Sunday 5 December 2021

تفسير سورة الإخلاص طلبت قريش من رسول الله ﷺ أن ينسب لها ربه فزلت السورة

      

سبب التسمية :

سُميت ‏سُورَةُ ‏الإِخْلاَصِ ‏‏؛ ‏لمَا ‏فِيهَا ‏مِنَ ‏التَّوْحِيدِ ‏‏، ‏وَلِذَا ‏سُميت ‏أَيْضَاً ‏‏ ‏سُورَةُ ‏الأَسَاسِ‏‏، ‏وَقُلْ ‏هُوَ ‏اللهُ ‏أَحَدٌ، ‏وَالتَّوْحِيدُ ‏، ‏وَالإِيمَانُ ‏‏ ‏وَلهَا ‏غَيْرُ ‏ذَلِكَ ‏أَسْمَاءُ ‏كَثِيرَةٌ.

التعريف بالسورة :

- سورة مكية – من المفصل – من ج (٣٠) الحزب (٦٠) – عدد آياتها أربع آيات – ترتيبها بالمصحف الثانية عشرة بعد المائة – نزلت بعد سورة الناس – بدأت بفعل أمر { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }.

محور مواضيع السورة :

يَدُورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ صِفَاتِ الَّلهِ جَلَّ وَعَلاَ الوَاحِدِ الأَحَدِ ، الجَامِعِ لِصِفَاتِ الكَمَالِ ، المَقْصُودِ عَلَى الدَّوَامِ ، الغَنِيِّ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ ، المُتَنَزِّهِ عَنْ صِفَاتِ النَّقْصِ ، وَعَنِ المُجَانَسَةِ وَالمُمَاثَلَةِ وَرَدَّتْ عَلَى النَّصَارَى القَائِلِينَ بالتَّثْلِيثِ ، وَعَلَى المُشْرِكِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا لِلَّهِ الذُّرِّيـَّةَ وَالبَنِينَ

سبب نزول السورة :

قال الإمام أحمد : إن المشركين قالوا للنبيﷺ: انسب لنا ربك ، فأنزل الله تعالى :( قُلْ هُوِاللّهُ أَحَدُ ) وعن ابن عباس:( قالت قريش : يا محمد صف لنا ربك الذي توعدنا إليه ، فنزلت ، وعنه أيضا أن السائل من اليهود)

فضل السورة :

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ إِنَّ رَسُولَ الَّلهِ ـ ـ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابـِهِ : " هَلْ تَزَوَّجْتَ يَا فُلاَن ؟ " قَالَ : لاَ وَالَّلهِ يَا رَسُولَ الَّلهِ ، وَلاَ عِنْدِي مَا أَتـَزَوَّجُ بـِهِ قَالَ : " أَلَيْسَ مَعَكَ ( قُلْ هُوَ الَّلهُ أَحَدٌ ؟ ) " قَالَ : بَلَى ، قَالَ : " ثُلُثُ القُرآنِ " ، قَالَ : " أَلَيْسَ مَعَكَ إِذَا جَاءَ نَصْرُ لَّلهِ وَالفَتْحُ ؟ " قَالَ : بَلَى ، قَالَ : " رُبـْعُ القُرآنِ " ، قَالَ ، " أَلَيْسَ مَعَكَ قُلْ يَأَيـُّهَا الكَافِرُونَ ؟ " قَالَ : بَلَى ، قَالَ : " رُبـْعُ القُرآنِ " ، قَالَ : " أَلَيْسَ مَعَكَ إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا ؟ " قَالَ : بَلَى ، قَالَ : " رُبـْعُ القُرآنِ ، تـَزَوَّجْ (أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ) . 

ذكر سبب نـزولها وفضيلتها

عن أبيّ بن كعب:أن المشركين قالوا للنبي ﷺ:يا محمد، انسب لنا ربك، فأنـزل الله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ }.(رواه الترمذي)

زاد ابن جرير والترمذي- قال: « الصَّمَدُ » الذي لم يلد ولم يولد، لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله جل جلاله لا يموت ولا يورث، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ولم يكن له شبه ولا عدل، وليس كمثله شيء.

حديث آخر في معناه:قال الحافظ أبو يعلى الموصلي عن جابر:أن أعرابيًا جاء إلى النبي ﷺ، فقال:انسب لنا ربك. فأنـزل الله، عز وجل: « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » إلى آخرها. إسناده مقارب .

ما ورد من الحديث في فضلها:

روى البخاري عن عائشة:أن النبي ﷺ بعث رجلا على سَريَّة، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم ب « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ﷺ فقال: « سلوه:لأيّ شيء يصنع ذلك؟ » . فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال النبي ﷺ: « أخبروه أن الله تعالى يحبه »  .

وعن أنس قال:كان رجل من الأنصار يَؤمَهم في مسجد قُبَاء، فكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح ب « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » حتى يَفرُغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة. فكلَّمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تُجزئُك حتى تقرأ بالأخرى، فإما أن تقرأ بها، وإما أن تدعها وتَقرأ بأخرى. فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم. وكانوا يَرَونَ أنه من أفضلهم، وكرهوا أن يَؤمهم غيره. فلما أتاهم النبي ﷺأخبروه الخبر، فقال: «يا فلان، ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك، وما حملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟»  قال: إني أحبها. قال: » حُبك إياها أدخلك الجنة « (البخاري وغيره)

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رجلا قال: يا رسول الله، إني أحب هذه السورة: « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » قال: « إن حُبَّك إياها أدخلك الجنة » ( صحيح المسند)

حديث في كونها تعدل ثلث القرآن:

روى البخاري: بسنده عن أبي سعيد. أن رجلا سمع رَجُلا يقرأ: « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » يرددها، فلما أصبح جاء إلى النبي ﷺ، فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالّها، فقال النبي ﷺ: « والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرآن » .

وفي صحيح مسلم: عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله ﷺ لأصحابه: « أَيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أنْ يَقْرَأَ في لَيْلَةٍ ثُلُثَ القُرْآنِ؟ قالوا: وكيفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ القُرْآنِ؟ قالَ: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ.» .

حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا حُييّ بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو:أن أبا أيوب الأنصاري كان في مجلس وهو يقول:ألا يستطيع أحدكم أن يقوم بثلث القرآن كل ليلة؟ فقالوا:وهل يستطيع ذلك أحد؟ قال:فإن « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » ثلث القرآن. قال:فجاء النبي ﷺ وهو يسمع أبا أيوب، فقال: «صدق أبو أيوب»

حديث آخر:قال أبو عيسى الترمذي:حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا يزيد بن كيسَان، أخبرني أبو حَازم، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله ﷺ: « احشُدوا، فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن » . فحشد من حشد، ثم خرج نبي اللهﷺ فقرأ: « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » ثم دخل فقال بعضنا لبعض: قال رسول الله ﷺ: « فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن »  إني لأرى هذا خبرًا جاء من السماء، ثم خرج نبي الله ﷺ فقال: « إني قلت:سأقرأ عليكم ثلث القرآن، ألا وإنها تعدل ثلث القرآن »( رواه مسلم)

حديث آخر في كون قراءتها توجب الجنة:قال الإمام مالك بن أنس، عن عبيد الله بن عبد الرحمن، عن عُبيد بن حُنَين قال:سمعت أبا هريرة يقول:أقبلت مع النبيﷺ، فسمع رجلا يقرأ « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » فقال رسول الله ﷺ: « وَجَبَتْ » . قلت: وما وَجَبت؟ قال: « الجنة » (رواه الترمذي والنسائي،.وقال الترمذي:حسن صحيح ).

حديث في تكرار قراءتها:

عن معاذ بن عبد الله بن خُبيب، عن أبيه قال: أصابنا طَش وظلمة، فانتظرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا، فخرج فأخذ بيدي، فقال:« قل » . فسكت. قال: « قل » . قلت:ما أقول؟ قال: «  قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثًا، تكفك ، كل يوم مرتين .( رواه أبو داود والترمذي والنسائي،.وقال الترمذي:حسن صحيح غريب من هذا الوجه.) وقد رواه النسائي من طريق أخرى، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب، عن أبيه، عن عقبة بن عامر، فذكره [ ولفظه: « يكفك كل شيء » ] .

أحاديث ضعيفة في تكرارها:

حديث آخر:قال أحمد أيضا:حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لَهِيعَة، حدثنا زَبَّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني، عن أبيه، عن رسول الله ﷺ قال: من قرأ : « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » حتى يختمها، عشر مرات، بنى الله له قصرًا في الجنة » . فقال عمر: إذن نستكثر يا رسول الله. فقال ﷺ: « الله أكثر وأطيب » . تفرد به أحمد .قيل اسناده لا يصح وأنه مرسل،

وقال الشيخ حسين أسد في تحقيق الدارمي بعد ذكر طرقه: لعل هذه الطرق مع المرسل تتقوى ببعضها فيحسن الحديث. انتهى.

ورواه أبو محمد الدارمي في مسنده فقال:حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا حيوة، حدثنا أبو عقيل زهرة بن معبد- قال الدارمي:وكان من الأبدال - أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: إن نبي الله ﷺقال: « من قرأ «  قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » عشر مرات، بنى الله له قصرًا في الجنة، ومن قرأها عشرين مرة بنى الله له قصرين في الجنة، ومن قرأها ثلاثين مرة بنى الله له ثلاثة قصور في الجنة» . فقال عمر بن الخطاب:إذا لتكثر قصورنا؟ فقال رسول الله ﷺ: « الله أوسع من ذلك » .وهذا مرسل جيد.

حديث آخر:قال الحافظ أبو يعلى: عن أنس بن مالك، عن رسول الله ﷺ قال: « من قرأ » قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » خمسين مرة غُفرت له .ذنوب خمسين سنة » إسناده ضعيف.

حديث آخر:قال أبو يعلى:حدثنا أبو الربيع، حدثنا حاتم بن ميمون، حدثنا ثابت، عن أنس قال:قال رسول الله ﷺ: « من قرأ في يوم: » قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ « مائتي مرة، كتب الله له ألفًا وخمسمائة حسنة إلا أن يكون عليه دين » .إسناده ضعيف، حاتم بن ميمون:

قال الترمذي:وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من أراد أن ينام على فراشه، فنام على يمينه، ثم قرأ: » قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ « مائة مرة، فإذا كان يوم القيامة يقول له الرب، عز وجل:يا عبدي، ادخُل على يمينك الجنة » .ثم قال:غريب من حديث ثابت، وقد رُوي من غير هذا الوجه، عنه. 

حديث آخر في فضلها مع المعوذتين:قال الإمام أحمد: عن عقبة بن عامر قال: لقيت رسول الله ﷺ ، فابتدأته فأخذتُ بيده، فقلت:يا رسول الله، بم نجاة المؤمن؟ قال: « يا عقبة، احْرُسْ لسانك وليسعك بيتُك، وابْكِ على خطيئتك » . قال:ثم لقيني رسول الله ﷺ ، فابتدأني فأخذ بيدي، فقال: « يا عقبة بن عامر، ألا أعلمك خير ثلاث سُوَر أنـزلت في التوراة، والإنجيل، والزبور، والقرآن العظيم؟ » . قال: قلت: بلى، جعلني الله فداك. قال: فأقرأني: « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » و « قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ » و « قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ » ثم قال: «يا عقبة، لا تَنْسَهُن ولا تُبتْ ليلة حتى تقرأهن »قال:فما نسيتهن منذ قال: « لا تنسهن » ، وما بت ليلة قط حتى أقرأهن.

 قال عقبة، ثم لقيت رسول الله ﷺ فابتدأته، فأخذت بيده، فقلت: يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال. فقال: « يا عقبة، صِلْ من قطعك، وأعْطِ من حَرَمَك، وأعرض عمن ظلمك »

حديث آخر في الاستشفاء بهن:قال البخاري: عن عروة، عن عائشة أن النبي ﷺ كان إذا أوى إلى فراشه كُل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » و « قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ » و « قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ » ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات.وهكذا رواه أهل السنن.

التفسير:

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴿١﴾‏ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴿٢﴾‏ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴿٣﴾‏ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿٤﴾‏

 

قال عكرمة: لما قالت اليهود: نحن نعبد عُزيرَ ابن الله. وقالت النصارى: نحن نعبد المسيح ابن الله. وقالت المجوس: نحن نعبد الشمس والقمر. وقالت المشركون: نحن نعبد الأوثان، أنـزل الله على رسوله ﷺ: ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )

يعني:هو الواحد الأحد، الذي لا نظير له ولا وزير، ولا نديد ولا شبيه ولا عديل، ولا يُطلَق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله، عز وجل؛ لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله.

وهذه توضيحات جميلة في بلاغة استخدام ربنا لكللمة (أَحَدٌ ) بدلا عن واحد لوصف تفرد نفسه عن المثيل:

لماذا قال الله تعالى : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ، ولم  يقل :(قل هو الله واحد)؟ لأسباب :

١-(واحد) مفتتح العدد ،تقول :واحد ، اثنان ،ثلاثة…إلخ

   أما (أحد) فمنقطع العدد ، فـ (أحدٌ) ليس له ثانٍ .

٢- (واحد) له مؤنث ، فتقول : واحدة .

  أما (أحد) فلا يؤنث ، وهذا مقام تشريف وتعظيم .

٣- (واحد)  يأتي وصفا لأي شيء ، فتقول : رجلٌ واحدٌ ، وكتابٌ واحد ، وحصان واحد .

  أما (أحد) فاختص به الله وحده ، فتقول : الله أحد  ، ولا تقول: الرجل أحد .

٤- (واحد) يتجزأ وينقسم إلى أبعاض:

فالواحد يتجزأ إلى أرباع وأثلاث .أما (أحد)  فلا يتجزأ ولا يتبعض ، فـ(أحد) يعني الوحدة .

٥- (واحد) لا يفيد النفي المطلق :

فعندما تقول :ما قتلت واحدا ،يحتمل أنك قتلت اثنين أو ثلاثة، فالنفي بـ(واحد) لا يبرؤك .

  أما (أحد) فتفيد النفي القاطع .فعندما تقول : ما قتلت أحدا ، فإن ذلك يعني( البراءة).

٦-(واحد) تستخدم للعاقل وغير العاقل:  تقول :رجل واحد ، وجمل واحد .

 أما (أحد) فلا تستخدم إلا للعاقل . وهذا مقام تشريف وتعظيم .

٧-(واحد) صيغة اسم فاعل ، أما (أحد) فصيغتها صفة مشبهة:

والصفة المشبهة أقوى من اسم الفاعل .

٨- (واحد) تبدأ بحرف لين ( واو) وهو حرف ضعيف ، كما أن الكلمة عند  نطقها مقطعة إلى ثلاثة مقاطع .

 أما (أحد) فتبدأ بالهمزة ،وهو حرف قوي وشديد ، والكلمة تنطق مقطعا واحدا .

سبحان الله العظيم: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا

وقد ورد في الحديث:  عن بُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْب أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ ” اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ”، فَقَالَ: (لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِالِاسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ).

(رواه الترمذي ، وأبو داود ،وابن ماجه، وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود ”)

وقوله تعالى: ( اللَّهُ الصَّمَدُ ) قال عكرمة، عن ابن عباس:يعني الذي يصمد الخلائق إليه في حوائجهم ومسائلهم.

قال ابن عباس: هو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه، هذه صفته لا تنبغي إلا له، ليس له كفء، وليس كمثله شيء، سبحان الله الواحد القهار.

وقال الأعمش، عن شقيق عن أبي وائل: ( الصَّمَدُ ) السيد الذي قد انتهى سؤدده، ورواه عاصم، بن أبي وائل، عن ابن مسعود، مثله.

وقال مالك، عن زيد بن أسلم: ( الصَّمَدُ ) السيد. وقال الحسن، وقتادة: هو الباقي بعد خلقه. وقال الحسن أيضا: ( الصَّمَدُ ) الحي القيوم الذي لا زوال له. وقال عكرمة: ( الصَّمَدُ ) الذي لم يخرج منه شيء ولا يطعم.

وقال الربيع بن أنس: هو الذي لم يلد ولم يولد. كأنه جعل ما بعده تفسيرًا له، وهو قوله: ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ) وهو تفسير جيد.

وقال ابن مسعود، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، ومجاهد، وعبد الله بن بُريدة، وسعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، والضحاك، والسدي: ( الصَّمَدُ ) الذي لا جوف له.

قال سفيان، عن منصور، عن مجاهد: ( الصَّمَدُ ) المصمت الذي لا جوف له.

وقال الشعبي:هو الذي لا يأكل الطعام، ولا يشرب الشراب.

وقال عبد الله بن بُرَيدة أيضًا: ( الصَّمَدُ ) نور يتلألأ.

وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في كتاب السنة له، بعد إيراده كثيرًا من هذه الأقوال في تفسير « الصمد » :وكل هذه صحيحة، وهي صفات ربنا، عز وجل، وهو الذي يُصمَد إليه في الحوائج، وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصمد الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه. وقال البيهقي نحو ذلك [ أيضا ] .

وقوله: ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) أي:ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة.

قال مجاهد: ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) يعني:لا صاحبة له.

وهذا كما قال تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ } (الأنعام١٠١) أي:هو مالك كل شيء وخالقه، فكيف يكون له من خلقه نظير يساميه، أو قريب يدانيه، تعالى وتقدس وتنـزه.

 قال الله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [ مريم:88 - 95 ]

وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } [ الأنبياء:26 ، 27 ]

وقال تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [ الصافات:158 ، 159 ]

 وفي الصحيح - صحيح البخاري- : " لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله، إنهم يجعلون له ولدا، وهو يرزقهم ويعافيهم "

وقال البخاري  عن أبي هُرَيرة، عن النبي ﷺ قال: "قال الله، عز وجل:كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يُعيدَني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته. وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدًا. وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد " .

عن عبد الله بن العباس رضي الله عنهما عن رسول اللهﷺ قال: « قالَ اللَّهُ: كَذَّبَنِي ابنُ آدَمَ، ولَمْ يَكُنْ له ذلكَ، وشَتَمَنِي، ولَمْ يَكُنْ له ذلكَ؛ فأمَّا تَكْذِيبُهُ إيَّايَ فَزَعَمَ أنِّي لا أقْدِرُ أنْ أُعِيدَهُ كما كانَ، وأَمَّا شَتْمُهُ إيَّايَ فَقَوْلُهُ: لي ولَدٌ، فَسُبْحانِي أنْ أتَّخِذَ صاحِبَةً أوْ ولَدًا!" ( البخاري)

البدع في قراءة سورة الإخلاص:

أولا: نذكر قول النبيﷺ «كل بدعة ضلالة» ، التي منها إهداء سورة الفاتحة لأهل القبور وهو من الأمور التي لم يأت بها الشرع عند زيارة القبور.

ثانيا: لنقرر أن قراءة هذه السورة وكل سورة من القرآن هو خير ، وأجر عظيم، كما قَالَ رسولُ اللهِ ﷺ: « مَنْ قَرَأ حَرْفاً مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا ، لاَ أقول : {ألم} حَرفٌ ، وَلكِنْ : ألِفٌ حَرْفٌ ، وَلاَمٌ حَرْفٌ ، وَمِيمٌ حَرْفٌ» رواه الترمذي .

قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ» . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ ؟ قَالَ :«هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ».( صحيح ابن ماجة)

من البدع:

-       قراءة سورة الإخلاص ثمانية مرات بعد السلام هذا لا أصل له من الشرع وهو من البدع المستحدثة عند فاعليها  

-       قراءة السورة 1000 مرة لقضاء الحاجات.

-       الإجتماع على قراءتها في المناسبات.

-       قراءتها ثمان مرات عند القبر بعد الدفن.

-       قراءتها في أذن المولود بعد الآذان والإقامة، وأو قبل.

 

آخر تفسير سورة « الإخلاص » فلله الحمد والفضل والمنة.


No comments:

Post a Comment