فالمعنى هم فرقتان.
قوله تعالى: ( وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ)، ويشقق في اللغة :  أصله يتشقق، أدغمت التاء في الشين،  اي يتشقق فيخرج منه ماء العيون التي لم تعظم حتى تكون أنهارا، أو عن الحجارة التي تتشقق وإن لم يجر ماء كثير منها، فالثانية أقل من الأولى.
 قوله تعالى: (وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)
قال مجاهد: ما تردى حجر من رأس جبل، ولا تفجر نهر من حجر، ولا خرج منه ماء إلا من خشية الله، نزل بذلك القرآن الكريم.
وحكى الطبري عن فرقة أن الخشية للحجارة مستعارة، كما استعيرت الإرادة للجدار في قوله: ( فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارً‌ا يُرِ‌يدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ) [ الكهف 77 ] ، والأولى أخذ كلام الله تعالى على معناه الحقيقي ، فالله تعالى قادر على أن يخلق الخشية في الحجارة، وهذا المعنى يفهم من قوله تعالى : (إِنَّا عَرَ‌ضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) ( الأحزاب 72)، فذكر سبحانه عرض الأمانة على الجبال، ورفضها لحمل الأمانةـ وسيأتي تفصيل أكثر في الفائدة رقم 9 فيما يلي:

الفوائد: من الفوائد المستوحاة من هذه الآية :

.1
الإخبار بلؤم بني إسرائيل الذين جاءتهم هذه النعم ومع ذلك فهم لم يلينوا للحق؛ بل قست قلوبهم على ظهور هذه النعم ، وفي سرد قصص الأوليين عبرة لهذه الأمة أن ينتهوا عن فعل ما ذمه الله فيهم ، ولا يتخذوهم قدوة في أقعالهم وأقوالهم .
.2
تشبيه المعقول بالمحسوس في قوله تعالى: (فهي كالحجارة) ؛ لأن الحجارة أمر محسوس؛ والقلب قسوته أمر معقول؛ إذ إنه ليس المعنى أن القلب الذي هو المضغة يقسو؛ القلب هو هو؛ لكن المراد: أنه يقسو قسوة معنوية بإعراضه عن الحق، واستكباره عليه؛ فهو أمر معنوي شبه بالأمر الحسي؛ وهذا من بلاغة القرآن تشبيه المعقول بالمحسوس حتى يتبين ويتوضح المعنى.
3. وفي الآية ضرب الله تعالى المثل للقسوة بالحجارة ، وليس الحديد أو النحاس دليل على أن الحجارة أشد شيء في القسوة  منهما، فالحديد والنحاس وكل المعادن تلين بالنار ، والحجارة تتفتت ولا تلين .
4. وفي الآية بيان قدرة الله سبحانه وتعالى، حيث جعل هذه الحجارة الصماء تتفجر منها الأنهار؛ وقد كان موسى عليه الصلاة والسلام يضرب بعصاه الحجر، فينبجس، ويتفجر عيوناً بقدرة الله  تبارك وتعالى.
5.  ومنها: أن الحجارة خير وأليَنَ من قلوب بعض البشر، وخصوصا من هم المعنيون الأولون بالآية ، بأن في الحجارة خيراً؛ فإن من الحجارة ما يتفجر منه الأنهار؛ ومنها ما يشقق، فيخرج منه الماء؛ ومنها ما يهبط من خشية الله؛ وهذه كلها خير، وليس في قلوب هؤلاء خير..
6. ومنها: أن الجمادات تعرف الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: ( وإن منها لما يهبط من خشية الله )؛ وهذا أمر معلوم من آيات أخرى، كقوله تعالى: ( يُسَبِّحُ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْ‌ضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (الجمعة 1)، ومثله كثير في القرآن.
7.  ومن فوائد الآية: عظم أمرخشية الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: (من خشية الله) ؛ والخشية هي الخوف المقرون بالعلم؛ لقوله تعالى: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ) [فاطر: 28]؛ فمن علم عظمة الله سبحانه وتعالى فلا بد أن يخشاه.
8.  ومنها: سعة علم الله سبحانه وتعالى؛ لقوله تعالى في الآية: (وما الله بغافل عما تعملون)؛ وهذه الصفة من صفات الله سبحانه وتعالى السلبية؛ والصفات السلبية هي التي ينفيها الله سبحانه وتعالى عن نفسه. وتتضمن أمرين هما: نفي هذه الصفة؛ وإثبات كمال ضدها

9. الجمادات قد يعطيها الله سبحانه صفات العاقل:

ومن فوائد التي تستخرج من هذه الآية  أن بعض الجمادات كالحجارة قد يعطيها الله عز وجل بعض صفات العاقل: وهو أمر غير ممتنع على الله،  فلا يمتنع أن يعطى الله بعض الجمادات المعرفة فتعقل من الله ما شاء الله لها أن تعقل،ويدل عليه هذه الأحاديث قي الصحاح :
*ما روي عن الجذع الذي كان يستند إليه رسول الله إذا خطب، فلما تحول عنه حن،  فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : أنَّ رسولَ اللهِ خطبَ إلى لِزْقِ جِذْعٍ واتَّخَذُوا لَهُ مِنْبَرًا فخَطَبَ علَيْهِ فَحَنَّ الجذْعُ حنينَ الناقَةِ فنزَلَ النبيُّ فَمَسَّهُ فسَكَتَ" ( الترمذي – حسن صحيح)
*وثبت عنه كما في صحيح مسلم عن حابر بن سمرة أنه قال: ( إنِّي لأعرفُ حجرًا بمكَّةَ كان يسلِّمُ عليَّ قبل أنْ أُبعثَ . إنِّي لأعرفهُ الآن) .
*وكما روي أن النبي قال: ( قال لي ثبير اهبط فإني أخاف أن يقتلوك على ظهري فيعذبني الله ) .وقوله أيضاً فناداه حراء: إلي يا رسول الله. [ وثبير هو جبل بمكة ، أو هو في الزدلفة ]
*وما رواه أبي هريرة رضي الله عنه :أنَّ رسولَ اللهِ كان على جبلِ حراءٍ . فتحرك.  فقال رسولُ اللهِ " اسكن . حراءُ ! فما عليك إلا نبيٌّ أو صدِّيقٌ أو شهيدٌ " وعليه النبيُّ وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليُّ وطلحةُ والزبيرُ وسعدُ بنُ أبي وقاصٍ رضيَ اللهُ عنهم .
*وفى التنزيل قوله تعالى: ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) [الأحزاب 72] الآية. وقوله عز وجل: ( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)  [الحشر: 21] يعني تذللا وخضوعا.

اللهم أنا نعوذ بك من عين لا تدمع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعاء لا يُسمع ، ومن علم لا ينفع، ونسألك اللهم قلوبا تلين لذكرك ، وألسنة تلهج بذكرك