Friday, 24 July 2020

تفسيروربط للآيات- وبيان للمتشابهات- سورة المدثر ج 3


 


سورة المدثر -ج3 – سبحانه وتعالى هو أهل لان يتقى، فيغفر الذنوب

 

التفسير:

قوله تعالى: { كَلَّا وَالْقَمَرِ } قال الفراء { كلا} صلة للقسم، التقدير أي والقمر. وقيل : المعنى حقا والقمر؛ فلا يوقف على هذين التقديرين على { كلا}، وأجاز الطبري الوقف عليها، وجعلها ردا للذين زعموا أنهم يقاومون خزنة جهنم؛ وقيل بل معناها : ليس الأمر كما يقول من زعم أنه يقاوم خزنة النار، أي كلا لا يستطيعون غلبة خزنة النار، ثم أقسم على ذلك ( والقمر)، وعلى هذا القول يجوز الوقف على (كلا)،  ثم أقسم على ذلك جل وعز بالقمر وبما بعده، فقال:  {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ } أي ولّى ، وقال بعض أهل اللغة : دبر الليل : إذا مضى، وأدبر : أخذ في الإدبار. { وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ } أي أشرق، أو ضاء. وقراءة العامة { أسفر} بالألف. وقرأت {سَفَرَ }. وهما لغتان. يقال : سَفر وجه فلان وأسْفر: إذا أضاء. وفي الحديث : (أسفِروا بالفجرِ ، فإنَّه أعظمُ للأجرِ) ( الترمذي- حسن صحيح)، أي صلوا صلاة الصبح مسفرين، أي متقينين من طلوع الفجر، وخصوصا في الليالي المقمرة، فتحروا طلوع ضوء الفجر، حين يظهر الضوءقليلا، وقيل يقصد: طولوها إلى الإسفار.

قال ابن عاشور في تفسيره( التحرير والتنوير): ويحتمل أن يكون القسم صدراً للكلام الذي بعده وجملة { إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ } جواب القسم والضمير في { إِنَّهَا} راجع إلى {سَقَر }، أي أن سقر لأعظم الأهوال .

والغرض من هذه الأقسام الثلاثة :

هو زيادة التأكيد ،فإن التأكيد اللفظي إذا أكد بالتكرار يكرر ثلاث مرات غالباً ، وقد أقسم الله تعالى بمخلوق عظيم ( القمر) ، وبحالين عظيمين من آثار قدرة الله تعالى ( الليل ، والصبح)

ومناسبة القَسَم ب { وَالْقَمَرِ، وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ، وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ }:

 أن هذه الثلاثة تظهر بها أنوار في خلال الظلام فناسبت حالي الهدى والضلال من قوله : {  كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّـهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ } ( المدثر 31 ) ومن قوله: {وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ} ، ففي هذا الأقسام تمثيل حال الفريقين من الناس عند نزول القرآن بحال اختراق النور في الظلمة .

في اللغة:

 الإسفار : الإنارة. وأسفر وجهه حسنا أي أشرق.

 وسفرت المرأة: كشفت عن وجهها فهي سافر.

ويجوز أن يكون من سفر الظلام أي كنسه، كما يسفر البيت، أي يُكنس.

ومنه يقال السفير : وهو ما سقط من ورق الشجر وتحات؛ يقال : إنما سمي سفيرا لأن الريح تسفره أي تكنسه. والمسفرة : المكنسة.

قوله: { إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ} جواب القسم؛ أي إن هذه النار من الأمور العظائم، وإنها لإحدى الدواهي أو قيل: { إِنَّهَا} أي إن تكذيبهم بمحمد ﷺ بما جاء عن ربه  هو من الكبائر، وقيل : أي إن قيام الساعة لإحدى الكبر، قاله ابن عباس ومجاهد، { نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ } يقول الله عز وجل : أنا لكم منها أي النار نذير فاتقوها، وقال الحسن : والله ما أنذر الخلائق بشيء أدهى منها. وقيل : المراد بالنذير محمد أي قم نذيرا للبشر، أي مخوفا لهم،  أو يراد بها { وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً ۙ } منذرا بذلك البشر، أو إن القرآن كله نذير للبشر، لما تضمنه من الوعد والوعيد. ؛ {لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } أي لمن شاء أن يقبل النذارة ويهتدي للحق، أو يتأخر عنها ويولي ويردها، أو ؛ نذيرا لمن شاء منكم أن يتقدم إلى الخير والطاعة، أو يتأخر إلى الشر والمعصية؛ نظيره { وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ } ﴿٢٤الحجر﴾، أي في الخير { وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ}  يتأخروا عن الخير، قال الحسن : هذا وعيد وتهديد وإن خرج مخرج الخبر؛ كقوله تعالى { فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ } [الكهف ٢٩].فالمشيئة متصلة بالله جل ثناؤه بدءا وأولا، والتقديم للإيمان، والتأخير للكفر، حاصلة تبعا لها.

قوله تعالى { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} أي مرتهنة بكسبها، مأخوذة بعملها، إما خلصها وإما أوبقها. وليست {رَهِينَةٌ} تأنيث رهين في قوله تعالى { كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} ﴿٢١الطور﴾ التأنيث للنفس؛ لأنه لو قصدت الصفة لقيل رهين؛ لأن فعيلا بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث. وإنما هو اسم بمعنى الرهن كالشتيمة بمعنى الشتم؛ والمعنى : كل نفس رهن بكسبها عند الله غير مفكوك {إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ} فإنهم لا يرتهنون بذنوبهم. واختلف في تعيينهم؛ فقال ابن عباس : الملائكة، قال علي بن أبي طالب : أولاد المسلمين لم يكتسبوا فيرتهنوا بكسبهم.فكل نفس بعملها محاسبة {إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ} وهم أهل الجنة، فإنهم لا يحاسبون، وكذا قال مقاتل: هم أصحاب الجنة الذين كانوا عن يمين آدم يوم الميثاق حين قال الله لهم: هؤلاء في الجنة ولا أبالي.

وقال الحسن وابن كيسان : هم المسلمون المخلصون ليسوا بمرتهنين؛ لأنهم أدوا ما كان عليهم. وعن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: هم المسلمون. وقيل: إلا أصحاب الحق وأهل الإيمان. وقيل : هم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم. وقال القاسم : كل نفس مأخوذة بكسبها من خير أو شر، إلا من اعتمد على الفضل والرحمة، دون الكسب والخدمة، فكل من اعتمد على الكسب فهو مرهون، وكل من اعتمد على الفضل فهو غير مأخوذ به. { فِي جَنَّاتٍ} أي في بساتين { يَتَسَاءَلُونَ} أي يسألون المجرمين وهم في الغرفات، وأولئك في الدركات قائلين لهم { عَنِ الْمُجْرِمِينَ} أي المشركين { ما سلككم} أي أدخلكم { في سقر} كما تقول : سلكت الخيط في كذا أي أدخلته فيه. قال الكلبي : فيسأل الرجل من أهل الجنة الرجل من أهل النار باسمه، فيقول له : يا فلان. وفي قراءة عبدالله بن الزبير {يا فلان ما سلكك في سقر} ؟ وهي قراءة على التفسير؛ لا أنها قرآن كما زعم من طعن في القرآن؛ وقيل : إن المؤمنين يسألون الملائكة عن أقربائهم، فتسأل الملائكة المشركين فيقولون لهم { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ } ؟ { قَالُوا} يعني أهل النار { لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ } أي المؤمنين الذين يصلون. { وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ } أي لم نك نتصدق. أي ما عبدنا ربنا ولا أحسنا إلى خلقه من جنسنا، {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} أي كنا نخالط أهل الباطل في باطلهم. وقال ابن زيد : نخوض مع الخائضين في أمر محمد ، وهو قولهم - لعنهم الله - كاهن، مجنون، شاعر، ساحر. وقال السدي : أي وكنا نكذب مع المكذبين. ونتكلم فيما لا نعلم، وقال قتادة : كلما غوى غاو غوينا معه. يقرون بقولهم هذا أنهم كانوا أتباعا ولم نكن متبوعين. { وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ } أي لم نك نصدق بيوم القيامة، يوم الجزاء والحكم. {حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ} أي جاءنا ونزل بنا الموت؛ ومنه قوله تعالى { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [الحجر : 99].

وقال رسول اللّه : (أما هو - يعني عثمان بن مظعون - فقد جاءه اليقين من ربه، وهو الموت)

 

درس في وفاة عبد الله بن مظعون:

روى البخاري عن خارجة بن زيد بن ثابت رضي الله عنه : عن أم علاء عمة حزام بن حكيم قالت: ( أنَّ عُثْمانَ بنَ مَظْعُونٍ طارَ لهمْ في السُّكْنَى، حِينَ اقْتَرَعَتِ الأنْصارُ علَى سُكْنَى المُهاجِرِينَ، قالَتْ أُمُّ العَلاءِ: فاشْتَكَى عُثْمانُ عِنْدَنا فَمَرَّضْتُهُ حتَّى تُوُفِّيَ، وجَعَلْناهُ في أثْوابِهِ، فَدَخَلَ عليْنا النبيُّ ﷺ، فَقُلتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أبا السَّائِبِ، شَهادَتي عَلَيْكَ لقَدْ أكْرَمَكَ اللَّهُ، فقالَ النبيُّ ﷺ: "وما يُدْرِيكِ أنَّ اللَّهَ أكْرَمَهُ، قالَتْ: قُلتُ: لا أدْرِي، بأَبِي أنْتَ وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ، فَمَنْ؟ قالَ: أمَّا هو فقَدْ جاءَهُ واللَّهِ اليَقِينُ، واللَّهِ إنِّي لَأَرْجُو له الخَيْرَ، وما أدْرِي واللَّهِ وأنا رَسولُ اللَّهِ ما يُفْعَلُ بي، قالَتْ: فَواللَّهِ لا أُزَكِّي أحَدًا بَعْدَهُ، قالَتْ: فأحْزَنَنِي ذلكَ، فَنِمْتُ، فَأُرِيتُ لِعُثْمانَ بنِ مَظْعُونٍ عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ رَسولَ اللَّهِ ﷺ فأخْبَرْتُهُ، فقالَ: ذَلِكِ عَمَلُهُ." ( رواه البخاري)

 

تصحيح رسول الله قول قد يصدر من أناس بحق موتاهم:

 

لم يعترض النبي على قول أم العلاء رضي الله عنها: (رحمة الله عليك يا أبا السائب) إذ هو كلام صحيح لاشيء فيه، لأنه دعاء له بالرحمة، أما حينما قالت: (فشهادتي عليك لقد أكرمك الله) و(هنيئا لك الجنة يا أبا السائب)، اعترض النبي على ذلك فقال: (وما يدريكِ أن الله أكرمه؟) ثم قال: (والله إني لأرجو له الخير)، وفي ذلك تصحيح وتعليم من النبي لأم العلاء رضي الله عنها، إذ لا حرج ولا بأس في أن يدعو الإنسان للميت، بل هو مطالب بذلك لما ثبت عنه من أحاديث صحيحة في ذلك، لكن إطلاق الحكم لإنسانٍ ما بأنه من أهل الجنة، أو آخر بأنه من أهل النار، مخالف لسنة النبي وهديه، إلا إذا ثبت لأحد شهادة بالجنة من كلام النبي الصادق المصدوق، مثل: بلال، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وبقية العشرة المبشرين بالجنة، وفاطمة، وخديجة، وعائشة، وسائر أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين، قال ابن عثيمين: "كل إنسان يشهد له النبي بأنه في الجنة فهو في الجنة، وكل إنسان يشهد أنه في النار فهو في النار، وأما من لم يشهد له الرسول فنشهد له بالعموم، نقول: كل مؤمن في الجنة، وكل كافر في النار، ولا نشهد لشخص معين بأنه من أهل النار، أو من أهل الجنة، إلا بما شهد له الله ورسوله".

عودة للتفسير:

 وقوله تعالى {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} هذا دليل على صحة الشفاعة للمذنبين؛ وذلك أن قوما من أهل التوحيد عذبوا بذنوبهم، ثم شفع فيهم، فرحمهم الله بتوحيدهم والشفاعة، فأخرجوا من النار، وليس للكفار شفيع يشفع فيهم. وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : يشفع نبيكم رابع أربعة : جبريل، ثم إبراهيم، ثم موسى أو عيسى، ثم نبيكم ، ثم الملائكة، ثم النبيون، ثم الصديقون، ثم الشهداء، ويبقى قوم في جهنم، فيقال لهم { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} إلى قوله {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}  أي من كان متصفاً بمثل هذه الصفات، فإنه لا تنفعه يوم القيامة شفاعة شافع فيه، لأن الشفاعة إنما تنجح إذا كان المحل قابلاً، فأما من وافى اللّه كافراً، فإن له

 

ثم قال تعالى: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ } أي فما لهؤلاء الكفرة الذين قبلك معرضون مولون عما جئتم به. وإعراضهم هو إعراض عن القرآن إما بالجحود به وإنكاره، وإما  ترك العمل بما فيه. { كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ} كأن هؤلاء الكفار في فرارهم منك ومما جئت به  {حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ } أي حمر وحشية،  أي منفرة مذعورة ، إذا فرت ونفرت ممن يريد صيدها، قيل: من  أسد، قال ابن عباس: ما أعلم القسورة الأسد في لغة أحد من العرب، ولكنها عصب الرجال؛ قال : فالقسورة جمع الرجال، قال ابن عباس ، وهو وقول الجمهور بل:{مِن قَسْوَرَةٍ}  أي من رماة يرمونها.

قال بعض أهل اللغة:

 إن القسورة الرامي، وجمعه القسورة، قاله أبو هريرة وابن عباس ، وهو قول الجمهور، وقال أيضا: القسورة بلسان العرب: الرماة، وبلسان الحبشة: الأسد؛ وبلسان فارس: شير، وبلسان النبط: أريا.

وقوله تعالى: { بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفًا مُّنَشَّرَةً } أي بل يريد كل واحد من هؤلاء المشركين أن ينزل عليه كتاب كما أنزل اللّه على النبي ، وكانوا يقولون إن كان محمد صادقا فليصبح عند كل رجل منا صحيفة فيها براءته وأمنه من النار. وهذه الآية  كقوله تعالى: { وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّـهِ ۘ} ﴿الأنعا١٢٤﴾، وقيل أن أبا جهل وجماعة من قريش قالوا : يا محمد! ايتنا بكتب من رب العالمين مكتوب فيها : إني قد أرسلت إليكم محمدا  رسولا، نظيره {وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ } [الإسراء 93]، وقالوا : إذا كانت ذنوب الإنسان تكتب عليه فما بالنا لا نرى ذلك؟ { كلا} أي ليس يكون ذلك. وقيل : حقا. والأول أجود؛ لأنه رد لقولهم. {كَلَّا ۖ بَل لَّا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ} أي لا أعطيهم ما يتمنون لأنهم لا يخافون الآخرة، اغترارا بالدنيا. أي إنما أفسدهم عدم إيمانهم بها وتكذيبهم بوقوعها.

 

ثم قال تعالى: { كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ} أي حقا إن القرآن تذكرة، { فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ} فمن شاء اتعظ،  {وَمَا يَذْكُرُونَ} أي وما يتعظون {إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ} فهم ليس يقدرون على الاتعاظ والتذكر إلا بمشيئة الله ذلك لهم.

وقوله تعالى: { هُوَ أَهْلُ التَّقْوَىٰ وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} أي هو أهل أن يخاف منه، وهو أهل أن يغفر ذنب من تاب إليه وأناب.

عن أنَس بن مالك رضي اللّه عنه قال: قرأ رسول اللّه الآية:  {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ المَغْفِرَةِ} [المدثر56]، فقال: قال اللهُ عزَّ وجلَّ: (قالَ ربُّكم : أنا أهلٌ أنْ أُتَّقَى فَلا يُجْعَلُ معي إلهٌ، فمن اتَّقَى أنْ يَجْعَلَ معي إلهًا فأنا أهلٌ أنْ أغفرَ لهُ) "رواه السيوطي عن أنس، وصححه الألباني في الجامع الصغير".

 وقيل: هو أهل المغفرة لمن تاب إليه من الذنوب الكبار، وأهل المغفرة أيضا للذنوب الصغار، باجتناب الذنوب الكبار. وقال محمد بن نصر : أنا أهل أن يتقيني عبدي، فإن فعل كنت أهلا أن أغفر له وأرحمه، وأنا الغفور الرحيم].

تم بحمد الله تفسير سورة المدثر، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

 

No comments:

Post a Comment