Monday 25 May 2015

سورة النجم ج 3- هل تثبت قصة الغرانيق العلا ؟ - تأويلها

  


 




 سورة النجم ج 3- هل تثبت قصة الغرانيق العلا ؟

ما هي قصة الغرانيق العلا؟
 
قصة  الغرانيق العلا أوردها كثير من المفسرين عند تفسير قول الله تبارك وتعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } {الحج:52}.
والقصة رواها الطبري وابن أبي حاتم والبزار وابن مردويه وملخصها - كما في الفتح- أن النبي ، قرأ بمكة "والنجم" فلما بلغ قوله تعالى : { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} )النجم:20)، ألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترجى، فقال المشركون: ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم، فسجد النبي ومن معه من المسلمين، وسجد معهم المشركون، فكان هذا سبب نزول قول الله تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ} ...
وهذه القصة ضعف الحفاظ سندها ومتنها وقالوا: إنها لا تصح شرعاً ولا عقلا بهذه الكيفية، بل قال ابن خزيمة: إنها من وضع الزنادقة.
وقال ابن العربي: إنها باطلة لا أصل لها.
وقد ردها القاضي عياض واستدل على بطلانها بأن ذلك لو وقع لارتد كثير من المسلمين، وأن الشيطان لا سبيل له ولا سلطان على عباد الله المخلصين، وأحرى على النبي ، وأن النبي معصوم من الزيادة والنقص في الوحي.
وقال الحافظ في الفتح بعد ما ذكر مبحثا طويلا في هذا الموضوع والأقوال الواردة فيه عن أهل العلم: وكثرة الطرق تدل على أن للرواية أصلاً.
والصحيح ، ما أولها الطبري في تفسير سورة الحج:  إن هذا ليس من كلام الرسول فإن الله يقول(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى) يعني قرأ(أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) فالذي ألقى هذا الكلام هو الشيطان وليس النبي ، وإذا كان هو الشيطان فإن ذلك لا يقدح في مقام رسول الله ولهذا قال الله تعالى في سورة الحج: (فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) إلى آخر الآيات ، وقوله تعالى(وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى)، أي أنه لا ينطق نطقا صادرا عن هوى، كل ما يقوله عن ربه وما يبلغه من الوحي فإنه لا ينطقه عن هوى منه، أو تقوِّل على الله عز وجل بلا علم، وإنما هو وحي يوحيه الله إليه،  
أن النبي كان يرتل القرآن فارتصده الشيطان في سكتة من السكتات، ونطق بتلك الكلمات محاكياً نغمته ،بحيث يظن من سمعه أنها من قوله وأشاعها، قال: وهذا أحسن الوجوه، ويؤيده ما تقدم عن ابن عباس من تفسير "تمنى" بِتَلَا،  واستحسن ابن العربي هذا التأويل....، وقال: في أمنيته، أي في تلاوته.
وقد أخبر الله تعالى أن سنته في أنبيائه وسيرته في رسله إذا قالوا قولا زاد الشيطان فيه من قبل نفسه، فهذا نص في أن الشيطان هو الذي زاده في قول النبي لا أن النبي هو الذي قاله،
والحاصل أن هذه القصة ضعيفة السند، وأنه يستحيل شرعاً وعقلاً أن يلقي الشيطان على لسان النبي هذه الألفاظ الشركية الفاسدة، وإذا اعتبرنا أن لها أصلاً فيمكن أن يقال: إن الشيطان هو الذي زاد في الذي قاله النبي ، وذلك لأن النبي كان يقطع قراءته فيقف عند كل آية، فيتبع الشيطان تلك السكتات فقال بعد وقفة "ومناة الثالثة الأخرى" "تلك الغرانقة العلا وإن شفاعتهن لترجى" فأما المشركون والذين في قلوبهم مرض فنسبوها للنبي بجهلهم حتى سجدوا معه اعتقاداً منهم أنه أثنى على آلهتهم ، وعلم الذين أوتو العلم أن القرآن حق من عند الله تعالى لا يلتبس مع غيره.


No comments:

Post a Comment