Friday 10 December 2021

تفسير سورتي الفلق والناس خير ما تعوذ به المتعوذون

  
  

 

التسمية :

 

هَاتان السورتان نزلتا معا  كما في الدَّلائِلِ ‏لِلْبَيْهَقِيِّ ‏‏؛ ‏فَلِذَا ‏قُرِنَتَا ‏وَاشْتَرَكَتَا ‏في ‏التَّسْمِيَةِ ‏بالمَعُوذَتَيْنِ

التعريف بالسورتين:

- اختلف فيهما بين كرنهما مكية-ومدنية ؛  من قال أنها مكية قالها لأنها نزلت بعد الفيل وقريش، ومن قال أنها مدنية لحادثة سحر النبي ﷺ - من المفصل – الجزء(٣٠ )- الحزب (٦٠) الربع الأخير- عدد آياتها؛ الفلق خمس آيات، والناس ست آيات- ترتيبهما بالمصحف الثالثة ، والرابعة عشرة بعد المائة  - نزلتا بعد سورة الفيل وقريش- بدأت بفعل أمر {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}.- لم يرد فيهما لفظ الجلالة

محور مواضيع السورة :

في هذه السورة  تعليم للعباد أن يلجئوا لله ويستعيذوا بجلاله وهو رب الصبح الذي ينفلق عنه الظلام ، من شر إبليس وذريته ، ومن شر كل ذي شر خلقه،  ومن شر الليل المظلم ووحشته ، ومن شر السواح ، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد التي يعقدنها على السحر ، ومن شر كل حاسد يتمنى زوال النعمة عن المحسود ويسعى لزوالها   .

وقد دلت السورة أن السحر له حقيقة ، يخشى من ضرره ، ويستعاذ بالله منه ومن أهله

 وكان رسول اللهﷺ يعوذ بهما نفسه كل ليلة، يقأرهما في كفيه ثم يمسح بهما كل جسمه.

سبب نزول السورة :

كانَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ سُحِرَ، حتَّى كانَ يَرَى أنَّه يَأْتي النِّسَاءَ ولَا يَأْتِيهِنَّ، قَالَ سُفْيَانُ: وهذا أشَدُّ ما يَكونُ مِنَ السِّحْرِ، إذَا كانَ كَذَا، فَقَالَ: يا عَائِشَةُ، أعَلِمْتِ أنَّ اللَّهَ قدْ أفْتَانِي فِيما اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أتَانِي رَجُلَانِ، فَقَعَدَ أحَدُهُما عِنْدَ رَأْسِي، والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ الذي عِنْدَ رَأْسِي لِلْآخَرِ: ما بَالُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: ومَن طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بنُ أعْصَمَ - رَجُلٌ مِن بَنِي زُرَيْقٍ حَلِيفٌ لِيَهُودَ كانَ مُنَافِقًا - قَالَ: وفيمَ؟ قَالَ: في مُشْطٍ ومُشَاطَةٍ، قَالَ: وأَيْنَ؟ قَالَ: في جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، تَحْتَ رَاعُوفَةٍ في بئْرِ ذَرْوَانَ قَالَتْ: فأتَى النبيُّ ﷺ البِئْرَ حتَّى اسْتَخْرَجَهُ، فَقَالَ: هذِه البِئْرُ الَّتي أُرِيتُهَا، وكَأنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وكَأنَّ نَخْلَهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ قَالَ: فَاسْتُخْرِجَ، قَالَتْ: فَقُلتُ: أفلا؟ - أيْ تَنَشَّرْتَ - فَقَالَ: "أمَّا اللَّهُ فقَدْ شَفَانِي، وأَكْرَهُ أنْ أُثِيرَ علَى أحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا." (صحيح البخاري)

قال المفسرون: كان غلام من اليهود يخدم رسول الله فأتت إليه اليهود ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة النبيﷺ وعدة أسنان من مشطه فأعطاها اليهود فسحروه فيها وكان الذي تولى ذلك لبيد بن أعصم اليهودي ثم دسها في بئر لبني زريق يقال لها ذروان فمرض رسول الله وانتثر شعر رأسه،  ويرى أنه يأتي نساءه ولا يأتيهن،  وجعل يدور ولا يدري ما عراه فبينما هو نائم ذات يوم أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال الذي عند رأسه: "ما بال الرجل" قال: طب قال: وما طب قال: سحر قال: ومن سحره قال: لبيد بن أعصم اليهودي قال: وبم طبه قال: بمشط ومشاطة قال: وأين هو قال: في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذروان. والجف: قشر الطلع والراعوفة: حجر في أسفل البئر يقوم عليه المائح فانتبه رسول اللهﷺ فقال: يا عائشة ما شعرت أن الله أخبرني بدائي .

ثم بعث علياً والزبير وعمار بن ياسر فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء،  ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف فإذا هو مشاطة رأسه وأسنان مشطه، وإذا وتر معقد فيه أحد عشر عقدة مغروزة بالإبر.  فأنزل الله تعالى سورتي المعوذتين فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد رسول الله خفة حتى انحلت العقدة الأخيرة،  فقام كأنما نشط من عقال وجعل جبريل عليه السلام يقول: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن حاسد وعين الله يشفيك فقالوا: يا رسول الله أولا نأخذ الخبيث فنقتله فقال: أما أنا فقد شفاني الله وأكره أن أثير على الناس شراً.

 

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر النبي ﷺ حتى إنه ليتخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعل، حتى إذا كان ذات يوم وهو عندي دعا الله ودعا ، ثم قال: أشعرت يا عائشة أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه قلت: وما ذاك يا رسول الله قال: أتاني ملكان وذكر القصة بطولها. رواه البخاري عن عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة ولهذا الحديث طريق في الصحيحين.

فضل السورة :

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر ٍ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ الَّلهِ ـ : أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الَّليْلَةَ لَمْ يـُرَ مِثْلهُنَّ قَطّ : {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}. ( أَخْرَجَهُ مُسْلِمُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنّسَائـِي ).          

 

تفسير السوررتين:

وهما مدنيتان.

قال الإمام أحمد:حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا عاصم بن بَهْدَلة، عن زر بنُ حُبَيش قال:قلت لأبي بن كعب:إن ابن مسعود [ كان ] لا يكتب المعوذتين في مصحفه؟ فقال:أشهد أن رسول الله ﷺ أخبرني أن جبريل، عليه السلام، قال له: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} فقلتها، قال: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فقلتها. فنحن نقول ما قال النبي ﷺ.

ورواه أبو بكر الحُميدي في مسنده، عن سفيان بن عيينة، حدثنا عبدة بن أبي لُبَابة وعاصم بن بهدلة، أنهما سمعا زر بن حبيش قال:سألتُ أبي بن كعب عن المعوذتين، فقلت:يا أبا المنذر، إن أخاك ابن مسعود يَحُكهما من المصحف. فقال:إني سألت رسول الله ﷺ فقال: « قيل لي:قل، فقلت » . فنحن نقول كما قال رسول الله ﷺ .

وقال البخاري: فيما يرويه عن زر بن حُبَيش - وحدثنا عاصم عن زر- قال:سألت أبي بن كعب فقلت:أبا المنذر، إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا. فقال:إني سألت النبي ﷺ فقال: « قيل لي، فقلت » . فنحن نقول كما قال رسول الله ﷺ

وهذا مشهور عند كثير من القراء والفقهاء:أن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه، فلعله لم يسمعهما من النبي ﷺ.

وقد قال مسلم في صحيحه:حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، عن بيان، عن قيس بن أبي حَازم، عن عقبة بن عامر قال:قال رسول الله ﷺ: « ألم تر آيات أنـزلت هذه الليلة لم يُر مثلهن قط »: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }

طريق أخرى:قال الإمام أحمد:  عن عقبة بن عامر قال:بينا أنا أقود برسول الله ﷺ في نَقب من تلك النقاب، إذ قال لي: « يا عقبة، ألا تَركب؟ » . قال: (فَأجْلَلْتُ رسول الله ﷺ أن أركب مركبه) ثم قال: « يا عُقيب، ألا تركب؟ »  قال: (فأشفقت أن تكون معصية) قال: فنـزل رسول الله ﷺ وركبت هنيهة، ثم ركب، ثم قال: « يا عقيب، ألا أُعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس؟ » . قلت: بلى يا رسول الله. فأقرأني: { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ثم أقيمت الصلاة، فتقدم رسول الله ﷺ فقرأ بهما، ثم مر بي فقال: « كيف رأيت يا عقيب اقرأ بهما كلما نمت وكلما قمت»

وقال الإمام أحمد: عن عقبة بن عامر قال: "أمرني رسول الله ﷺ أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة". (ورواه أبو داود والترمذي والنسائي،وقال الترمذي:غريب.)

وعند النسائي: عن عقبة بن عامر؛ أن رسول الله ﷺ قال: « إن الناس لم يتعوذوا بمثل هذين: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} »

حديث آخر:قال النسائي: عن ابن عائش الجهني:أن النبي ﷺ قال له: « يا ابن عائش، ألا أدلك - أو: ألا أخبرك بأفضل ما يتعوذ به المتعوذون؟ . قال: بلى، يا رسول الله. قال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} هاتان السورتان «.

وقد تقدم في رواية صُدَيّ بن عجلان، وفَرْوَةَ بن مُجَاهد، عنه: « ألا أعلمك ثلاثَ سُوَر لم ينـزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلهن؟ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا إسماعيل، حدثنا الجريري، عن أبي العلاء قال:قال رجل:كنا مع رسول الله ﷺ في سفر، والناس يتعاقبون، وفي الظهر قلة، فحانت نـزلَة رسول الله ﷺونـزلتي، فلحقني فضرب (من بعدي) منكبي، فقال: ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) فقرأها رسول الله ﷺ وقرأتها معه، ثم قال: ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ )، فقرأها رسول الله ﷺ وقرأتها معه، فقال: » إذا صليت فاقرأ بهما «

حديث آخر:قال النسائي:أخبرنا عمرو بن علي أبو حفص، حدثنا بَدَل، حدثنا شداد بن سعيد أبو طلحة، عن سعيد الجُرَيري، حدثنا أبو نَضْرة، عن جابر بن عبد الله قال: قال لي رسول الله ﷺ: « اقرأ يا جابر»، قلت: وما أقرأ بأبي أنت وأمي؟ قال: « اقرأ »{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}  و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس} . فقرأتهما، فقال: » اقرأ بهما، ولن تقرأ بمثلهما ».

وتقدم حديث عائشة أن رسول اللهﷺ كان يقرأ بهن، وينفث في كفيه، ويمسح بهما رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده.

وقال الإمام مالك:عن ابن شهاب، عن عُرْوَة، عن عائشة: "أن رسول الله ﷺ كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه، وأمسح بيده عليه، رجاء بركتها."

وتقدم في آخر سورة: « ن  والقلم» في تفسير قوله تعالى: {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} ( القلم٥١)، عن أبي سعيد: أن رسول الله ﷺ كان يتعوذ من أعين الجان وعين الإنسان، فلما نـزلت المعوذتان أخذ بهما، وترك ما سواهما. (رواه الترمذي  وقال حديث حسن والنسائي وابن ماجة)

التفسير:

 

قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ الفلق: الصبح.

 

ما الفرق بين الإستعانة و الإستعاذة و الإستغاثة؟

فإن هذه الألفاظ الثلاثة راجعة إلى الاعتصام بالله تعالى والاعتماد عليه

 وبينها فروق يسيرة بيَّنها العلماء:

أولاً: الاستعانة: وهي طلب العون من الله تعالى في أمور الدنيا والآخرة، والتبرؤ من الحول والقوة والتفويض إليه، كما قال الله تعالى:{فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} (هود ١٢٣).

وفي وصيته ﷺ لابن عباس: وإذا استعنت فاستعن بالله. رواه الترمذي.

قال في تحفة الأحوذي: وإذا استعنت أي أردت الاستعانة في الطاعة وغيرها من أمور الدنيا والآخرة فاستعن بالله، فإنه المستعان، وعليه التكلان.

ثانيا: الاستغاثة: وهي طلب الغوث من الله تعالى في الشدائد والأزمات، كما في قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} (الأنفال٩).

قال ابن كثير: لما كان يوم بدر نظر النبي ﷺ إلى قلة أصحابه وكثرة عدوهم، فما زال يستغيث ربه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأنزل الله تعالى: إ{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} (الأنفال٩).

ثالثاً: الاستعاذة: وهي طلب كف الشر،  وتكون قبل العمل، ليظهر أثرها. ومنه قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}  (النحل٩٨).

ومنه حديث: "مَن استعاذ باللهِ فأعيذوه ومن سألكم فأعطُوه ومن دعاكم فأجيبوه ومن أتى إليكم معروفًا فكافِؤوه فإن لم تجدوا ما تكافِؤونه فادعوا له حتى تعلَموا أن قد كافَأتُموه." (رواه الإمام أحمد وإسناده صحيح)

قال في عون المعبود: من استعاذ بكم.. أي طلب منكم دفع شركم أو شر غيركم قائلاً: بالله عليك أن تدفع عني شَرَّك، فأجيبوه وادفعوا عنه الشر تعظيماً لاسم الله تعالى.

عودة للتفسير:

قال ابن أبي حاتم: عن جابر ، وقال العوفي، عن ابن عباس: ( الْفَلَقِ ) الصبح، ورُوي عن مجاهد، وسعيد بن جبير، وعبد الله بن محمد بن عقيل، والحسن، وقتادة، وغيرهم.

وعن ابن جرير: وهي كقوله تعالى: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ } (الأنعام٩٦).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { الْفَلَقِ} الخلق كله، وكل ما خلق تعالى هو من فلق: كقوله تعالى:{ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} ( الأنبياء٣٠)‏، وكذا قال الضحاك: أمر الله نبيه أن يتعوذ برب الخلق كله.

وقال كعب الأحبار: { الْفَلَقِ}  بيت في جهنم، إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره، ورواه ابن أبي حاتم

ثم قال:وقوله: { مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} أي: من شر جميع المخلوقات. و ( ما ) هي للعموم، من العاقل وغير العاقل، وقال ثابت البناني، والحسن البصري: جهنم وإبليس وذريته مما خلق.

{وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } قال مجاهد: غاسقُ الليلُ إذا وقبَ غُروبُ الشمس. حكاه البخاري عنه. ورواه ابن أبي نَجِيح، عنه. وكذا قال ابن عباس، ومحمد بن كعب القرظي، والضحاك، وخُصَيف، والحسن، وقتادة: إنه الليل إذا أقبل بظلامه.

وقال الزهري: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} الشمس إذا غربت. وعن عطية وقتادة: إذا وقب الليل: إذا ذهب. وقال أبو المهزم، عن أبي هريرة: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} كوكب. وقال ابن زيد:كانت العرب تقول: الغاسق سقوط الثريا، وكان الأسقام والطواعين تكثر عند وقوعها، وترتفع عند طلوعها.

قال ابن جرير: ولهؤلاء من الأثر ما حدثني: عن أبي سلمة، عن أبي هُرَيرة، عن النبي ﷺ: « {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} قال:النجم الغاسق» وابن جرير  لا يصحح رفعه إلى النبي ﷺ

قال ابن جرير:وقال آخرون: هو القمر.

قلت:وعمدة أصحاب هذا القول ما رواه الإمام أحمد: عن أبي سلمة قال:قالت عائشة، رضي الله عنها: «أخذ رسول الله ﷺ بيدي، فأراني القمر حين يطلع، وقال: « تَعوَّذي باللهِ من شَرِّ هذا الغاسِقِ إذا وَقَبَ»  .( حسنه الأرناؤوط)

ورواه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي:حسن صحيح. ولفظه: «تعوذي بالله من شر هذا، فإن هذا الغاسق إذا وقب» . ولفظ النسائي: « تعوَّذي بالله من شر هذا، هذا الغاسق إذا وقب».

قال أصحاب القول الأول وهو أنه الليل إذا ولج - :هذا لا ينافي قولنا؛ لأن القمر آيةُ الليل، ولا يوجد له سلطان إلا فيه، وكذلك النجوم لا تضيء، إلا في الليل، فهو يرجع إلى ما قلناه، والله أعلم.

وقوله: ( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ) قال مجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة والضحاك: يعني : السواحر،  قال مجاهد: إذا رقين ونفثن في العقد.

الفرق بين النفث، والنفخ والتفل:بن الأثير:
النفخ: هو هواء يخرج من الفم ، بدون لعاب.

والنفث: هو هواء يخرج من الفم مع قليل من اللعاب.

والتفل: هو بصاق، أو لعاب يخرج من الفم.

فأما أهل السحر فينفثون؛ اي يخرج منهم هواء ولعاب معه.

فائدة:

فالمراد بـ النفاثات في العقد النساء الساحرات ، وإنما جيء بصفة المؤنث ؛ لأن الغالب عند العرب أن يتعاطى السحر النساء؛  لأن نساءهم لا شغل لهن بعد تهيئة لوازم الطعام والماء والنظافة؛  فلذلك يكثر انكبابهن على مثل هاته السفاسف من السحر والتكهن ونحو ذلك ، فالأوهام الباطلة تتفشى بينهن،  وكان العرب يزعمون أن الغول ساحرة من الجن.

 وقيل أنه خص الإناث لأن سحرهن أقوى،

وقيل: بل النفاثات هو النفث نفسه من ساحر ذكر أو أنثي،

أن التأنيث هنا خرج مخرج الغالب، فيتعلق الحكم بالعلة لا بصيغة الخطاب، كما في قول الله تعالى: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } (النور ٤) المحصنات هنا هنَّ العفيفاتُ متزوجاتٍ أو غير متزوجات.

فاللفظ مؤنث { الْمُحْصَنَاتِ}. ومن رمى رجلاً عفيفاً بالزنا فإنه يجلد كذلك لأن علة الحكم واحدة وهي القذف بالزنا، لكن خرج الخطاب مخرج الغالب، لأن أكثر ما يُقذف النساء.

وقد ذكر بعض المفسرين تخريجاً ثالثاً لكنه باطل لا يصح ، ولأن الكلام للتعميم، وليس خاصا بهن، وهو أن المراد بالنفاثات هنا بنات لبيد بن الأعصم، وهن من سحروا النبي ﷺ، على اعتبار أن السورة نزلت بسبب حادثة سَحر النبي ﷺ.

والسحر يأتي من الذكور ومن الإناث، ويقوى ويضعف حسب قوة الألحاد وضعفه، فأشد الناس معصية لله ، والحادا أشدهم سحرًا، لأن السحر هو عقد مع الشياطين الجن أن يطيعوه ويؤذوا من شاء، والجن يشترطون على الساحر أن يأتي معصية حتى يستجيبوا له، وعلى قدر عدد المعاصي وشركه يكون استجابتهم له. والله أعلم.

فائدة:

وإنما جعلت الاستعاذة من النفاثات لا من النفث ، فلم يقل : إذا نفثن في العقد ، للإشارة إلى أن نفثهن في العقد ليس بشيء يجلب ضرا بذاته، وإنما يجلب الضر النافثات وهن متعاطيات السحر؛ لأن الساحر يحرص على أن لا يترك شيئا مما يحقق له ما يعمله لأجله إلا احتال على إيصاله إليه ، فربما وضع له في طعامه أو شرابه عناصر مفسدة للعقل أو مهلكة بقصد أو غير قصد ، أو قاذورات يفسد اختلاطها بالجسد بعض عناصر انتظام الجسم يختل بها نشاطه أو إرادته ، وربما أغرى به من يغتاله أو من يتجسس على أحواله ليري لمن يسألونه السحر أن سحره لا يختلف ولا يخطئ .

الرقية الشرعية:

وفي الحديث الآخر:أن جبريل جاء إلى رسول الله ﷺ فقال: «اشتكيت يا محمد؟ فقال: «نعم». فقال: «بسم الله أرْقِيك، من كل داء يؤذيك، ومن شر كل حاسد وعين، الله يشفيك ».

 

ولعل هذا كان من شكواه، عليه السلام، حين سحر، ثم عافاه الله تعالى وشفاه، ورد كيد السحرَة الحسَّاد من اليهود في رءوسهم، وجعل تدميرهم في تدبيرهم، وفضحهم، ولكن مع هذا لم يعاتبه رسول الله ﷺ يوما من الدهر، بل كفى الله وشفى وعافى.

 

وقال البخاري في « كتاب الطب » من صحيحه  عن عائشة قالت:" كان رسول الله ﷺ سُحر، حتى كان يُرَى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن - قال سفيان:وهذا أشد ما يكون من السحر، إذا كان كذا - فقال: « يا عائشة، أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيتُه فيه؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للآخر:ما بال الرجل؟ قال:مطبوب. قال:ومن طَبَّه؟ قال:لَبيد بن أعصم - رجل من بني زُرَيق حَليف ليهُودَ، كان منافقًا- وقال:وفيم؟ قال:في مُشط ومُشاقة. قال:وأين؟ قال:في جُف طَلْعَة ذكر تحت رعوفة في بئر ذَرْوَان » . قالت:فأتى (النبي ﷺ) البئر حتى استخرجه فقال: « هذه البئر التي أريتها، وكأن ماءها نُقَاعة الحنَّاء، وكأن نخلها رءوس الشياطين » . قال: فاستخرج . (قالت). فقلت: أفلا؟ أي:تَنَشَّرْتَ ؟ فقال: « أمَّا اللهُ فقد شفاني، وأكره أن أثير على أحد من الناس شرًا » .تنشَّرت: أي هلا تطببت، وانتقمت من الذين آذوك.

وقال الأستاذ المفسر الثعلبي في تفسيره: قال ابن عباس وعائشة، رضي الله عنهما: "كان غلام من اليهود يخدم رسول اللهﷺ فدبَّت إليه اليهود، فلم يزالوا به حتى أخذ مُشَاطة رأس النبي ﷺ وعدة أسنان من مُشطه، فأعطاها اليهود، فسحروه فيها. وكان الذي تولى ذلك رجل منهم - يقال له: [ لبيد ] بن أعصم- ثم دسها في بئر لبني زُرَيق، ويقال لها:ذَرْوان، فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتثر شعر رأسه، ولبث ستة أشهر يُرَى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، وجعل يَذُوب ولا يدري ما عراه. فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان فَقَعَد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه:ما بال الرجل؟ قال:طُبَ. قال:وما طُبَ؟ قال:سحر. قال:ومن سحره؟ قال:لبيد بن أعصم اليهودي. قال:وبم طَبَه؟ قال:بمشط ومشاطة. قال:وأين هو؟ قال:في جُفَ طلعة تحت راعوفة في بئر ذَرْوَان - والجف:قشر الطلع، والراعوفة:حجر في أسفل البئر ناتئ يقوم عليه الماتح - فانتبه رسول الله ﷺ مذعورًا، وقال: « يا عائشة، أما شعرت أن الله أخبرني بدائي؟ » . ثم بعث رسول الله ﷺ عليا والزبير وعمار بن ياسر، فنـزحوا ماء البئر كأنه نُقاعة الحناء، ثم رفعوا الصخرة، وأخرجوا الجف، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه، وإذا فيه وتر معقود، فيه اثنتا عشرة عقدة مغروزة بالإبر. فأنـزل الله تعالى السورتين، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة، ووجد رسول الله ﷺ خفة حين انحلت العقدة الأخيرة، فقام كأنما نَشطَ من عقال، وجعل جبريل، عليه السلام، يقول: باسم الله أرْقِيك، من كل شيء يؤذيك، من حاسد وعين الله يشفيك. فقالوا:يا رسول الله، أفلا نأخذ الخبيث نقتله؟ فقال رسول اللهﷺ: « أما أنا فقد شفاني الله، وأكره أن يثير على الناس شرًا »

هكذا أورده بلا إسناد، وفيه غرابةز

وفي الحديث أنه كلما قرأ آية انحلت عقدة، والسورتان مجموع آياتهما  ١١ آية، و(بسم الله الرحمن الرحيم) آية، فمجموعها اثنتا عشر آية، وكان في السحر اثنتا عشر عقدة، فانحلت مع كل آية ، والله أعلم.

 

وفي سورة الناس

ومحور مواضيع هذه السورة مكمل لما في سورة الفلق:

وفيها الاستجارة والاحتماء بالله تعالى الذي هو رب الناس، ومالك الناس ومصلح أمورهم ، وإلههم ومعبودهم الذي يجب أن يستعاذ به ويلجأ إليه دون الملوك والعظماء.

هذه الاستعاذة تكون من شر الشياطين، منهم الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم من العروق،  وتكون هذه الوسوسة من نوعين من الشياطين: شيطان الإنس، وشيطان الجن،  أما شيطان الجن فيوسوس في صدور الناس، وأما شيطان الإنس فيأتي علانية،  لذلك وجبت الاستعاذة من الصنفين.

التفسير:

قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴿١﴾‏ مَلِكِ النَّاسِ ﴿٢﴾‏ إِلَٰهِ النَّاسِ ﴿٣﴾‏

هذه ثلاث صفات من صفات الرب، عز وجل؛ الربوبية، والملك، والإلهية، فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه، فجميع الأشياء مخلوقة له، مملوكة عبيد له، فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات، من شر الوسواس الخناس، وهو الشيطان الموكل بالإنسان، فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يُزَين له الفواحش، ولا يألوه جهدًا في الخبال. والمعصوم من عَصَم الله، وقد ثبت في الصحيح أنه: « ما منكم من أحد إلا قد وُكِل به قرينه » . قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: « نعم، إلا أن الله أعانني عليه، فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير »

وثبت في الصحيح، عن أنس في قصة زيارة صفية النبي ﷺ وهو معتكف، وخروجه معها ليلا ليردها إلى منـزلها، فلقيه رجلان من الأنصار، فلما رأيا رسول الله ﷺ أسرعا، فقال رسول الله: «على رسلكما، إنها صفية بنت حُيي » . فقالا سبحان الله، يا رسول الله. فقال: « إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا، أو قال:شرًا ».

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي عن أنس بن مالك قال:قال رسول الله ﷺ: « إنّ الشَّيطانَ واضعُ خَطمَهُ علَى قلبِ ابن آدمَ ، فإن ذَكَرَ اللَّهَ خنسَ وإن نسيَ التقمَ قلبَهُ ، فذلكَ الوَسواسُ الخنَّاسُ» ( ضعيف).

وقال الإمام أحمد:حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عاصم، سمعت أبا تميمة يُحَدث عن رَديف رسول الله ﷺ قال:عَثَر بالنبي ﷺ حمارهُ، فقلت: تَعِس الشيطان. فقال النبي ﷺ: «لا تقل تعسَ الشيطانُ فإنك إذا قلتَ تعسَ الشيطانُ تعاظمَ وقال بقوتي صرعتُه، وإذا قلتَ بسمِ اللهِ تصاغرَ حتى يصيرَ مثلَ الذبابِ» .تفرد به أحمد، إسناده جيد قوي

وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغُلِب، وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب.

وعند الإمام أحمد عن أبي هريرة قال:قال رسول الله ﷺ: « إن أحدكم إذا كان في المسجد، جاءه الشيطان فأبس به كما يُبَس الرجل بدابته، فإذا سكن له زنقه، أو: ألجمه » . قال أبو هُرَيرة: وأنتم ترون ذلك، أما المزنوق فتراه مائلا- كذا- لا يذكر الله، وأما الملجم ففاتح فاه لا يذكر الله، عز وجل."  تفرد به أحمد .

وقال سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: ( الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ) قال:الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، فإذا ذكر الله خَنَس. وكذا قال مجاهد، وقتادة.

وقال المعتمر بن سليمان، عن أبيه:ذُكرَ لي أن الشيطان، أو: الوسواس ينفث في قلب ابن آدم عند الحزن وعند الفرح، فإذا ذكر الله خنس.

وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: {الْوَسْوَاس} قال:هو الشيطان يأمر، فإذا أطيع خنس.

وقوله: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} هل يختص هذا ببني آدم - كما هو الظاهر - أو يعم بني آدم والجن؟ فيه قولان، ويكونون قد دخلوا في لفظ الناس تغليبا.

وقال ابن جرير: وقد استعمل فيهم (رجَالٌ منَ الجن) فلا بدع في إطلاق الناس عليهم . 

وقوله: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} هل هو تفصيل لقوله: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} ثم بينهم فقال: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} وهذا يقوي القول الثاني.

وقيل قوله: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} تفسير للذي يُوسوس في صدور الناس، من شياطين الإنس والجن، كما قال تعالى:  {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا } (الأنعام ١١٢).

 وكما ورد عند الإمام أحمد:- بإسناد ضعيف- عن أبي ذر قال:أتيت رسول الله ﷺ وهو في المسجد، فجلست، فقال: « يا أبا ذر، هل صليت؟ » . قلت: لا. قال: « قم فصل » . قال:فقمت فصليت، ثم جلست فقال: « يا أبا ذر، تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن » .

قال:قلت:يا رسول الله، وللإنس شياطين؟ قال: « نعم » . قال:قلت: يا رسول الله، الصلاة؟ قال: « خَيرٌ موضوعٌ، مَن شاءَ أقَلَّ، ومَن شاءَ أكثَرَ» . قلت: يا رسول الله فما الصوم؟ قال: « فرض يجزئ، وعند الله مزيد » . قلت:يا رسول الله، فالصدقة؟ قال: « أضعاف مضاعفة » . قلت:يا رسول الله، أيها أفضل؟ قال: « جُهد من مُقل، أو سر إلى فقير » . قلت:يا رسول الله، أي الأنبياء كان أول؟ قال: « آدم » . قلت:يا رسول الله، ونبي كان؟ قال: « نعم، نبي مُكَلَّم » . قلت:يا رسول الله، كم المرسلون؟ قال: « ثلثمائة وبضعة عشر، جَمًّا غَفيرًا » . وقال مرة: «خمسة عشر » . قلت:يا رسول الله، أيما أنـزل عليك أعظم؟ قال: « آية الكرسي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ »

وعند الإمام أحمد:  عن ابن عباس قال:جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال:يا رسول الله، إني أحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به. قال:فقال النبي ﷺ: «الله أكبر الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة» .ورواه أبو داود والنسائي.

 

آخر التفسير للمفصل، ولله الحمد والمنة، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين . ورضي الله عن الصحابة أجمعين . حسبنا الله ونعم الوكيل.

No comments:

Post a Comment