Tuesday 10 January 2017

الدعاء في القرآن الكريم - المقدمة 2 - تابع : آداب الدعاء

 






الدعاء في  القرآن الكريم- المقدمة 2– تابع-الدعاء آدابه .

نكمل ما بدأنا من الحديث عن آداب الدعاء ، والتي هي من موجبات استجابة الدعاء كما لاحظتم أثناء استعراض ما تحدثنا عنه من الآداب السابقة، ونكمل: ومن آداب الدعاء:

11- النهي عن من تحجر واسعًا :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى الصَّلَاةِ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ :اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ:" لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا "- يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ واسعة وأنت ضيقت - ( البخاري )
قوله : " لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا ": بصيغة الخطاب من باب تفعل، أي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به نفسك دون غيرك . وأصل الحجر المنع ، ومنه الحجر على السفيه .

12- عزم المسألة ، وعلو الهمة في الدعاء:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ:" لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ إِذَا دَعَا : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ ، لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ ، فَإِنَّهُ لاَ مُكْرِهَ لَهُ." ( البخاري )
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ :" إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلاَ يَقُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى إِنْ شِئْتَ ،وَلَكِنْ لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ."  ( البخاري )
قَالَ الْعُلَمَاء : عَزْم الْمَسْأَلَة الشِّدَّة فِي طَلَبهَا ، وَالْجَزْم مِنْ غَيْر ضَعْف فِي الطَّلَب ، وَلَا تَعْلِيق عَلَى مَشِيئَة وَنَحْوهَا ، وَقِيلَ : هُوَ حُسْن الظَّنّ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي الْإِجَابَة، قَالَ الْعُلَمَاء : سَبَب كَرَاهَته التَّعْلِيق عَلَى الْمَشِيئَة أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّق اِسْتِعْمَال الْمَشِيئَة إِلَّا فِي حَقِّ مَنْ يَتَوَجَّه علَيْهِ الْإِكْرَاه ، ولا مُكره لله ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْله فِي آخِر الْحَدِيث : فَإِنَّهُ لَا مُسْتَكْرِه لَهُ.
وفي الحديث أيضا قوله : وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ."  يعني أن يسأل الله ما يستعظم في نفسه ، فالله تعالى أعظم وأكرم ، فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ :" إِذَا سَأَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيُكْثِر، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ رَبَّهُ". ( أخرجه ابن حبان في صحيحه )
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ : " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ ، أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ ".( البخاري )

13-إلا يتعدي في الدعاء :

عَنْ أَبِي نَعَامَةَ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُغَفَّلٍ سَمِعَ ابْنَهُ يَقُولُ :" اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْقَصْرَ الأَبْيَضَ ، عَنْ يَمِينِ الْجَنَّةِ , إِذَا دَخَلْتُهَا ، فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، سَلِ اللَّهَ الْجَنَّةَ , وَتَعَوَّذْ بِهِ مِنَ النَّارِ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ  يَقُولُ:إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطَّهُورِ وَالدُّعَاءِ." ( رواه أحمد وابن ماجة وابن حبان – صحيح الجامع)
وقال ابن القيم – رحمه الله - وقوله تعالى: " إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " والاعتداء في الدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من الإعانة على المحرمات، وتارة بأن يسأل ما لا يفعله الله – لأنه ليس من سنن الله في خلقه التي أرادها -مثل من يسأله تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله من يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام والشراب، أو يسأله من يطلعه على غيبه، أو يساأله من يجعله من المعصومين ، أو يسأله من يهب له ولدًا من غير زوجة ولا أمة، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء فكل سؤال يناقض حكمة الله أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، فهو اعتداء لا يحبه الله ولا يحبه رسوله .وفسر أيضاً الاعتداء برفع الصوت في الدعاء .
ويؤيده ما ورد وعَنْ عَبْد اللهِ ، قَالَ : قَالَث أمُّ حَبيبَةَ - زَوْجُ النًّبِيَّ - : اللهُمَّ ! أمْتِعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللهِ ، وَبِأبِي أبِى سُفْيَانَ ، وَبِأخِي مُعَاوِيَةَ .قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ : " قَدْ سَألتِ اللهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَة ، وَأيَّامٍ مَعْدُودَة ، وَأرْزَاق مَقْسُومَة ، لَنْ يُعَجِّلَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ ، أوْ يُؤخِّرَ شَيْئًا عَنْ حِلِّه ، ً وَلَوْ كُنْت سَألتِ اللهَ أنْ يعيذَك مِنْ عَذَاب فِي النَّار ، أو عَذَابٍ فِي القَبْرِ ، كَانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ" . ( مسلم )

14- خفض الصوت بالدعاء بين المخافتة والجهر .

قال تعالى : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ) (الأعراف55)
وامتدح الله عبده ونبيه زكريا فقال : (  إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا) (مريم3 )
وقال : " أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِنَّكُمْ لَيْسَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهُوَ مَعَكُمْ". ( البخاري )
وفي رواية للبخاري : " إِنَّهُ مَعَكُمْ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ "
قال الإمام النووي – رحمه الله - : اربعوا بهمزة وصل ، وبفتح الباء الموحدة ، معناه ارفقوا بأنفسكم ، واخفضوا أصواتكم ، فإن رفع الصوت إنما يفعله الإنسان لبعد من يخاطبه ليسمعه ، وأنتم تدعون الله تعالى ، وليس هو بأصم ، ولا غائب ، بل هو سميع قريب ، وهو معكم بالعلم والإحاطة ، ففيه الندب إلى خفض الصوت بالذكر ، فإنه إذا خفضه كان أبلغ في توقيره وتعظيمه. اهــ( النووي في شرح مسلم )

15-  النهي عن السجع في الدعاء :

قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله : " أصل السجع : القصد المستوى ، وسجع الحمامة موالاة صوتها على طريق واحدة. قال الليث : سجع الرجل إذا انطق بالكلام له فواصل . وقول رسول الله : أسجع كسجع الأعراب . إنما كرهه لمشاكلته كلام الكهان ، ونهى عن السجع في الدعاء ، لأن ذلك ينبغي عن حرقة القلب لا عن تصنع ، وقد يقع عن تصنع ، وقد يقع غير تصنع فلا يحتج بقوله :" اللهمَّ ! إني أعوذُ بك من علمٍ لا ينفعُ ، ومن قلبٍ لا يخشعُ ، ومن نفسٍ لا تَشبعُ ، ومن دعوةٍ لا يُستجابُ لها " ( مسلم ) فهو مما جاء عنه عن فصاحة لسان غير متكلف للسجع دون المعنى.
وقال الحافظ بن حجر رحمه الله  في شرحه قول ابن عباس : " أي لا تقصد إليه ، ولا تشغل فكرك به، لما فيه من التكلف المانع للخشوع المطلوب في الدعاء.فليتجنبها الداعي إلا ما وافق الصواب إن شاء الله .

16- الحرص عند الدعاء بالمأثور أن يكون بلفظه الصحيح:

عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : " إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، فَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ ". قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ ، فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، قُلْتُ: وَرَسُولِكَ، قَالَ: " لاَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ". ( البخاري ) ، ويظهر هنا تصحيح النبي له ليأتي باللفظ كما هو.

17- الاعتراف بالذنب والاستغفار منه والاعتراف بالنعمة والشكر عليها:

ولما ورد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه :«أنه قال لرسول الله : "علمني الدعاء أدعو به في صلاتي"، قال: "قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم"» [رواه البخاري].

18- التضرع والخشوع والرغبة والرهبة .

وَدَلِيلُ الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ وَالْخُشُوعِ قَوْلُهُ تَعَالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} . وفي هذهِ الآيَةِ الكريمةِ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى الخُلَّصَ منْ عِبَادِهِ بأنَّهُم يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى رَغَبًا وَرَهَبًا معَ الخُشُوعِ لهُ.- والخشوع هو الذُّلُّ والتَّطَامُنُ لعظمةِ اللَّهِ، بحيثُ يَسْتَسْلِمُ لقضائِهِ الكَوْنِيِّ والشرعيِّ
والدعاءُ هنا شَامِلٌ لدعاءِ العبادةِ ودعاءِ المسألةِ، فهمْ يَدْعُونَ اللَّهَ رغبةً فيما عندَهُ، وَطَمَعًا في ثوابِهِ، معَ خَوْفِهِم منْ عقابِهِ وآثارِ ذُنُوبِهِم.
وَدَلِيلُ الْخَشْيَةِ قَوْلُهُ تَعَالى: {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَونِي}
والمُؤْمِنُ يَنْبَغِي أنْ يَسْعَى إلى اللَّهِ تَعَالَى بينَ الخوفِ والرجاءِ، وَيُغَلِّبَ الرجاءَ في جانبِ الطاعةِ؛ لِيَنْشَطَ عليها وَيُؤَمِّلَ قَبُولَهَا، وَيُغَلِّبُ الخوفَ إذا هَمَّ بالمعصيَةِ؛ لِيَهْرُبَ منها ويَنْجُوَ منْ عقابِهَا.

12- رد المظالم مع التوبة من الحرام وأن يطب مطعمه:

عن أبي هريرةَ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- قالَ: قالَ رسولُ اللهِ : " إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ تَعَالَى: (يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) ، وَقَالَ تَعَالَى: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ).
ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّماءِ يا رَبُّ.. يا رَبُّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟" (رواه مُسْلمٌ.)
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة. فقال: يا سعد ، أطب مطعمك، تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف بلقمة الحرام في جوفه فلا يقبل منه عمل أربعين يومًا، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا، فالنار أولى به" (  رواه الطبراني في : الأوسط ،  وهو حديث ضعيف. لكن معنى هذا الحديث ثابت في أحاديث أُخر، كالحديث الذي في ( صحيح مسلم ) السابق.

13-  النهي عن رفع البصر عند الدعاء في الصلاة إلى السماء والتحذير من ذلك :

عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : " لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَن رَفْعِهِمْ أَبْصَارَهُمْ عِنْدَ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ إِلَى السَّمَاءِ، أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ " ( صحيح مسلم)
وهذا نهيٌ صريح عن رفْع الأبصار إلى السَّماء في الصَّلاة عند الدُّعاء، سواءٌ كان الدُّعاءُ في ابْتِداء الصَّلاةِ أو بَعْد الرَّفع من الرُّكوع؛ ففي رفْعِ البصرِ إلى السَّماءِ إعراضٌ عن القِبلةِ، وخروجٌ عن هَيئةِ الصَّلاةِ، وفي الالتفاتِ سُوءُ أدبٍ مع الله، وانحرافٌ عن القِبْلة. وقوله: "أو لتُخطَفنَّ أبصارُهم"، أي: وإلَّا كان جزاءُ عدم الانْتهاء أن تُخْطَفَ أبصارُهم، أي: تُصاب بالعَمى.
وقَالَ النَّوَوِيُّ فِي"شَرْحِ مُسْلِمٍ": فِيهِ النَّهْيُ الْأَكِيدُ وَالْوَعِيدُ الشَّدِيدُ فِي ذَلِكَ، وَالنَّهْيُ يُفِيدُ تَحْرِيمُهُ.

14-  حكم الدعاء الجماعي بعد التسليم من الصلاة:

قال الإمام الشاطبي رحمه الله  إن دعاء الإمام للجماعة ليس في السنة ما يعضده، بل فيها ما ينافيه ، فإن الذي يجب الاقتداء به سيد المرسلين محمد ، والذي ثبت عنه من العمل بعد الصلوات إما ذكر مجرد لادعاء فيه ، وإما دعاء يخص به نفسه ، ولم يثبت عنه أنه دعا للجماعة ، وما زال كذلك مدة عمره ، ثم الخلفاء الراشدون من بعده ، ثم السلف الصالح .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لم يكن النبي يدعو هو والمأمومون عقيب الصلوات الخمس، كما يفعله بعض الناس عقيب الفجر والعصر، ولا نقل عن أحد من الصحابة،  ولا استحب ذلك أحد من الأئمة، ومن نقل عن الشافعي أنه قد استحب ذلك فقد غلط عليه، ولفظه الموجود في كتبه ينافي ذلك ، وكذلك الإمام أحمد وغيره من الأئمة لم يستحبوا ذلك .



لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ


No comments:

Post a Comment