Tuesday 19 November 2019

أنبياء الله - تعرف عليهم- إسحق عليه السلام- بُشر به أبوه بأنه الغلام العليم



 



الترتيب الزمنى لأنبياء الله وأعمارهم ج ١٠ – نبي الله إسحق عليه السلام – الغلام العليم الذي بَشرت الملائكة به إبراهيم الخليل عليه السلام.

النبي إسحاق عليه السلام من أنبياءِ الله تعالى، وهو ابن النبيِّ إبراهيم -عليهما السلام- من زَوجتهِ سَارة، وهو والدُ النبيِّ يعقوب وأخوه النبيُّ إسماعيلُ -عليهم السلام أجمعين- ومَعنى إسحاق "الضَّحوكُ"، وقيلَ: سُمِّيَ بإسحاق لأنَّ أمَّه ضحكَت عندما بشَّرتها الملائكة بأنَّها حامل به.
وقد كانت البشارة بمولده من الملائكة لإبراهيم وسارة، لما مروا بهم ذاهبين إلى مدائن قوم لوط، ليدمروها عليهم لكفرهم وفجورهم.
{وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} (سورة هود، الآية 71)
سيرته
لا يذكر القرآن غير ومضات سريعة عن إسحاق. كان ميلاده معجزة، من أم كانت قد طعنت في السن، وآيست من الحمل، قيل كان عمرها يوم بشرت به ٨٧ أو ٩٠ عاماُ، وزوجها شيخ كبير، بشرتهما الملائكة به.
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآيات: يخبر تعالى أنه وهب لإبراهيم إسحاق، بعد أن طَعَن في السن، وأيس هو وامرأته "سارة" من الولد، فجاءته الملائكة وهم ذاهبون إلى قوم لوط، فبشروهما بإسحاق، فتعجبت المرأة من ذلك، وقالت:{ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ* قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} (سورة هود، الآيتين ٧٢- ٧٣) وبشروه بميلاده وبنبوته، وبأن له نسلا وعَقِبا، كما قال: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} ( سورة الصافات، الآية  ١١٢)، وهذا أكمل في البشارة، وأعظم في النعمة، وقال: { وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} (هود، الآية ٧١) أي: ويولد لهذا المولود ولد في حياتكما، فتقر أعينكما به كما قرت بوالده، فإن الفرح بولد الولد شديد لبقاء النسل والعقب، ولما كان ولد الشيخ والشيخة قد يتوهم أنه لا يَعْقب لضعفه، وقعت البشارة به وبولده باسم "يعقوب"، الذي فيه اشتقاق العقب والذرية، وكان هذا مجازاة لإبراهيم عليه السلام، حين اعتزل قومه وتركهم، ونزح عنهم وهاجر من بلادهم ذاهبا إلى عبادة الله في الأرض، فعوضه الله عَزَّ وجل، عن قومه وعشيرته بأولاد صالحين من صلبه على دينه، لتقر بهم عينه، كما قال تعالى: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا} (سورة مريم، الآية  ٤٩)، وقال هاهنا:: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (سورة الأنعام، الآية ٨٤)، وقد جاء ميلاد إسحق بعد سنوات من ولادة أخيه إسماعيل من زوجة إبراهيم الثانية هاجر.
مما وصف به إسحق في القرآن:
ذكره الله في القرآن بأنه غلام عليم، قال تعالى: {قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ } (الحجر ٥٣)، وقال تعالى: { فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}(الذاريات: ٢٨)، وانه من المصطفين الأخيار: {وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ} (ص: ٤٧)، وانه من أولي الأيدي والأبصار:{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} (ص: ٤٥) وأنه من الأمة الذين يهدون بأمر الله ، قال تعالى: { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} (الأنبياء: ٧٢- ٧٣)،
فهو من أنبياء الله الصالحين وجعله الله رسولاً نبياً ومن نسله يعقوب، ومن يعقوب جاء يوسف والأسباط.
مما يستفاد من قصة إسحق عليه السلام:
تؤكدُ قصة النبي إسحاق على قدرة الله تعالى المطلقة؛ لأنَّه تعالى يفعل ما يشاء دون قيدٍ أو شرطٍ وخارج الأسباب والمسبِّبات الدنيوية.
 فعندما بشَّرت الملائكةُ سارة بالمولود قالت كما وردَ في قولِه تعالى: {قالَتْ يا ويْلَتَي أأَلِدُ وأَنَا عَجوزٌ وَهذَا بعلِي شيْخًا إنَّ هذَا لشَيْءٌ عجِيبٌ} (هود٧٢) فردَّت عليها الملائكةُ مبيِّنةً قدرة الله تعالى المطلقةَ: {قالُوا أتعْجَبِينَ منْ أمرِ اللَّهِ رحْمَتُ اللَّهِ وبرَكَاتُهُ عليْكُمْ أهلَ البَيتِ إنَّهُ حمِيدٌ مجيدٌ} (هود ٧٣) ويفيد هذا على أنَّ الإنسانَ يجب ألَّا يقطعَ الأملَ والرجاءَ من الله تعالى وأنْ يلجأَ إلى الدعاءِ موقنًا بإجابةِ الله تعالى له.
وأن شكرَ النعم واجب حقا للمنعم المتفضل، ونبي الله إبراهيم حريٌّ بأن يلهج لسانه بالشكر لما رزق بولده إسحق، قال تعالى على لسان إبراهيم الخليل: {الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} (ابراهيم: ٣٩).
وتبيِّن القصة أن النبيَّ إسحاق لم يكُن الذبيح الذي أمرَ الله نبيَّه إبراهيم بذبحِه كما تشيرُ بعضُ الأقوال، ففي قوله تعالى: "فبشَّرْنَاهُ بغلَامٍ حلِيمٍ * فلَمَّا بلَغَ معهُ السَّعيَ قالَ يا بنَيَّ إنِّي أرى في المنَامِ أنِّي أذبَحُكَ فانظُرْ ماذَا ترَى قالَ يا أبَتِ افعَلْ ما تؤْمَرُ ستَجدُنِي إنْ شاءَ اللَّهُ منَ الصَّابرينَ * فلَمَّا أسلَمَا وتَلَّهُ للجَبِينِ* ونَادَيْنَاهُ أنْ يَا إِبراهِيمُ * قدْ صدَّقتَ الرُّؤيا إنَّا كذلِكَ نَجزِي المُحسِنِينَ * إنَّ هَذا لهوَ البلَاءُ المبِينُ * وفَديْنَاهُ بذِبْحٍ عظِيمٍ * وترَكْنَا علَيْهِ في الآخِرِينَ * سلامٌ علَى إبرَاهِيمَ * كذلِكَ نجزِي المُحسِنِينَ* إنَّهُ منْ عبادِنَا المؤْمِنِينَ * وبشَّرْنَاهُ بإسحَاقَ نبِيًّا منَ الصَّالحينَ" (الصافات ١٠١ -١١٢) في هذه الآيات دلالةٌ على أنَّ النبي إسماعيل هو المقصود بالذبحِ لأنَّ الآية ( ١٠١ ) فيها البشارة { بغلَامٍ حلِيمٍ}، وهو إسماعيل عليه السلام، كما بينا من قبل أن الله لما بشر إبراهيم عليه السلام بإسحق قال:{ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ }، فالغلام العليم هو إسحق، والغلام الحليم هو إسماعيل عليهما السلام، كما أنه جاء في نهاية آيات البشرَى بولادةِ إسحاق عليه السلام،  جاءت بشرى أن إسحق عليه السلام سيكبر ويولد له ولد سماه له يعقوب.
زواجه، وأبناءه:
أوصى إبراهيم عليه السلام ابنه إسحاق ألا يتزوج إلا امرأة من أهل أبيه، فتزوج إسحق رفقة بنت ابن عمه، وكانت عاقرًا لا تنجب فدعا الله لها فحملت فولدت غلامين توأمين أحدهما اسمه العيص، والثاني يعقوب وهو نبي الله إسرائيل.

نبوته عليه السلام:
أرسل الله تعالى إسحاق عليه السلام، إلى الكنعانيين في بلاد الشام وفلسطين الذين عاش بينهم، ولم برد في القرآن أحوال إسحق مع القوم الذين أُرسل إليهم.
عمره ووفاته:
قيل إن نبي الله إسحاق عليه السلام عاش مئة وثمانين سنة، ومات في حبرون وهي قرية في فلسطين وهي مدينة الخليل اليوم في فلسطين حيث كان يسكن إبراهيم عليه السلام، ودفنه ابناه العيص ويعقوب عليه السلام في المغارة التي دفن فيها أبوه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، والتي أقيم عليها مسجد الخليل في فلسطين حاليا.