مكان الطور، جبل الطور، طور سينين
ورد في أكثر
التفاسير كما في أدبيات اليهود سنجد أن جبل الطور المذكور في القرآن يقع في سيناء، والتي حسب الشائع
هي شبه الجزيرة الفاصلة بين أفريقيا وآسيا وبين البحرين الأبيض والأحمر. غيره أنه
بقليل من التدقيق يظهر أن في الأمر انتحال فليس في شبه الجزيرة المذكورة مكان يحوي
جبلا بمواصفات جبل الطور ولا واد مقدس باسم طوى. بل إن لفظة سيناء هي من البابلية
القديمة فسين هو إله القمر عندهم بينما لا يعرف هذا الاسم لشبه الجزيرة المذكورة
في التاريخ القديم. فحسب النقوش الهيروغليفية الفرعونية كان يطلق عليها بياوو أي
المناجم وفي فترة متأخرة سميت دومفكات أي خدود الفيروز لأنه كان يستخرج من هناك.
أما في نصوص التوراة فوردت باسم حوريب وتعني
الأرض الخراب الجرداء التي لا شجر فيها وهو ما يخالف صفة الطور حيث ينبت شجر
الزيتون.
ثم إن موسى عليه السلام
حين سار بأهله من مدين (تقع قرب الحدود السعودية الأردنية
الآن) لم يتجه لشبه الجزيرة المذكورة لأنها تحت سلطة الفراعنة وهو خرج هاربا
منهم. وبنظرة بسيطة للخريطة نجد أن الوجهة المتوقعة لموسى عليه السلام هي التوجه
شمالا ليمر بمحاذات البحر الميت من شرقه خصوصا أنه يوجد في نفس المنطقة موضع باسم
وادي موسى (اسم مدينة أردنية الآن) له نفس الاتجاه.
نجد أن طور سنين الذي اقسم الله
به في قوله (وَالتِّينِ
وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) هو جبل جورسيم الواقع شمال القدس
والمقدس عند طائفة السامرين اليهود
مواقع التواصل
وإذا أمعنا في أسماء المواضع
في هذا الحيز الجغرافي الذي تحرك فيه موسى عليه السلام سنجد صيغا تقارب هذا الاسم
مع مراعات التحويرات اللغوية المعتادة مثل: طرطوس؛ طرابلس فاصلها طور طوس وطور
بولس وإذا زدنا على ذلك أن حرف الطاء يقلب جيما في لغات منطقة الشام القديمة سنجد
أن ألفاظا مثل جورجس وجرابلس إنما هي نفسها طرطوس وطرابلس
وبالأخذ بهذه القاعدة
سنجد أن لفظة طور سيناء تتحول إلى جور سيناء أو جور
سالم وهي
الاسم التاريخي للقدس الشريف فيكون جبل طور سيناء هو نفسه جبل
الزيتون الذي يقع المسجد الأقصى عن يمينه بالنسبة للقادم من الشمال الشرقي بمحاذات
البحر الميت وهي الطريق التي يتوقع أن موسى عليه السلام اتبعه حين سار باهله من
مدين.
وقد ذكر القرآن أن جبل
طور سيناء ينبت الزيتون فقال (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ
وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ) وهذا الوصف يوافق جبل الزيتون الواقع بجانب القدس الشريف بينما لا يعرف
عن شبه الجزيرة الواقع في مصر وجود لشجر الزيتون، وبهذا ينتفي الإشكال المتعلق
بالطور وقداسته حين نعرف أنه هو نفسه القدس الشريف وأن البقعة المباركة التي نودي
منها موسى هي صخرة المسرى التي تعلوها القبة الذهبية.
وبنفس الطريقة نجد أن طور
سنين الذي اقسم الله به في قوله (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَٰذَا الْبَلَدِ
الْأَمِينِ) هو
جبل جورسيم الواقع شمال القدس والمقدس عند طائفة السامرين اليهود حيث النون تقلب
ميما في العبرية القديمة. هذه نتيجة توصلت لها بجهد ذاتي ولم أجد من ذكرها من أهل
التفسير ولا في كتب أهل الكتاب إلا أني ألفيت لها قرائن كثيرة يضيق المقام لذكرها.
والله أعلم
بحث كتبه: محمود سيد محمد من موريتانيا، نشره في مدونات الجزيرة
وللفائدة: أزيد في
التوضيح : فاورد لكم ما قاله الطبري في تفسيره:
قال ابن جرير الطبري
صاحب كتاب (تاريخ الطبري) قال: حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب،
قال: قال ابن زيد، في قوله:( طُورِ سَيْنَاءَ
) قال: هو جبل الطور الذي بالشام، جبل ببيت المقدس.
وقال: قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:( وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ ) قال: هو جبل ببلاد الشام مبارك.
وقال آخرون: معناه: حسن.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن
قتادة، في قوله:( طُورِ سَيْنَاءَ ) قال: هو جبل حسن.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد،
قال: سمعت الضحاك يقول في قوله:( مِنْ طُورِ
سَيْنَاءَ ) الطور: الجبل بالنبطية، وسيناء، حسنة
بالنبطية.
قال ابن كثير ـ باب 18 ـ جزء 5 : قوله: { وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ } يعني: الزيتونة. والطور: هو الجبل. وقال بعضهم: إنما يسمى طورا إذا
كان فيه شجر، فإن عَرى عنها سمي جَبَلا لا طورًا، والله أعلم. وطور سيناء: هو طور
سينين، وهو الجبل الذي كَلَّم [الله] عليه موسى بن عمران، عليه السلام، وما حوله
من الجبال التي فيها شجر الزيتون.
No comments:
Post a Comment