Friday 22 January 2016

تفسير مختصر - وربط للآيات - وبيان المتشابهات - سورة محمد ج 3

 

 


 

سورة "محمد" ج 3

التفسير: 

قوله تعالى: { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } أي: فهلا يتدبر هؤلاء المعرضون لكتاب الله، ويتأملونه حق التأمل، فإنهم لو تدبروه، لدلهم على كل خير، ولحذرهم من كل شر، ولملأ قلوبهم من الإيمان، وأفئدتهم من الإيقان، ولأوصلهم إلى المطالب العالية، والمواهب الغالية، ولبين لهم الطريق الموصلة إلى الله، وإلى جنته ومكملاتها ومفسداتها ، وهذا أمر من الله تعالى في صيغة التعجب، لعباده بتدبر القرآن وتفهمه، وناهيا عن الإعراض عنه، فقال: { أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } أي:بل إن حال الهاجرين للقرآن المعرضين عنه أن على قلوبهم أقفالها، فهي مُطْبَقَة لا يخلص إليها شيء من معانيه.
قال ابن جرير:عن هشام بن عروة، عن أبيه قال:تلا رسول الله يوما: { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } ، فقال شاب من أهل اليمن:بل عليها أقفالها حتى يكون الله عز وجل يفتحها أو يفرجها. فما زال الشاب في نفس عمر رضي الله عنه - أي  يذكره عمر في نفسه لنباهته-  حتى ولي عمر الخلافة، فاستعان به .
وأصل القفل: اليبس والصلابة، يقول القرطبي : فالأقفال هنا إشارة إلى إرتياج القلب وخلوه عن الإيمان، أي: فلا يدخل قلوبهم الإيمان، ولا يخرج منها الكفر؛ لأن الله طبع على قلوبهم، وقال: { عَلَى قُلُوبٍ }؛ لأنه لو قال: على قلوبهم لم يدخل قلب غيرهم في هذه الجملة، والمراد: أم على قلوب هؤلاء وقلوب من كانوا بهذه الصفة أقفالها؟! وهذا الاستفهام قيل: إنه للإنكار، وقيل أيضا
ثم قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ }  أي:فارقوا الإيمان ورجعوا إلى الكفر، {ِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ } أي:زين لهم ذلك وحسنه، { وَأَمْلَى لَهُمْ } أي:غرهم وخدعهم، { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نـزلَ اللَّه} ُ قالوا واتفقوا مع المبارزين بالعداوة لله ولرسوله قالوا لهم { سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمْرِ } أي:مالئوهم وناصحوهم واتفقوا معهم في الباطن على الباطل،  وعلى الصد عن سبيل الله ، وهذا شأن المنافقين يظهرون خلاف ما يبطنون.
فبين الله عز وجل أنه عالم بهم: { وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } أي: يعلم ما يسرون وما يخفون، الله مطلع عليه وعالم به ، فلذلك فضحهم، وبينها لعباده المؤمنين، لئلا يغتروا بها.
ثم يقول تعالى محذرا من حال أن يكون هؤلاء : { فَكَيْفَ } أي فكيف تكون حالهم الشنيعة، ورؤيتهم الفظيعة { إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَة } الموكلون بقبض أرواحهم، { يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } ضاربين، فهو في موضع الحال. ومعنى الكلام التخويف والتهديد، أي إن تأخر عنهم العذاب فإلى حين انقضاء العمر تضربهم الملائكة الموكلين بقبض أرواحهم بالمقامع الشديدة؟! وقال ابن عباس: لا يتوفى أحد على معصية إلا بضرب شديد لوجهه وقفاه. وقيل: ذلك عند القتال نصرة لرسول الله ، بضرب الملائكة وجوههم عند الطلب وأدبارهم عند الهرب. وقيل: ذلك في القيامة عند سوقهم إلى النار.
وقوله تعالى: {ذَلِكَ بـأنهم اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ }  اي هذا العذاب استحقوه بسبب اتبعوا ما كره الله من كل كفر وفسوق وعصيان، وليس هذا فقط بل : { وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ } فلم يكن لهم رغبة فيما يقربهم إليه، ولا يدنيهم منه، { فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ } أي: أبطلها وأذهبها، وهذا بخلاف من اتبع ما يرضي الله وكره سخطه، فإنه سيكفر عنه سيئاته، ويضاعف أجره وثوابه.
يقول تعالى: { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ } من شبهة أو شهوة، بحيث تخرج القلب عن حال يقينه بربه، أن الله لا يخرج ما في قلوبهم من الأضغان والعداوة للإسلام وأهله؟ هذا ظن لا يليق بحكمة الله، فإنه لا بد أن يميز الصادق من الكاذب، وذلك بالابتلاء بالمحن، التي من ثبت عليها، ودام إيمانه فيها، فهو المؤمن حقيقة، ومن ردته على عقبيه فلم يصبر عليها، وحين أتاه الامتحان، جزع وضعف إيمانه، وخرج ما في قلبه من الضغن، وتبين نفاقه، وهذا مقتضى الحكمة الإلهية.
والله  تعالى قادر على أن يبينهم للنبيه:  { وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ } أي: بعلاماتهم التي هي كالوسم في وجوههم. { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ } أي: لا بد أن يظهر ما في قلوبهم، ويتبين بفلتات ألسنتهم، فإن الألسن مغارف القلوب، يظهر منها ما في القلوب من الخير والشر { وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ } فيجازيكم عليها.
ثم ذكر أعظم امتحان يمتحن به عباده، وهو الجهاد في سبيل الله، فقال: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ } أي: نختبر إيمانكم وصبركم، { حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ } فمن امتثل أمر الله وجاهد في سبيل الله لنصر دينه وإعلاء كلمته فهو المؤمن حقا، ومن تكاسل عن ذلك، كان ذلك نقصا في إيمانه.
لا شك أنَّ ربنا عالم بالشيء قبل وقوعه وهو الذي كتب كل شيء لكنه هو يقصد العلم الذي يتعلق به الجزاء، ربنا يجازي الشخص على عمله لا على علمه فقط، يعلم ويعمل ويجازيه. هذا العلم الذي يتعلق به الجزاء وهو في القرآن كثير {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ } ( الحديد 25) ثم يحذر الله تعالى هذه الفئة  { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } هذا وعيد شديد لمن جمع أنواع الشر كلها، من الكفر بالله، وصد الخلق عن سبيل الله الذي نصبه موصلا إليه. { وَشَاقُّوا الرَّسُولَ } أي عادوه وخالفوه عن عمد وعناد لا عن جهل وضلال ، وقد بين هذا المعنى في قوله: { مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى}  أي علموا أنه نبي بالحجج والآيات، { لن يضروا الله شيئا }  بكفرهم فلا ينقص بكفرهم من ملكه تعالى شيئا ، {  وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ } أي: يُذهب مساعيهم التي بذلوها في نصر الباطل هباءً، بأن لا تثمر لهم إلا الخيبة والخسران، وأعمالهم التي يرجون بها الثواب، لا تقبل لعدم وجود شرطها.
ثم قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ }
يأمر تعالى المؤمنين بأمر به يتم صلاح أمورهم، وتحصل سعادتهم الدينية والدنيوية، وهو: طاعته سبحانه ،وطاعة رسوله في أصول الدين وفروعه، والطاعة هي امتثال الأمر، واجتناب النهي على الوجه المأمور به بالإخلاص وتمام المتابعة. وقوله: { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } يشمل النهي عن إبطالها إما بعد عملها، بما يفسدها، مِنْ مَنٍّ بها وإعجاب، وفخر وسمعة، ومن عمل بالمعاصي التي تضمحل معها الأعمال، ويحبط أجرها، ويشمل النهي عن إفسادها حال وقوعها بقطعها، أو الإتيان بمفسد من مفسداتها.
وعن أبي العالية كانوا يرون أنه لا يضر مع الإسلام ذنب، حتى نزلت هذه الآية فخافوا الكبائر أن تحبط الأعمال. وقال مقاتل: يقول الله تعالى إذا عصيتم الرسول فقد أبطلتم أعمالكم.
فائدة فقهية من الآية :

من قوله تعالى:{ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ }  ينهى الله تعالى عن إبطال الأعمال ، وهو نهي عام ، يشمل النهي عن إبطال العبادات كالصلاة بعد أدائها أو الشروع في أدائها، فقالوا بتحريم قطع صلاة الفرض، وكراهة قطع النفل،  ومثلها الصيام والحج ونحوها، كلها داخلة في هذا، ومنهي عنها.
 ويستدل الفقهاء بهذه الآية على تحريم قطع الفرض، وكراهة قطع النفل ، من غير موجب لذلك ، وإذا كان الله قد نهى عن إبطال الأعمال، فهو أمر بإصلاحها، وإكمالها وإتمامها، والإتيان بها، على الوجه الذي تصلح به علما وعملا.
وقال من أجاز ذلك - وهو الإمام الشافعي وغيره - : المراد بذلك إبطال ثواب العمل المفروض، فنهى الرجل عن إحباط ثوابه. فأما ما كان نفلا فلا، لأنه ليس واجبا عليه.وإن التطوع يقتضي التخبير. 

قوله تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ }  هذه الآية والتي في سورة  البقرة قوله: { وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } مقيدتان، لكل نص مطلق، فيه إحباط العمل بالكفر، فإنه مقيد بالموت عليه، أي أنه من ارتد عن الإسلام إلى الكفر ، ومات على ردته ، فهو كافر ولن يغفر الله له ، ولكن من ارتد عن الإسلام ولم يمت حتى عاد مسلما فإن الله غفور رحيم ،  فقال هنا: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ }  بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر { وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ }  وصدوا خلق الله عن عبادة ربهم ، وذلك بتزهيدهم إياهم بالحق، ودعوتهم إلى الباطل، وتزيينه،قال: { ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ}  لم يتوبوا منه، { فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } لا بشفاعة ولا بغيرها، لأنه قد تحتم عليهم العقاب، وفاتهم الثواب، ووجب عليهم الخلود في النار، وسدت عليهم رحمة الرحيم الغفار.
ومفهوم الآية الكريمة أنهم إن تابوا من ذلك قبل موتهم، فإن الله يغفر لهم ويرحمهم، ويدخلهم الجنة، ولو كانوا قد أفنوا أعمارهم في الكفر به والصد عن سبيله، والإقدام على معاصيه، فسبحان من فتح لعباده أبواب الرحمة، ولم يغلقها عن أحد، ما دام حيا متمكنا من التوبة. وسبحان الحليم، الذي لا يعاجل العاصين بالعقوبة، بل يعافيهم، ويرزقهم، كأنهم ما عصوه مع قدرته عليهم.
قوله تعالى: { فَلا تَهِنُوا}  أي تضعفوا عن القتال. والوهن: الضعف وقد وهن الإنسان ووهنه غيره،  وقوله تعالى: { وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ}  أي الصلح. { وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ } أي وأنتم أعلم بالله منهم. وقيل: وأنتم الأعلون في الحجة. وقيل: المعنى وأنتم الغالبون لأنكم مؤمنون وإن غلبوكم في الظاهر في بعض الأحوال. وقال قتادة: لا تكونوا أول الطائفتين ضرعت إلى صاحبتها.
 { وَاللَّهُ مَعَكُمْ } أي بالنصر والمعونة، مثل: { وإن الله لمع المحسنين } [ العنكبوت 69 ] : { وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ } أي لن ينقص أعمالكم، أو يحبطها ويبطلها ويسلبكم إياها، بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئا.
في اللغة: 

 عن ابن عباس وغيره. ومنه الموتور الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه، تقول منه: وتره يتره وترا وترة. ومنه قوله : " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " أي ذهب بهما. وكذلك وتره حقه أي نقصه .

قوله تعالى: { إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ}  أصل الدنيا ذلك وكل ما فيها هو لهو ولعب، لعب في الأبدان ولهو في القلوب، إلا ما كان منها لله عز وجل؛ ، فلا يزال العبد لاهيا في ماله، وأولاده، وزينته، ولذاته من النساء، والمآكل والمشارب، والمساكن ، لاعبا في كل عمل لا فائدة فيه، حتى تستكمل دنياه، ويحضره أجله، فإذا الدنيا قد ولت وفارقت، ولم يحصل العبد منها على طائل، بل قد تبين له خسرانه وحرمانه ولهذا قال: { وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ } أي:هو غني عنكم لا يطلب منكم شيئا، وإنما فرض عليكم الصدقات من الأموال مواساة لإخوانكم الفقراء، ليعود نفع ذلك عليكم، ويرجع ثوابه إليكم. وقوله تعالى:{ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا }  شرط وجوابه. { يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ }  أي لا يأمركم بإخراج جميعها في الزكاة، بل أمر بإخراج البعض، قاله أين عيينة وغيره. وقيل: { وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ } لنفسه أو لحاجة منه إليها، إنما يأمركم بالإنفاق في سبيله ليرجع ثوابه إليكم. وقيل: { وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ } إنما يسألكم أمواله، لأنه المالك لها وهو المنعم بإعطائها. وقيل معناها: ولا يسألكم محمدٌ أموالكم أجرا على تبليغ الرسالة. نظيره: { قل ما أسألكم عليه من أجر } ( الفرقان: 57 )
قوله تعالى: { إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ } يلح عليكم،
في اللغة: 

يقال: أحفى بالمسألة وألحف وألح بمعنى واحد. والحفي المستقصي في السؤال، وكذلك الإحفاء الاستقصاء في الكلام والمنازعة. ومنه أحفى شاربه أي استقصى في أخذه اي: زاد أو بالغ.

قوله: { تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ } أي يخرج البخل الذي هو من أضغانكم. قال قتادة: قد علم الله أن في سؤال المال خروج الأضغان.  
قوله تعالى: { هَا أَنتُمْ هَـؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ } أي ها أنتم هؤلاء أيها المؤمنون تدعون { لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ}  أي في الجهاد وطريق الخير. { فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ }  أي على نفسه، أي يمنعها الأجر والثواب. { وَاللَّـهُ الْغَنِيُّ }  أي إنه ليس بمحتاج إلى أموالكم. { وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ } إليه سبحانه ، وتحتاجون أموالكم، { وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم } في التولي،  أي أطوع لله منكم. روى الترمذي عن أبى هريرة قال: تلا رسول الله هذه الآية { وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم }  قالوا: ومن يستبدل بنا؟ قال: فضرب رسول الله على منكب سلمان ثم قال: "  هذا وقومه. هذا وقومه " قال: حديث غريب في إسناده مقال. بل يطيعون الله ورسوله ، ويحبون الله ورسوله ، كما قال تعالى:{  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ }
قال الطبري: أي لا يكونوا على أمثالكم في البخل بالإنفاق في سبيل الله.
ختمت السورة بحمد الله وعونه، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الأطهار.
اللهم إنّا نسألك رضاك والجنة ، ونعوذ بك من سخطِك والنّار