تابع: تفسير سورة الإسراء-ح٧
قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا.)( ( 70
قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) لَمَّا ذَكَرَ مِنَ التَّرْهِيبِ مَا ذَكَرَ بَيَّنَ النِّعْمَةَ عَلَيْهِمْ أَيْضًا. "كَرَّمْنا" تَضْعِيفُ كَرَمَ، أَيْ جَعَلْنَا لَهُمْ كَرَمًا أَيْ شَرَفًا وَفَضْلًا. وَهَذَا هُوَ كَرَمُ نَفْيِ النُّقْصَانِ لَا كَرَمَ الْمَالِ. وَهَذِهِ الْكَرَامَةُ يَدْخُلُ فِيهَا خَلْقُهُمْ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ فِي امْتِدَادِ الْقَامَةِ وَحُسْنِ الصُّورَةِ، وَحَمْلُهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ مِمَّا لَا يَصِحُّ لِحَيَوَانٍ سِوَى بَنِي آدَمَ أَنْ يَكُونَ يَتَحَمَّلُ بِإِرَادَتِهِ وَقَصْدِهِ وَتَدْبِيرِهِ. وَتَخْصِيصِهِمْ بما خصَّهُمْ بِهِ مِنَ الْمطاعمِ وَالْمشاربِ وَالْملَابِسِ، وهذَا لَا يَتَّسِعُ فيهِ حيوانٌ اتِّساع بَنِي آدم، لِأَنَّهُمْ يكْسبون الْمَالَ خَاصَّةً دونَ الْحيوان، ويلْبسونَ الثِّيَاب وَيَأْكُلُون الْمركَبَات مِن الْأطْعمةِ. وَغَايَة كلِّ حيوانٍ يأْكل لحمًا نيئا أو طعاما مما ينبت في الأرض،ومن التَّفْضِيلَ هُوَ أَنْ يَأْكُلَ بِيَدِهِ وَسَائِرُ الْحَيَوَانِ بِالْفَمِ. كما قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) ﴿التين ٤﴾
(وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) أي على الدواب من الأنعام والخيل والبغال وفي ( َالْبَحْرِ) أيضا على السفن الكبار والصغار.
(وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ) أي من زروع وثمار ولحوم وألبان من سائر أنواع الطعوم والألوان المشتهاة اللذيذة والمناظر الحسنة والملابس الرفيعة من سائر الأنواع على اختلاف أصنافها وألوانها وأشكالها مما يصنعونه لأنفسهم ويجلبه إليهم غيرهم من أقطار الأقاليم والنواحي
(وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) أي من سائر الحيوانات وأصناف المخلوقات .والحديث يراد به امتنان الرب سبحانه وتعالى علينا بهذه النعم، ويراد به أن يكون عليهم؛ أفلا يشكرون؟ والمراد بهذا ؛ أن من تعرَّف على نعم الله، وما يدفع عنا من النقم، فلا يجوز لهم أن تحجبهم النعم عن المنعم، فيشتغلوا بها عن عبادة ربهم، ولكن والعياذ بالله ربما استعانوا بها على معاصيه.
ومن المرئي نقول أنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَ فِي بَعْضِ الْأحيان خصالًا يَفْضل بِهَا غير ابْنَ آدم أَيْضا، كَجَرْيِ الْفَرسِ وَسمْعِه وَإِبْصارِهِ، وَقُوَّة الْفِيل وَشجاعَة الْأَسَد وَكَرَمِ الدِّيكِ. وَعليه فالأولى أن يقال:إِنَّمَا التَّكْرِيمُ وَالتَّفْضِيلُ بِالْعَقْلِ الذي حباه الله لابن آدم.
وقد استدل البعض بهذه الآية على أفضلية جنس البشر على جنس الملائكة، عن زيد بن أسلم قال قالت الملائكةُ يا ربَّنا، إنك أَعطيتُ بني آدمَ الدُّنيا، يأكلون ويتمتَّعونَ، ولم تُعْطِنا ذلك فأَعْطِناه في الآخرةِ. فقال اللهُ: "وعزَّتي وجلالي لا أجعلُ صالحَ ذُرِّيَّةِ مَن خلقتُ بيديَّ، كمن قلتُ له: كُنْ، فكان " ( ضعفه الألباني وهو حديث مرسل من هذا الوجه وقد روي من وجه آخر متصلا)
وقال الطبراني حدثنا عبدان بن أحمد بسنده عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: " ما من شيءٍ أكرمُ على اللهِ جلَّ ذكرُه يومَ القيامةِ من بني آدمَ قيل يا رسولَ اللهِ ولا الملائكةُ قال: ولا الملائكةُ إن الملائكةَ مجبورونَ بمنزلةِ الشمسِ والقمرِ مجبورون" (وهذا حديث غريب وضعفة الألباني في السلسلة الضعيفة)
يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿٧١﴾
يخبر تبارك وتعالى عن يوم القيامة أنه يحاسب كل أمة بإمامهم
وقد اختلفوا في ذلك فقال مجاهد وقتادة أي بنبيهم وهذا كقوله : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) ( يونس ٤٧) .
وقال بعض السلف هذا أكبر شرف لأصحاب الحديث لأن إمامهم النبيﷺ، وقال ابن زيد : بكتابهم الذي أنزل على نبيهم من التشريع.
عن ابن عباس في قوله : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ) أي بكتاب أعمالهم ، وهذا القول هو الأرجح لقوله تعالى: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ) (يس ١٢) وقال تعالى (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) (الكهف ٤٩)
وقال تعالى : (وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ۚ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٢٨﴾ هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) ﴿٢٩﴾ (الجاثية) .
وهذا لا ينافي أن يجاء بالنبيﷺ إذا حكم الله بين أمته فإنه لا بد أن يكون شاهدا عليها بأعمالها كما قال : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (الزمر ٦٩) ، وقال: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا) (النساء ٤١) .
ولكن المراد هاهنا بالإمام هو كتاب الأعمال ولهذا قال تعالى : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ) أي من فرحته وسروره بما فيه من العمل الصالح يقرؤه ويحب قراءته كما قال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ) ﴿١٩﴾ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ﴿٢٠﴾ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴿٢١﴾ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴿٢٢﴾ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ﴿٢٣﴾ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴿٢٤﴾ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ ﴿٢٥﴾ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ﴿٢٦﴾ (الحاقة ).
وقوله : (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ) قد تقدم أن الفتيل هو الخيط المستطيل في شق النواة
وقد روى الحافظ أبو بكر البزار حديثا :عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ في قول الله (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ) قال: ( يُدْعَى أحدُهم ، فَيُعْطَى كتابَه بيمينِه ، ويُمَدُّ له في جسمِه سِتُّون ذِراعًا ، ويُبَيَّضُ وجهُه ، ويُجْعَلُ على رأسِه تاجٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ يَتَلأْلَأُ، فيَنْطَلِقُ إلى أصحابِه، فَيَرَوْنَه مِنْ بعيدٍ، فيقولون: اللهم! ائْتِنا بِهذا، وبارِكْ لنا في هذا، حتى يأتِيَهُم، فيقولُ: أَبْشِروا ، لِكُلِّ رَجُلٍ منكم مِثْلُ هذا. وأما الكافِرُ؛ فَيُسَوَّدُ وَجْهُهُ، ويُمَدُّ له في جِسمِه سِتونَ ذِراعًا على صورةِ آدمَ، فَيُلْبَسُ تاجًا ، فيَراه أصحابُه ، فيقولونَ : نعوذُ باللهِ مِنْ شَرِّ هذا ، اللهم ! لا تأتِنا بهذا ، قال : فيأتِيهِم فيقولونَ : اللهم ! أَخْزِهِ ، فيقولُ : أَبْعَدَكُمُ اللهُ ؛ فإنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ منكم مِثْلَ هذا ) ثم قال البزار لا يروى إلا من هذا الوجه (وضعفة الألباني)
{وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا) ﴿٧٢﴾
{ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ } الدنيا { أَعْمَى } عن الحق فلم يقبله، ولم ينقد له، وعن حجج الله وآياته وبيناته بل اتبع الضلال. {فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى} عن سلوك طريق الجنة كما لم يسلكه في الدنيا، {وَأَضَلُّ سَبِيلًا } وأضل منه كما كان في الدنيا ،فإن الجزاء من جنس العمل، كما تدين تدان.وفي هذه الآية دليل على أن كل أمة تدعى إلى دينها وكتابها، هل عملت به أم لا؟
وأن الله لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه ومخالفته لها.
وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ۖ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ﴿٧٣﴾ يذكر تعالى منته على رسوله محمد ﷺ وحفظه له من أعدائه الحريصين على فتنته بكل طريق، فقال: { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا } أي: قد كادوا لك أمرًا لم يدركوه، وتحيلوا لك، على أن تفتري على الله غير الذي أنزلنا إليك، فتجيء بما يوافق أهواءهم، وتدع ما أنزل الله إليك.
{وَإِذَا } لو فعلت ما يهوون { لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا } أي حبيبًا صفيًا، أعز عليهم من أحبابهم، لما جبلك الله عليه من مكارم الأخلاق، ومحاسن الآداب، المحببة للقريب والبعيد، والصديق والعدو.
وهذه الآية تثبيت للنبي ﷺ، وتطييب خاطره، يقول له تعالى: لست أنت الغير مرغوب فيه أن يتبع، بل أمرك لهم بعبادة الله وحدة هو ما أثارهم عليك، ولو اتبعت أهواءهم { لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا }، فلا تحزن أنهم لم يعادوك وينابذوك العداوة، إلا للحق الذي جئت به لا لذاتك، كما قال الله تعالى { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ }
ويقول تعالى: (وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا) ﴿٧٤﴾
يخبر تعالى عن تأييده تعالى لرسوله الكريم صلوات الله عليه وسلامه، وتثبيته، وعصمته وسلامته من شر الأشرار وكيد الفجار، وأنه تعالى هو المتولي أمره ونصره ، وأنه لا يكله إلى أحد من خلق، بل هو وليه وحافظه وناصره ومؤيده ومظفره، ومظهر دينه على من عاداه وخالفه ونآه، في مشارق الأرض ومغاربها، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
العصمة في اللغة :هي بمعنى الحفظ والوقاية ؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) ﴿المائدة٦٧﴾
وفي المصطلح العقائدي وعند علماء الكلام هي ملكة اجتناب المعاصي والخطأ. وهي من المفاهيم القرآنية، حيث وردت لفظة العصمة ومشتقاتها في القرآن الكريم في ثلاثة عشر موضع. يعتقد جميع المسلمين بعصمة الأنبياء بمعنى أن الله حفظ أنبيائه ورسله من الوقوع في الذنوب والمعاصي، وارتكاب المنكرات والمحرمات.
ويتفرد الأنبياء بأنهم معصومون في التبليغ: أي أنهم يبلغوا عن ربهم بغير نقص أو تغيير، أو تحويل، وفلا ينسون ما يؤمرون، وقد ينسى أحدهم أمر من أمور الدنيا يريد عمله، ولا ينسى ولا يخاف ولا يستحي من التبليغ. سبق أن بيان ذلك في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ.......)
(إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) ﴿٧٥﴾
{ إذًا } لو ركنت إليهم بما يهوون { لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} أي لأصبناك بعذاب مضاعف ، في الحياة الدنيا والآخرة ، وذلك لكمال نعمة الله عليك ، وكمال معرفتك. {ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا } ينقذك مما يحل بك من العذاب، ولكن الله تعالى عصمك من أسباب الشر، ومن البشر فثبتك وهداك الصراط المستقيم، ولم تركن إليهم بوجه من الوجوه، فله عليك أتم نعمة وأبلغ منحة.
فالله لا يكله إلى أحد من خلقه، بل هو وليه وحافظه وناصره ومؤيده ومظفره، ومظهر دينه على من عاداه ومن خالفه، في مشارق الأرض ومغاربها.