Monday, 2 February 2015

صحابيات حول رسول الله ﷺ- الرُّبيع بنت النضر؛ أم الشهيد وأخت الشهيد

    


  




نسبها :
هي الرُّبَيِّع بنت النضر بن ضمْضم بن زيد بن حَرام بن جُندب بن عامر بن غَنم بن عدي بن النجار الأنصارية، وهي من بني عدّي بن النجار.
  أخت شهيد أحد أنس بن النضر، وعمة أنس بن مالك خادم رسول الله وهي أم شهيد بدر حارثة بن سراقة.

استشهاد ولدها حارثة بن سراقة :
دعا النبي المسلمين للخروج إلى بدر، فخرج معهم حارثة وكان غلاما نظارا، وبعد اصابة عبيد بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله ﷺ، ونقله لرسول الله ،  ذهب الحارثة بن سراقة ليشرب من الحوض ،  فأصابه سهم غرب، رماه به  حبان بن العرقة ، وهو يشرب من الحوض ، فأصاب حنجرته فقتله . ولم يعقب.
وبعد انتهاء المعركة ، وعودة النبى من غزوة بدر بالنصر المبين، وكان في انتظارهم النساء والأطفال، ومن بينهم أم سراقة  الربيع بنت النضر تنتظر مقدم ولدها فلما دخل المسلمون المدينة ولم يحضر حارثة بن سراقة، وعلمت بالخبر ، فجاءت إلى النبي تسأله عن مصير ابنها ، ولندع أنس بن مالك ( ابن أخيها يروي لنا الخبر كما هو عند البخاري ، وصحيح الترمذي ، قال أنس بن مالك : أنَّ الرُّبَيِّعَ بنتَ النَّضْرِ أَتَتِ النبيَّ وكان ابنُها حارِثَةُ بنُ سُرَاقَةَ وكان أُصِيبَ يومَ بَدْرٍ أصابه سَهْمٌ غَرَبٌ فأَتَتْ رسولَ اللهِ فقالت:  أَخْبِرْنِي عن حارِثَةَ لَئِنْ كان أصاب خيرًا احْتَسَبْتُ وصَبَرْتُ وإن لم يُصِبِ الخيرَ اجْتَهَدْتُ في الدعاءِ( في رواية البخاري ( اجتهدت في البكاء عليه)  فقال النبيُّ : يا أُمَّ حارِثَةَ إنها جِنَانٌ في جنةٍ وإنَّ ابْنَكِ أصاب الفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى والفِرْدَوْسُ رَبْوَةُ الجنةِ وأَوْسَطُها وأَفْضَلُها" رواه الترمذي وقال – حسن صحيح
قال أبو نعيم في الحلية: وكان عظيم البر بأمه، حتى قال النبي : "دخلت الجنة فرأيت حارثة، كذلكم البر".
أخوها أنس بن النضر أقسم على الله فأبره:
 
وفي صحيح الْبُخَارِيِّ، عن أنس ـــ أنَّ الربَيّع بنت النضر عمته لطمت إنسانًا فطلبوا العفو، فأبوا فطلبوا الأرْش فأبوا فقال رسول الله : " كِتَابُ اللهِ القِصَاصُ" ،فقال أنس بن النضر( أخوها) : أيكسر سنّ الربيّع؟ لا، والذي بعثك بِالحقِ لا يكسِر سنها، فرضوا بالأرْش، فقال رسول الله : "إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ، مِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ " ، أي رضى أهل المجني عليها بالدية بعد أن أقسم أخوها-
ما يستفاد من هذا الحيث:
لأنه في هذا الخبر كسرت ثنيتها؛ فقال النبي لما أبوا إلا القصاص،  قال ﷺ: " كتاب الله القصاص"، يقصد  أن الأصل أنه لهم حق الاقتصاص،  بأخذ السن بالسن، وأنه يكسر سنه بسنه .الثلث أو الربع؛ ولهذا أمر بذلك كتاب الله القصاص ولم يحاب أحدا ، وهذا هو الواجب، ثم أنس بن النضر أخاها رضي الله عنه قال: تكسر ثينة ربيع لا والله, لا تكسر ثنيتها ،هو قال حسن ظن بالله عز وجل يدل عليه آخر الحديث أن النبي قال: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره .
وقع في ظنه أن الله يبر قسمه ، فأحسن ظنه بالله عز وجل، يريد لو أن الله يلقي في قلوبهم العفو أو ما أشبه ذلك؛ وكان ربه عند حسن ظنه ، فعفوا عنها، أقسم حسن ظن بالله عز وجل فألهم الله أهل الجارية أن عفوا وتنازلوا ورضوا بالدية ،كما في الخبر، وذلك تصديقا للحديث القدسي : " إنَّ اللهَ جلَّ وعلا يقولُ : أنا عندَ ظنِّ عبدي بي إنْ ظنَّ خيرًا فله وإنْ ظنَّ شرًّا فله" ( صحيح ابن حبان)
وهكذا كان من شروط إجابة الدعاء ؛ اليقين بالإجابة ، كما قال رسول الله : " ادعُوا اللهَ وأنتم مُوقِنُون بالإجابةِ واعلَموا أنَّ اللهَ لا يَستَجيبُ دُعاءً مِن قلبٍ غافِلٍ لاهٍ." ( سنن الترمذي )

قالت : فما عرفتُ أخي إلا ببنانِه:

وقد أحب أخوها أنس بن النضر رسول الله منذ قدم المدينة المنورة ، وظل مدافعًا عنه حتى آخر قطرة دم في جسده ، ولم يعلم بخروج النبي لقتال المشركين  في غزوة بدر، فحزن حزنًا شديدًاأن فاته شرف القتال مع رسول الله ﷺ،  ونذر نفسه للشهادة في سبيل الله  في أول معركة بين المسلمين والكفار بعدها، ليعوض ما فاته من يوم عظيم. وجاء للنبي  فقال له: يا رسول الله، غبت عن قتال بدر، غبت عن أول قتال قاتلتَ المشركين، لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين اللهُ ما أصنع"، فلما كانت غزوة أحد ، خرج أنس بن النضر مع المسلمين، وهو يتمنى أن يلقى الله شهيدًا في هذه الغزوة.
وبدأت المعركة وكان النصر حليف المسلمين إلى أن خالف الرماة أمر رسول الله ،وتحول النصر إلى هزيمة، وفر عدد كبير من المسلمين، ولم يثبت مع النبي سوى نفر قليل، ثم أشيع بين المسلمين بأن رسول الله  قد قتل, فقال :" ان كان رسول الله قد مات, فقوموا وقاتلوا على ما مات عليه رسول الله". فانطلق يشق صفوف المشركين قائلاً: "اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء (يعنى أصحابه) وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء (يعنى المشركين)"
ويروي أنس بن مالك – ابن أخيه -لنا بقية الحادثة ، كما عند مسلم : عمي الذي سمَّيتَ به لم يشهد مع رسولِ اللهِ بدرًا . قال : فشقَّ عليه . قال : أولُ مشهدٍ شهده رسولُ اللهِ غيَّبتُ عنه . وإن أراني اللهُ مشهدًا ، فيما بعد ، مع رسولِ اللهِ ، ليَراني اللهُ ما أصنع . قال : فهاب أن يقولَ غيرَها . قال : فشهد مع رسولِ اللهِ يومَ أُحُدٍ . قال : فاستقبل سعدَ بنَ معاذٍ . فقال له أنسٌ : يا أبا عَمرو ! أين ؟ فقال : واهًا لريحِ الجنةِ . أجده دون أحُدٍ . قال : فقاتلهم حتى قُتلَ  قال : فوُجِدَ في جسدِه بضعٌ وثمانون . من بين ضربةٍ وطعنةٍ ورميةٍ . قال:  فقالت أختُه ، عمتي الرُّبيِّعُ بنتُ النَّضر:  فما عرفتُ أخي إلا ببنانِه . ونزلت هذه الآيةُ: { مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } (لأحزاب23 )  قال : فكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي أصحابِه 


رحم الله سلفنا الصالح ، وألحقنا بهم في جنات النعيم .

No comments:

Post a Comment