Saturday, 27 December 2014

سلسلة الفقه الميسر – الدرس العشرون – الأغسال المندوبة- غسل العيدين

  

  

الأغسال المندوبة

2- غسل العيدين: 

مشروعيته:
ويسن الغسل يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى، لمن أراد أن يحضر الصلاة ولمن لم يحضر، لأن يوم العيد يوم زينة ، فسنَّ الغسل له.
ودليله: ما رواه مالك في الموطأ  أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الفِطْرِ، قَبْلَ أَنْ يَغْدُو إلى المُصَلَّى.
وقيس بيوم الفطر يوم الأضحى.
ويَعْضُد عمل الصحابي هذا: قياس غسل العيدين على غسل الجمعة، لأن المعنى فيهما واحد، وهو التنظف لاجتماع الناس.
عن الفاكه بن سعد وكان له صحبة (  أن النبي كان يغتسل يوم الجمعة ، ويوم عرفة ، ويوم الفطر : ويوم النحر ) وكان الفاكه بن سعد يأمر أهله بالغسل في هذه الأيام . رواه المسند عبد الله بن أحمد
وروى ابن ماجه  بسند فيه ضعف، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله يغتسل يوم الفطر، ويوم الأضحى ويقوي الحديث ما سبق من عمل الصحابي والقياس.
وقته:
ووقت غسل العيدين يبدأ ينصف الليل من ليلة العيد.
3ـ الغسل من غسل الميت:
ويسن لمن غسل ميتاً أن يغتسل.
      ودليل ذلك قوله : ( من غسل ميتاً فليغتسل). [رواه أحمد وأصحاب السنن وحسنه الترمذي ]. وصرفه عن الوجوب قوله :( وليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه ) [رواه الحاكم].
وقال عليّ المديني وأحمد بن حنبللا يصح في الباب شيء[ الغسل من غسل الميت ]  وهكذا قال الذهبي فيما حكاه الحاكم  تاريخه : ليس فيمن غسل ميتا فليغتسل حديث صحيح . وقال الذهلي: لا أعلم فيه حديثا ثابتا ولو ثبت للزمنا استعماله . وقال ابن المنذرليس في الباب حديث يثبت .
وذهب أكثر أهل البيت  مالك وأ صحاب الشافعي إلى أنه مستحب وحملوا الأمر على الندب لحديث :( إن ميتكم يموت طاهرا فحسبكم أن تغسلوا أيديكم ) أخرجه  البيهقي وحسنه ابن حجر.   
ولحديث ( كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل ) أخرجه   الخطيب من حديث عمر وصحح ابن حجر أيضا إسناده . ولحديث أسماءالآتي: وقال الليث وأبو حنيفة وأصحابه: لا يجب ولا يستحب لحديث (لا غسل عليكم من غسل الميت) رواه الدارقطني والحاكم مرفوعا.
وقال ابن عطاء: ( لا تنجسوا موتاكم فإن المؤمن ليس ينجس حيا ولا ميتاإسناده صحيح .
فمن مجموع الأحاديث يستنتج أن الغسل من تغسيل الميت ليس بواجب، ولكنه من الأغسال المسنونة.
4ـ الأغسال المتعلقة بالحج:
(أ) الغسل للإحرام بالحج أو العمرة:
ودليله ما رواه الترمذي عن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه: أنه رأى النبي ( تجرد لإهلاله واغتسل).
[تجرد لإهلاله: أي نزع ثياب للإحرام، والإهلال: رفع الصوت بالتلبية عند الإحرام، ويطلق على الإحرام نفسه].
      (ب) الغسل لدخول مكة: ودليله: أن ابن عمر رضي الله عنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل مكة نهاراً، وكان يذكر عن النبي
أنه فعله. (رواه البخاري، ومسلم واللفظ له).
(ج) الغسل للوقوف بعرفة بعد الزوال:
والأفضل أن يكون بنمرة قرب عرفات.ودليله: أن علياً رضي الله عنه كان يغتسل يوم العيدين ويوم الجمعة، ويوم عرفة، وإذا أراد أن يحرم رواه الشافعي
وروى مالك في الموطأ  عن نافع: أن عبدالله بن عمر رضي الله عنه  كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، ولدخوله مكة، ولوقوفه عشية عرفة.
(د) الغسل لرمي الجمار في كل يوم من أيام التشريق الثلاثة بعد الزوال:
لآثار وردت في ذلك كله، ولأنها مواضع اجتماع الناس فأشبه الغسل لها غسل الجمعة.
والجمار: هي المواضع الني يرمى فيها الحصى بمنى، وتطلق أيضاً على الحصيات التي يرمى بهن.
(هـ) الغسل لدخول المدينة المنورة:
      إن تيسر له ذلك، قياساً على استحبابه لدخول مكة، لأن كلاً منهما ببلد محرم، فإن لم يستطع اغتسل قبل دخول مكة، لأن كلاً منهما بلد محرم، فإن لم يستطع اغتسل قبل دخوله مسجد النبي .
الكيفية الواجبة في الغسل :ـ
هي عبارة عن أمرين، يعبر عنهما في الفقه بفرائض الغسل:
الأول: النية عند البدء يغسل الجسم، لحديث: "إنما الإعمال بالنيات".
وكيفيتها: أن يقول بقلبه ـ وإذا تلفظ بلسانه كان أفضل ـ : نويت فرض الغسل أو نويت رفع الجنابة، أو استباحة الصلاة، أو استباحة مفتقر إلى غسل .
الثاني: غسل جميع ظاهر الجسم بالماء، بشرة وشعراً، مع إيصال الماء إلى باطن الشعر وأصوله.
روى البخاري  عن جابر رضي الله عنه، وقد سئل عن الغسل، فقال: كان النبييأخذ ثلاثة أكف ويفضها على رأسه، ثم يفيض على سائر جسده .
[أكف: أي عرفات بكفيه، كما ورد في رواية عند مسلم: "ثلاث حفنات".  [والحفنة: ملء الكفين. يفيضها: يصبها. سائر: باقي].
وعند مسلم وغيره، عن على رضي الله عنه  قال: سمعت رسول الله يقول: "من ترك موضع شعره من جنابة لم يصيبها الماء فعل الله به كذا وكذا من النار". قال علي: فمن ثم عاديت شعري .وكان يجز شعره رضي الله عنه، أي يحلقه.

كيفية الغسل المسنونة:
ويعبر عنها في الفقه بسنن الغسل، وهي:
1ـ يغسل يده خارج إناء الماء ثم يغسل بيساره فرجه وما على بدنه من قذر، ثم يدلكها بمنظف.
      روى البخاري، ومسلم ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قالت ميمونة : وضعت للنبي ماء للغسل فغسل يديه مرتين أو ثلاثاً ثم أفرغ على شماله، فغسل مذاكيره، ثم مسح يديه بالأرض.
2ـ يتوضأ وضوءاً كاملاً، وأن أخر رجليه حتى نهاية الغسل فلا بأس.
3ـ يخلل شعر رأسه بماء، ثم يغسل رأسه ثلاثاً.
4ـ يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر.
دل على هذه السنن ما رواه البخاري ومسلم ، عن عائشة رضي الله عنها قالت :ـ(  أن النبي كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أنه قد استبرأ ( أي أوصل الماء إلى أصول الشعر ) حفن على رأسه ثلاث حثيات ثم أفاض الماء على سائر جسده )
 وعن ميمونة رضي الله عنها قالت :(  وضعت للنبي ماء يغتسل به فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثا ثم أفرغ على بيمينه على شماله فغسل مذاكيره ثم دلك يده بالأرض ثم مضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثم غسل رأسه ثلاثا ثم أفرغ على جسده ثم تنحى من مقامه فغسل قدميه )

وغسل المرأة كغسل الرجل إلا أنها لاتنقض ضفيرتها إذا كان لها ضفيرة ( والمقصود إيصال الماء إلى أصول الشعر فإذا وصل فلا حاجة إلى فك الضفيرة )  
ولكن إذا اغتسلت المرأة  من حيض أو نفاس:ـ  أن تأخذ قطنة وتضع عليها مسكا أو طيبا وتمسح بها فرجها لتزيل أثر الدم ورائحته
      ودل على استحباب البدء بالشق الأيمن ما رواه البخاري  ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله.[ ترجله: تسريح شعر رأسه. طهوره: وضوئه وغسله].
5ـ يدلك جسمه ويولي ـ أي بتتابع ـ بين غسل الأعضاء، خروجاً من خلاف من أوجب  ذلك وهم الملكية.
6ـ يتعهد معاطفه بالغسل، وذلك بان يأخذ الماء فيغسل كل موضع من جسمه فيه انعطاف أو التواء، كالأذنين وطيات البطن وداخل السرة والإبط ، وإن غلب على ظنه أن الماء لا يصل غليهما إلا بذلك كان واجباً.
7ـ تثليث أعمال الغسل قياساً على الوضوء.
مكروهات الغسل
1ـ الإسراف في الماء لما مر معك في مكروها الوضوء، ولأنه خلاف فعله
روى البخاري ومسلم، عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ، ويتوضأ بالمد.
وروى البخاري ومسلم  عن جابر رضي الله عنه وقد سئل عن الغسل فقال: يكفيك صاعاً، فقال رجل:ما يكفيني؟ فقال جابر كان نكفي من هو أوفي منك شعراً وخير منك.
[ أوفي: أكثر، ويعني النبي . والصاع: أربعة أمداد، والمد: يساوي مكعباً طول حرفه 2, 9 سم].
2ـ الاغتسال في الماء الراكد: لما رواه مسلم  وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: ( لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب). فقالوا: يا أبا هريرة. كيف يفعل؟ قال:  يتناوله تناولاً. أي يأخذه بيده، أو بإناء صغير. وينوي الاغتراف إن كان الماء قليلاً، حتى لا يصير مستعملاً بمباشرته بجزء من بدنه. أو يأخذ قليلاً من الماء من الوعاء قبل أن ينوي رفع الجنابة، ثم ينوي ويغسل به يده، ثم يتناول بها الماء.

No comments:

Post a Comment