Wednesday 24 July 2019

أحاديث نبوية عظيمة ، وشرحها- تمني الزرع في الجنة- وتمني الولد في الجنة



 



من نعيم أهل الجنة: لهم فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، 
ولا خطر على قلب بشر

ثم لهم ما يتمنون

شرح حديث – الزرع في الجنة

عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أنَّ النبيَّ كانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ، وعِنْدَهُ رَجُلٌ مِن أهْلِ البَادِيَةِ: أنَّ رَجُلًا مِن أهْلِ الجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ في الزَّرْعِ، فَقَالَ له: ألَسْتَ فِيما شِئْتَ؟ قَالَ: بَلَى، ولَكِنِّي أُحِبُّ أنْ أزْرَعَ، قَالَ: فَبَذَرَ، فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ واسْتِوَاؤُهُ واسْتِحْصَادُهُ، فَكانَ أمْثَالَ الجِبَالِ، فيَقولُ اللَّهُ: دُونَكَ يا ابْنَ آدَمَ، فإنَّه لا يُشْبِعُكَ شيءٌ، فَقَالَ الأعْرَابِيُّ: واللَّهِ لا تَجِدُهُ إلَّا قُرَشِيًّا، أوْ أنْصَارِيًّا، فإنَّهُمْ أصْحَابُ زَرْعٍ، وأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بأَصْحَابِ زَرْعٍ، فَضَحِكَ النبيُّ " ( رواه البخاري في الحرث والزراعة).
شرح معاني العبارات:

(فأذن له فيه فَبَذَرَ): أي رمى البذر في أرض الجنة
( فَبَادَرَ الطَّرْفَ) - بسكون الراء – الطرف: أي تحريك الجفون في النظر أي فسابقه ( نباته )، أي أنه نبت بأسرع من لمح البصر، وكذا قوله ( واسْتِوَاؤُهُ واسْتِحْصَادُهُ) أي من غير مؤنة للحصاد من جانب العباد ، (فَكانَ أمْثَالَ الجِبَالِ) ( فيَقولُ اللَّهُ تعالى) أي حينئذ ( دُونَكَ يا ابْنَ آدَمَ) أي خذ هذا ما تمنيته قاله  في سبيل التوبيخ تهجينا لما التمسه وطلبه ، وهو في نعيم لا نعيم بعده في الجنة، ومن ثم رتب عليه قوله : ( فإنَّه لا يُشْبِعُكَ شيءٌ) أي : لا يشبعك أي شيء ولو كان كثير حتى ما في الجنة .
 وقد يوجد في تعارف الناس مثل هذا التوبيخ من القواعد المقررة ومنها:
أن كل إناء يرشح بما فيه، وأن الناس يموتون كما يعيشون، ويحشرون كما يموتون
وقد أظهر النبي هذا المعنى في ما جاء على لسان الأعرابي،  حيث قال : " واللَّهِ لا تَجِدُهُ أي هذا الرجل ( إلَّا قُرَشِيًّا،) أي: من أهل مكة ( أوْ أنْصَارِيًّا ) أي من أهل المدينة ، فـ " أو " للتنويع ( فإنَّهُمْ ) أي مجموع القبيلتين (أصْحَابُ زَرْعٍ) أي في الجملة ، وإن كان الأنصار أكثر زرعا، والمهاجرين من أهل مكة هم أهل تجارة، ثم يقول الأعرابي : (وأَمَّا نَحْنُ) أي معاشر أهل البادية ( فَلَسْنَا بأَصْحَابِ زَرْعٍ) أي فلن نشتهي مثل ذلك، ( فَضَحِكَ النبيُّ ) أي من فطانة البدوي، أو من مسألة الخبتي وجوابه البديعي ( رواه البخاري ) .

يتعلق بهذا الحديث فوائد:

الفائدة الأولى: جنة الله تعالى التي أعدها لعباده الصالحين وأعد لهم فيها من أنواع اللذات والطيبات، لا تُرَدُّ لهم فيها رغبة: ﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق 35]، وقال الله تعالى: ﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الزخرف 71]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "قال الله تعالى: أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر" متفق عليه

الفائدة الثانية: جنة الله تعالى التي أعدها لعباده الصالحين لا بؤس فيها ولا شقاء؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله : " يُؤْتَى بأَنْعَمِ أهْلِ الدُّنْيا مِن أهْلِ النَّارِ يَومَ القِيامَةِ، فيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقالُ: يا ابْنَ آدَمَ هلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا، واللَّهِ يا رَبِّ ويُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنْيا، مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فيُقالُ له: يا ابْنَ آدَمَ هلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا، واللَّهِ يا رَبِّ ما مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ. رواه مسلم
 وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي قال: "من يدخل الجنة ينعَمُ لا يبأَسُ، لا تَبلَى ثيابُه، ولا يَفنَى شبابه"؛ رواه مسلم

الفائدة الثالثة: تختلف الموازين يوم القيامة، وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما: (لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا الأسماء) (رواه الطبري في المطالب العليا)، فهذا زرع الجنة لا يأخذ وقتًا ولا جهدًا ولا عناءً ولا تكاليفَ، ففي لحظة واحدة يتم البذر ويستوي الزرع حتى يكون أمثال الجبال.
 فسبحان الله رب العالمين ما أعظمَه، وسبحانه ما أحسن ما أعده لعباده الصالحين في جنته، رزقنا الله دخولها برحمته؛ إنه أرحم الراحمين.

ومن أماني أهل الجنة أيضا:
وفي معنى هذا الحديث أيضا حديث آخر في أمنية أخرى من أماني أهل الجنة، فهذا آخر يتمنى الولد، فيحقق الله له أمنيته في ساعة واحدة، حيث تحمل وتضع في ساعة واحدة.
وروى الترمذي في سننه، وأحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه بإسناد صحيح عن أبي سعيد أن النبي قال: " المُؤمِنُ إذا اشتَهَى الوَلَدَ في الجنَّةِ، كان حَملُهُ ووضعُهُ وسِنُّهُ في ساعَةٍ كما يَشتَهي " (صححه الألباني في صحيح الترمذي)
أي: إنَّ الرَّجُلَ المؤمِنَ مِن أهلِ الجنَّةِ إذا تَمنَّى أن يُنجِبَ أو تَكونَ له ذُرِّيَّةٌ، "كان حَملُه ووَضعُه"، أي: كان فَترةُ حَملِ الولدِ ووِلادَتِه، "وسِنِّه"، أي: واكتِمالِ سنِّه ثَلاثينَ سنَةً، وقيل: السِّنُّ الَّتي يُرغَبُ أن يَكونَ فيها الولَدُ، "في ساعةٍ"، أي: كلُّ ذلك: مُدَّةُ حَملِه ووِلادَتِه ونُضوجِه واكتِمالِ سنِّه في ساعةٍ فقَط، "كما يَشتَهي"، أي: كما يَشْتَهي المؤمنُ مِن هَيئةِ الوَلَدِ وشَكلِه وسِنِّه وحالِه.
وفي الحديثِ: بَيانُ فَضلِ نَعيمِ الجنَّةِ ولَذَّتِها لِمَن أصبَحَ مِن أهلِها.




اللهم إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول وعمل