Monday, 20 March 2017

تدبر آيات من القرآن الكريم- حزب 37 – سورة الفرقان وقفات جميلة وفوائد



  




سورة الفرقان وقفات جميلة وفوائد 
 

سورة الفرقان سبب التسمية

سُميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لأن ‏الله ‏تعالى ‏ذكر ‏فيها ‏هذا ‏الكتاب ‏المجيد ‏الذي ‏أنزله ‏على ‏عبده ‏محمد، وسماه الفرقان،  فالفرقان هو اسم من أسماء القرآن.
 لانه  ‏كان ‏النعمة ‏الكبرى ‏على ‏الإنسانية ‏لأنه ‏النور ‏الساطع ‏والضياء ‏المبين ‏‏،الذي ‏فرق ‏الله ‏به ‏بين ‏الحق ‏والباطل ‏‏والنور ‏والظلام، والكفر ‏والإيمان، ولهذا ‏كان ‏جديرا ‏بأن ‏يسمى ‏الفرقان .

وقفات مع السورة :

أولا:  بدأت السورة بأسلوب  من أساليب الثناء على الله ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَان عَلَى عَبْده)
والثناء على الله تعالى ورد بعدد من الألفاظ في بدايات السور من القرآن العظيم وهي: التسبيح ؛ في سبع سور: سُبحان، سَبِحَ، يُسبح ، سَبِحْ ، والحمد:  في خمس سور: في الفاتحة ، والأنعام،  والكهف، وسبأ،  وفاطر ، وتبارك : في سورتين: الفرقان ، والملك.  .
ثانياً: معنى تبارك :

( تَبَارَكَ ) تفاعل من البركة. قال : ومعنى البركة الكثرة من كل ذي خير. وقيل( تَبَارَكَ ) أي تعالى، وقيل : تعالى عطاؤه، أي زاد وكثر. وقيل : المعنى دام وثبُت إنعامه. قال النحاس : وهذا أولاها في اللغة والاشتقاق؛ من برك الشيء إذا ثبت؛ ومنه برك الجمل والطير على الماء، أي دام وثبت،  وهو تفاعل من البركة المستقرة الثابتة الدائمة، قال الثعلبي : ويقال تبارك الله، ولا يقال متبارك ولا مبارك؛ لأنه ينتهي في أسمائه وصفاته إلى حيث ورد التوقيف.
وأنشد الطرماح : تباركت لا معط لشيء منعته *** وليس لما أعطيت يا رب مانع وقال آخر : تباركت ما تقدر يقع ولك الشكر


ثالثاً: أسباب نزول السورة:
لورد لبعض آيات السورة أسباب نزول ، وهي :
 
في قوله تعالى: ( تَبَارَ‌كَ الَّذِي إِن شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرً‌ا مِّن ذَٰلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِ‌ي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ‌ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورً‌ا )( آية 10 )     
و"روى سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن خيثمة قال: قيل للنبي إن شئت أعطيناك من خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم يعط نبي ولا نعطها أحدا بعدك ولا ينقصك ذلك مما لك عند الله شيئا وإن شئت جمعتها لك في الآخرة فقال : "اجمعوها لي في الآخرة "  فأنزل الله سبحانه  وتعالى الآية .

وورد فيها أيضا من أسباب النزول :
عن ابن عباس قال لما عَيَّر المشركون رسول الله بالفاقة والفقر والحاجة ، قالوا ما لهذا الرسول ياكل الطعام ويمشى في الاسواق حزن رسول الله فنزل جبريل عليه السلام من عند ربه مُعَزِّيا له فقال السلام عليك يا رسول الله رب العزة يقرئك السلام ويقول لك
( وَمَا أَرْ‌سَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْ‌سَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ۗ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُ‌ونَ ۗ وَكَانَ رَ‌بُّكَ بَصِيرً‌ا ﴿٢٠
في قوله: ( وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُ‌ونَ ) ؟ قال: يقول اللّه: لو شئت أن أجعل الدنيا مع رسلي فلا يخالفون لفعلت، ولكني قد أردت أن أبتلي العباد بهم وأبتليكم بهم، وفي صحيح مسلم: (يقول اللّه تعالى إني مبتليك ومبتل بك) (أخرجه مسلم عن عياض بن حماد مرفوعاً)، وفي الصحيح  عن ابن عباس : أنه كان يُحدِّثُ إن اللهَ أرسلَ إلى النبيِّ ملَكًا من الملائكةِ مع الملكِ جبريلُ عليه السلامُ فقال الملكُ:  يا محمدُ إن اللهَ يُخيِّرُك بينَ أن تكونَ نبيًّا عبدًا أو نبيًّا ملِكًا،  فالتفت رسولُ اللهِ إلى جبريلَ عليه السلامُ كالمستشيرِ،  فأومأ إليه أن تواضعْ ، فقال رسولُ اللهِ : " بل نبيًّا عبدًا " فما رُئِيَ رسولُ اللهِ أكل متكئًا حتى لحِقَ بربِّه.

 تأثير الصاحب:

قال ابن عباس: كان أبي بن خلف يحضر للنبي ،  وكان عقبة خليلا لأمية بن خلف فأسلم عقبة فقال أمية : وجهي من وجهك حرام إن تابعت محمدا ، فكفر وارتد لرضا أمية فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية:
وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّ‌سُولِ سَبِيلًا ﴿٢٧ يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴿٢٨ لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ‌ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا ﴿٢٩
فكل ظالم يندم يوم القيامة، يندم غاية الندم، ويعض على يديه قائلاً: ( يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا )، قول هذا النادم : لقد أضلني من اتخذته في الدنيا خليلا عن القرآن( عَنِ الذِّكْرِ‌)  والإيمان به، وذلك لما يرى من تأثير الصاحب والخليل الضال المضل عن الحق والطريق القويم، فصدقت يا رسول الله فقد روى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : ( المرءُ على دينِ خليلِهِ فلينظُر أحدُكم من يُخالِلْ) ( مسند احمد- حسن غريب ) نعم، لقد خذلهم أصدقاء السوء، وتخلى عنهم الشيطان الذي كان يحركهم.

فضل السورة؛ الأحرف التي نزل عليها القرآن:
 
قال عمر بن الخطاب : سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله ، فاستمعت لقراءته ، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله ، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم، فلببته بردائه، فقلت : من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ ؟ قال:  أقرأنيها رسول الله ، فقلت : كذبت ، أقرأنيها على غير ما قرأت ، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله فقلت : إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال : " أرسله، اقرأ يا هشام " فقرأ القراءة التي سمعته، فقال رسول الله : " كذلك أنزلت". ثم قال رسول الله : " اقرأ يا عمر "
 فقرأت التي أقرأني،  فقال : " هكذا أنزلت . إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسّر منه " ( البخاري ) 
نزول القرآن على سبعة أحرف:
والقرآن نزل على حرف واحد أول الأمر ولكن رسول الله ظل يستزيد جبريل حتى أقرأه على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ والدليل على ذلك حديث ابن عباس عن النبي : " أقرأني جبريل على حرف فراجعته فزادني فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى على سبعة أحرف " . رواه البخاري
معنى الأحرف السبعة:
أحسن الأقوال مما قيل في معناها أنها سبعة أوجه من القراءة تختلف باللفظ وقد تتفق بالمعنى واٍن اختلفت بالمعنى : فاختلافها من باب التنوع والتغاير لا من باب التضاد والتعارض .
 ومعنى ( حرف ) في اللغة : الوجه ، قال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّـهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ) ( سورة الحج 11 )
 وقيل : إن معنى الأحرف لغات العرب وهذا بعيد لحديث عمر بن الخطاب السابق، فهو وهشام بن حكيم قريشيان، لغتهما واحدة ، وكلاهما قرأ القرآن بطريقة مختلة.
ومن هنا تبين أن الأحرف نزلت على ألفاظ متعددة كما بينه حديث عمر لأن إنكار عمر وقع على الحروف وليس على المعاني،  والخلاف بهذه الحروف ليس للتضاد ولكنه للتنوع كما قال ابن مسعود " هو بمنزلة قول أحدكم: " هلمّ، أو  أقبل ، أو تعال ".
وهذا هو القول الأقرب ، والله أعلم

تعنت الكفار مع رسول الله :

شكك المشركين بنبوة محمد بكافة الطرق، واستهزءوا به بكل سبيل ، فقالوا: ( وَقَالُوا مَا لِهَذَا الرَّسُول يَأْكُل الطَّعَام وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاق لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَك فَيَكُون مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْز أَوْ تَكُون لَهُ جَنَّة يَأْكُل مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا ) يعنون يأكل كما نأكل، ويحتاج إليه كما نحتاج إليه ( وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاق ) أي يتردد فيها وإليها طلباً للتكسب والتجارة: ( لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَك فَيَكُون مَعَهُ نَذِيرًا ) يقولون: هلا أنزل إليه ملك من عند اللّه فيكون له شاهداً على صدق ما يدعيه؟ وهذا كما قال فرعون: { فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَة مِنْ ذَهَب  أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَة مُقْتَرِنِينَ } وكذلك قال هؤلاء على السواء تشابهت قلوبهم، ولهذا قالوا { أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْز ) أي: كنز ينفق منه، وقالوا: ( أَوْ تَكُون لَهُ جَنَّة يَأْكُل مِنْهَا )  أي تسير معه حيث سار، وهذا كله سهل يسير على اللّه ولكن له الحكمة في ترك ذلك، وله الحجة البالغة، { وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا}، قال اللّه تعالى: { انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا} أي جاءوا بما يقذفونك به ويكذبون به عليك، من قولهم ساحر، مجنون، كذاب، شاعر؛ وكلها أقوال باطلة، كل أحد ممن له أدنى فهم وعقل يعرف كذبهم وافتراءهم في ذلك، ولهذا قال: { فضلوا} عن طريق الهدى { فلا يستطيعون سبيلا}، وذلك أن كل من خرج عن الحق وطريق الهدى فإنه ضال حيثما توجه، لأن الحق واحد ومنهجه متحد يصدق بعضه بعضاً؛ ثم قال تعالى مخبراً نبيه أنه إن شاء لآتاه خيراً مما يقولون في الدنيا وأفضل وأحسن، فقال: { تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} الآية. قال مجاهد: يعني في الدينا، قال: وقريش يسمون كل بيت من حجارة قصراً، كبيراً كان أو صغيراً. قال سفيان الثوري عن خيثمة قيل للنبي : إن شئت أن نعطيك خزائن الأرض ومفاتيحها لم نعطه نبياً قبلك، ولا نعطي أحداً من بعدك، ولا ينقص ذلك مما لك عند اللّه. فقال: (اجمعوها لي في الآخرة)، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ في ذلك: ( تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك)


احذر هجر القرآن

وقال الرسول شاكيًا ما صنع قومه: يا ربِّ إن قومي تركوا هذا القرآن وهجروه، متمادين في إعراضهم عنه وتَرْكِ تدبُّره والعمل به وتبليغه. وفي الآية تخويف عظيم لمن هجر القرآن فلم يعمل به.
{ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً } الفرقان 30.
قال ابن كثير رحمه الله : وذلك أن المشركين كانوا لا يصغون للقرآن ولا يستمعونه، كما قال تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } ( فصلت 26 ) ، فكانوا إذا تلي عليهم القرآن، أكثروا اللغط والكلام حتى لا يسمعونه؛ فهذا من هجرانه.
ومنه أيضا ترك الإيمان به وترك تصديقه ، وترك العمل بما جاء وعدم امتثال أوامره واجتناب نواهيه هجر له .
ومنه أيضا العدول عنه إلى غيره من الشعر والغناء أو لهو الكلام هجر له .

قال ابن قيم الجوزية - رحمه الله -:هجر القرآن أنواع :

أحدهما: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.
والمعنى: أي الابتعاد عن سماع القرآن بين الحين والحين وتحاشي ذلك ، أو أن يضيق صدر الإنسان عند سماعه للقرآن –والعياذ بالله تعالى من ذلك- وهذا مؤشر خطير وواضح على فساد قلب هذا الإنسان وسيطرة الشيطان عليه، فمن علامات المؤمن الصالح ألا يمل سماع القرآن وأن يشتاق إليه إذا ما شغله عن سماعه شاغل.
والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه, وإن قرأه وآمن به.
أي: الوقوف عند تلاوة القرآن الكريم فقط تلاوة لفظية فقط ، أي من دون أن يُجاوز الحناجر إلى القلوب، ومن دون أن يطبق ما في القرآن الكريم من أوامر، ومن دون أن ينتهي عما فيه من نواهي ومحذورات وإن كان يؤمن بأن ما فيه من نواهي محرم على المسلم أن يقع بها.. فهذا محرم وهو من هجر القرآن.
والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين، وأن أدلته لفظية لا تحصّل العلم.
أي: عدم الرجوع إلى ما تضمنه القرآن الكريم من أحكام شرعية، وعدم الرضى بتحكيمه في الخلافات وعدم الاعتماد عليه في فض النزاعات، بل تحكيم ما يروق للنفس أو ما اصطلح عليه من قوانين وضعية من صنع البشر وعدم تطبيق ما جاء قرآن الله تعالى.
والرابع: هجر تدبّره وتفهّمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
وهو: قراءة آيات القرآن الكريم باللسان فقط أو بالعين فقط من دون أن يكون هناك حظ للقلب في ذلك ، فهذا من هجر القرآن ، فالواجب على المسلم أن يسعى إلى جوار تلاوة القرآن أن يفهم ما جاء فيه من أوامر ونواهي وغير ذلك ففهمه هو المقصود الأول من تنزيله وليس مجرد قراءته.
وقد قال: أهل العلم: [من لم يقرأ القرآن فقد هجره ، ومن قرأ القرآن ولم يتدبَّر معانيه فقد هجره ، ومن قرأه وتدبَّره ولم يعمل بما فيه فقد هجره].
يقول الإمام الغزالي – رحمه الله تعالى -: [ وتلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب ، فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل ، وحظ العقل تفسير المعاني ، وحظ القلب الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار ، فاللسان يرتل والعقل يترجم والقلب يتعظ ].
والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي في جميع أمراض القلوب وأدوائها, فيطلب شفاء دائه من غيره, ويهجر التداوي به.
أي أن على المسلم أن يستشفي بالقرآن الكريم ما استطاع ففيه الشفاء وأفضل الدواء ، وبه يستشفى من العلل والأمراض النفسية والعضوية ، ولكن ليس كل يستشفي به ينتفع ويبرئ وذلك لأن الاستشفاء بالقرآن الكريم يحتاج إلى عقيدة قوية وإيمان راسخ بأن في هذا القرآن شفاء من عند الله تعالى.
كان النبي إذا اشتكى ألماً، يقرأ سورة (قل هو الله أحد) والمعوذتين على الموضع الذي يُؤلمه من جسده الشريف ويمسح بيده الشريفة على موضع الألم.
 فقد روى الإمام مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات ، فلما مرض مرضه الذي مات فيه ، جعلت أنفث عليه وأمسح بيد نفسه لأنها كانت أعظم بركة من يدي".
وقراءة آيات من القرآن على الماء ونحوه، والإغتسال بهذا الماء تنفع أيضا.
وكذلك الحرج الذي في الصدر منه: فإنه تارة يكون حرجا من إنزاله وكونه حقا من عند الله، وتارة يكون من جهة التكلم به،  أو كونه مخلوقا من بعض مخلوقاته ألهم غيره أن تكلم به. وتارة يكون من جهة كفايتها وعدمها وأنه لا يكفي العباد،  بل هم محتاجون معه إلى المعقولات والأقيسة،  أو الآراء أو السياسات.
وتارة يكون من جهة دلالته،  وما أريد به حقائقه المفهومة منه عند الخطاب،  أو أريد بها تأويلها، وإخراجها عن حقائقها إلى تأويلات مستكرهة مشتركة. وتارة يكون من جهة كون تلك الحقائق وإن كانت مرادة، فهي ثابتة في نفس الأمر، أو أوهم أنها مرادة لضرب من المصلحة.
فكل هؤلاء في صدورهم حرج من القرآن, وهم يعلمون ذلك من نفوسهم ويجدونه في صدورهم. ولا تجد مبتدعا في دينه قط إلا وفي قلبه حرج من الآيات التي تخالف بدعته. كما أنك لا تجد ظالما فاجرا إلا وفي صدره حرج من الآيات التي تحول بينه وبين إرادته. فتدبّر هذا المعنى ثم ارض لنفسك بما تشاء.
وقال: وإن كان بعض الهجر أهون من بعض.    الفوائد ص 102
ولنا وقفات مع نهايات السورة إن شاء الله .

نسأل الله العظيم المنان القادر على ما يشاء أن يخلصنا مما يسخطه ، ويستعملنا فيما يرضيه من حفظ كتابه ، وفهم معانيه والقيام به آناء الليل ,اطراف النهار على الوجه الذي يرضيه عنا ، إنه كريم سميع الدعاء

No comments:

Post a Comment