الآذان والإقامة
الأذان:
أما الأذان فذِكرٌ مخصوص، شرعه الإسلام للإعلام
بدخول وقت الصلاة المفروضة، ولدعوة المسلمين إلى الاجتماع إليها.
حكم الأذان:
والأذان سنة مؤكدة للصلاة الحاضرة والفائتة، وهي فرض
كفاية في حق الجماعة، أما بالنسبة للمنفرد فهي سنة عينية. وللأذان أهمية كبرى في
إظهار شعيرة من شعائر الإسلام.
ودليل
فرضيته:
في
القرآن: قوله تعالى: ( إذا نودي للصلاة
من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع)
( الجمعة:9).
وفي السنة: فقوله ﷺ:"إذا حضرت
الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم". (رواه
البخاري، ومسلم).
قصة تشريعه:
كان
تشريع الأذان في السنة الأولى للهجرة، روى البخاري ، ومسلم ، عن ابن عمر رضي الله
عنهما قال: كان
المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة، ليس ينادي لها، فتكلموا
يوماً في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوساً مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقا
مثل قرن اليهود،فقال عمررضي الله عنه : أولاً تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة؟ فقال
رسول الله ﷺ: "يا بلال قم
فناد بالصلاة".
وفي
الحديث اختصار ، ذلك أن عبدالله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري رضي
الله عنه
رأى الأذان في المنام، فقد رآى في منامه
رجلاً يحمل ناقوساً في يده ، فقال له عبد الله : أتبيعٌ هذا الناقوس ؟ قال : ما
تصنع به ؟ فقال عبد الله : ندعو به إلى الصلاة ، قال : أفلا أدلك على ما هو خيرٌ
منه ؟ فقال : بلى ، فعلمه الآذان . فجاء وأخبر النبي ﷺ فقال : إنها لرؤيا حق ، وأمره أن يلقي على
بلال بن رباح حتى ينادي بها ، لأنه أندى- أجمل - صوتاً منه ، فأذن بلال ، وسمع صوته عمر بن
الخطاب رضي
الله عنه فجاء يجرر رداءه وقال : والله لقد رأيت مثله .
فتأكد بذلك الرؤيا ، وصار الأذان أحد شعار الإسلام منذ ذلك اليوم .
وصيغة الأذان: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر،
أشهد أن لا إله إلا الله،
أشـهد أن لا إله إلا الله،
أشهد أن محمداً رسول الله،
أشهد أن محمداَ رسول الله،
حي على الصلاة، حي على
الصلاة،
حي على الفلاح، حي على الفلاح،
الله أكبر الله أكبر،
لا إله إلا الله.
ويضاف في أذان الفجر: الصلاة
خير من النوم، الصلاة خير من النوم، بعد
قوله: على الفلاح الثانية. وقد ثبتت هذه الصيغة بالأحاديث الصحيحة، عند البخاري
ومسلم.
شروط صحة الأذان:
ويشترط لصحة
الأذان الأمور التالية:
أولا:
في المؤذن:
يشترط في المؤذن أن يكون مسلما ذكرا بالغا، فلا يقبل من غير المسلم
، ولا المرأة والا الغلام.
ويشترط للآذان
:
1-
الموالاة بين كلماته، بحيث لا يقوم فاصل كبير بين الكلمة والأخرى.
2- ورفع
الصوت إذا كان يؤذن لجماعة، أما إذا كان يؤذن لمنفرد فيسن رفع الصوت في غير مسجد
وقعت فيه جماعة قبلها.
روى البخاري أن النبي ﷺ قال لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه:
"إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك
أو باديتك فأذنت للصلاة ، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا
إنس ولا شئ إلا شهد له يوم القيامة".
أما جماعة النساء:
فلا يندب لهن الأذان، لأن في رفع صوتهن يخشى
الفتنة، ويندب لهن الإقامة، لأنها لاستنهاض الحاضرين وليس فيها رفع صوت كالأذان.
3- دخول
الوقت ، لقوله ﷺ: " إذا حضرت الصلاة فيؤذن لكم أحدكم " ( رواه البخاري ، ومسلم)، لأن الأذان إعلام بدخول الوقت، فلا يصـح
قبله بالإجماع، إلا في الصٌّبح، فإنه يجوز من نصف الليل.
سنن الأذان:
ويسنّ للأذان الأمور التالية:
1- أن يتوجه المؤذن إلى القبلة، لأنها أشرف الجهات وهو المنقول
سلفاً وخلفاً.
2- وأن يكون طاهراً من الحدث الأصغر والأكبر، فيكره الأذان للمحدث،
وأذان الجنب أشد كراهة.
3- وأن يؤذن قائماً، لقوله ﷺ: " يا بلال قم
فناد للصلاة".
4- أن يلتفت بعنقه – لا بصدره – يميناً في "حيَّ على
الصَّلاة" ، ويساراً في "حيَّ على الفَلاح".
روى البخاري أن أبا جحيفة
رضي الله عنه قال: رأيت بلالاً يؤذن، فجعلت أتتبع فاه هنا وهنا بالأذان يميناً
وشمالاً: حتى على الصلاة حتى على الفلاح.
5- أن يرتَّل كلمات الأذان، وهو التأني فيه.
6-
الترجيع بالأذان، وهو أن يأتي المؤذن بالشهادتين سراً قبل أن يأتي بهما جهراً،
لثبوت ذلك في حديث أبي محذورة رضي الله عنه الذي رواه مسلم وفيه: "ثم يعود فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله".
7- التثويب في أذان الصبح، وهو أن يقول بعد حيَّ على الفلاح:
الصلاة خيرٌ من النوم مرتين، لورود ذلك في حديث أبي داود
8- أن يكون المؤذن صيَتاً حسن الصوت، ليرقّ قلب السامع،
ويميل إلى الإجابة، لقوله ﷺ
لعبد الله بن زيد رضي الله عنه، الذي رأى الأذان في النوم: " فقم مع بلال، فألق عليه ما رأيت فليؤذن به، فإنه أندى صوتاً
منك" (رواه أبو داود: وغيره).
[ قال في المصباح: أندى صوتاً منه كناية عن قوته وحسنه].
9- أن يكون المؤذن معروفاً بين الناس بالخلق والعدالة.
10- عدم التمطيط بالأذان، أي تمديده والتغني به، بل يكره ذلك.
11- ويسن مؤذنان في المسجد لأذان الفجر، يؤذن واحد قبل الفجر،
والآخر بعده ودليل ذلك حديث البخاري
ومسلم: " إن بلالاً يؤذن
بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم".
12- ويسن لسامع الأذان الإنصات، وأن يقول كما يقول المؤذن،
ودليل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا
سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن" (رواه
البخاري ومسلم) .
لكن يقول في الحيعلتين: لا حول ولا قوة إلا بالله. ودليل ذلك حديث
البخاري ومسلم واللفظ له: "وإذا قال حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله،
وإذا قال حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله" وجاء في آخر الحديث أن: "من
قال ذلك من قلبه دخل الجنة" .
13- الدعاء والصلاة على النبي ﷺ بعد الأذان:
ويسن للمؤذن وللسامع، إذا
انتهى المؤذن من أذانه أن يصليا على النبي ﷺ ، ويدعوا له لما ورد عنه ﷺ وحضنا عليه:
روى مسلم وغيره، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه
: أنه سمع النبي ﷺ يقول: "إذا
سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ، فإنه من صلى عليّ صلاة صلى الله
بها عليه عشراً. ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي إلا
لعبدٍ من عباد الله، وأرجو أن أكون هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه
الشفاعة".
أي
استحقها ووجبت له.
وروى البخاري
وغيره عن جابر رضي الله عنه: أنَّ رسول الله ﷺ قال: "من
قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آتِ سيِّدنا
محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم
القيامة".
[ الدعوة التامة " دعوة التوحيد التي لا ينالها تغيير ولا
تبديل].
الفضيلة:
المرتبة الزائدة على سائر الخلائق. مقاماً محموداً: يحمد القائم فيه. الذي وعدته:
يقول سبحانه: ( عسى أن
يبعثك ربك مقاماً محموداً) (الإسراء:22)
ويقول المؤذن الصلاة على النبي ﷺ والدعاء بصوت أخفض من الأذان ومنفصل عنه، حتى لا يتوهم أنها من
ألفاظ الأذان.
الإقامة:
وأما
الإقامة : فهي نفس الأذان مع ملاحظة الفوارق التالية:
1- الأذان مثنى، والإقامة فرادى. ودليل ذلك حديث أنسرضي الله عنه
عند البخاري ،ومسلم: أمر بلال أن يشفع
الأذان، ويوتر الإقامة، إلا الإقامة – أي لفظ قد قامت الصلاة – فإنها تكرر مرتين.
وصيغة الإقامة كاملة:
الله
أكبر الله أكبر،
أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول
الله،
حيَّ على الصلاة، حيّ على الفلاح،
قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة،
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
وقد ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة عند البخاري
ومسلم وغيرهما.
2- الترسل والتمهُّل في الأذان، والإسراع في الإقامة، لأن الأذان للغائبين، فكان الترتيل
فيه أبلغ، والإقامة للحاضرين، فكان الإسراع فيها أنسب.
3- من كان عليه فوائت وأراد أن يقضيها أذَّن للأولى فقط، وأقام لكل
صلاة، ودليل ذلك أن الني ﷺ:"جمع
بين المغرب والعشاء بمزدلفة بأذان واحد وإقامتين"
(رواه مسلم).
النداء
للصلوات غير المفروضة:
الأذان والإقامة سنة مؤكدة للصلوات المفروضة، أما
غيرها مما تسنُّ فيه الجماعة كالعيدين والكسوفين والجنازة، فلا يسن فيها الأذان
والإقامة، وإنما يقول فيها: الصلاة
جامعة.
روى البخاري ومسلم
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: لما انكسفت الشمس على عهد رسول
الله ﷺ نودي: "الصلاة
جامعة".
وقيس على صلاة
الكسوف ما في معناها من الصلوات المسنونة التي تشرع فيها الجماعة.
No comments:
Post a Comment