علوم
القرآن - الفرق بين القرآن والحديث القدسي
القرآن : عند أهل السنة والجماعة : أن القرآن كلام الله تعالى المنزل على النبي ﷺ على سبيل الإعجاز والتحدي المتعبد
بتلاوته.
فالقرآن معجزة الله عز وجل لنبيه ﷺ ، وهو منهج سعادة للناس في الدنيا والآخرة، وفيه التحدي للكفار المعاندين
من جميع الجهات.
الحديث القدسي هو: ما كان لفظه من النبي ﷺ ، ومعناه من الله
تعالى.
أو هو ما أخبر الله نبيه بالإلهام
أو المنام، فأخبر رسول الله ﷺ عن ذلك المعنى
بعبارة من نفسه.
وللفائدة فإن الحديث النبوي: هو ما أضيف إلى النبي ﷺ من قول أو فعل أو
تقرير ونحوها من أوصاف خَلقية أو خُلقية أو همِّ.
أقوال العلماء في الفروق بين
القرآن والأحاديث القدسية:
قال المناوي: قالوا: هذا الحديث كلام قدسي والفرق بينه وبين القرآن أن
القرآن هو اللفظ المنزل به جبريل للإعجاز عن الإتيان بسورة من مثله
قال الطيبي: وفضل القرآن على الحديث القدسي أن القدسي نص إلهي في الدرجة
الثانية – ويقصد أنه من الدرجة الثانية : أي ليس وحيا باللفظ والمعني ، بل المعنى
لله فقط ، واللفظ للنبي ﷺ، وإن كان من غير واسطة ملك غالبا
لأن المنظور فيه المعنى دون اللفظ وفي القرآن اللفظ والمعنى منظوران .
قال الكرماني: القرآن لفظ معجز ومنزل بواسطة جبريل عليه السلام وهذا- أي
القدسي- غير معجز وبدون الواسطة ومثله يسمى بالحديث القدسي والإلهي والرباني.
قال ابن حجر الهيتمي في شرح الأربعين النووية في شرح الحديث الرابع
والعشرين المسلسل بالدمشقيين:
أعلم أن الكلام المضاف إليه تعالى أقسام ثلاثة:
أولها - وهو أشرفها القرآن: لتميزه عن البقية بإعجازه من
أوجه كثيرة وكونه معجزة باقية على ممر الدهر ، محفوظة من التغيير والتبديل، وبحرمة
مسه لجنب، وتلاوته لنحو الجنب، وروايته بالمعنى، وبتعينه في الصلاة، وبتسميته
قرآنا، وبأن كل حرف منه بعشر حسنات، وبامتناع بيعه في رواية عند أحمد، وكراهته
عندنا، وبتسمية الجملة منه آية وسورة، وغيره من بقية الكتب، والأحاديث القدسية لا
يثبت لها شيء من ذلك، فيجوز مسه، وتلاوته
لمن ذكر، وروايته بالمعني، ولا يجزئ في الصلاة بل يبطلها، ولا يسمى قرآنا، ولا
يعطى قارئة بكل حرف عشرا، ولا يمنع بيعه ولا يكره اتفاقا، ولا يسمى بعضه آية ولا
سورة اتفاقا أيضا .
ثانيهاً - كتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبل
تغييرها وتبديلها
ثالثهاً - بقية الأحاديث القدسية: وهي ما نقل إلينا آحاداً عنه مع إسناده
ﷺ لها عن ربه ، فهي من كلامه تعالى فتضاف إليه وهو
الأغلب، ونسبتها إليه حينئذ نسبة إنشاء
لأنه المتكلم بها أولاً وقد تضاف إلى النبي لأنه المخبر بها عن الله تعالى، بخلاف القرآن فإنه لا تضاف إلا إليه تعالى فيقال
فيه قال الله تعالى وفيها قال رسول الله فيما يروي عن ربه تعالى...
قال السيوطي: كما ورد أن جبريل كان ينزل بالسنة كما ينزل بالقرآن ومن هنا
جاز رواية السنة بالمعنى لأن جبريل أداه بالمعنى ولم تجز القراءة بالمعنى لأن
جبريل أداه باللفظ ولم يبح له إيحاءه بالمعنى والسر في ذلك أن المقصود منه التعبد
بلفظه والإعجاز به فلا يقدر أحد أن يأتي بلفظ يقوم مقامه وإن تحت كل حرف منه معاني
لا يحاط بها كثرة فلا يقدر أحد أن يأتي بدله بما يشتمل عليه والتخفيف على الأمة
حيث جعل المنزل إليهم على قسمين قسم يروونه بلفظه الموحى به وقسم يروونه بالمعنى
ولو جعل كله مما يروى باللفظ لشق أو بالمعنى لم يؤمن التبديل والتحريف فتأمل.
قال الزرقاني: أن القرآن أوحيت ألفاظه من الله اتفاقا، وأن الحديث القدسي أوحيت ألفاظه من الله على
المشهور، والحديث النبوي أوحيت معانيه في
غير ما اجتهد فيه الرسول والألفاظ من الرسول ﷺ.
بيد أن القرآن له خصائصه من الإعجاز والتعبد به ووجوب المحافظة على أدائه
بلفظه ونحو ذلك وليس للحديث القدسي والنبوي شيء من هذه الخصائص، والحكمة في هذا التفريق أن الإعجاز منوط بألفاظ
القرآن فلو أبيح أداؤه بالمعنى لذهب إعجازه وكان مظنة للتغيير والتبديل واختلاف
الناس في أصل التشريع والتنزيل أما الحديث القدسي والحديث النبوي فليست ألفاظهما
مناط إعجاز ولهذا أباح الله روايتهما بالمعنى ولم يمنحهما تلك الخصائص والقداسة
الممتازة التي منحها القرآن الكريم تخفيفا على الأمة ورعاية لمصالح الخلق في
الحالين
خلاصة الفروق بين القرآن والحديث
القدسي:
1- القرآن الكريم لفظه ومعناه من عند الله عز وجل وأما الحديث القدسي فالمتفق
عليه فيه أن معناه من عند الله عز وجل والخلاف في اللفظ، فالقول بأن اللفظ لرسول
الله.
2- القرآن الكريم القرآن : قطعي الثبوت ، فهو متواتر كله، كل ما فيه من
حروف وكلمات وجمل سبيل نقلها التواتر أما الحديث القدسي فيقع فيه المتواتر والآحاد.
3- القرآن لا يقال في ثبوت حرف أو آية منه ضعف أما الحديث القدسي فيقع فيه
الضعيف والموضوع.
4- القرآن كله نزل عن طريق وحي جلي في حال اليقظة عن طريق جبريل عليه
السلام، كقوله تعالى: (قلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ
فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ الله) ( البقرة 18) ، وقوله: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ) ( الشعراء193)، وقوله: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقّ) ( النحل102)
أما الحديث القدسي فالثابت في التعاريف أنه قد يكون في المنام وقد يكون
بالوحي والإلهام إلى غير ذلك مما ورد في التعريف
5- القرآن تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه عن التبديل والتغيير والتصحيف
فقال سبحانه: (إِنَّا نَحْنُ
نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)( الحجر9)
ولم يثبت للحديث القدسي مثل هذا التعهد بحفظه، وهذا كبقية الأحاديث
النبوية.
6- القرآن مختص بأنه مكتوب في اللوح المحفوظ نصاً دون غيره.
7- القرآن متعبد بتلاوته ويقع عليها الثواب فعن عبد الله بن مسعود قال: قال
رسول الله ﷺ: " مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ
كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا
أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ" ( الترمذي وقال: حسن صحيح)
ولم يتعبد الله عباده بتلاوة الأحاديث القدسية ، بل من قرأه وتعلمه فإن له
أجر تعلم العلم كغيره من الفقه، وعلوم الدين.
8- القرآن لا يجوز تبليغه وقراءته إلا بالقراءة المتواترة ولا يجوز بالمعنى
أما الحديث القدسي فيجوز تبليغه بالمعنى.
9- القرآن الكريم يلزم قراءته في الصلاة ولا يجوز بمعناه، أما الحديث القدسي فيجوز قراءته بالمعنى،
والأفضل النص الصحيح.
10- القرآن لا يقرأه ولا يمسه الجنب، ولا الحائض ولا المحدث – على خلاف ، والأصح
الجواز- أما الحديث القدسي فيجوز مسه لكل هؤلاء.
11- القرآن ينقسم إلى آيات وسور وأجزاء وأحزاب ، أما الحديث
القدسي فليس كذلك.
12- القرآن الكريم ، وليس الحديث القدسي، فيه تحدي وإعجاز في حروفه وآياته
ونظمه وغير ذلك، فقد تحدى الله الناس بأن يأتوا بمثله؛ أي كله، في قوله تعالى: (فليأتوا بحديث مثله) ( الطور34) ، ثم تحدي بعشر سور مثله ،في
سورة هود، قال تعالى: ( فأتوا بعشر سور
مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ) ( هود 13)، قيل
العشر سور المتحدي بها على ما ورد في الرواية هي: سورة الأعراف وسورة يونس وسورة مريم وسورة طه
وسورة الشعراء سورة النمل وسورة القصص وسورة القمر وسورة ص، فهذه تسع من السور عاشرتها سورة هود، فهذه العشر
سور المتحدى بها، ثم تحدي بواحدة كما في سورة يونس: ( فأتوا بسورة مثله
وادعوا من استطعتم من دون الله ) ( يونس 38) ومثلها في سورة البقرة ، قال
تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى
عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ
الله إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا
فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ
لِلْكَافِرِينَ) ( البقرة 23-24) .
أشكال في
ترتيب سور التحدي:
مما تقدم في ترتيب سور التحدي يلاحظ أن سورة يونس- التي تحدي الله فيها أن
يأتوا بسورة - قبل سورة هود- التي فيها
التحدي بعشر سور - في ترتيب النزول ويؤيده الأثر، ولو كان جهة الإعجاز هي البلاغة
خاصة لكانت هذه التحديات خارجة عن النظم الطبيعي إذ لا يصح أن يكلف البلغاء من
العرب المنكرين لكون القرآن من عند الله بإتيان مثل سورة منه ثم بعده بإتيان عشر
سور مفتريات، بل مقتضى الطبع أن يتحدى بتكليفهم بإتيان على الترتيب
: مثل القرآن أجمع، فإن عجزوا فبإتيان عشر سور مثله مفتريات، فإن عجزوا فبإتيان سورة مثله.
و قد ذكر بعضهم في التفصي عن هذا الإشكال أن الترتيب بين السور ونزول بعضها
قبل بعض لا يستلزم الترتيب بين آيات السور فكم من آية مكية موضوعة في سورة مدنية وبالعكس،
فمن الجائز حينئذ أن تكون آيات التحدي
بتمام القرآن نازلة قبل غيرها مطلقا ثم تكون آية التحدي بعشر سور مفتريات نازلة
بعدها، وآية التحدي بسورة واحدة نازلة بعد الجميع، وهذا أقرب التأويل لهذا الشكال.
-أما الحديث القدسي فلم يتحدى ربنا الناس، أو عرب قريش أن يأتوا يمثله.
-أما الحديث القدسي فلم يتحدى ربنا الناس، أو عرب قريش أن يأتوا يمثله.
13- القرآن معجز في جميع صفاته المختصة به من بلاغة و فصاحة وما فيه من
المعارف الحقيقية والأخلاق الكريمة والشرائع الإلهية والقصص والعبر والإخبار
بالمغيبات ، وما له من السلطان على القلوب والجمال الحاكم في النفوس.
14- القرآن يكفر جاحده بلا خلاف، أما الحديث القدسي فلا يكفر إذا كان متأولا بضعف
رواته، أو عدم التدوين للحديث ، أو نحو ذلك
14- القرآن ينسب إلى الله مطلقا أما الحديث القدسي لا ينسب إلى
الله إلا مقيدا، وألفاظ النسب هي ؛ قال رسول الله
فيما يرويه عن ربه ، أو : قال رسول الله
: قال الله تعالى ، وهكذا .
15- القرآن يحرم بيعه عند الإمام أحمد ويكره عند الشافعية أما
الحديث القدسي فلا.
16- القرآن يحرم السفر به إلى أرض العدو خوف امتهانه بالنص، أما الحديث
القدسي فبالقياس، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: " نَهَى أَنْ
يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوّ"
اللهم لك الحمد بالقرآن ، ولك الحمد بالإيمان ، اللهم اجعل القرآن الكريم
ربيع قلوبنا ، وشفاء ما صدورنا ، واجعله سائقنا إلى الجنان، وشفيعنا عند الرحمن،
وارزقنا حسن تلاوته أناء الليل وأطراف النهار
No comments:
Post a Comment