Wednesday 11 January 2017

الدعاء في القرآن الكريم - المقدمة3- أوقات وأماكن وأحوال أحرى أن يستجاب فيها الدعاء





 






أوقات وأحوال وأماكن أخرى أن يستجاب فيها الدعاء:

وقبل أن أذكر الأوقات التي خصها الله تعالى بزيادة من فضله ، وجعلها أحرى لاستجابة الدعاء، قبل ذلك لا بد من التأكيد على أن أهم أسباب استجابة الدعاء هي الآداب التي ذكرت سالفاً، فإن اجتمع لها أن كان الدعاء في هذه الأوقات كان أحرى لأجابة الدعاء بإذن مسبب الأسباب سبحانه وتعالى.

أولا: من هذه الأوقات أو الأماكن والأحوال:

أ- الأوقات الزمنية:
1- ليلة القدر . وقد بين تعالى الله شأنها، وأظهر عظمتها، فقال جل وعلا: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (القدر:2، 3)، فمن تُقبِّل منه فيها العمل والعبادة صارت عبادته تلك تفضل عبادة ألف شهر، فإذا دعا بدعاء فيها ، فكانه دعا بهذا الدعاء الف شهر ،   قال سفيان الثوري: "الدعاء في الليلة أحب إلي من الصلاة"، فالدعاء في ليلة القدر، كان مشهوراً ومعروفاً عند الصحابة، ويفضل أن يحرص المسلم على تخيّر جوامع الدعاء الواردة في الكتاب العزيز، ومن السنة المطهرة، ومنها الدعاء فيها بما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها , قال: (قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) (رواه الترمذي وقال : حسن صحيح )  وكذلك ما ورد عنها رضي الله عنها قالت: "لو علمتُ أي ليلةٍ ليلة القدر، لكان أكثر دعائي فيها أن أسأل الله العفو والعافية".( الترمذي – وصححه الألباني )

2- جوف الليل الآخر – وقت السحر –

روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: "يتنزّل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له" وفي رواية لمسلم "من يقرض غير عديم ولا ظلوم؟ حتى يطلع الفجر" وفي رواية لغيرهما "هل من تائب فأتوب عليه: من ذا الذي يسترزقني فأرزقه؟ من ذا الذي يستكشف الضر فأكشف عنه ألا سقيم يستشفي فيشفى؟".
فالله تعالى يتجلى على عباده وقت السحر بالغفران والعطاء والإحسان وإجابة الدعاء وتحقيق الرجاء فلا يردّ فيه سائل ولا يخيب فيه آمل. عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْألُ اللهَ خَيْراً مِنْ أمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إِلا أعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ». أخرجه مسلم. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ الدُّعَاءُ فِي السُّجُودِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، وَفِي غَيْرِ حَدِيثٍ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ بِاللَّيْلِ، وذلك طاعةً لربه سبحانه وتعالى إذ قال: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا}( السجدة 16)
وسئل رسول الله يا رسول الله أيّ الدعاء أسمع؟ أي أرجى إجابة. قال : "جوف الليل ودبر الصلوات المكتوبات" ( سنن الترمذي – حديث حسن) أي وراء الصلوات المفروضة.

3- ساعة من يوم الجمعة:
اختلف العلماء في تحديد ساعة الإجابة يوم الجمعة على أقول كثيرة ، وأقوى هذه الأقوال من حيث الأدلة : الأول:  أنها الساعة التي بين أذان الجمعة وانقضاء الصلاة
والثاني:  أنها الساعة التي بعد العصر إلى أن تغرب الشمس ، ولكل واحدة من الساعتين أدلة من السنَّة ، وقال بها من أهل العلم .
أ.أما دليل الساعة الأولى : فهو حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله يقول - يعني في ساعة الجمعة - : (هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإِمَامُ إِلى أَنْ تُقْضَى الصَّلاَةُ) رواه مسلم ، وقال النووي : هو الصحيح بل الصواب ، ورجحه أيضاً بكونه مرفوعاً صريحاً ، وفي أحد الصحيحين" انتهى .
ب.ودليل الساعة الثانية: عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : قال رسول الله  " يومُ الجمعةِ ثِنْتَا عشرةَ ساعةً ، منها ساعَةٌ لا يوجَدُ عبدٌ مسْلِمٌ يسألُ اللهَ فيها شيئًا إلَّا أتاهُ اللهُ إيَّاهُ ، فالْتَمِسوها آخِرَ ساعَةٍ بعدَ العصرِ " ( صحيح- صحيح الجامع للألباني )
وكل واحدة من هاتين الساعتين يُرجى فيها إجابة الدعاء .
قال الإمام أحمد : أكثر الأحاديث في الساعة التي تُرجى فيها إجابة الدعوة : أنها بعد صلاة العصر ، وتُرجى بعد زوال الشمس . ونقله عنه الترمذي .
وقال ابن القيم رحمه الله :"وعندي : أن ساعة الصلاة ساعة ترجى فيها الإجابة أيضاً ، فكلاهما ساعة إجابة ، وإن كانت الساعة المخصوصة هي آخر ساعة بعد العصر ، فهي ساعة معينة من اليوم لا تتقدم ولا تتأخر ، وأما ساعة الصلاة فتابعة للصلاة تقدمت أو تأخرت ؛ لأن لاجتماع المسلمين وصلاتهم ، وتضرعهم ، وابتهالهم إلى الله تعالى تأثيراً في الإجابة ، فساعة اجتماعهم ساعة ترجى فيها الإجابة . وخرجا من الخلاف يفضل أن يدعو المسلم ربه في هاتين الساعتين. والله أعلم.

4- عند النداء للصلوات المكتوبة – الآذان:

عَنْ عَبْدِالله بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِي الوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الجَنَّةِ لاتَنْبَغِي إِلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله، وَأرْجُو أنْ أكُونَ أنَا هُوَ، فَمَنْ سَألَ لِي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ». أخرجه مسلم.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أنَّ رَسُولَ الله قال: «مَنْ قال حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ». أخرجه البخاري.
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا عَنْ رَسُولِ الله ، أنَّهُ قال: «مَنْ قال حِينَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ: أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِالله رَبّاً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإِسْلامِ دِيناً، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ». أخرجه مسلم.

5- الدعاء بين الآذان والإقامة:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله : «الدُّعَاءُ لاَ يُرَدُّ بَيْنَ الأَذانِ وَالإقَامَةِ». أخرجه أبو داود والترمذي.

6-عند نزول الغيث
  
 جاء عن عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ إِذَا رَأَى المَطَرَ قَالَ : "اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا " ( رواه البخاري )  .
وفي لفظ لأبي داود: أنه كان يقول: "اللَّهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا " (صححه الألباني  )
والصيب : ما سال من المطر وجرى ، وأصله من : صاب ، يصوب ؛ إذا نزل . قال الله تعالى ( أو كصيبٍ من السماء ) (البقرة  19 )، ووزنه فيعل من الصوب.
ويستحب التعرض للمطر، فيصيب شيئا من بدن الإنسان لما ثبت عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أنه قال : " أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ مَطَرٌ ، قَالَ : فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ ثَوْبَهُ ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا ؟ قَالَ : " لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى  " ( رواه مسلم)
وكان إذا اشتد المطر قال : " اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا ، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ " رواه البخاري.
أما الدعاء عند سماع الرعد : فقد ثبت عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه : " أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ ، وَقَالَ: ( سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ) [الرعد: 13] ، ثُمَّ يَقُولُ : إِنَّ هَذَا لَوَعِيدٌ شَدِيدٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ " (رواه البخاري في "الأدب المفرد" ، ومالك في "الموطأ")  
وقت نزول الغيث هو وقت فضل ورحمة الله من الله على عباده ، وتوسعة عليهم بأسباب الخير ، وهو مظنة لإجابة الدعاء عنده .
وقد جاء في حديث سهل بن سعد مرفوعاً : أن النبي قال: " ثنتان ما تردان : الدعاء عند النداء ، وتحت المطر" ( رواه الحاكم في "المستدرك" والطبراني في "المعجم الكبير،وصححه الألباني في "صحيح الجامع).

7- دعاء من تعار من الليل:

من بات متوضأً ، واستيقظ من النوم ليلا، وقال كما قال رسول الله في هذا الحديث: عن عبادة بن الصامت عن رسول الله قال: " من تَعَارَّ من الليلِ فقال: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، لهُ المُلْكُ ولهُ الحمدُ ، وهوَ على كلِّ شيٍء قديرٌ ، الحمدُ للهِ ، وسبحانَ اللهِ ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ ، واللهُ أكبرُ ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ ، ثم قال: اللهمَّ اغفرْ لي ، أو دعا ، استُجِيبَ لهُ ، فإن توضَّأَ وصلَّى قُبِلَتْ صلاتُهُ" (صحيح البخاري)

8- عند الدعاء بـــ" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " (صحيح)، أو باسم الله الأعظم الذي دعي به أجاب:
أولاً: ورد بخصوص " اسم الله الأعظم " عدة أحاديث ، أشهرها :
1. عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله قال : ( اسْمُ اللَّهِ الأَعظَمُ فِي سُوَرٍ مِنَ القُرآنِ ثَلَاثٍ : فِي " البَقَرَةِ " وَ " آلِ عِمرَانَ " وَ " طَهَ " ) .( رواه ابن ماجه وحسَّنه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .يقصد أن اسم الله الأعظم هو ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) ومنهم من فسرها ب ( الحي القيوم ) فقط
2. عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ثُمَّ دَعَا " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ " ، فَقَالَ النَّبِيُّ : ( لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ) .(رواه الترمذي وأبو داود والنسائي،وصححه الألباني في: صحيح أبي داود )  .
3. عن بُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْب أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ " ، فَقَالَ : ( لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِالِاسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ ) .(رواه الترمذي وأبو داود ، وصححه الألباني في: صحيح أبي داود )  .وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله  في فتح الباري: وهذا هو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك .
4. عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: ( اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) ، وَفَاتِحَةِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ( الم . اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) .( رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه،  وهو ضعيف)
ثانياً:
قد اختلف أهل العلم في " اسم الله الأعظم " من حيث وجوده على أقوال :
إنكار وجوده أصلاً ! لاعتقادهم بعدم تفضيل اسم من أسماء الله تعالى على آخر، فكل أسماء الله حسنى ، فتأولوا بأن معنى " الأعظم " هو " العظيم " وأنه لا تفاضل بين أسماء الله تعالى .
الوجه الثاني : أن المراد بالأحاديث السابقة بيان مزيد ثواب من دعا بذلك الاسم .
الوجه الثالث :المراد بالاسم الأعظم : كل اسم من أسماء الله تعالى دعا العبد به مستغرقاً بحيث لا يكون في فكره حالتئذ غير الله تعالى ، فإن من تأتَّى له ذلك : استجيب له.
ووجه رابع:  من قال بأن الله تعالى قد استأثر بعلم تحديد اسمه الأعظم ، وأنه لم يُطلع عليه أحداً من خلقه . ... والله أعلم

9-  الدعاء بعد الثناء على الله والصلاة على النبي في التشهد الأخير من الصلاة.
أن النبي سمع رجلاً يدعو في صلاته، فلم يصل على النبي ، فقال النبي : «عَجِلَ هَذَا»، ثم دعاه، فقال له أو لغيره: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ»، (صححه الشيخ الألباني رحمه الله في (صحيح سنن الترمذي).
وروى الترمذي  عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: " كنت أصلي، والنبي وأبو بكر وعمر معه، فلما جلست بدأت بالثناء على الله، ثم الصلاة على النبي ، ثم دعوت لنفسي، فقال النبي : «سَلْ تُعْطَهْ ، سَلْ تُعْطَهْ» ( حسنه الشيخ الألباني رحمه الله )

10-دعاء يوم عرفة في عرفة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال رسول الله : “خيرُ الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفَةَ وخيرُ ما قلْتُ أنا والنبيونَ من قبلي لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ" (الترمذي – حسن صحيح)

11- عند شرب ماء زمزم مع النية الصادقة

كما قال النبي المصطفى :" ماء زمزم لما شُرب له " ولفظ ( لما ) يعني أنه بحسب نيَّة من شربه إذا أراد الغذاء، أو الري، أو العلم، أو الشفاء حصل له ذلك عند شربه، كما ذكر عن أيي ذر الغفاري رضي الله أن رسول الله لقيه في مكة فسأله : منذُ كم أنتَ هاهُنا ؟ قال : قلتُ : منذُ ثلاثينَ يومًا وليلةً ، قال : منذُ ثلاثينَ يومًا وليلةً ! قال : قلتُ : نعَم ، قال : فما طعامُكَ ؟ قلتُ : ما كان طعامٌ ولا شرابٌ إلا ماءَ زمزمَ ، ولقد سمِنتُ حتى تكسَّرَتُ عُكَنُ بَطني ، وما أجِدُ على كبِدي سخفةَ جوعٍ ، قال : فقال رسولُ اللهِ : " إنَّها مبارَكةٌ ، وهي طعامُ طُعمٍ ، وشِفاءُ سُقمٍ " ( رواه البوصري ، وسنده صحيح ) وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في الجواب الكافي وفي زاد المعاد أنه أصابه في مكة بعض الأمراض التي تعتريه، فكان يأخذ قدحًا من ماء زمزم ويقرأ فيه آية الكرسي وغيرها من الآيات ثم يشربه فيرى لذلك أثرًا عجيبًا في تخفيف ما يعتريه من تلك الأمراض.
ينبغى لمن يستشفي بماء بزمزم النية الخالصة والأعتقاد الجازم , وأن لايشربه مجرباً فإن الله مع المتوكلين الموقنين.وفي قوله : ( ماء زمز لما شُرب له ) حث لشارب زمزم أن يستحضر في قلبه عند شربه نيةً صالحةً ويدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخره حيث أن وقت شرب ماء زمزم من مظان أوقات الإجابة والله يعطي لشارب زمزم مانوى، وقد روى الدارقطني عن ابن عباس أنه كان إذا شرب ماء زمزم قال ‏‏(اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاءً من كل داء )

12-دعاء الصائم في رمضان عند فطره،وبعد فطره

قال الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ، وقال تعالى: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) ( البقرة 176)، وجاءت هذه الآية في وسط أيات الصيام ، فكأنها إشارة من الله تعالى لعباده بالدعاء في الصيام .
عن عبد الله بن أوفى عن رسول الله قال : " نوم الصائم عبادة ، وصمته تسبيح ، وعمله متقبل ودعاؤه مستجاب " ( ضعيف- السلسلة الضعيف للألباني)
عن النبي قال: ( ثلاثة لا ترد دعوتهم : الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم )، ( رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترمذي )
عن عبد الله بن عمرو ان النبي قال: " إنَّ للصائمِ عند فطرِهِ دعوةٌ ما تُرَدُّ " وكان ابنُ عمرو إذا أفطرَ يقولُ: " اللهمَّ إني أسألكَ برحمتكَ التي وَسِعَتْ كلَّ شيٍء أن تغفرَ لي ذنوبي" ( رواه ابن الملقن في تححفة المحتاج – صحيح أو حسن)
وأولى ما يقول عند فطره ما رواه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا أَفْطَرَ قَال : " ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ " (رواه أبو داوود وحسنه الألباني في صحيح أبي داوود )
ومما يؤخذ من إشارات من آيات الصيام في سورة البقرة، أن أفضل وقت للصائم أن يدعو الله عزَّ وجلَّ  فيه هو وقت الإفطار،  بعد أن أنهى ذلك الصوم لله وما أصابه في ذلك اليوم من ظمأ وتعب لله لمرضاة عزَّ وجلَّ ، فالله يدعو ذلك العبد أن يدعوه ليستجيب له سبحانه، فاطلب أيها الصائم عند فطرك كل ما تريده ، واغتنم هذه الفرصة ويسأل الله ما يريد فإن الله يجيب له دعاءه، فلا يبخل العبد على نفسه في أن يسأل ربّه كل ما يحتاجه ، فالبخيل من بخل بالدعاء .

13- عند اجتماع المسلمين في مجالس الذكر.

في الحديث قال : " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده."  رواه مسلم.
وفي الحديث: " ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه؛ إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفورا لكم، قد بدلت سيئاتكم حسنات."  (رواه أحمد وصححه الألباني )
وفي الحديث: " عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين رجال ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغشى بياض وجوههم نظر الناظرين، يغبطهم النبيون والشهداء بمقعدهم وقربهم من الله عز وجل، قيل: يارسول الله من هم؟ قال: جماع من نوازع القبائل يجتمعون على ذكر الله فينتقون أطايب الكلام كما ينتقي آكل التمر أطايبه." ( رواه الطبراني ووثق رجاله الهيثمي وحسنه الألباني.)
وفي الحديث: " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر."  (رواه الترمذي وحسنه الألباني)

يتبع : -الأماكن الفاضلة التي يستجاب فيها الدعاء
        - وأشخاص ذكر الله استجابة دعائهم
       - الدعاء حال الإنشغال بالعبادات

No comments:

Post a Comment