Wednesday 4 December 2019

أحادبث نبوية شريفة - وشرحها - كل معروف صدقة





 




أحاديث نبوية شريفة - وشرحها
حديث كل معروف صدقة

حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "كُلُّ معروفٍ صدَقَةٌ" (أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب كل معروف صدقة، ومسلم في كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، ورواه البخاري ومسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه) 


وفي رواية عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله: " كلُّ معروفٍ صدقةٌ، وما أنفقَ الرَّجلُ على نَفسِهِ وأَهْلِهِ كُتِبَت لَهُ صدقةٌ، وما وَقى بِهِ الرَّجلُ عِرضَهُ كُتِبت لَهُ صدقةٌ، وما أنفقَ من نفَقةٍ فعلَى اللَّهِ خُلفُها، إلَّا ما كانَ في بُنْيانٍ أو مَعصيةٍ" (أخرجه البخاري مختصرا، وصححه الألباني في الصحيح الجامع)


قالَ محمَّدٌ: فقلنا لجابرٍ: ما أرادَ ما وقى بِهِ المرءُ عرضَهُ ، قالَ : "يعني الشَّاعرَ ، وذا اللِّسانِ المتَّقى، كأنَّهُ يقولُ الَّذي يُتَّقى لسانُهُ" أهـ ونقول: ويعم كل إنسان يعرف بتتبع عورات الناس، والحديث فيها، ومن عرف عنه الغيبة في المجالس، وهكذا  
" خُلفُها " أي أن يخلف عليه، أو يؤجره الله تعالى مثلها، أو ما شاء بكرمه سبحانه، كما قال تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (سبإ ٣٩)، فإن ما أنفقتم في طاعة الله فهو يخلفه، أي: يخلفه عليكم، أي يعطيكم خلفه وبدله، وذلك البدل إما في الدنيا وإما في الآخرة،  وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال:  قال رسول الله ﷺ: " ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا" ( صحيح البخاري)، وفيه أيضا عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ قال : "إنَّ اللَّهَ قالَ لِي: أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ"...الحديث (صحيح مسلم). وهذه إشارة إلى الخلف في الدنيا بمثل المنفق فيها إذا كانت النفقة في طاعة الله، وقد لا يكون الخلف في الدنيا فيكون كالدعاء -قد لا يعطى الداعي ما طلب، ولكن ادخره الله له في الآخرة- سواء في الإجابة أو التكفير أو الادخار، والادخار هاهنا مثله في الأجر .
أما قوله " إلَّا ما كانَ في بُنْيانٍ أو مَعصيةٍ": أما ما أنفق في معصية فلا خلاف أنه غير مثاب عليه ولا مخلوف له، وأما البنيان فما كان منه ضروريا يسكن الإنسان فيه ويستره ويحفظه، فذلك مخلوف عليه ومأجور ببنيانه، وذلك يكون كحفظ بنيته وستر عورته في الأهمية، قال ﷺ: " ليس لابنِ آدمَ حقٌّ في سِوَى هذه الخِصالِ بيتٌ يَسكُنُه وثَوبٌ يُواري عورتَه وجِلفُ الخبزِ والماءُ" (رواه الترمذي، وقالك حسن صحيح) .
والحاصل: أن المعروف يدخل فيه كل عمل  نافع لنفسه أو غيره هو من قبيل المعروف سواء كان ذلك مما يتعلق بما يصدر من اللسان من القول الحسن، أو ما يعمل بجوارحه من أعمال يعين بها غيره، أو ما يكون من الإنفاق والبذل للناس، أو ما يكون مما يقوم به من الحال كالتبسم وطلاقة الوجه، وما إلى ذلك مما يفعله الإنسان يُدخل به السرور على إخوانه المسلمين، كل ذلك يؤجر عليه الإنسان، كل معروف سواء صدر إلى إنسان أو بهيمة، إلى من يعقل أو من لا يعقل، إلى صغير أو كبير، فهو صدقة، إذا مر الإنسان ومسح على رأس الصبي فهي صدقة، وإذا تكلم بكلام طيب ورد برد طيب على الناس فإن ذلك صدقة، وإذا تصدق ولو بشيء تافه ، كما قال رسول الله ﷺ: "اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ، فمَن لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ."  (رواه البخاري) فإنه يكتب له بذلك صدقة، كل معروف صدقة، وهكذا ما يتعلق بما يخطر بالبال من رفع قذاة من المسجد فهي صدقة، وقل ما شئت مما يتخيل مما يقل أو يكثر ويعظم من أعمال يمكن أن يصدق عليها أنها معروف، وحديث رسول الله لم يدع صغيرة ولا كبيرة إلا عدها، قال: " تَبَسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ لك صدقةٌ، وأمرُكَ بالمعروفِ ونَهْيُكَ عن المنكرِ صدقةٌ، وإرشادُك الرجلَ في أرضِ الضلالِ لك صدقةٌ، وبَصَرُكَ للرجلِ الرِّدِيءِ البصرِ لك صدقةٌ، وإماطتُكَ الحَجَرَ والشَّوْكَ والعَظْمَ عن الطريقِ لك صدقةٌ، وإفراغُكَ من دَلْوِكَ في دَلْوِ أخيك لك صدقةٌ" ( الترمذي، وقال عنه: حسن غريب)
ويؤخذ من هذه الحديث أن الصدقات كما سبق لا تختص ببذل المال، ودفعه في وجوه البر، فهذا من الصدقات، ولكن الصدقات تتعدى ذلك فهي تكون بالمال، وتكون أيضاً بإعانة الضعيف، والمشي مع المحتاج لقضاء حاجته، بالكلام والفعل والتبسم، وما إلى ذلك، كل هذا صدقة، فمن الذي يعجز أن يتصدق؟
ومن هذا نعلم أن أمام الإنسان أبواب كثيرة من الخير، يمكن أن يقدمها إلى الآخرين وينتفعون بها، وقد يكون مما يعود إليه هو، أو مما يختص بأهله، أو نحو ذلك فيكون له بذلك صدقة، حتى الطعام الذي يشتريه لأهله وأولاده، وما يفرح الصبي من لعبة ونحو ذلك هذا كله يؤجر الإنسان عليه، ويكون له به صدقة، وهكذا مداعبة الزوجة أو مداعبة الصغار، أو مداعبة أي إنسان لتدخل عليه السرور، فإن ذلك يكون من الصدقات.
أسأل الله العلي العظيم أن يعيننا وإياكم على طاعته، وأن يتقبل منا ومنكم، وأن يغفر لنا ولكم ولوالدينا ولإخواننا المسلمين، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

No comments:

Post a Comment