Wednesday 11 January 2017

الدعاء من القرآن الكريم - المقدمة 4- تابع : أماكن وأوقات وأحوال أحرى أن يستجاب فيها الدعاء




  




تابع- أماكن وأوقات وأحوال أحرى أن يستجاب فيها الدعاء:

أولا: من هذه الأوقات أو الأماكن والأحوال:
ب- الدعاء في أماكن مخصوصة فاضلة:

1- الدعاء داخل الكعبة ومن صلى داخل الحجر فهو من البيت:

أخرج البخاري ومسلم ومالك وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه  وأحمد من طرق كثيرة مطولا ومختصرا؛ عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
قدم رسول الله يوم الفتح فنزل بفناء الكعبة وأرسل إلى عثمان بن طلحة فجاء بالمفتاح ففتح الباب قال : ثم دخل النبي وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وأمر بالباب فأغلق فلبثوا فيه مليا ثم فتح الباب فقال عبد الله : فبادرت الناس فتلقيت رسول الله خارجا وبلال على إثره فقلت لبلال : هل صلى فيه رسول الله ؟ قال : نعم قلت : أين ؟ قال : بين العمودين تلقاء وجهه . قال : ونسيت أن أسأله كم صلى"  وهذا اللفظ لمسلم .
وعليه فإنه من السنة لمن أستطاع  الصلاة والدعاء في جوف الكعبة تطوعاً،  فإن النبي حين دخل مكة يوم الفتح ( صلى في [ جوف ] الكعبة [ ركعتين ] بين الساريتين [ وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع ] )
والحديث ورد في  صلاته النافلة في الكعبة، والفريضة أيضا جائزة مثلها لاستواء أحكام الفرائض والنوافل وجوبا وتحريما وإباحة إلا ما استثناه الشارع ولا استثناء هنا .
ثم إن النبي أقر عائشة رضي الله عنها على محبتها الصلاة فيه،  إلا أنه أمرها أن تصلي في الحجر ( حجر إسماعيل) وعلل ذلك بأنه من البيت فدل على جواز الصلاة في البيت كله وفيه الحجر ولعله إنما أمرها أن تصلي فيه دون جوف الكعبة وقتئذ لأن الحجر أفضى لها وأبعد عن مخالطة الرجال، وبجواز الصلاة في الكعبة فإنه يستحب الدعاء في ، ولم يرد دعاء مخصوص، ولكن للمسلم أن يدعو لنفسه وأهله وأمته من خيري الدنيا والآخرة.

2-الدعاء على الصفا و المروة

كان النبي إذا صعد الصفا كبر عليها، وذكر الله ثلاثا ، ودعا ثلاثا وكرر، يقول: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده" ، ويكرر ذلك مع التكبير ثلاث مرات مع الدعاء، على الصفا والمروة، هذا هو الأفضل.

3- الدعاء في الطواف والسعي وعند الوقوف بعرفة وسائر مشاعر الحج والعمرة:

ليس للطواف والسعي والوقوف بعرفة، وفي مزدلفة أدعية مخصصة لا بد منها، بل يشرع للمؤمن أن يدعوا ويذكر الله وليس هناك حدٌ محدود، يذكر الله، كقوله: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" ، ويدعوا ما يسر الله من الدعوات، يسأل ربه أن الله يغفر له ذنوبه، ويدخله الجنة وينجيه من النار، ويسأل الله له ولوالديه المسلمين المغفرة والرحمة، وإن كان والداه مسلمين التوفيق في إصابة الحق والهداية والاستقامة والثبات على دين الله، وهكذا يسأل الله لولاة أمر المسلمين بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة، ويسأل الله من خري الدنيا والآخرة في طوافه وفي سعيه وفي الوقوف بعرفة وفي مزدلفة, ومنى وفي كل مكان، يسأل ربه من خيري الدنيا والآخرة، لكن يشرع له في الطواف أن يختم كل شوط بقوله: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)، فعله الرسول وهو مستحب .

4- الدعاء في مواضعِ حضرةِ الملائكة عموماً : منها

أ‌- عند حضرة الميت: عن أم سلمة رضي الله عنها قال قال رسول الله ﷺ:  " إذا حضرتم المريضَ ، أو الميِّتَ ، فقولوا خيرًا . فإنَّ الملائكةَ يؤمِّنون على ما تقولون "  قالت : فلمَّا مات أبو سلمةَ أتيتُ النَّبيَّ  فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ! إنَّ أبا سلمةَ قد مات . قال : قولي : اللَّهمَّ ! اغفرْ لي وله . . وأعقِبْني منه عقبَى حسنةً " ، قالت : فقلتُ . فأعقبني اللهُ مَن هو خيرٌ لي منه . محمَّدًا " . وعنها رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله يقول: "ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أْجُرني في مصيبتي وأَخْلِف لي خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها". قالت: فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول فأخلف لي خيراً منه. رسول الله .( صحيح مسلم)

ب-عند سماع صياح الديكة:عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: إذا سمعتم صياحَ الديكةِ ، فاسألوا اللهَ من فضلِه . فإنها رأتْ ملكًا . وإذا سمعتم نهيقَ الحمارِ ، فتعوذوا باللهِ من الشيطانِ . فإنها رأتْ شيطانًا " ( صحيح مسلم)،  قال القاضي عياض رحمه الله: سبب الدعاء رجاء تأمين الملائكة.

ج- دعوة في مكةَ وجميع المشاعر المحرمة: في حديثِ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي لما قال: ( اللهم عليك بقريش ) ثلاث مرات ، شق ذلك عليهم قال "وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة". قال الحسن البصري رحمه الله في رسالته المشهورة إلى أهل مكة: إن الدعاء مستجاب هناك في خمسة عشر موضعا في الطواف وعند الملتزم وتحت الميزاب وفي البيت وعند زمزم وعلى الصفا والمروة وفي المسعى وخلف المقام وفي عرفات وفي المزدلفة وفي منى وعند الجمرات الثلاث، وسيأتي تفصيل أكثر في هذه الدعوات في القسم الثاني.
ومن هذا الباب الدعاء في السجود ، وفي كل مواضع الصلاة، وفي الكعبة، وفي الصيام وأحوال العبادات عموما.

ثانيا:  دعاء أشخاص ذكر الله استجابة دعائهم:

 1-دعوة الإمام العادل

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : " ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا فَوْقَ الْغَمَامِ وَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ " ( رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترمذي )

2- دعاء الولد البار بوالديه لوالديه:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : " إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ : إلا من صدقةٍ جاريةٍ . أو علمٍ ينتفعُ به . أو ولدٍ صالحٍ يدعو له" . ( صحيح مسلم)
وَلَدٌ صالحٌ، أي: مؤمنٌ، يَدْعو له، وقيَّدَ الولدَ بِالصَّالحِ؛ لأنَّ الأجرَ لا يَحصُلُ مِن غيره، وإنَّما ذَكرَ دعاءَه تحريضًا لِلولد على الدُّعاءِ لِأبيه؛ فإنَّه قيل: للوالدِ ثواب مِن عمَلِ الولِ الصَّالح، سواءٌ دعا لِأبيه أم لا، كما أنَّ مَن غَرَسَ شَجَرةً جُعِل له ثَوابٌ بِأْكل ثَمرتِها، سواء دعا له الآكِل أم لا، فهذا صحيح ، والدعاء من الولد يزيد من الأجر للوالد والوالدة أيضا بمثل.
في الحديثِ: الحثُّ علي الإحسانِ إلى الوالدَيْنِ بعْدَ مَوتِهما، وأهمه الدعاء لهما، والتصدق عنهما، وبر أهل برهما.

3- دعوة الوالد لولده أو على ولولده:

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سِرْنا مع رسولِ اللهِ في غزوةِ بطنِ بواطٍ ، وهو يطلب المجديَّ بنَ عمرو الجُهنيَّ ، وكان الناضحُ يعقبُه منا الخمسةُ والستةُ والسبعةُ ، فدارت عُقبةُ رجلٍ من الأنصارِ على ناضحٍ له،  فأناخه فركبَه،  ثم بعثه فتلدَّنَ عليه بعضَ التلَدُّنِ،  فقال له : شأْ؛  لعنك اللهُ . فقال رسولُ اللهِ " من هذا اللاعنُ بعيرَه ؟ " قال : أنا،  يا رسولَ اللهِ ! قال " انزِلْ عنه . فلا تصْحَبْنا بملعونٍ . لا تدْعوا على أنفُسِكم ، ولا تدعُوا على أولادِكم ، ولا تدعوا على أموالِكم ، لا توافِقوا من اللهِ ساعةً يُسأل فيها عطاءٌ ، فيستجيبُ لكم " ( صحيح مسلم )
في هَذا الحديثِ يَقولُ جابرُ بنُ عَبدِ اللهِ رَضي اللهُ عنه: سِرنا مَع رَسولِ اللهِ في غَزوةِ بَطنِ بُواطٍ، وهُو جَبلٌ مِن جِبالِ جُهينَةَ وَهو يَطلُبُ الَمجديَّ بنَ عَمرٍو الجُهَنِيَّ، وكان (النَّاضحُ) وَهو البَعيرُ الَّذي يُستَقى عَليه، يَعقُبُه مِنَّا الخَمْسةُ والسِّتَّةُ والسَّبعةُ، أي: نَتناوبُ عَلى رُكوبِه، كُلٌّ منَّا نَوبةً، فدارتْ عَقبةُ رَجُلٍ منَ الأَنصارِ عَلى ناضحٍ لَه، فأَناخَه فرَكِبَه، ثُمَّ بَعثَه (فتَلدَّن عليه بَعضَ التَّلدُّن)، أي: تَلَكَّأ ولم يَنبعثْ أو يقم،  فَقال لَه: شَأْ، زَجرًا لَه: لَعنَك اللهُ، فسَمِعَه النَّبيُّ فَقال: (مَن هَذا اللاعنُ بَعيرَه؟) فَقال الرَّجلُ: أَنا يا رَسولَ اللهِ! فأَمَرَ النَّبيُّ أنْ يَنزِلَ مِن على بَعيرِه، وَقال لَه: (فَلا تَصحَبْنا بِملعونٍ)، فأَمَرَه النَّبيُّ بتَرْكِه البَعيرَ وَعَدمِ رُكوبِه في ذَلك الجيشِ، ثُمَّ قال: لا تَدْعوا على أَنفُسِكم، وَلا تَدْعوا عَلى أَولادِكم، وَلا تَدْعوا عَلى أَموالِكم، أي: مِن العَبيدِ والإِماءِ، بشَيءٍ منَ الضَّررِ أوِ الهلاكِ، وسَببُ ذلك، لا تُوافِقوا منَ اللهِ ساعةً يُسألُ فيها عَطاءً، فيَستجيبَ لَكم، أي: لئلَّا تُصادِفوا ساعةَ إِجابةٍ ونيلٍ فتُستجابُ دَعوتُكمُ السُّوءُ، وهذا يدل على أن دعاء الوالد لولده أو على ولده ، وماله وخدمه مستجاب، فادعوا لهم بالخير والهداية، ولا تدعوا عليهم بما لا تحبون أن يصبهم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "ثلاث دعوات يُستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده" وفي رواية: "على ولده". ( صحيح أبي داوود )

4- دعوة من أحبه الله ورضي عنه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحبّ إليَّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءَتهُ" . وقال –عليه الصلاة والسلام-:"إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره" .

5-دعاء المظلوم على ظالمه.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : "  ثلاث دعوات مستجابات : دعوة الصائم ، ودعوة المظلوم ودعوة المسافر ".
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه"وعندَ الترمذي:"ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام، وتُفَتَّحُ لها أبواب السماء، ويقول الربُّ عز وجل: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين" .

6-دعاء المسافر  

فقد قال النبي : " ثلاث دعوات متسجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده." (رواه الترمذي وحسنه الألباني).
ودعوة المسافر مستجابة مدة سفره حتى يرجع منه –كما قال العلماء- ؛ لغربته وانكسار نفسه.. جاء في فيض القدير للمناوي: يستجاب الدعاء في أوقات .. وذكر منها: ودعوة المسافر حتى يرجع والمريض حتى يبرأ..

7- دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب:

عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي أنه قال: "ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال المَلَكُ ولكَ بِمِثلٍ" . ( صحيح مسلم)
في غَيْبَةِ الأخِ، وفي سِرِّه؛ لأنَّه أَبْلَغُ في الإِخلاصِ، (إِلَّا قال المَلَكُ) المُوكَّلُ به: (ولَك) أَيُّها الدَّاعي، (بِمِثْلِ) أي لك أيها الداعي مثل ذلك الخير الذي دعوت لأخيك، وهذا دُعاءٌ مِنَ المَلَكِ لِلدَّاعي، ولا يَكونُ إِلَّا عن أَمْرِ اللهِ فيَنْبَغي لِلعَبْدِ أنْ يُكْثِرَ مِن دُعائِه لِأخيهِ؛ فَهو عَمَلٌ صالِحٌ يُؤجَرُ عليه.
فهذا الحديثِ: يحثُّ على إِحسان المُؤمنين بَعْضِهْم إلى بَعْض، وكان السلف إذا أراد لنفسه شيئاً، دعا به لأخيه في الغيب.

 8- دعاء المضطر

قال الله تعالى: ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ) (النمل ٦٢)،  وحديث الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فانحطت على فم الغار صخرة من الجبل أغلقت الغار عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالاً عملتموها صالحة لله تعالى واسألوا الله بها لعله يفرجها عنكم، فدعوا الله تعالى بصالح أعمالهم فارتفعت الصخرة فخرجوا يمشون..."
وجدناك مضطراً فقلنا لك ادعنــــــا  نجبك فهل أنت حقـــــــــــاً دعوتنـــــا
دعوناك للخيرات أعرضت نائيـــــاً  فهل تلقى من يحسن لمثلك مثلنا

ثالثا: دعاء في حال الإنشغال بالعبادات:

 1- الدعاء عقب الوضوء :

فضل الذكر بعد الوضوء،  إذا دعا بالمأثور في ذلك وهو:
عَنْ عُمَر رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله : «مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ يَتَوَضَّأ فَيُبْلِغُ (أوْ فَيُسْبِغُ) الوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ، إِلا فُتِحَتْ لَهُ أبْوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ، يَدْخُلُ مِنْ أيِّهَا شَاءَ». أخرجه مسلم.

2- الدعاء في السجـــــــود:

 ، قال تعالى : ( فاسجد واقترب ) ( العلق 19)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وَالدُّعَاءُ فِي السُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ منه مَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ السِّتَارَةَ، وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ، إلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ" .
 وَإِنْ كَانَ يَتَنَاوَلُ الدُّعَاءَ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ، فَالسُّجُودُ لَهُ مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ. اهــ

3- فضل الدعاء دُبر الصلوات المكتوبات:

وقد  نبه فضل الدعاء في هذا الوقت في الحديث:  وسئل رسول الله يا رسول الله أيّ الدعاء أسمع؟ أي أرجى إجابة. قال : "جوف الليل ودبر الصلوات المكتوبات" ( سنن الترمذي – حديث حسن) أي وراء الصلوات المفروضة.
ورد الترغيب في الذكر والدعاء دبر الصلوات في عدة أحاديث غيره منها :
منها ما رواه الشيخان: عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا سَلَّمَ : (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ)
 وروى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ . قَالَ : كَيْفَ ذَاكَ ؟ قَالُوا : صَلَّوْا كَمَا صَلَّيْنَا ، وَجَاهَدُوا كَمَا جَاهَدْنَا ، وَأَنْفَقُوا مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِهِمْ ، وَلَيْسَتْ لَنَا أَمْوَالٌ ، قَالَ: أَفَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَمْرٍ تُدْرِكُونَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ ، وَلَا يَأْتِي أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتُمْ بِهِ إِلَّا مَنْ جَاءَ بِمِثْلِهِ ، تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا ، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا ، وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا ) .
وللبخاري ومسلم: (تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مرة )  وروى مسلم عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: ( مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ : ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً ، وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً ، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً ) .
والمراد بدبر الصلاة في هذه الأحاديث : عقب الصلاة وخلفها ، أي : بعد السلام ، كما جاء مصرحا به في بعض الروايات ، وكذلك ما جاء في قراءة آية الكرسي والمعوذات دبر الصلاة ، فإن المراد بذلك بعد السلام .
وروى أبو داود  عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ بِيَدِهِ ، وَقَالَ : (يَا مُعَاذُ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ، فَقَالَ : أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ) (وصححه الألباني في صحيح أبي داود )

4-بين السجدتين:

 أنَّ النبيَّ كانَ يقولُ بينَ السجدتينِ : " اللهمَّ اغفرْ لِي ، وارحمْنِي ، وعافنِي ، واهدِني ، وارزقْنِي " . وفي روايةِ الترمذيِّ : " واجبرْنِي بَدلَ وعافِني " . وفي روايةِ ابنِ ماجه : " وارفعْنِي بَدلَ واهدِني" ( جمعها النووي ، عن ابن عباس ، قال عنه إسناده حسن )

*ثم قد ورد معنا فضل دعاء الصائم واستجابته في صيامه وعند فطره، والحاج في جميع مواطن الحج وحالاته من الأركان والواجبات:
 فالدعاء هو العباده، هو حقيقتها، فالمؤمن الحق يؤدي العبادة وقلبه متعلق بربه يناجيه ويثني عليه ويعظمه ويمجده في كل أحواله ، ففي أثناء قيامه بالعبادة أولى وأولى بإذن الله باستجابة الدعاء

والمؤمن يدعو ربه دائما أينما كان ،  الدعاء حالة إقبال القلب على الله واشتداد الإخلاص .( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعٍ إذا دعان ) ( سورة البقرة  )، وهذه الأوقات والأحوال والأماكن تخص بمزيد عناية .

صفة الدعاء المستجاب :
قال ابن القيم –رحمه الله - : وإذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب، وصادف وقتًا من أوقات الإجابة الستة وهي : الثلث الأخير من الليل ، وعند الأذان ، وبين الأذان والإقامة ،وإدبار الصلوات المكتوبات ، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة ، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم ، وصادف خشوعًا في القلب وانكسارًا بين يدي الرب ، وذلاً له وتضرعًا ورقة ، واستقبل الداعي القبلة ، وكان على طهارة ورفع يديه إلى الله تعالى ،وبدأ بحمد الله والثناء عليه ، ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده ورسوله ، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة ، والاستغفار ،ثم دخل على الله ، وألح عليه في المسألة، وتملقه ودعاه رغبة ورهبة، وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده وقدم بين يدي دعائه صدقة ، فان هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدًا، ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي أنها مظنة الإجابة، أو أنها متضمنة للإسم الأعظم .

اللهم إنَّا نسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد ، ونعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك محمد ، اللهم أنَّا نسألك رضاك والجنَّة ونعوذ بك من سخطك والنار