نصب: تعب.
هداية الأحاديث:
2) كلما اشتد المرض والأذىٰ بالعبد المؤمن فصبر، ضاعف الله له الأجر وكفر عَنْهُ الخطايا. قال رسول الله: " إذا أحَبَّ اللهُ عَبدًا عَسَلَه. قالَ: يا رَسولَ اللهِ، وما عَسَلَه؟ قالَ: يُوَفِّقُ له عَمَلًا صالِحًا بيْنَ يَدَي أجَلِه حتَّى يَرضى عنه جيرانُه -أو قالَ: مَن حَولَه-" ( صحيح الترغيب والترهيب)
3)علىٰ الإنسان ألاّ يجمع علىٰ نفسه بين الأذىٰ وتفويت الثواب، فالواجب عند المصيبة لزوم الصبر وعدم التسخط.
15/39 ــ وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ "مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُصِبْ مِنْهُ" (رَوَاه البُخَارِيّ). وَضَبَطُوا (يُصَبْ): بفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا.
غريب الحديث:
يُصِب منه: أي أن الله يُقدّر عليه المصائب.
هداية الحديث:
1) إن مقابلة الابتلاء بالصبر والاحتساب، يرفع الله به الدرجات، ويكفر الخطيئات.
2) المصائب التي تنزل بالمؤمن دليل علىٰ أن الله يحبه، ويريد به الخير.
16/40 ــ وَعَنْ أنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: " لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أحَدكُمُ الْمَوْتَ لضُرٍّ أصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لابُدَّ فَاعِلاً فَلْيقُل: اللهم أحْيِني مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْراً لِي، وَتَوَفَّني إذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْراً لِي". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
هداية الحديث:
1) النهي عن تمني الموت عند الفتن والمصائب؛ لأن هذا يخالف واجب الصبر، ويدل علىٰ جزع صاحبها.
2)العبد المؤمن يفوض جميع أموره إلىٰ الله، مَعَ حب لقاء الله عز وجل. "وخيرُ الناس من طالَ عمرُه، وحَسُنَ عملُه، قال : فأيُّ الناسِ شرٌ ؟ قال : مَن طالَ عمرُه، وساءَ عملُه . ( صحيح الترغيب والترهيب)
17/41 ــ وَعَنْ أبِي عَبْدِ الله خَبَّابِ بْنِ الأرَتِّ رضي الله عنه قَالَ: شَكَوْنَا إِلَىٰ رَسُولِ الله ﷺ، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَقُلْنَا: ألاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ ألاَ تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ: "قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ، فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأرْضِ فَيُجْعَلُ فِيها، ثُمَّ يُؤْتَىٰ بالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَىٰ رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ ليُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا الأمْرَ حَتَّىٰ يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَىٰ حَضْرَمَوْتَ لاَ يَخَافُ إِلَّا اللهَ وَالذِّئْبَ عَلَىٰ غَنَمِهِ، وَلكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ" (رَوَاهُ البُخَارِيّ. )
وَفِي رِوايَة: "وَهُوَ مُتَوَسِّد بُرْدَةً وَقَدْ لَقِينَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ شِدَّةً".
غريب الحديث:
متوسد بردة: جعلها تحت رأسه كالوسادة.
هداية الحديث:
1)وجوب الصبر علىٰ أذية أعداء المسلمين، مَعَ الأخذ بأسباب النصر والفرج.
2)من دلائل النبوة: صدق ما أخبر به ﷺ؛ حيث كَانَ عاقبة الصبر ما بَشَّر به من إتمام أمر الدين.
18/42 ــ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: "لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ رَسُولُ الله ﷺ نَاساً في الْقِسْمَةِ، فَأعْطَىٰ الأقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مائَةً مِنَ الإبِلِ، وَأعْطَىٰ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ مِثْلَ ذلِكَ، وَأعْطَىٰ نَاساً مِن أشْرَافِ الْعَرَب، وَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْقِسْمَةِ. فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللهِ إنَ هَذِهِ قِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُرِيدَ فِيهَا وَجْهُ الله، فَقُلْتُ: وَاللهِ لأُخْبِرَنَّ رَسُولَ الله ﷺ، فَأتَيْتُهُ فَأخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ، فَتَغيَّرَ وَجْهُهُ حَتَىٰ كَانَ كَالصِّرفِ. ثُمَّ قَالَ: "فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللهُ وَرَسُولُهُ"؟ ثُمَّ قَالَ: "يَرْحَمُ اللهُ مُوسَى، قَدْ أُوْذِي بِأكْثَرَ مِنْ هذَا فَصَبَرَ". فَقُلْتُ: لا جَرَمَ لا أرْفَعُ إِلَيْهِ بَعْدَهَا حَدِيثاً. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ )
وَقَوْلُهُ: (كَالصِّرْفِ) هُوَ بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ: وَهُوَ صِبْغٌ أحْمَر.
غريب الحديث:
لا جرم: حقّاً، بمعنىٰ تحقق الشيء.
هداية الحديث:
1) جواز أن يعطي ولي الأمر من يَرىٰ في إعطائه المصلحة، كَأنْ يكون في ذلك تأليفاً للقلوب.
2) علىٰ العبد أن يقتدي بالأنبياء في الصبر علىٰ الأذى، وأن يحتسب الأجر عند الله تعالىٰ، فإن أوذي فإنه يسلي نفسه بما أصاب الأنبياء قَبْلنا صلوات الله وسلامه عليهم.
19/43 ــ وَعَنْ أنسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ : "إِذَا أرَادَ اللهُ بِعَبْدِهِ خَيْراً عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أرَادَ اللهُ بِعَبْدِهِ الشَرَّ أمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّىٰ يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاء، وَإنَّ اللهَ تَعَالَىٰ إِذَا أحَبَّ قَوْماً ابْتَلاهُم، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضى، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ" (رَوَاهُ التّرمذي وَقَالَ: حَدِيث حَسَنٌ. )
هداية الحديث:
1) العقوبات تكفّر السيئات.
2) إن إمهال الله عز وجل للعاصين هو استدراج لهم، فالعقوبة تؤخر لحكمةٍ وموعدٍ قدّره الله تعالىٰ: {حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} ﴿الأنعام- ٤٤﴾
فائدة:
في هذه الأحاديث دلالة صريحة علىٰ أن المؤمن كلما كان أقوىٰ إيماناً، ازداد ابتلاءً وامتحاناً، وكلما ضعف إيمانه، خف ابتلاؤه وامتحانه، ففي هذا ردٌّ علىٰ ضعفاء العقول والأحلام الذين يظنون أن المؤمن إذا أصيب ببلاء فإنه غير مرضي عند ربه، وهو ظن باطل ومقاييس فاسدة، لربط الرضىٰ في الآخرة، بالسعة والرخاء في الدنيا. {أَيَحۡسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِۦ مِن مَّالٖ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمۡ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ بَل لَّا يَشۡعُرُونَ} ( المؤمنون ٥٥ -٥٦)
20/44 ــ وَعَنْ أنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ ابْنٌ لأبي طَلْحَةَ رضي الله عنه يَشْتكِي، فَخَرَجَ أبُو طَلْحَةَ، فَقُبِضَ الصبِيُّ، فَلَمَّا رَجَعَ أبُو طَلْحَةَ قَال: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ وَهِيَ أُمُّ الصَبيِّ: هُوَ أسْكَنُ مَا كَانَ، فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ الْعَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أصَابَ مِنْهَا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ: "وَارُوا الصَّبِيَّ، فَلَمَّا أصْبَحَ أبُو طَلْحَةَ أتىٰ رَسُولَ الله ﷺ فَأخْبَرَهُ، فَقَالَ: "أعَرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟" قَالَ: نَعَم، قَالَ: "اللهم بَارِكْ لَهُمَا؟" فَوَلَدَتْ غُلاماً، فَقَالَ لِي أبُو طَلْحَةَ: احْمِلْهُ حَتَّىٰ تَأْتِي بِهِ النَّبِيَّ ﷺ ، وَبَعَثَ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ، فَقَالَ: «أمَعَهُ شَيْءٌ؟» قَالَ: نَعَمْ، تَمَرَاتٌ، فَأخَذَها النَّبِيُّ ﷺ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أخَذَهَا مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا فِي فِي الصَّبيِّ، ثُمَّ حَنَّكَهُ، وَسَمَّاهُ عَبْدَ الله." (مُتَّفَق عَليْه.)
وَفِي رِوَايَةٍ للْبُخَارِيِّ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: فَرَأيْتُ تِسْعَةَ أوْلادٍ كُلَّهُمْ قَدْ قَرَؤُوا الْقُرْآنَ، يَعْنِي مِنْ أوْلادِ عَبْدِ الله الْمَوْلُودِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: مَاتَ ابْنٌ لأبي طَلْحَةَ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقَالَتْ لأهْلِهَا: لا تُحَدِّثُوا أبَا طَلْحَةَ بابنِهِ حَتَّىٰ أكُونَ أنا أُحَدِّثُهُ، فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ عَشَاءً فَأكَلَ وَشَرِبَ، ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أحْسَنَ مَا كَانَتْ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذلِكَ، فَوَقَعَ بِهَا، فَلَمَّا أنْ رَأتْ أنّهُ قَدْ شَبِعَ وَأصَابَ مِنْهَا قَالَتْ: "يَا أبَا طَلْحَةَ، أرَأيْتَ لَوْ أنَّ قَوْماً أعَارُوا عَارِيَتَهُمْ أهْلَ بَيْتٍ فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ، أَلَهُم أنْ يَمْنَعُوهُمْ ؟" قَالَ: لا، فَقَالَتْ: فَاحْتَسِبِ ابْنَكَ. قَالَ: فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ: تَرَكْتِني حَتَّىٰ إذَا تَلَطَّخْتُ ثُمَّ أخْبَرْتِني بابْني! فَانْطَلَقَ حَتَّىٰ أتَىٰ رَسُولَ الله ﷺ فَأخْبَرَهُ بِمَا كَانَ، فَقَالَ رَسُولُ الله ﷺ: "بَارَكَ اللهُ في لَيْلَتِكُما" قَال: فَحَمَلَتْ، قَال: وَكَانَ رَسُولُ الله ﷺ في سَفَرٍ وَهِيَ مَعَهُ، وَكَانَ رَسُولُ الله ﷺ إذَا أتىٰ الْمَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ لا يَطْرُقُهَا طُرُوقاً فَدَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ، فَاحْتَبَسَ عَلَيْهَا أبُو طَلْحَةَ، وَانْطَلَقَ رَسُولُ الله ﷺ، قَالَ: يَقُولُ أبُو طَلْحَةَ: إِنَّكَ لَتَعْلَمُ يَا رَبِّ أنّهُ يُعْجِبُنِي أنْ أخْرُجَ مَعَ رَسُولِ الله ﷺ إذا خَرَجَ، وَأدْخُلَ مَعَهُ إذَا دَخَلَ، وَقَد احْتبَسْتُ بِمَا تَرَى، تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا أبَا طَلْحَةَ مَا أجِدُ الذي كُنْتُ أجِدُ، انْطَلِقْ، فانطَلَقْنَا، وَضَرَبَهَا المَخَاضُ حِينَ قَدِمَا فَوَلَدَتْ غُلاماً. فَقَالَتْ لِي أُمِّي: يَا أنَسُ لا يُرْضِعُهُ أحَدٌ حَتَّىٰ تَغْدُوَ بِهِ عَلَىٰ رَسُولِ ﷺ، فَلَمَّا أصْبَحَ احْتَمَلْتُه فَانْطَلَقْتُ بِهِ إلَىٰ رَسُولِ الله ﷺ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ.
غريب الحديث:
أعَرّستم الليلة؟: أعرس الرجل: دخل بامرأته عند بنائه بها.
تلطخت: كناية عن التلوث بالجماع. لا يطرقها طروقاً: لا يأتيها ليلاً.
هداية الحديث:
1) علىٰ النساء اليوم اتخاذ القدوات من الصحابيات رضي الله عنهنّ في صبرهن؛ كأم سليم رضي الله عنها.
2) من صبر واحتسب عند المصيبة أبدله الله عز وجل خيراً مما أصابه في نفسه وأهله.
21/45 ــ وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ الله ﷺ قَالَ: "لَيْسَ الشدِيدُ بالصُّرَعةِ، إنَّمَا الشَّديدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عَنْدَ الْغَضَبِ". (مُتَّفَقٌ عَلَيْه.)
(وَالصُّرَعَةُ) بِضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، وَأصْلُهُ عِنْدَ الْعَرَبِ مَنْ يَصْرَعُ النَّاسَ كَثِيراً، فيطرحهم ويغلبهم في المصارعة، هذا يقال عنه عند الناس: إنه شديد وقوي، لكن النبي ﷺ يقول: ليس هذا الشديد حقيقة.
22/46 ــ وعَنْ سُلَيْمانَ بْنِ صُرَد رضي الله عنه قَالَ: "كُنْتُ جَالِساً مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَرَجُلان يَسْتَبَّانِ، وَأحَدُهُمَا قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، وَانْتَفَخَتْ أوْدَاجُهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله ﷺ : "إنِّي لأعْلَمُ كَلمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ: أعُوذُ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ذَهَبَ عنْهُ مَا يَجِدُ". فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "تَعَوَّذْ بالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْه.