Wednesday 29 April 2015

سلسلة الفقه الميسر - الدرس الثامن والعشرون - صفة الصلاة كاملة مفصلة ج1

  


  

 صفة الصلاة مفصلة كاملة ج1

أولاً:ـ النــية: 

 

النية أول ركن من أركان الصلاة( وهناك من يعدها شرط من شروط الصلاة ،وغيرها من الطاعات التي يراد بها وجه الله ):ـ
لحديث عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله   يقول: «إنما الأعمال بالنيات» متفق عليه.
يجب أن ينوي صلاة معينة: مثلاً أراد أن يصلي الظهر يجب أن ينوي صلاة الظهر.
محل النية القلب والتلفظ بها بدعة:
قال ابن القيم: (كان إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، ولم يقل شيئاً قبلها، ولا تلفظ بالنية البتة، ولا قال أصلي لله صلاة كذا مستقبل القبلة أربع ركعات..).
من نوى قطع الصلاة فقد انقطعت صلاته:
إذا كان الإنسان يصلي ونوى قطع صلاته فإن صلاته انقطعت وبطلت للحديث السابق «إنما الأعمال بالنيات».
(لكن لو سمع قارعاً يقرع الباب وهو قائم يصلي فتردد بين قطع الصلاة والاستمرار بها. فهنا لا تبطل صلاته بالتردد، لأن الأصل بقاء النية).
يصح أن ينتقل المنفرد إلى إمامة:
مثال: شخص صلى منفرداً ثم حضر شخص أو أكثر فصلوا معه فهذا يصح في الفرض والنفل.
لحديث ابن عباس (أنه بات ليلة عند النبي فقام النبي يصلي من الليل فقام ابن عباس فوقف عن يساره فأخذ النبي برأسه من ورائه فجعله عن يمينه). متفق عليه.
وهذا في النفل، والقاعدة:  أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا ما دل الدليل على إخراجه.
لا يجوز أن ينفرد مؤتم عن إمامه إلا لعذر:
مثال: إنسان يصلى خلف إمام ثم ينحرف أثناء الصلاة ويدع الإمام، وينفرد ويكمل الصلاة لوحده.
فهذا الفعل لا يجوز إلا لعذر .
مثال العذر: تطويل الإمام تطويلاً زائداً عن السنة.
لحديث جابر ضي الله عنه قال (كان معاذ يصلي مع النبي ثم يأتي قومه فيؤم قومه، فصلى ليلة مع النبي   العشاء، ثم أتى قومه فأمهم، فافتتح بسورة البقرة فطول عليهم، فانصرف رجل منا فصلى، فأخبِرَ معاذ عنه. فقال: إنه منافق، فلما بلغ ذلك الرجل دخل على رسول الله فأخبره ما قال معاذ. فقال له النبي : «أتريد أن تكون فتّاناً يا معاذ؟ إذا أممت الناس فاقرأ { بالشمس وضحاها } و { سبح اسم ربك الأعلى }) متفق عليه.
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (ولم يوبخ الرجل، فدل هذا على جواز انفراد المأموم لتطويل الإمام، لكن بشرط أن يكون تطويلاً خارجاً عن السنة لا خارجاً عن العادة).
الانتقال من نية إلى نية أثناء الصلاة:
لها أحوال:
*  الانتقال من معين إلى معين لا يصح. [ المطلق هو النافلة المطلقة ، والمعيّن هو الفرض]
*  الانتقال من مطلق إلى معين لا يصح
*  الانتقال من معين إلى مطلق يصح
مثال الأول (من معين إلى معين):
لو أن إنساناً دخل في صلاة العصر ثم ذكر أنه صلى الظهر بلا وضوء، ففي أثناء الصلاة قلب العصر ظهراً فهذا لا يصح، فلا تصح العصر لأنه قطع نيته بانتقاله إلى الظهر، ولا تصح الظهر لأنه لم ينوها من أولها.
مثال الثاني (الانتقال من مطلق إلى معين):
رجل قام يصلي ركعتين تطوعاً لله تعالى، ثم ذكر أنه لم يصل الفجر، فنواها عن صلاة الفجر، فلا يصح لأنه انتقل من مطلق إلى معين، والمعين لا بد أن ينويه من أوله.
مثال الثالث (من معين إلى مطلق):
رجل دخل يصلي بنية الفجر، ثم بدا له أن يجعلها سنة مطلقة، فهذا يصح.
تداخل العبادات:
تداخل العبادات قسمان:
قسم لا يصح:  وهو فيما إذا كانت العبادة مقصودة بنفسها
مثال: إنسان فاتته سنة الفجر حتى طلعت الشمس وجاء وقت صلاة الضحى، فهنا لا تجزىء سنة الفجر عن سنة الضحى، ولا الضحى عن سنة الفجر، ولا الجمع بينهما، لأن سنة الفجر مستقلة وسنة الضحى مستقلة.
قسم يصح: وهو أن يكون المقصود بالعبادة مجرد الفعل، والعبادة نفسها ليست مقصودة فهذا يمكن أن تتداخل العبادات فيه.
مثال: رجل دخل المسجد وقت الضحى، وصلى ركعتين ينوي بهما صلاة الضحى، أجزأت عنه تحية المسجد، وإن نواهما جميعاً فأكمل له ، فهذا هو الضابط في تداخل العبادات. 

تكبيرة الإحرام

تبدأ الصلاة بالتكبير:
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال (كان النبي إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة). متفق عليه.
تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة.
لقوله   للمسيء في صلاته: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر). متفق عليه
ولحديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير». رواه الترمذي.
(سمي التكبير تحريماً، لأنه يمنع المصلي من الكلام والأكل وغيرهما).
لابد من لفظ: الله أكبر، فلايجزىء غيرها.
لأن ألفاظ الذكر توقيفية، يتوقف فيها على ما ورد به النص ولا يجوز إبدالها بغيرها.
قال في المغني: أن النبي   قال : تحريمها التكبير ، رواه أبو داود ، وقال للمسيء في صلاته : إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، وفي حديث رفاعة أن النبي قال : (لا يقبل الله صلاة امرئ حتى يضع الوضوء مواضعه ثم يستقبل القبلة فيقول الله أكبر) وكان يفتتح الصلاة بقوله { الله أكبر } لم ينقل عنه عدول عن ذلك حتى فارق الدنيا، وهذا يدل على أنه لا يجوز العدول عنه.
الحكمة من افتتاح الصلاة بهذا هو تعظيم الله:
كما قاله القاضي عياض (استحضار المصلي عظمة من تهيأ لخدمته والوقوف بين يديه، ليمتلىء هيبة فيحضر قلبه ويخشع ولا يغيب).
معنى الله أكبر أي أن الله أكبر من كل شيء، في ذاته وصفاته وفي كل ما تحمله هذه الكلمة من معنى { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه } ( الزمر 67).
يجب على الإمام أن يجهر بالتكبير:
 لحديث سعيد بن الحارث. قال (صلى بنا أبو سعيد فجهر بالتكبير حين رفع رأسه من السجود وحين سجد وحين رفع.. وقال: هكذا رأيت النبي ). متفق عليه.
ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه  قال: قال رسول الله : «وإذا كبر فكبروا». متفق عليه.

رفع اليدين في التكبير:

يستحب رفع اليدين في أربع مواضع في الصلاة:
(عند تكبيرة الإحرام - وعند الركوع - وعند الرفع منه  -  وعند القيام من التشهد الأول).
لحديث ابن عمر قال (كان رسول الله (إذا قام إلى الصلاة رفع يديه، حتى تكونا حذو منكبيه ثم كبر، فإذا  أراد أن يركع ، فعل مثل ذلك، وإذا  رفع من الركوع ، ولا يفعل ذلك في السجود)  متفق عليه.
وعند القيام من التشهد الأول:
لحديث ابن عمر أيضاً (أنه كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه وإذا ركع.. وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ورفع ذلك ابن عمر  إلى رسول الله ) رواه البخاري.
ترفع الأيدي إلى المنكبين أوإلى أطراف الأذنين:
إلى حذو المنكبين: لحديث ابن عمر السابق (كان إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تكون حذو منكبيه).
أو إلى فروع أذنيه: لحديث مالك بن الحويرث (أن رسول الله كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما فروع أذنيه) رواه مسلم.  (ويجوز أن تفعل هذه مرة وهذه مرة).
يكون الرفع مع التكبير أو قبله أو بعده:
كل ذلك ورد عن النبي .
-        مع التكبير: لحديث ابن عمر (فرفع يديه حين التكبير) رواه البخاري .
-        يرفع ثم يكبر: لحديث ابن عمر أيضاً (إذا قام إلى الصلاة رفع يديه ثم كبر). رواه مسلم 
-        يكبر ثم يرفع يديه: لحديث مالك بن الحويرث (كان رسول الله إذا صلى كبر ثم رفع يديه). رواه مسلم 
الحكمة من رفع اليدين:
قيل: معناه الإشارة إلى طرح الدنيا والإقبال بكليته على العبادة، وقيل: الاستسلام والانقياد ليناسب فعله قوله الله أكبر.  وقيل: إلى استعظام ما دخل فيه، وقيل: إشارة إلى تمام القيام، وقيل ليستقبل بجميع بدنه.
السنة للمصلي أن يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره:
لحديث وائل بن حجر قال (صليت مع النبي فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره) رواه ابن خزيمة .
- قال الشوكاني (ولا شيء في الباب اصح من حديث وائل بن حجر).
- قال ابن حجر (الحكمة من هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل، وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع).
- قول بعض العلماء: السنة أن يضعهما المصلي تحت سرته قول ضعيف، ودليلهم هو قول علي: من السنة في الصلاة وضع الكف على الكف تحت السرة، رواه أبو داود وهو ضعيف
تكون اليدان ممدودتي الأصابع مضمومة.
لحديث قال (كان رسول الله يرفع يديه مداً). رواه أبو داود 
 (مضموتي الأصابع) يعني يضم بعضها إلى بعض.
(ممدودة) يعني غير مقبوضة (القبض: أن يضم الأصابع إلى الراحة).
ينظر المصلي إلى موضع سجوده:
لحديث عائشة رضي الله عنها  قالت (دخل رسول الله الكعبة وما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها). رواه الحاكم 
يستثنى من ذلك حال التشهد فإنه ينظر إلى سبابته:
لحديث عبد الله بن الزبير قال (كان رسول الله  وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بأصبعه لا يجاوز بصره إشارته). رواه أبو داود 
يحرم نظر المصلي إلى السماء :
وقد جاء فيه الوعيد الشديد ففي الحديث: «لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم» رواه مسلم  وهذا وعيد عظيم وتهديد شديد .
يكره تغميض العينين في الصلاة:
قال ابن القيم: ولم يكن من هديه  تغميض عينيه في الصلاة، وقد كرهه الإمام أحمد وقالوا: هو فعل اليهود.. 
إلى أن قال رحمه الله:والصواب: إن كان تفتيح العين لا يخل بالخشوع فهو أفضل، وإن كان يحول بينه وبين الخشوع لما في قبلته من الزخرفة والتزويق أو غيره مما يشوش عليه قلبه، فهنالك لا يكره التغميض قطعاً، والقول باستحبابه في هذا الحال أقرب إلى أصول الشرع ومقاصده من القول بالكراهة.[ زاد المعاد ]
دعاء الاستفتاح
دعاء الاستفتاح يكون بعد تكبيرة الإحرام:
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه  قال: (كان رسول الله إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل أن يقرأ، فقلت يا رسول الله ! أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول، قال: أقول اللهم باعد..).
حكمه: سنة في الفرض والنفل .
قال في المغني : (هو من سنن الصلاة في قول أكثر أهل العلم). 
- يستثنى صلاة الجنازة فلا استفتاح فيها لأنها مبنية على التخفيف .
يقال سراً. لأن النبي لم يجهر به .يكون في الركعة الأولى فقط ، ولا يعاد في أي ركعة من الصلاة.
قال ابن القيم رحمه الله :(وكان يصلي الثانية كالأولى إلا في أربعة أشياء: السكوت، والاستفتاح، وتكبيرة الإحرام، وتطويلها كالأولى، فإنه    لا يستفتح، ولا يسكت، ولا يكبر للإحرام فيها، ويقصرها عن الأولى) 
ورد عدة أدعية للاستفتاح، منها:

- «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك». رواه أبو داود 

- «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد». متفق عليه

- «الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه». رواه مسلم 
 قال فيها الرسول : «لقد رأيت اثني عشر ملكاً يبتدرونها أيهم يرفعها».
-  «الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً» رواه مسلم
قال فيها الرسول : «عجبت لها فتحت لها أبواب السماء».

 - «وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لاشريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين». رواه مسلم   (سبحانك) أي تنزيهاً لك يا رب عن كل نقص.
(تعالى جدك) الجد بمعنى العظمة: أي ارتفع ارتفاعاً معنوياً، عظمتك عظمة عظيمة عالية. والأفضل أن ينوع بين هذه الأدعية في صلاته.لا يقتصر على دعاء واحد دائماً.

يستحب للإمام أن يسكت قليلاً بعد تكبيرة الإحرام من أجل دعاء الاستفتاح.
دليله ما جاء في حديث أبي هريرة الذي سبق.
الاسـتعاذة
حكمها سنة قبل القراءة .
لقوله تعالى (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم).( النحل 98 )
(أعوذ بالله) أي أستجير  بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي.
(الشيطان) الشيطان في لغة العرب مشتق من شطن  إذا بعد فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر، وبعيد بفسقه عن كل خير). { تفسير ابن كثير}.
الاستعاذة  تقال سراً

يكفي أن يستعيذ في أول ركعة.

قال ابن القيم: لأنه لم يتخلل القراءتين سكوت، بل تخللهما ذكر، فهي كالقراءة الواحدة إذا تخللها حمدالله  أو تسبيح أو تهليل.


الإستعاذة لها صيغ:

الأول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وهذا اللفظ الوارد في كتاب الله.
الثاني: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.
قال الشيخ الألباني رحمه الله : (همزه) فسره بعض الرواة بــ ( المؤتة ) وهو بضم الميم وفتح التاء: نوع من الجنون. (ونفخه) فسره الراوي بالكبر. (ونفثه) فسره الراوي بالشعر، والمراد بالشعر: الشعر المذموم.
الحكمة من الإستعاذة قبل القراءة:
قال ابن القيم رحمه الله : وفي ذلك وجوه:
منها: أن القرآن شفاء لما في الصدور يذهب لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات.
ومنها: أن الملائكة تدنو من قارىء القرآن وتستمع لقراءته، والشيطان ضد الملك وعدوه، فأمر القارىء أن يطلب من الله مباعدة عدوه عنه حتى يحضره خاص ملائكته.

البسـملة
البسملة في الصلاة سنة:

لحديث أبي هريرة (أنه صلى فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم حتى بلغ ولا الضالين حتى إذا أتم الصلاة قال: إني لأشبهكم صلاة برسول الله ). رواه النسائي 
السنة الإسرار بها:

لحديث أنس (أن النبي وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين) رواه مسلم ولأحمد (كانوا يسرون).وفي رواية : ( لا يجهرون ببسمالله الرحمن الرحيم )
- (لكن لابأس أن يجهر بها أحياناً لورود بعض الأحاديث في ذلك، وإن كانت لا تخلو من مقال).

No comments:

Post a Comment