Wednesday 27 May 2015

تفسير سورة النجم – وربط الآيات ، وبيان المتشابهات ج 4

  

  


تفسير سورة النجم  ج 4

قوله تعالى :  { أَفَرَ‌أَيْتَ الَّذِي تَوَلَّىٰ*وَأَعْطَىٰ قَلِيلًا وَأَكْدَىٰ }
التفسير : 

في سبب نزول الآيقال مقاتل:  نزلت في النضر. وقيل  في الوليد ، قال مقاتل : نزلت في الوليد بن المغيرة، وكان قد أتبع رسول الله على دينه ومدح القرآن فعيره بعض المشركين، وقال : لم تركت دين الأشياخ وضللتهم وزعمت أنهم في النار؟ قال : إني خشيت عذاب الله؛ فضمن له إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله، فأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له ثم بخل ومنعه،  فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقال مقاتل : معناها أنه أعطى رسول الله عقد الإيمان ثم تولى فنزلت { أفرأيت الذي تولى} الآية.
وقال ابن عباس وغيره : نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يتصدق وينفق في الخير، فقال له أخوه من الرضاعة عبدالله بن أبي سرح : ما هذا الذي تصنع؟ يوشك ألا يبقى لك شيء. فقال عثمان : إن لي ذنوبا وخطايا، وإني أطلب بما أصنع رضا الله تعالى وأرجو عفوه! فقال له عبدالله : أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها. فأعطاه وأشهد عليه، وأمسك عن بعض ما كان يصنع من الصدقة فأنزل الله تعالى { أفرأيت الذي تولى. وأعطى قليلا وأكدى}  فعاد عثمان إلى أحسن ذلك وأجمله. 

في اللغة :

 أصل { أكدى} من الكدية يقال لمن حفر بئرا ثم بلغ إلى حجر لا يمكن إتمام الحفر لأجله، قد أكدى، ثم استعملته العرب لمن أعطى ولم يتمم، ولمن طلب شيئا ولم يبلغ آخره. قال الكسائي وغيره : أكدى الحافر وأجبل إذا بلغ في حفره كدية أو جبلا فلا يمكنه أن يحفر. وحفر فأكدى إذا بلغ إلى الصلب. ويقال : كديت أصابعه إذا كلَّت أو تعبت من الحفر. وكديت يده إذا كلت فلم تعمل شيئا. وأكدى النبت إذا قل ريعه، وكدت الأرض تكدو كَدْوا وكُدُوَّا فهي كادية إذا أبطأ نباتها؛ عن أبى زيد. وأكديت الرجل عن الشيء رددته عنه. وأكدى الرجل إذا قل خيره

وقوله {وأعطى قليلا وأكدى} أي قطع إعطاء القليل. قوله تعالى { أعنده علم الغيب فهو يرى} أي أعند هذا المكدي علم ما غاب عنه من أمر العذاب؟ { فهو يرى} أي يعلم ما غاب عنه من أمر الآخرة، وما يكون من أمره حتى يضمن حمل العذاب عن غيره، وكفى بهذا جهلا وحمقا.
قوله تعالى { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ * وَإِبْرَ‌اهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ } أي صحف موسى وصحف إبراهيم الذي وفى، وفيها :{ أَلَّا تَزِرُ‌ وَازِرَ‌ةٌ وِزْرَ‌ أُخْرَ‌ىٰ } أي لا تُؤخذ نفس بذنب غيرها ، وخص صحف إبراهيم وموسى بالذكر؛ لأنه كان ما بين نوح وإبراهيم يؤخذ الرجل بجريرة أخيه وابنه وأبيه.
ما وفّاه إبراهيم ؛ بم قيل عن إبراهيم عليه السلام { وَإِبْرَ‌اهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ }
قراءة الجماعة { وَفَّىٰ } بالتشديد أي قام بجميع ما فرض عليه فلم يخرم منه شيئا. وقد مضى في [البقرة] عند قوله تعالى { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} [البقرة 124] والتوفية الإتمام.
 قال أبو بكر الوراق : قام بشرط ما ادعى؛ وذلك أن الله تعالى قال له { أسلم قال أسلمت لرب العالمين} [البقرة : 131] فطالبه الله بصحة دعواه، فابتلاه في ماله وولده ونفسه فوجده وافيا بذلك؛ فذلك قوله { وإبراهيم الذي وفى}،أي ادعى الإسلام ثم صحح دعواه.
عن أبي أمامة قال: تلا رسول اللّه هذه الآية { وإبراهيم الذي وفّى} قال: (أتدري ما وفّى؟) قلت: اللهُ ورسوله أعلم، قال: (وفّى عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار) وعن سهل بن معاذ ابن أنَس، عن أبيه، عن رسول الله أنه قال: (ألا أخبركم لم سمى اللّه تعالى إبراهيم خليله الذي وفّى؟ إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى: { فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون} ) حتى ختم الآية ""أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير"
 وقيل { وفى}  أي وفى بإبلاغ ما أرسل به، وهو قوله { أَلَّا تَزِرُ‌ وَازِرَ‌ةٌ وِزْرَ‌ أُخْرَ‌ىٰ }  قال ابن عباس : كانوا قبل إبراهيم عليه السلام يأخذون الرجل بذنب غيره، ويأخذون الولي بالولي في القتل والجراحة؛ فيقتل الرجل بأبيه وابنه وأخيه وعمه وخاله وابن عمه وقريبه وزوجته وزوجها وعبده، فبلغهم إبراهيم عليه السلام عن الله تعالى { أَلَّا تَزِرُ‌ وَازِرَ‌ةٌ وِزْرَ‌ أُخْرَ‌ىٰ } ، أي أن هذا الذي في صحف إبراهيم وموسى،أن كل نفس ظلمت نفسها بكفر أو شيء من الذنوب، فإنما عليها وزرها لا يحمله عنها أحد، كما قال: { وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى}} ، {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} أي كما لا يحمل عليه وزر غيره، كذلك لا يحصل من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه.

ما يصل للميت من ثواب عمل غيره له بعد موته :

 ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي رحمه الله، أن قراءة القرآن لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى، لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إليه رسول الله أمته ولا حثهم عليه، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
 فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما ومنصوص من الشارع عليهما، وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال، قال رسول الله : (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: من ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية من بعده، أو علم ينتفع به) فهذه الثلاثة في الحقيقة هي من سعيه وكده وعمله، كما جاء في الحديث: (إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه)، وروى أن سعد بن عبادة قال للنبي : إن أمي توفيت أفأتصدق عنها؟ قال : (نعم) قال : فأي الصدقة أفضل؟ قال : (سقي الماء).
 والصدقة الجارية كالوقف ونحوه هي من آثار عمله ووقفه، وقد قال تعالى: { إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم}  الآية.
 والعلم الذي نشره في الناس فاقتدى به الناس بعده هو أيضاً من سعيه وعمله، وثبت في الصحيح: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً)
وأجاز الشافعي وغيره الحج التطوع عن الميت، وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها اعتكفت عن أخيها عبدالرحمن وأعتقت عنه، وأجمعوا ألا يصلي أحد عن أحد. ولم يجز مالك الصيام والحج والصدقة عن الميت، إلا أنه قال : إن أوصى بالحج ومات جاز أن يحج عنه.
وقوله تعالى: { وأن سعيه سوف يرى}  أي يوم القيامة، { ثم يجزاه الجزاء الأوفى}  أي الأوفر، فيجزيكم عليه أتم الجزاء إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
يقول تعالى: { وأن إلى ربك المنتهى} أي : إليه المعاد والمرجع يوم القيامة، وإليه المصير فيعاقب ويثيب ، وقيل : منه ابتداء المنة وإليه انتهاء الأمان. ، وذكر البغوي، عن أُبي بن كعب، عن النبي في الآية  قال: (لا فكرة في الرب) أي انته عند ذكر الرب ، ولا تماري فيه ، وفي الصحيح: " يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغ أحدكم ذلك فليستعذ بالله ولينته" ، وفي الحديث الذي في السنن عن عبد الله بن عباس قال: "تفكروا في مخلوقات الله ولا تفكروا في ذات الله، " موقوف ، وقوله تعالى: { وأنه هو أضحك وأبكى} أي خلق الضحك والبكاء وهما مختلفان ولا فاعل إلا هو؛ وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : لا والله ما قال رسول الله قط إن الميت يعذب ببكاء أحد، ، ولكنه قال : "إن الكافر يزيده الله ببكاء أهله عذابا وإن الله لهو أضحك وأبكى وما تزر وازرة وزر أخرى". وعنها قالت: مر النبي على قوم من أصحابه وهم يضحكون، فقال : "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا" ، فنزل عليه جبريل فقال : يا محمد! إن الله يقول لك { وأنه هو أضحك وأبكى} . فرجع إليهم فقال : "ما خطوت أربعين خطوة حتى أتاني جبريل فقال ايت هؤلاء فقل لهم إن الله تعالى يقول { هو أضحك وأبكى}"  أي قضى أسباب الضحك والبكاء. وفي صحيح ابن حبان ؛ مرَّ رسولُ اللهِ على رهطٍ مِن أصحابِه وهم يضحَكون فقال: " لو تعلَمون ما أعلَمُ لضحِكْتُم قليلًا ولبكَيْتُم كثيرًا "  فأتاه جبريلُ فقال: إنَّ اللهَ يقولُ لك: لِمَ تُقنِّطُ عبادي ؟ قال: فرجَع إليهم فقال: " سدِّدوا وقارِبوا وأبشِروا"
قال الحسن : أضحك الله أهل الجنة في الجنة، وأبكى أهل النار في النار. وقيل : أضحك من شاء في الدنيا بأن سره وأبكى من شاء بأن غمه.
 وقيل : إن الله تعالى خص الإنسان بالضحك والبكاء من بين سائر الحيوان، وليس في سائر الحيوان من يضحك ويبكي غير الإنسان. وقد قيل : إن القرد وحده يضحك ولا يبكي، وإن الإبل وحدها تبكي ولا تضحك.
 { وأنه هو أمات وأحيا}  أي قضى أسباب الموت والحياة. وقيل: خلق الموت والحياة وقيل : أمات الكافر بالكفر وأحيا المؤمن بالإيمان؛ قال الله تعالى { أومن كان ميتا فأحييناه} [الأنعام 122] ،وقيل : أمات في الدنيا وأحيا للبعث، وقوله. {  وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى} أي من أولاد آدم ولم يرد آدم وحواء بأنهما خلقا من نطفة. والنطفة الماء القليل، مشتق من نطف الماء إذا قطر. { تمنى} تصب في الرحم وتراق، يقال : منى الرجل وأمنى من المني،. وقيل { تمنى} تقدر؛ قاله أبو عبيدة. يقال : منيت الشيء إذا قدرته، ومني له أي قدر له. . وقوله تعالى: { وأن عليه النشأة الأُخْرى}  ، أي كما خلق البداءة هو قادر على الإعادة، وهي النشأة الآخرة يوم القيامة { وأنه هو أغنى وأقنى}  أي ملّك عباده المال وجعله لهم قنية مقيماً عندهم لا يحتاجون إلى بيعه، فهذا تمام النعمة عليهم، وقال ابن عباس { أغنى} : أعطى، { وأقنى} :رضّى، وقوله: { وأنه هو رب الشعرى}  قال ابن عباس: هو هذا النجم الوقاد الذي يقال له مرزم الجوزاء، كانت طائفة من العرب يعبدونه، { وأنه أهلك عاداً الأولى}  وهم قوم هود ويُقال لهم عاد بن إرم ، كما قال تعالى: { ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد}؟ فكانوا من أشد الناس وأقواهم، وأعتاهم على اللّه تعالى وعلى رسوله فأهلكهم اللّه {  بريح صرصر عاتية }، وقوله تعالى: { وثمود فما أبقى}  أي دمرهم فلم يبق منهم أحداً، { وقوم نوح من قبل}  أي من قبل هؤلاء {إنهم كانوا هم أظلم وأطغى} أي أشد تمرداً من الذين بعدهم عاد وثمود،  وذلك لطول مدة نوح فيهم، حتى كان الرجل فيهم يأخذ بيد ابنه فينطلق إلى نوح عليه السلام فيقول : احذر هذا فإنه كذاب، وإن أبي قد مشى بي إلى هذا وقال لي مثل ما قلت لك؛ فيموت الكبير على الكفر، وينشأ الصغير على وصية أبيه،  وقيل : إن الكناية ترجع لى كل من ذكر من عاد وثمود وقوم نوح؛ أي كانوا أكفر من مشركي العرب وأطغى. فيكون فيه تسلية وتعزية للنبي ، { والمؤتفكة أهوى} يعني مدائن قوم  لوط قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود، ولهذا قال: { فغشاها ما غشى} يعني من الحجارة التي أرسلها عليهم { فبأي آلاء ربك تتمارى}؟ ، أي ففي أي نعم اللهِ عليك أيها الإنسان تمتري تكذب وتجادل.
وقوله تعالى { هذا نذير من النذر الأولى}: يريد أن محمدا نذير بالحق الذي أنذر به الأنبياء قبله، فإن أطعتموه أفلحتم، وإلا حل بكم ما حل بمكذبي الرسل السالفة. وقال قتادة : يريد القرآن، وأنه نذير بما أنذرت به الكتب الأولى. وقيل : أي هذا الذي أخبرنا به من أخبار الأمم الماضية الذين هلكوا تخويف لهذه الأمة من أن ينزل بهم ما نزل بأولئك من النذر أي مثل النذر؛ والنذر في قول العرب بمعنى الإنذار كالنكر بمعنى الإنكار؛ أي هذا إنذار لكم.
قوله تعالى: { أزفت الآزفة} أي قربت الساعة ودنت القيامة. وسماها آزفة لقرب قيامها عنده؛ كما قال { يرونه بعيدا ونراه قريبا} [المعارج  6 - 7]. وقيل : سماها آزفة لدنوها من الناس وقربها منهم ليستعدوا لها؛ لأن كل ما هو آت قريب. { ليس لها من دون الله كاشفة} أي ليس لها من دون الله من يؤخرها أو يقدمها. وقيل : كاشفة أي انكشاف أي لا يكشف عنها ولا يبديها إلا الله.

في اللغة : 

الكاشفة اسم بمعنى المصدر والهاء فيه كالهاء في العاقبة والعافية والداهية والباقية؛ كقولهم : ما لفلان من باقية أي من بقاء، وقيل : إن كاشفة بمعنى كاشف والهاء للمبالغة مثل راوية وداهية.

وقوله تعالى { أفمن هذا الحديث}  يعني القرآن. وهذا استفهام توبيخ { تعجبون}  تكذيبا به { وتضحكون} استهزاء { ولا تبكون} انزجارا وخوفا من الوعيد. وروي أن النبي ما رئي بعد نزول هذه الآية ضاحكا إلا تبسما. وقال أبو هريرة : لما نزلت { أفمن هذا الحديث تعجبون} قال أهل الصفة : إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم بكوا حتى جرت دموعهم على خدودهم، فلما سمع النبي بكاءهم بكى معهم فبكينا لبكائه؛ فقال النبي : (لا يلج النار من بكى من خشية الله ولا يدخل الجنة مصر على معصية الله ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيغفر لهم ويرحمهم إنه هو الغفور الرحيم). وقال أبو حازم : نزل جبريل على النبي وعنده رجل يبكي، فقال له : من هذا؟ قال : هذا فلان؛ فقال جبريل : إنا نزن أعمال بني آدم كلها إلا البكاء، فإن الله تعالى ليطفئ بالدمعة الواحدة بحورا من جهنم. { وأنتم سامدون} أي لاهون معرضون. عن ابن عباس، وقال عكرمة عنه : هو الغناء بلغة حمير؛ يقال : سمد لنا أي غن لنا، فكانوا إذا سمعوا القرآن يتلى تغنوا ولعبوا حتى لا يسمعوا. وهذه الآية يستدل بها الفقهاء في تحريم الغناء.

في اللغة:

 في الصحاح : سمد سمودا رفع رأسه تكبرا وكل رافع رأسه فهو سامد؛ والسمود اللهو، والسامد اللاهي؛ يقال للقينه : أسمدينا؛ أي ألهينا بالغناء. والمعروف في اللغة : سمد يسمُد سمودا إذا لها وأعرض.  وتسميد الأرض أن يجعل فيها السماد وهو سرجين ورماد. وتسميد الرأس استئصال شعره.

قوله تعالى { فاسجدوا لله واعبدوا} اخضعوا له بالسجود ،وأخلصوا له ووحِّدوه، قيل : المراد به سجود تلاوة القرآن. وهو قول ابن مسعود. وبه قال أبو حنيفة والشافعي. وقد تقدم أول السورة من حديث ابن عباس أن النبي سجد فيها وسجد معه المشركون. وقيل : إنما سجد معه المشركون لأنهم سمعوا أصوات الشياطين في أثناء قراءة رسول الله عند قوله { أفرأيتم اللات والعزى. ومناة الثالثة الأخرى} [النجم : 19 -20] وأنه قال : تلك الغرانيق العلا وشفاعتهن ترتجى أو ( ترتضى) ، ومثلهن لا ينسى،  ففرح المشركون وظنوا أنه من قول محمد ، فلما بلغ الخبر بالحبشة من كان بها من أصحاب النبي رجعوا ظنا منهم أن أهل مكة آمنوا؛ فكان أهل مكة أشد عليهم وأخذوا في تعذيبهم إلى أن كشف الله عنهم. وقيل : المراد سجود الفرض في الصلاة وهو قول ابن عمر؛ كان لا يراها من عزائم السجود.. والأول أصح. 

تم تفسير سورة النجم فلله الحمد والمنة
اللـهم تـقبـل منـا اٍنك أنت السميـع العـليم .. وتُب علينا اٍنك أنت التواب الرحيم
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.