الأغسال المندوبة- غسل الجمعة
ثانياً – الغسل
المندوب:
وبعبارة أخرى: الأغسال المسنونة، فهي ليست واجبة وتصح الصلاة بدونها، ولكن الشرع ندب إليها
لاعتبارات كثيرة ، وإليك بيانها:
1- غسل الجمعة:
مشروعيته:
يُسنّ الغسل يوم الجمعة لمن أرد حضور الصلاة، وإن لم تجب عليه
الجمعة: كمسافرٍ أو امرأةٍ، أو صغير، وقيل: يسن الغسل لكل أحد، حضر الجمعة أم لا
ودليل ذلك، قوله ﷺ: ( إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتي الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ)
رواه البخاري ومسلم واللفظ له. والأمر هنا للندب، بدليل قوله ﷺ: (مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الجُمُعَةَ فَبِها ونِعْمَتْ، وَمَنِ
اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ) (رواه
الترمذي )
وقوله فيه: (وَمَنِ اغْتَسَلَ
فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ) دل على اشتراك الغسل والوضوء في أصل الفضل وعدم تحتم الغسل، مع كون
الغسل أفضل .
وأيضا قوله ﷺ:ـ( من توضأ
فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة
ثلاثة أيام ) أخرجه مسلم من حديث أبو هريرة.
- ما رواه أبو سعيد أن
النبي ﷺقال: ( غسل يوم الجمعة واجب
على كل محتلم والسواك، وأن يمس من الطيب ما يقدر عليه ) [متفق عليه]
-وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺقال: ( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما
قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة
فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في
الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ) [رواه البخاري ومسلم]
-وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله ﷺ: ( اغتسلوا يوم الجمعة
فإن من اغتسل يوم الجمعة فله كفارة ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ) [رواه الطبراني في
الكبير وحسن العراقي إسناده]
حكم غسل الجمعة:
فالمتأمل لهذه الآثار النبوية يدرك
مدى فضل غسل الجمعة وتأكد مشروعيته فمن عمل بما وردت به الأحاديث استحق ذلك الثواب
العظيم، بل إن من العلماء من ذهب إلى وجوب الغسل لصلاة الجمعة ، قال ابن القيم
رحمه الله: ( الأمر بالاغتسال في يومها - يوم الجمعة - أمر مؤكد جداً )
[زاد المعاد]وقال النووي رحمه الله: ( بل هو مستحب لكل من أراد حضور مجمع من مجامع
الناس نص عليه الشافعي ) [المجموع]
وغسل الجمعة آكد من سائر الأغسال، قال المرداوي: وهو الصواب ونحوه
عن ابن القيم. وهذا الغسل سنة في حق كل من أراد حضور الجمعة الرجل والمرأة والصبي
والمسافر والسيد وهو مذهب الجمهور وصححه النووي لأن المقصود منه النظافة ولعموم
الخير. [الإنصاف، وزاد المعاد، وشرح الزركشي]
ومما سبق يتضح آكدية الغسل لصلاة
الجمعة فينبغي عدم التساهل به إدراكاً للفضل وخروجاً من تبعة الوجوب. قال الشافعي
رحمه الله: ( ولا تركت غسل الجمعة في حر ولا برد ولا سفر ولا غيره )
وقته:
اختلف العلماء في تحديد وقت الغسل لصلاة الجمعة ففي الحديث ( لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا ) [رواه البخاري] فالمراد
باليوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لهذا ذهب الظاهرية إلى أن سنة الغسل تحصل
بالاغتسال ولو بعد صلاة الجمعة لأن الغسل عندهم ليوم الجمعة ولا يختص بالصلاة فقد
أخذوا بظاهر النصوص وهذا خلاف ما أجمعت عليه الأمة .
وأقرب الأقوال للصواب أن الغسل يكون من طلوع الشمس إلى وقت الذهاب
إلى صلاة الجمعة. والأفضل أن يكون عند مضيه ( قالت الشافعية: يصح غسل الجمعة من
طلوع الفجر إلى أن يدخل في الصلاة والأفضل تأخيره إلى وقت الذهاب إليها حيث بلغ
الغاية في النظافة
وقالت المالكية: ويصح
بطلوع الفجر والاتصال بالذهاب إلى الجمعة فلو اغتسل ولم يذهب إلى الجامع لم تحصل
السنة ).[ أنظر المغني، وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة،والمجموع].
من الغسل وهو تطيب
رائحة الجسم وإزالة روائح العرق والرائحة الكريهة،
لأن الإسلام إنما سنَّ غسل الجمعة من أجل اجتماع الناس، لئلا يتأذى بعضهم لرائحة
كريهة، لذلك نهى النبي ﷺ عن أكل الثوم والبصل، لمن يريد حضور
الصلوات في المساجد. قال تعالى: (يا بني آدم خُذُوا زينتكم عند كُلِّ مسجد )[الأعراف:31] ولنا في ذلك كله وقوله
تعالى: ( لقد كان لكم في رسول
الله أسْوةٌ حسنة) ( الأحزاب 21)
ولهذا يحسن بالمسلم إذا أراد الخروج
للجمعة أن يغتسل، ويمس من الطيب، ويستاك، ويلبس أحسن الثياب، فيكون قد جمع بين حسن
المظهر وحسن التعبد لله ،وهيأ جواً عبادياً يريح إخوانه المصلين، وإضافة إلى هذا
فإنها زينة مأمور بها شرعاً .
اللهم وفقنا لسنة نبيك ﷺ واجعلنا ممن استنار
بها في جميع أموره إنك سميع مجيب
.
حكم من أحدث بعد
الغسل وقبل الذهاب للصلاة:
من اغتسل يوم الجمعة ثم أحدث قبل الذهاب للجامع أجزاه الغسل فلا
يعيده وكفاه الوضوء لأن المقصود من الغسل هو التنظيف وإزالة الرائحة فلا يؤثر الحدث
في إبطاله ونقل النووي الإجماع على هذه المسألة. [المجموع]
صفة الغسل المشروعة
للجمعة وغيرها:
المغتسل من الجنابة ولغسل صلاة الجمعة والإحرام وغيرهما من الأغسال
المشروعة صفتان:
الأولى: غسل مجزىء: وصفته أن ينوي، ثم يسمي، ثم يعم بدنه بالغسل مرة واحدة، مع
المضمضة والاستنشاق بل لو انغمس من عليه الجنابة، أو يريد غسل الجمعة ببركة ماء.
ثم خرج لجزاه بشرط أن يتمضمض ويستنشق للجنابة.
الثانية: غسل كامل وهو الأفضل وقد وردت به السنة المطهرة. ولمراد به ما اشتمل على
واجبات الغسل، ومستحباته، وصفته:
أن ينوي المغتسل الطهارة من الجنابة، أو غسل الجمعة، أو غسل
الإحرام للحج أو العمرة، أو غيرها من الأغسال المشروعة. ثم يقول (بسم الله)، استحباباً. ثم يغسل يديه
ثلاثاً لكن إن كان هذا الإغتسال من جنابة وجب غسل اليدين قبل غمسهما في الإناء بعد
ذلك يتوضأ كوضوئه للصلاة. فإذا فرغ من الوضوء حثا الماء على رأسه ثلاث مرات.
مخللاً شعر رأسه، ولحيته بأصابعه ليبلغ الماء بشرته، ثم يعم سائر جسده بالماء مرة
واحدة بدءاً بالجانب الأيمن ثم الأيسر.
نسال الله تعالى أن
يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا ، ويوفقنا للعمل بما علمنا . وأن يرضى عنا
No comments:
Post a Comment