Tuesday 12 March 2019

أدعية عظيمة - أدعية التثبيت على الحق -اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك




 


 

أدعية التثبيت على الحق
دعاء:" يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ"

عن شهر بن حوسب قال:  قُلتُ لأمِّ سلمةَ : يا أمَّ المؤمنينَ ما كانَ أَكْثرُ دعاءِ رسولِ اللَّهِ ﷺ إذا كانَ عندَكِ ؟ قالَت : كانَ أَكْثرُ دعائِهِ : "يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ ، قالَت : فقُلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ما أكثرُ دعاءكَ يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ ؟ قالَ : يا أمَّ سلمةَ إنَّهُ لَيسَ آدميٌّ إلَّا وقلبُهُ بينَ أصبُعَيْنِ من أصابعِ اللَّهِ ، فمَن شاءَ أقامَ ، ومن شاءَ أزاغَ، فتلا معاذٌ:{ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} ) ( رواه الترمذي – صححه الذهبي وافقه الألباني)

وعن أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ، وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: " نَعَمْ، إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ" (صححه الألباني في صحيح الترمذي)

وفي حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قالت: يا رسول اللَّه، إنك تُكثر أن تدعو بهذا الدعاء.

فقال ﷺ: "إِنَّ قَلْبَ الْآدَمِيِّ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ عز وجل فَإِذَا شَاءَ أَزَاغَهُ، وَإِذَا شَاءَ أَقَامَهُ" .( مسند الإمام أحمد، وسنن ابن ماجة- وصححه الألباني)
وعن عبد الله بن عمرو، قال : قال رسول الله ﷺ " إنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِن أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ"، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا علَى طَاعَتِكَ." ( صحيح مسلم )
الشرح:

وقوله: (إن قلوب) تعليلاً لسبب دعوته ﷺ وهي أن قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه، من يشأ يضللْه، ومن يشأ يهديه، فينبغي للعبد الإكثار من هذه الدعوات المهمة التي تتعلق بأجل مقامات العبودية .
يُبيِّنُ النَّبيُّ ﷺ أنَّ قُلوبَ بَني آدمَ كُلَّها، أي: تَصرُّفَها وتَقلُّبَها، بينَ إِصبَعينِ مِن أَصابعِ الرَّحمنِ كَقلبٍ واحدٍ؛ يُصرِّفُه حَيثُ يَشاءُ، فاللهُ سُبحانَه وتَعالى مُتصرِّفٌ في قُلوبِ عِبادِه كُلِّهم، فيَهدِي ويُضلُّ كَما يَشاءُ؛ ثُمَّ دَعا ﷺ: اللَّهمَّ مُصرِّفَ القُلوبِ "صَرِّفْ قُلوبَنا عَلى طاعتِك"، أي: ثَبِّت قُلوبَنا، واصْرِفْها إِلى طاعتِك ومَرضاتِك في كُلِّ ما تُحبُّه منَ الأَقوالِ، والأَعمالِ والأَخلاقِ.
فالعَبدُ لَيس إِليه شيءٌ منْ أَمرِ سَعادتِه، أو شَقاوتِه، بل إنَّ الأمرَ كلَّه للَّهِ؛ فإنِ اهتَدَى فبِهِدايةِ اللَّهِ تَعالى إيَّاه، وإنْ ضلَّ فبِصَرْفِه لَه بحِكمَتِه وعَدلِه، وعِلمِه السَّابقِ.
في الحديثِ: ثُبوتُ صِفةِ الأَصابعِ للهِ عزَّ وجلَّ.
وفيهِ: ثُبوتُ قَدَرِ اللهِ السَّابقِ لخَلقِه، وهوَ عِلمُه الأَشياءَ قبلَ كَونِها وكتابتُه لَها قبلَ بَرئِها.
وفيهِ: الافتِقارُ إِلى اللهِ عزَّ وجلَّ في كُلِّ حينٍ بالدُّعاءِ.
وقول أم سلمة رضي الله للنبي تعجباً : " يا رسولَ اللَّهِ ما أكثرُ دعاءكَ يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ ؟" هو دليل على ملازمة النبي ﷺ لهذا الدعاء وكثرة ترديده له، وتعليل النبي الكريم ﷺ ذلك بقوله : إنَّهُ لَيسَ آدميٌّ إلَّا وقلبُهُ بينَ أصبُعَيْنِ من أصابعِ اللَّهِ ، فمَن شاءَ أقامَ ، ومن شاءَ أزاغَ، هذا التعليل هو حري بنا أن نكثر منه، ولا نستكثر مهما رددناه، فالقلوب بين أصابع الله بقلبها، والفتن تضافرت علينا في هذا الزمان من كل مكان، فلا يأمن منا أحد على نفسه إلا من استعصم بالله فعصمه منها. فهنيئاً لمن استدرك نفسه وعمل على تثبيتها على الحق.
بعض الطرق التي تعينك على الثبات وقت الفتن والمصائب والخروج منها بأمان بإذن الله:
أولاً : تجديد الإيمان ولزوم العمل الصالح
إذا استحكمت الأزمات وترادفت الضوائق فلا مخرج منها إلا بالإيمان بالله والتوكل عليه، فهو النور العاصم من التخبط ، والدرع الواقي من اليأس والقنوط.
قال عز وجل:{ يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّـهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّـهُ مَا يَشَاءُ  }[إبراهيم:27] 
والإيمان الذي وعد الله أهله وأصحابه بالتثبيت هو الذي يرسخ في القلب وينطق به اللسان وتصدقه الجوارح والأركان فليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل.
 وكذلك المثابرة على الطاعة والمداومة عليها ابتغاء وجه الله لهو من أعظم أسباب التثبيت من الله مقلب القلوب ومصرفها. قال الله تعالى:{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا}  [النساء:66-68].
فالإقبال على الله بالأعمال الصالحة وكثرة الذكر والاستغفار أثرٌ عظيم في الوقاية من الفتن قبل وقوعها، والنجاة منها بعد حدوثها، وقد قال الله تعالى: { فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ﴿١٤٣﴾ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} ( الصافات 143-144)
والتفقه في الدين والإقبال على العلم سبب لحصول التفريق بين الحق والباطل، وبين الهدى والغي، وبين الرشاد والضلال. حيث يعرف ما أنزل الله على رسوله من أحكام وما يترتب على أعمال المرء من ثواب وعقاب، فتمتلئ القلوب بالعلم وتتحصن من الوقوع في الشبهات، والانسياق وراء شهوات النفس المحرمة : { أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ }  [الأنعام:122] قال ابن كثير رحمه الله: (أي يهتدي كيف يسلك وكيف يتصرف).
ومن تعلم العلم الشرعي وعمل به صار له نوراً وبصيرة من الله حيث يُيسرُ الله له الطريق إلى الجنات والوصول إلى رب الأرض والسموات.
ومن أسباب النجاة من الفتن واهمها: الدعاء :
فالافتقار إلى الله عز وجل، والاستكانة له من أقوى الأسباب الدفع المكروه وحصول المطلوب، وهو من أقوى الأسباب على الثبات، إذا أخلص الداعي في دعائه، وحسبك أن النبي كان يدعو ربه ويسأله الثبات، فيقول: "اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، وعزيمة الرشد" (صححه ابن حبان، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: صحيح على شرطهما.)
فعلى المسلم أن يعتصم بالله، ويلجأ إليه، ويسأله أن يحميه ويمنعه ويعصمه ويدافع عنه كل سبب يفضي به إلى التهلكة، فيدافع عنه الشبهات والشهوات، وكيد عدوه وشر نفسه، ويربط على قلبه ويثبته على دينه، فالقلوب ضعيفة والشبهات خطافة والشيطان قاعد لنا بالمرصاد, ولك فيمن تقدمك من المؤمنين أسوة حسنة فإن من دعائهم : {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }[آل عمران:8]. وما ذكره الله تعالى عنهم قولهم: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (البقرة : 250 )
والإكثار من التضرع والدعاء، وتفويض الأمور إلى الله، وتحري أوقات الإجابة وأماكنها، وسؤال الله سبحانه الوقاة من الفتن والثبات على الحق، يثمر للعبد الطمأنينة والحياة الطيبة السليمة من الفتن وشرورها، قال رسول الله ﷺ" :"تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن". قلنا: نعوذ بالله من الفتن ما ظ هر منها وما بطن" (رواه مسلم.)
وقال الرسول في دعاءه: "واسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة" رواه النسائي، وصححه الألباني.
وكان من دعاء رسول الله :"رب أعني ولا تُعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدي لي، وانصرني على من بغي علي. اللهم اجعلني لك شاكراً، لك ذاكراً، لك راهباً، لك مطواعاً، إليك مخبتاً ومنيباً، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي" رواه أبو داود، وقال الألباني: صحيح. وسياتي شرحه، ولله الحمد والمنة

اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد.
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك

 
 

No comments:

Post a Comment