Friday 21 August 2015

تدبر آيات من القرآن العظيم – الحزب الثاني والثلاثون ج2 – أصبر واذكر ربك وأمر أهلك ؛ تحيا حياة طيبة




  



من سورة "طه" أصبر واذكر ربك وأمر أهلك ؛ تحيا حياة طيبة:

أولا:  نفي ما جاء في أن ( طه ) من أسماء رسول الله ﷺ : 

"قال الإمام النووي  في "طه" و "يس" ليستا من أسماء النبي ، وإنما هما من الحروف المقطعة التي افتتحت بها بعض سور القرآن الكريم ، إشارةً إلى إعجاز القرآن الكريم ، وأنه من نفس الحروف التي يتكلم بها العرب ، ومع هذا فقد عجزوا عن الإتيان بمثله ، مما يدل على أنه منزل من عند الله تعالى .
وقال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره سورة "طه" : من جملة الحروف المقطعة ، المفتتح بها كثير من السور ، وليست اسماً للنبي " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " وليس طه وياسين من أسماء النبي في أصح قولي العلماء، بل هما من الحروف المقطعة في أوائل السور مثل ص و ق و ن ونحوها " "مجموع الفتاوى"
لعل السبب في عد هذا الاسم من اسماء النبي ﷺ عند بعض هو استخدامه لنداء النبي وتنبيهه , وذلك بدليل ما بعده { ما انزلنا عليك القرآن لتشقى }
وغني عن البيان ان من نزل عليه القرآن هو النبي ﷺ،فالتبس عليهم الأمر بأنه نداء للنبي ﷺ.

الوقفة الأولى : عيشة الضنك والحياة الطيبة : 

قال تعالى :{ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا } ،أي ديني، وتلاوة كتابي، والعمل بما فيه، فإن له عيشا ضيقا، ومعنى ذلك أنه لا يعرض أحد عن ذكر ربه أحد إلا أظلم عليه وقته وتشوش عليه رزقه، وكان في عيشة ضنك.
وهذه الآية في الكفار ولا يصح حملها على أهل الإسلام، ودليله من الأثر ، وأيضا من سِياقً الآيات۔
أما من حيث السّياق فإنه تعالى رتّب على الإعراض عقوبةً وهي أنّ المعرض عن آيات الله يُنسى في جهنَّمَ (أي : يُترك) وأنّه تعالى قد وصفه بعدم الإيمان بآيات الله وذلك دليلُ كفره أيضًا۔
قال تعالى رادًا عليه: { قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتۡكَ ءَايَٰتُنَا فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمَ تُنسَىٰ }( سورة طه:126) وفيها أنه يترك في النار والمؤمن الموحد يخرج منها لا محالة۔
وأيضا قوله تعالى: { وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي مَنۡ أَسۡرَفَ وَلَمۡ يُؤۡمِنۢ بِ‍َٔايَٰتِ رَبِّهِۦ ۚ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبۡقَىٰٓ ١٢٧} [سورة طه:127] والمؤمن قطعا يؤمن بآيات ربّه خلافا للكفر۔
وأما من حيث الأثر، فقد قال النبي : " أتدرون ما المعيشةُ الضّنكُ؟ "، قالوا: اللّه ورسوله أعلم، قال: " "عذاب الكافر في قبره" ، وهذا نص على أنّها في الكافر خاصة۔، وليس من المفسرين من حمل الآية على الموحدين۔
وقد حكمَ الله سبحانه وتعالى بالمعيشة الضَّنك على مَن أعرضَ عن ذِكْرِه وخالفَ أمرَه واهتدى بغير هُداه ؛ فقال سبحانه : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله : " { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا}  أي: في الدنيا؛ فلا طمأنينة له ، ولا انشراح لصدره ؛ بل صدره ضيِّق حَرَج لضلاله ، وإن تنعَّم ظاهرُه ، ولَبِسَ ما شاء وأكلَ ما شاء ، وسكنَ حيث شاء ؛ فإنَّ قلبه ما لم يَخْلُص إلى اليقين والهُدى فهو في قلق وحيرة وشَكّ ، فلا يزال في ريبه يتردَّد ، فهذا من ضَنَك المعيشة "
وفسَّر بعضُ المفسِّرين المعيشة الضَّنْك بعذاب القبر ؛ كما رُويَ ذلك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ؛ فقال: " يُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ " " تفسير الطبري ".
ولعلَّ الأقرب في معنى الآية ما رجَّحَهُ بعضُ المفسِّرين من أنَّ " المعيشة الضنك عامَّة في دار الدنيا، بما يصيب المُعْرِض عن ذِكْرِ رَبِّه من الهموم والغموم والآلام ، التي هي عذاب مُعَجَّل، وفي دار البرزخ وفي الدار الآخرة ؛ لإطلاق المعيشة الضَّنْك وعدم تقييدها " " تفسير السعدي "
إذا ثبتَ هذا ؛ فلا يُسَلَّم أنَّ أهل الكفر يعيشون في طمأنينة ويقين من أمرهم مع إعراضهم عن ذِكر الله ؛ بل هُم في الحقيقة وإن تنعَّموا وضَحِكوا وأكَلوا وشربوا ما شاءوا ؛ فهم في قلق وحيرة وشَكّ - كما تقدَّم في كلام ابن كثير رحمه الله - .
وهذا معلوم في الواقع لا شك فيه ، ومشاهد ، وعلى عكس ما يظهر ، فكلما زاد ما يرى من النعيم والترف الذي يتنعم به الكافر ، فإن الأمراض النفسية والعصبية ، والقلق والهموم التى تتملكهم  وقد تصل بهم إلى الإنتحار .
واعلم أن الكافر قد يفتح الله عليه جميع أبواب الراحة والترف في الدينا ، كما قال الله تعالى : ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) ( الأنعام/44)
إلا بابين اثنين فقد خصهما الله تعالى لأهل الإيمان به ، وهما : الأمن والبركة .
فالبركة يقول الله تعالى فيها : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (الأعراف 96).
وأما الأمن فيقول الله تعالى فيه : ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (الرعد 2) .
فلا يمكن لكافر مهما وجد من أسباب النعيم والترف والسعادة أن يعيش في أمن وطمأنينة وبركة قط ، فذلك غير ممكن ، بل هو في شقاء نفسي وقلق واضطراب يضطره للعلاجات والمخدرات والأدوية  أو المصحات النفسية والعقلية .
إن هذا نتيجة الضنك الذي يعيشون فيه .
ويدلُّ على هذا الضَّنك الذي يعيشُه أهل الكفر في الدُّنيا أيضا : شهادةُ مَن أسلمَ منهم ودخلَ في هذا الدِّين العظيم ، بأنَّه كان يعيش في بؤس وشقاء وقلق وحيرة ، ويشعر الآن بسعادة وطمأنينة وراحة وحياة هادئة لا يستطيع وصفَها؛ كما قال تعالى: {  مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل 97  )
والحياة الطيبة هنا كما قال المفسرون هي السعادة ، وقيل توفيق الله العبد إلى الطاعات ، وقيل الرزق الحلال، وقيل القناعة ،وقيل هي انشراح الصدر وطمأنينة القلب، حتى ولو كان الإنسان في أشد بؤس، فإنه مطمئن القلب منشرح الصدر، مصداقا لقول النبي : "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له " رواه مسلم .

قال ابن القيم رحمه الله ( كما في مدارج السالكين ) : في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله ، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته ، وصدق معاملته ، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه ، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا ) .
وعلى هذا ؛ فالحياة الطيبة للمؤمن في الدنيا لا تنافي الابتلاء ، فليست الحياة الطيبة خاصة أن الله يفتح للمؤمن العامل للصالحات الدنيا ، ويقيه الحزن ، والفقر ، والسوء ، فالواقع يشهد بغير هذا - بل إن أولئك من أكثر الناس ابتلاء بمثل هذا
فالمسلم يعلم أن رفع الدرجات ، وتكفير السيئات : لا يمكن أن تنال إلا من خلال الصبر على الابتلاءات والامتحانات , ولذلك كان السلف يفرحون بالابتلاء ؛ لما يرجون من الثواب ، والجزاء , كما جاء في الحديث عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : " قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاَءً ؟ قَالَ : الأَنْبِيَاءُ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ الصَّالِحُونَ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُهُمْ إِلاَّ الْعَبَاءَةَ يُحَوِّيهَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلاَءِ كَمَا يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِالرَّخَاءِ" (رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه) .
وهذا الفرح غير مسألة تمني البلاء , فتمني البلاء لا يجوز ، كما جاء في الحديث عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أَوْفَى رضي الله عنهما عن رسول الله قَالَ : (أَيُّهَا النَّاسُ ، لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ) رواه البخاري ومسلم .
وقوله: {  ولعذاب الآخرة أشد} أي أفظع من المعيشة الضنك، وعذاب القبر، { وأبقى} أي أدوم وأثبت؛ لأنه لا ينقطع ولا ينقضي.
وقال مجاهد وقتادة وابن زيد في الحياة الطيبة: هي الجنة، وقاله الحسن، وقال: لا تطيب الحياة لأحد إلا في الجنة. اللهم اجعلنا من أهلها.

الوقفة الثانية : ما يعين على الصبر على المصائب والأذى :

وكما بدأت السورة بإرشادات للداعية – كما أسلفنا -، فإنها تنتهي بتوجيه من الله تعالى لنبيه الصطفى ﷺ لما يعينه على الصبر على المتاعب الدعوة ،فإنها كما قال العبد الصالح لقمان لابنه لا بد للداعية من التعرض لها : { يا بني أَقِمْ الصَّلاةَ وأْمُرء بِالْمَعْروفِ واْنْهَ عَنْ الْمُنْكَرِ واْصْبِرْ عَلَى مَا أَصابَكَ } ( لقمان 17) ، فلا بد لمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر أن يؤذي ، ولا بد له أن يصبر ،  قول تعالى هنا: { فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها}،، هذا توجيه من رب العباد لحبيبه محمد بالصبر على ما يلاقيه من تكذيب المشركين له وأذيتهم، وويرشده- وهو إرشاد لأمته أيضا - إلى ما يعينه على الصبر وتحمل الأذى ، والمصائب والإبتلاءات ألا وهو الذكر وخصه بالتسبيح وتنزيه ربه ، وخص الله تعالى أوقات فاضلة من النهار والليل بالذكر، فقال قبل طلوع الشمس وهو وقت الفجر ، وقبل الغروب وهو وقت العصر { ومن آناء الليل فسبح} أي من ساعته فتهجد به، وحمله بعضهم على المغرب والعشاء، { وأطراف النهار} في مقابلة آناء الليل، أي أوقات النهار، والذكر الذي أرشد الله تعالى صفيه محمد إليه ليكون معينا له على الصبر يحتمل كل معاني الكلمة ، فهي الذكر المطلق من قراءة للقرآن وهو أجلَّه ،  والتسبيح والتحميد ..، وهو الصلاة ،  وهي أخص الذكر ، وكان نبينا الكريم إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة ، ويقول " أرحنا بالصلاة يا بلال " فالصلاة راحة للجسد الروح والفؤاد، قال أكثر المتأولين للقرآن: هذه الأوقات هي إشارة إلى الصلوات المفروضة الخمس.
وقالت فرقة : المراد بالآية صلاة التطوع؛ وعليه فـ { آناء الليل} ساعاته، ففي أي ساعة قمت من الليل فسبح وصل واذكر ربك لتطمئن وترضى ، ولذلك قال ربنا بعدها { لعلك ترضى}  بفتح التاء؛ أي لعلك تثاب على هذه الأعمال بما ترضى به، فيكون الرضى في الآخرة على هذا التأويل ، ولا خلاف في هذا ، وأزيد أن إرشاد الله تعالى للتسبيح معينا على الصبر، يوحي بان الرضى أيضا في الدنيا ، فمن لزم الذكر والصلاة منشرحا قلبه وفكره لها فكيف يجزع أو ييأس ؟؟ أما قال ربنا { إنَّ الإنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً * أذا مَسَّهُ الشَّر جَزُوعا * وإذا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعاً * إلاَّ الْمُصَليِّن* الْذِين هُمْ عَلىَ صَلاتِهِمْ دائمون }؟( المعارج  19-23)
وبفضل الصلاة والذكر في هذه الأوقات خاصة ، جاء في الصحيحين قوله : "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تُضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا" ثم قرأ هذه الآية، وقال رسول اللّه : "لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" (رواه مسلم). وفي الحديث الصحيح: "إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة، ينظر إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناه، وإن أعلاهم منزلة لمن ينظر إلى اللّه تعالى في اليوم مرتين" (الحديث أخرجه الإمام أحمد ورواه أصحاب السنن عن عبد اللّه بن عمر)، وقوله: {لعلك ترضى} ، كما قال تعالى: { ولسوف يعطيك ربك فترضى} ، وفي الصحيح: "يقول اللّه تعالى: يا أهل الجنة فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: ربنا وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك؟ فيقول: إني أعطيكم أفضل من ذلك، فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً"

الوقفة الثالثة : مسئولية رب الأسرة عن أهل بيته : 

قال تعالى:{ وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} أي استنقذ أهلك، ومن هم تحت رعايتك  ومسئوليتك، من عذاب اللّه بإقام الصلاة واصبر أنت على فعلها،
 فالأبناء هم مسئولية الوالدين في التربية والإصلاح ، كما قال النبي الكريم فيقول : ( كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) رواه البخاري . فإن الأبناء عطاء رباني كريم يستوجب الشكر ، لا باللسان وحده ، ولكن بما هو أعمق وأبلغ ، وهو إحسان تربيتهم على ما يرضي الله تعالى ، ويجعلهم صالحين  مصلحين ، وبذلك يكونون حقاً قرة أعين ، كما هو مطلب عباد الرحمن المؤمنين :{ والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما..} ( الفرقان 74 )  وإنما تقر الأعين بصلاحهم وطاعتهم لله تعالى. وكما قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا}، ولا سبيل لوقاي الأهل والأولاد ة من النار إلا بحمايتهم من كل ما يؤدي بهم إلى الانحرافات والضلالات والمعاصي، ولا يكون ذلك إلا بالتربية الإسلامية الصحيحة ، والتي من أساسها الأمر بالصلاة فهي سبيل الإستقامة ، والطريق إلى تزكية النفس، وإلى أن تجعلهم من أهل الإيمان والتقوى والاستقامة .
 وقوله: { لا نسألك رزقا نحن نرزقك} يعني إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب، كما قال تعالى: { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب} ، وقال الثوري: لا نسألك رزقاً: أي لا نكلفك الطلب. وقال ابن أبي حاتم، عن ثابت قال: " كان النبي ﷺ إذا أصابه خصاصة نادى أهله يا أهلاه صلوا، صلوا." قال ثابت: وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة. وقال رسول اللّه : "يقول اللّه تعالى يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلاً ولم أسدّ فقرك" ""الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة"". وعن زيد بن ثابت قال، سمعت رسول اللّه يقول: "من كانت الدنيا همه فرق اللّه عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع له أمره، وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة".

نسأل الله تعالى أن يُثبِّتنا على الحقِّ حتى نلقاه ، آمين .
اللهم إنا نسألك عيشة هنية ، وميتةً سوية ، ومردا غير مخزي ولا فاضح
 اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى