Monday 24 October 2016

الأمثال في القرآن - المثل الحادي عشر- سورة آل عمران- مثل عيسى عند الله كمثل آدم



  



المثل الحادي عشر  – سورة آل عمران – مثل عيسى عند الله كمثل آدرم

مثل اليوم في أسقاط قول النصاري أن عيسى ابن الله تعالى الله عن أن يكون له ولد ، بالدليل الواضح الذي يقرون به أنفسهم، والقياس الصريح

قال تعالى : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ *الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ } [آل عمران 59 ] .

سبب نزول الآيات:

في قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عيسى} ذكر غير واحد أن وفد نجران قدم إلى رسول الله وكانوا نصارى، وكان قدومهم في سنة التاسعة من الهجرة؛ وتسمى عام الوفود، لكثر الوافدين فيها إلى رسول الله ، وهذا أحد الأسباب التي منعت النبي أن يحج في العام التاسع مع أن مكة قد فتحت..
 فقالوا لرسول الله : مالك تشتم صاحبنا؟ قال: ما أقول؟ قالوا: تقول: أنه عبد الله قال:" أجل هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول"  فغضبوا وقالوا: هل رأيت إنسانًا قط من غير أب فإن كنت صادقًا فأرنا مثله فأنزل الله تعالى هذه الآية.( قاله الألوسي رحمه الله )

وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق سلمة بن عبد يسوع عن أبيه عن جده أن رسول الله كتب إلى أهل نجران: "  بسم إله إبراهيم وإسحق ويعقوب من محمد رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران إن أسلمتم فإني أحمد الله إليكم إله إبراهيم وإسحق ويعقوب،  أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد ، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد،  فإن أبيتم فالجزية،  فإن أبيتم فقد أذنتم بحرب والسلام"
 فلما قرأ الأسقف الكتاب فظع به وذعر ذعرًا شديدًا فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وداعة فدفع إليه كتاب رسول الله فقرأه فقال له الأسقف: ما رأيك؟ فقال شرحبيل: قد علمت ما وعد الله تعالى إبراهيم في ذرية إسمعيل من النبوة فما يؤمن أن يكون هذا الرجل نبيًا وليس لي في النبوة رأي لو كان أمر من أمر الدنيا أشرت عليك فيه وجهدت لك.
 فبعث الأسقف إلى واحد بعد واحد من أهل نجران فكلهم قال مثل قول شرحبيل فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا شرحبيل وعبد الله بن شرحبيل، وحيار بن قنص فيأتونهم بخبر رسول الله فانطلق الوفد حتى أتوا رسول الله فسألهم وسألوه فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا: ما تقول في عيسى ابن مريم؟ فقال رسول الله : ما عندي فيه شيء يومي هذا فأقيموا حتى أخبركم بما يقال لي في عيسى صبح الغداة فأنزل الله هذه الآية: {إِنَّ مَثَلَ عيسى} إلى قوله سبحانه: {فَنَجْعَل لَّعْنَتَ الله عَلَى الكاذبين} [آل عمران 61] فأبوا أن يقروا بذلك فلما أصبح رسول الله الغد بعد ما أخبرهم الخبر أقبل مشتملًا على الحسن والحسين في خميلة له،  وفاطمة تمشي عند ظهره للملاعنة ، وله يومئذ عدة نسوة.
فقال شرحبيل لصاحبيه: إني أرى أمرًا ثقيلًا إن كان هذا الرجل نبيًا مرسلًا فلاعناه ، لا يبقى على ظهر الأرض منا شعر ولا ظفر إلا هلك،  فقالا له: ما رأيك؟ فقال: رأيي أن أحكمه فإني أرى رجلًا لا يحكم شططًا أبدًا ، فقالا له: أنت وذاك،  فتلقى شرحبيل رسول الله فقال: إني رأيت خيرًا من ملاعنتك،  قال: وما هو؟ قال: حكمك اليوم إلى الليل وليلك إلى الصباح،  فما حكمت فينا فهو جائز،  فرجع رسول الله ولم يلاعنهم،  وصالحهم على الجزية.
للفائدة :
أسلم أهل نجران في السنة العاشرة للهجرة ، وذلك أن النبي قد بعث خالد الوليد رضي الله عنه إليهم لدعوتهم إلى الإسلام، فمكث فيهم أياماً يدعوهم إلى الإسلام فاستجابوا لدعوته ودخلوا في دين الله تعالى.
روى ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر، قال: بعث رسول الله خالد بن الوليد في ربيع الآخر -أو في جمادى الأولى- في سنة عشر إلى بني الحارث بن كعب بنجران، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم ثلاثاً، فإن استجابوا لك فاقبل منهم، وعلمهم كتاب الله وسنة رسوله، ومعالم الإسلام، فإن لم يقبلوا فقاتلهم.
فخرج خالد حتى قدم عليهم، فبعث الركبان يضربون في كل وجه، ويدعون الناس إلى الإسلام، ويقولون: يا أيها الناس أسلموا تسلموا. فأسلم الناس ودخلوا فيما دعاهم إليه، وأقام خالد فيهم وعلمهم الإسلام وكتاب الله وسنة رسوله.- وقيل من أسلم من أهل نجران هم الأميين، ففي نجران كان أميون ونصارى ، أسلم الأميون منهم ولم يسلم النصارى، فبعث رسول الله علياً يأخذ من النصاري الجزية ، وممن أسلم منهم الزكاة.( قالها ابن القيم في زاد المعاد) والله أعلم .

تفسير الآيات :

قوله: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ}
التمثيل هنا لبيان الحال الذي أختلف فيه النصاري، حتى أدّعوا لله ولداً سبحانه عما يقولون، فكما تعلمون أيها النصارى حال خلق آدم وتقرون به،  فكذلك خلق عيسى مع الفارق الذي سيوضحه سبحانه .

{ مَثَلَ }  هنا يعني شأنه،  أي شأن عيسى عند الله كشأن آدم لا يختلف عنه، فكما أننا متفقون على أن آدم خلقه الله عزّ وجل من غير أب ولا أم،  والنصارى يؤمنون بهذا ـ فما بال النصارى يقولون: كيف خلق الله عيسى بلا أب ما هو إلا ابنه، نعوذ بالله..
فقالوا: إنه ابن الله جزء منه، ولم يقولوا: إن آدم ابن الله مع أنه أحرى بهذا ، فلو كان أحد يدعي البنوة في أحد من البشر لكان الأحق بها آدم؛ لأنه ليس له أم ولا أب،  أما عيسى فله أم، والأم أحد الوالدين، فإذا كنا نقول: لا يمكن أن يوجد أحد من أب بلا أم، أو من أم بلا أب فلنقل: ولا أحد يوجد بدون أم ولا أب، فأنتم أيها النصارى أقررتم بأن آدم ليس ابناً لله فيلزمكم أن تقروا بأن عيسى ليس ابناً لله؛ لأن مثل عيسى كمثل آدم.

وقوله تعالى : {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} يعني ابتدأ خلقه من تراب، وضمير المفعول في خلقه يعود على آدم؛ لأنه هو المخلوق من التراب، خلقه أي: خلق آدم من تراب.

 {ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}. أي ابتدأ خلقه من تراب ثم قال له : كن، والأمر هذا لتمام الخلق، أي: ابتدأ خلقه من تراب ثم قال له: كن بشراً فكان بشراً.

أمر الله القدري ، وأمره الشرعي:

 الأمر القدري ، هو أمره سبحانه وتعالى لكل المخلوقات أن تكون حالها وفعلها بنظام معين أو كيفية معينة كما يشاء هو سبحانه، وهو ما قدر الله تعالى في هذا الكون أن يكون ، ولهذا قيل في تعريفه: لا يتخلف عنه الحادث – لا بد أن يحدث بالأمر-؛ لأنه أمر حتمي، مثاله: أمر الله تعالى الشمس بأن تشرق من المشرق، هذا من أوامره القدرية ، وأمره الرياح بأن تسير السحاب من مكان إلى المكان الذي قدَّر الله تعالى أن تمطر به، فالأمر الكوني فإنه لا مرد له .
أما الأمر الشرعي : هو أمره تعالى لعباده بعبادته وحده، وهذا الأمر متروك للمأمروين به لفعله طاعة للرب، أو تركه فيكونوا من العاصين، مثلا؛ يقول الله: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ} [البقرة 43] فيقول قائل: لا، لا أقيم الصلاة،  فإن من الناس من يستكبر عن الأمر الشرعي.
والأمر هنا في هذه الآية { كُنْ } هو أمر قدري، أمر به رب الكون ، فكان كما أمر سبحانه وتعالى فقوله: {كُنْ فَيَكُونُ}، ولم يقل: فكان، على حكاية الحال الفورية ، يعني:  فعلاً شرع بالكينونة حتى تمت.

عودة لتفسير الآيات :

وقال: { الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ } أي:هذا القول هو الحق في عيسى، الذي لا محيد عنه ولا صحيح سواه، وماذا بعد الحق إلا الضلال.

ثم قال تعالى  آمرا رسوله أن يُبَاهِلَ مَنْ عَانَدَ الحق في أمر عيسى بعد ظهور البيانِ: { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ } أي:نحضرهم في حال المباهلة { ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } أي:نلتعن { فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } أي:منا أو منكم.

المباهلة :

المباهلة هي الملاعنة ، والمقصود منها أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء ، فيقولوا : لعنة الله على الظالم منا.  ينظر : "النهاية في غريب الأثر"

وآية المباهلة هي قوله تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) [آل عمران 61]

فدعا رسول الله نصارى نجران إلى المباهلة ، بأن يحضر هو وأهله وأبناؤه – تطبيقا للآية- وهم يحضرون هم بنسائهم وأبنائهم، ثم يدعون الله تعالى أن ينزل عقوبته ولعنته على الكاذبين منهم.

فأحضر النبي علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ، وقال : هؤلاء أهلي ( واختيار النبي  فاطمة وزوجها عليا، وأبنائها ليكونوا معه في المباهلة لأنهم آل بيته ، وليس لميزة لهم على بقية الصحابة الكرام).
فتشاور وفد نجران فيما بينهم : هل يجيبونه إلى ذلك ؟
فاتفق رأيهم أن لا يجيبوه ؛ لأنهم عرفوا أنهم إن باهلوه هلكوا ، هم وأولادهم وأهلوهم ، فصالحوه وبذلوا له الجزية ، وطلبوا منه الموادعة والمهادنة ، فأجابهم ، وقد تقدم.

موضع المثل وفائدته:

قال الألوسي رحمه الله:
والمثل هنا ليس هو المثل المستعمل في التشبيه والكاف زائدة كما قيل به بل بمعنى الحال والصفة العجيبة أي: إن صفة عيسى { عندَ الله } أي: في تقديره وحكمه، أو فيما غاب عنكم ولم تطلعوا على كنهه، {كَمَثَلِ ءادَمَ } أي كصفته وحاله العجيبة التي لا يرتاب فيها مرتاب،  {خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ} جملة ابتدائية مبينة لوجه الشبه باعتبار أن في كل الخروج عن العادة وعدم استكمال الطرفين، ويحتمل أنه جيء بها لبيان أن المشبه به أغرب وأخرق للعادة،  فيكون ذلك أقطع للخصم وأحسم للمادة شبهته، و{ مِنْ} لابتداء الغاية – ابتداء الخلق- متعلقة بما عندها، والضمير المنصوب لآدم والمعنى ابتدأ خلق قالبه من هذا الجنس {ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} أي صر بشرًا فصار، فالتراخي على هذا زماني،  إذ بين إنشائه مما ذكر وإيجاد الروح فيه وتصييره لحمًا ودمًا زمان طويل.
 فقد روي أنه بعد أن خلق قالبه من صلصال بقي ملقى على باب الجنة أربعين سنة لم تنفخ فيه الروح.

الخلاف بين أصحاب الكتب السماوية في عيسى عليه السلام :

قال عبد الكريم الخطيب، رحمه الله:
كثر الخلاف في المسيح عليه السلام، لأن ميلاده كان على صورة فريدة، لم يولد بها أحد من قبله،  وكان الناس في هذا الميلاد شيعا وفرقا، كل شيعه تقول فيه قولا، وكل فرقة تذهب فيه مذهبا!
أما اليهود، فقد ارتضوا الجريمة مركبا، فقتلوا أنفسهم، وقتلوا الحق معهم،  وقالوا في المسيح أنه ولد كما يولد الناس، من ذكر وأنثى،  وإن كان ميلاده على فراش الإثم والفاحشة، لأنه ابن زنا!

وأما أتباع المسيح، فقد قصرت مداركهم عن إدراك قدرة الله، فلم تحتمل عقولهم تلك الحقيقة، وهى أن الله قادر على كل شئ، يخلق ما يشاء، مما يشاء، وكيف يشاء! فقالوا: إن المسيح هو الله تجسد بشرا في جسد عذراء.
فميلاد  المسيح عندهم هو ميلاد صورىّ، لأنه لم يولد إلا الله نفسه، الذي كان موجودا بكماله الإلهى قبل هذا الميلاد! وإذن فلا مسيح، وإنما هو الله تسمّى باسم بشري، كما لبس صورة بشرية،  وإذن فهى عملية أشبه بعملية الحلول التي آمن بها كثير من قدماء المصريين، والبراهمة، وغيرهم من الأمم،  فكما كان يحلّ الله في ثور، أو تمساح، أو شجرة، أو رجل، حلّ في جسد طفل، وخرج وليدا من بطن امرأة، تعالى الله وأسمائه وصفاته عن قولهم علواً كبيراً.

وأما المسلمون، فقد جاءهم القرآن بالخبر اليقين عن المسيح، أنه خلقٌ من خلق الله، وإنه إنسان من الناس، ولد بنفخة من روح الله، كما ولد هذا الوجود كله بفيض من فيض الله! وأقرب مثل لهذا. آدم عليه السلام أنه خلق من غير أب أو أم.
خلق من تراب هامد، لا أثر للحياة فيه،  وعيسى عليه السلام خلق مولودا من كائن حىّ، هي أمّه، فأيهما أشدّ غرابة في الخلق؟ الذي خلق من تراب هامد، أم الذي تخلّق من جسد حىّ؟

من فوائد الآية الكريمة:


1 ـ في هذه الآية بيان إقامة الحجة بمثل ما يحتج به الخصم؛ لأنه أقام الحجة على النصارى بمثل ما احتجوا به، فقال: إذا قلتم: إن عيسى ابن الله؛ لأنه خلق بلا أب، فقولوا: إن آدم ابن الله، وإلا فأنتم متناقضون.

2. إعجاز الآية :

(من موقع : عبد الدايم الكحيل للإعجاز العلمي في القرآن والنسة) قال يقول تعالى:
( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران: 59] هذه آية عظيمة وردت فيها كلمة ( مَثَلَ) مرتين، فسيدنا عيسى يشبه سيدنا آدم من عدة نواحي، فكلاهما خُلق من دون أب، وكلاهما نبي، وكلاهما كانا معجزة في الطريقة التي خلقا بها، بشكل يختلف عن جميع البشر. وهذا التماثل بين عيسى وآدم لا يقتصر على الأشياء السابقة، بل هناك تماثل في ذكر كل منهما في القرآن. فلو بحثنا عن كلمة (عيسى) في القرآن نجد أنها تكررت بالضبط 25 مرة، ولو بحثنا عن كلمة (آدم) في القرآن لوجدنا أنها تتكرر 25 مرة أيضاً، وأنه لا يمكن لمصادفة أن تصنع مثل هذا التطابق1!!

3 ـ بيان قدرة الله سبحانه وتعالى وتنوع خلقه سبحانه ، حيث خلق آدم من غير أم ولا أب، وخلق عيسى من أم بلا أب، وهناك أيضاً صنفان آخران: من خلق من أب بلا أم ، وهي حواء، ومن خلق بين أب وأم وهم سائر البشر.

4 ـ إثبات القياس، من أين يؤخذ؟  {كَمَثَلِ آدَمَ} ، وكل مثل مضروب في القرآن فإنه دليل على ثبوت القياس؛ لأنه إلحاق المورد بالمضروب، يعني أنك ألحقت الممثل بالممثل به. قيل.
 قال الألوسي: وفي الآية دلالة على صحة النظر والاستدلال لأنه سبحانه احتج على النصارى وأثبت جواز خلق عيسى عليه السلام من غير أب بخلق آدم عليه السلام من غير أب ولا أم، ثم إن الظاهر أن عيسى عليه السلام خلقه الله سبحانه من نطفة مريم عليها السلام بجعلها قابلة لذلك ومستعدة له كما أشرنا إليه فيما تقدم. والقول بأنه خلق من الهواء كما خلق آدم من التراب مما لا مستند له من عقل ولا نقل { فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا} [الأنبياء: 12] لا يدل عليه بوجه أصلا. اهـ.


اللهم أنّا نعوذ بك أن نشرك بك ما نعلم ، ونستغفرك مما لا نعلم



No comments:

Post a Comment