Tuesday 23 August 2016

أحكام الحج والعمرة 3- تابع: أركان الحج

 


  



أحكام الحج والعمرة 3- تابع:  أركان الحج:

وأركانُ الحجِّ أربعةٌ:
قلنا في الدرس السابق أن للحجّ أركان لا يتمّ الحج إلا بها، وهي أربعة أركان ، وتكلمنا عن الركن الأول وهو الإحرام معناه وكيفيته، ومحظوراته ، واليوم تنكلم عن بقية الأركان:

الرُّكن الثّاني للحج: الوقوفُ بعرفةَ:

يوم عرفة الذي أقسم الله عز وجل به في كتابه فقال: ( والشفع والوتر ) فهو الشفع وهو الشاهد لقوله ﷺ: "الشاهد يوم عرفة والمشهود يوم الجمعة" (الترمذي وأحمد)، وهو أفضل الأيام ففي الحديث "أفضل الأيام يوم عرفة" (ابن حبان في صحيحه)، ففي صحيح ابن داود وصححه الألباني عن النبي : " إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر ".وهو يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها والعتق من النار والمُباهاة بأهل الموقف؛ ففي الحديث "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وأنه ليدنو ثم يباهى ملائكته فيقول ما أراد هؤلاء " (صحيح مسلم)
وهذا هو الرّكن الذي يفوت على الحاج حجه إذا فاته،  لقولِهِ : ( الحَجُّ عَرَفَةُ ) [رواه الخمسةُ].
وقوله تعالى:( فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الحرَامِ )،( البقرة 198) ، لأنّ الإفاضة من عرفة إنّما تكون بعد أن يتمّ الوقوف فيها، ويفوت على الحاج حجه إذا فاته الوقوف بعرفة أو أخل به، وذلك لحديث عبد الرحمن بن يعمر رضي الله عنه قال: شهدت رسول الله وهو واقف بعرفة، وأتاه ناس من أهل نجد، فقالوا: يا رسول الله كيف الحجّ؟ قال:" الحجّ عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تمَّ حجّه، أيام منى ثلاثة، " فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ "، ثمّ أردف رجلاً خلفه فجعل ينادي بهنّ "، رواه ابن ماجه.
 وقال ابن المنذر:" وأجمعوا على أنّ الوقوف بعرفة فرض،لا حج لمن فاته الوقوف بها"

أ ) مكانُ الوقوفِ:

عرفةُ كلُّها موقفٌ إلّا بطنَ عُرنةَ؛ لقولِهِ : ( وَقَفْتُ هَا هُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ) [رواه مسلم]، وقولِه: ( وارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ ) [رواه أحمد وابن ماجه]. وبطنُ عُرَنةَ: هو الوادِي الّذِي قبلَ عرفات، وعليه بُنيَتْ مقدِّمةُ مسجدِ نمرةَ، ومؤخّرتُهُ في داخلِ عرفات.

ب) وقتُ الوقوفِ:

يبدأُ منْ طُلوعِ فجرِ يومِ عرفةَ ، وهو يوم التاسع من ذي الحجة، إلى طلوعِ فجرِ يومِ النّحرِ وهو اليوم العاشر منه؛ فمَنْ وُجدَ في هذا الوقتِ بعرفةَ لحظةً واحدةً - وهُو أهلٌ للوقوفِ مستكملا شروطه-؛ ولو كان مارًّا، أو نائماً، أو جاهلاً أنّها عرفةُ، أو كانتِ المرأةُ حائضاً: صحَّ حجُّهُ؛ لحديثِ عُروةَ بنِ مضرِّسٍ رضي الله عنه قال: (أَتَيْتُ رَسُولَ الله بالموقفِ - يَعْنِى بِجَمْعٍ (مزدلفة)- قُلْتُ: جِئْتُ يَا رَسُولَ الله مِنْ جَبَلِ طَيِّئٍ؛ أَكْلَلْتُ مَطِيَّتِي، وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي، وَاللهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ جَبَلٍ إِلاَّ وَقَفْتُ عَلَيْهِ؛ فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله: مَنْ أَدْرَكَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلاَةَ، وَأَتَى عَرَفَاتٍ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا؛ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ ) [رواه الخمسة]. والتَّفثُ: فعلُ ما كان محرّماً على المحرمِ؛ من إزالةِ الشّعرِ، وقصِّ الأظفارِ.
وقال ابن قدامة رحمه الله : وأما أوله( أي أول وقت الوقوف بعرفة) فمن طلوع الفجر يوم عرفة , فمن أدرك عرفة في شيء من هذا الوقت وهو عاقل , فقد تم حجه .
وفي روايةٍ عن الإمامِ أحمدَ: أنّ الوقوفَ يَبدأُ من زوالِ الشّمسِ يومَ عرفةَ؛ لأنّ النّبيَّ وقَفَ الزوال، والأول هو ما عليه الجمهور.
قال ابن باز رحمه الله ( بتصرف): أن هذا هو وقت الوقوف، فإذا وقف فيه ولو قليلاً أجزأه الحج، فإن كان بالليل أجزأه وليس عليه فدية، وإن كان في النهار وجب عليه أن يبقى إلى غروب الشمس، كما وقف النبي فإنه وقف نهاراً بعدما صلى الجمع، بعدما صلى الظهر والعصر جميعا، جمع تقديم، بأذان وإقامتين تقدم إلى الموقف فوقف على راحلته حتى غابت الشمس هذا هو الأفضل، وهذا هو الكمال، أن يقف نهاراً ويبقى حتى غروب الشمس.
إذا انصرف الحاج قبل غروب الشمس فعليه دم عند أكثر أهل العلم، يذبح في مكة للفقراء، لكن إذا رجع في الليل ولو قليلا سقط عنه الدم."  أهـ

ولا يصحُّ الوقوفُ إن كانَ الواقفُ سكرانَ، أو مجنوناً، أو مغمى عليهِ- إلّا أن يفيقوا وهم بها، أو يعودُوا إليها قبلَ خُروجِ وقتِ الوقوفِ-؛ لأنّهم ليسوا من أهلِ العباداتِ.

- ولو وقَفَ النّاسُ كلُّهم، أو كلُّهم إلّا قليلاً في اليومِ الثَّامنِ أو العاشرِ خطأً لا عمداً: أجزأَهم الوقوفُ؛ لأنّه لو وجبَ القضاءُ لمْ يُؤمنُ وقوعُ الخطأ فيه أيضاً؛ فيشُقُّ عليهم.

وإن فعَل ذلكَ نفرٌ قليلٌ منهُم: فاتَهُمُ الحجُّ؛ لتفرِيطِهم، ولما ثبـتَ: (أنَّ هَبَّارَ بْنَ الأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَعُمَرُ رَضِيَ الله عَنهُ يَنْحَرُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَخْطَأْنَا؛ كُنَّا نَرَى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ؛ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنهُ: اذْهَبْ إِلَى مَكَّةَ فَطُفْ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ، ثُمَّ انْحَرْ هَدْيًا إِنْ كَانَ مَعَكَ، ثُمَّ احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا، وَارْجِعُوا؛ فَإِذَا كَانَ حَجٌّ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَأَهْدُوا... ) [رواه مالك في (الموطأ)]، أي أنه رضي الله عنه رأى أنهم فاتهم حج ذلك العام فأمرهم بالتحلل ، والعودة من العام القادم ليحجوا حجا صحيحاً.
وكيفما حصل بعرفة،  وهو عاقل أجزأه سواء كان قائما أو جالسا أو راكبا أو نائما، وإن مر بها مجتازا ،  فلم يعلم أنها عرفة ، أجزأه أيضا.

ما هي الأعمال التي يُستحب للمسلم أن يفعلها في يوم عرفه:

1-الصلاة: يجب المحافظة عليها في جماعة والتبكير إليها والإكثار من النوافل وقيام
الليل؛ فإن ذلك من أفضل القربات؛ ففي الحديث "عليك بكثرة السجود؛ فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك خطيئة " (مسلم).
2-الصيام – لغير الحاج-: لدخوله في الأعمال الصالحة؛ ففي المسند والسنن عن حفصة أم المؤمنين أن النبي "كان لا يدع صيام عاشوراء والعشر وثلاثة أيام من كل شهر". وفي سنن أبي داود عن بعض أزواج النبي " كان لا يدع صيام تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر"، وكان عبد الله بن عمر يصومها، قال الإمام النووي عن صوم أيام العشر أنه مستحب استحباباً شديداً.
وفي أجر صيام يوم عرفة ، حديث "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله والتي بعده" (صحيح مسلم).
3-حفظ الجوارح عن المحرمات مطلقاً:  وفي هذا اليوم خاصة، ففي الحديث "يوم عرفة، هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غُفر له" (مسند الإمام أحمد).
4-الإكثار من كلمة التوحيد.:  ففي الحديث "كان أكثر دعاء النبي يوم عرفة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد, بيده الخير وهو على كل شيء قدير)" (مسند الإمام أحمد)، وفي رواية الترمذي "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي (لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)".
5-كثرة الدعاء بالمغفرة والعتق من النار .... فإنه يُرجى إجابة الدعاء فيه, وكان من دعاء علي بن أبى طالب (اللهم اعتق رقبتي من النار وأوسع لي من الرزق الحلال واصرف عني فسقة الإنس والجان) وليحذر من الذنوب التي تمنع المغفرة والعتق من النار كالكبر والإصرار على المعاصي.

والدعاء يوم عرفة عام للحجاج وغيرهم،  لكن الحجاج على وجه أخص لأنهم في مكان فاضل وهم متلبسون بالإحرام وواقفون بعرفة فهم يعني يتأكد الدعاء في حقهم والفضل في حقهم أكثر من غير الحجاج وأما بقية الناس الذين لم يحجوا فإنهم يشرع لهم الدعاء والاجتهاد به والإستغفار والذكر عموما ، في هذا اليوم ليشاركوا إخوانهم الحجاج في هذا الفضل.، ويخص من الدعاء ما ورد في القرآن وفي السنة المطهرة عن خير البشر أجمعين قولا وعملا .

1-        طواف الإفاضة:

وذلك بعد الإفاضة من عرفة ومزدلفة، ويسمى طواف الزيارة، بعد العودة من منى إلى مكة المكرمة يطوف الحاج سبعة أشواط, ويصلي ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم ، ويأتي الملتزم ويلتزمه إن استطاع ويدعو عنده ، أو قبالته، ويشرب من ماء وزمزم، ثم يسعى بين الصفا والمروة إذا لم يكن قد سعى من قبل.
بعد طواف الإفاضة يتحلل الحاج التحلل الأكبر أي يحل للحاج بعدها كل شيء.
ثم يعود الحاج بعده إلى منى للمبيت فيها من أجل رمي الجمرات الثلاث في الأيام الثلاثة الطواف القادمة.

وهو ركن ذلك لقوله تعالى:" وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق "( الحج 29)، ولحديث عائشة رضي الله عنها، قالت: (حَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ؛ فَذَكَرْتُ حيضَتَهَا لِرَسُولِ الله ؛ فَقَالَ رَسُو وَسَلَّمَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهَا قَدْ كَانَتْ أَفَاضَتْ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَاضَتْ بَعْدَ الإِفَاضَةِ. فَقَالَ رَسُولُ الله : فَلْتَنْفِرْ » [متفق عليه، واللّفظ لمسلم]؛ فهذا يدلُّ على أنّ طوافَ الإفاضةِ لا بُدَّ منهُ، وأنّ منْ لمْ يأتِ بهِ يُحبسُ لأجلِهِ.
قال الإمام ابن قدامة رحمه اللَّه:" وسُمِّيَ طواف الزّيارة؛ لأنّه يأتي من منى فيزور البيت، ولا يقيم بمكّة بل يرجع إلى منى، ويُسمَّى طواف الإفاضة؛ لأنّه يأتي به عند إفاضته من منى إلى مكة، وهو ركن للحج، لا يتمُّ إلا به، لا نعلم فيه خلافاً "، المغني.

- وأوّلُ وقتِ طوافِ الإفاضةِ: وإنّ لطواف الزّيارة وقتان، وهما وقت فضيلة، ووقت إجزاء.
 فأمّا وقت الفضيلة : فيكون في يوم النّحر، وذلك بعد الرّمي، والنّحر، والحلق.
 وأمّا وقت الجواز:  فأوله يكون من بعد منتصف الليل من ليلة النّحر، وهذا ما قال به الإمام أحمد، والشّافعي، وقد قال أبو حنيفة أنّ أوّله يكون وقت طلوع الفجر من يوم النّحر، وآخره في آخر أيام النّحر.وهذا الأمر مبنيٌّ على أوّل وقت الرّمي.
-وأمّا آخر وقت طواف الزيارة:  فقد احتجّ بأنَّه نُسُكٌ يفعل في الحجّ، فكان آخر وقته محدوداً مثل الوقوف والرّمي، قال ابن قدامة:" والصّحيح أنّ آخر وقته غير محدود، فإنّه متى أتى به صحَّ بغير خلاف، وإنّما الخلاف في وجوب الدّم "، وكلما سارع إليه المسلم قدر استطاعته كان أفضل.
وفعلُهُ يومَ النحرِ أفضلُ؛ لقولِ ابنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما: (أَفَاضَ رسولُ الله يَوْمَ النَّحْرِ ) [متفق عليه]

هل يشترط الوضوء لطواف الإفاضة:

قال شيخ الإسلام بان تيمية أن الطهارة مستحبة للطواف وليست بواجبة، قال رحمه الله: والذين أوجبوا الوضوء للطواف ليس معهم حجة أصلا،  فإنه لم ينقل أحد عن النبي لا بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه أمر بالوضوء للطواف مع العلم بأنه قد حج معه خلائق عظيمة ، وقد اعتمر عمرا متعددة والناس يعتمرون معه فلو كان الوضوء فرضا للطواف لبينه النبي بيانا عاما ولو بينه لنقل ذلك المسلمون عنه ولم يهملوه ، ولكن ثبت في الصحيح أنه لما طاف توضأ وهذا وحده لا يدل على الوجوب ، فإنه قد كان يتوضأ لكل صلاة وقد قال إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر – وليس هذا بواجب ولكنه فعله،  وقد ثبت عنه في الصحيح أنه لما خرج من الخلاء وأكل وهو محدث قيل له ألا تتوضأ قال: "  ما أردت صلاة فأتوضأ " فدل على أنه لم يجب عليه الوضوء إلا إذا أراد صلاة وأن وضوءه لما سوى الصلاة مستحب ليس بواجب، والحديث الذي يروى: " الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير"  قد رواه النسائي وهو يروى موقوفا ومرفوعا وأهل المعرفة بالحديث لا يصححونه إلا موقوفا عن ابن عباس، وبكل حال فلا حجة فيه لأنه ليس المراد به أن الطواف نوع من الصلاة ، كصلاة العيد والجنائز ولا أنه مثل الصلاة مطلقا فإن الطواف يباح فيه الكلام بالنص والإجماع ولا تسليم فيه ولا يبطله الضحك والقهقهة ولا تجب فيه قراءة القرآن باتفاق المسلمين،  فليس هو مثل الجنازة،  فإن الجنازة فتفتح بالتكبير وتختم بالتسليم وهذا حد الصلاة التي أمر فيها بالوضوء كما قال: "  مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم " والطواف ليس له تحريم ولا تحليل وإن كبر في أوله فكما يكبر على الصفا والمروة وعند رمي الجمار من غير أن يكون ذلك تحريما ولهذا يكبر كلما حاذى الركن انتهى." أهـ ووافق هذا القول  قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
ويرى أخرون وجوب الطهارة للطواف وإذا أحدث أثناء طوافه فإنه يذهب للوضوء ، ثم يعود ويبني على ما أتم منه- أي يكمل الطواف من حيث أحدث-، وعليه فالأحوط للحاج أن يتوضأ للطواف خروجا من الخلاف.

هل يصح من الحائض طواف الإفاضة؟

إليكم هذه الإجابة عن هذا السؤال من موقع الإسلام سؤال وجواب- للشيخ محمد صالح المنجد فتوى رقم 112271 - قال:
الحائض لا يصح طوافها ؛ لما روى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها لما حاضت قبيل دخول مكة في حجة الوداع قال لها النبي : (افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي) .
وروى البخاري ومسلم عن عَائِشَةَ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ حَاضَتْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ : (أَحَابِسَتُنَا هِيَ ؟ فَقُلْتُ : إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ : فَلْتَنْفِرْ) .
فهذا يدل على أن الحائض ممنوعة من الطواف ، وعليها أن تبقى حتى تطهر ، فإن سافرت لزمها أن تبقى على إحرامها ولا تحل لزوها حتى ترجع لمكة لتطوف، وهذا ما ذهب إليه جماهير أهل العلم .
وإذا خافت المرأة نزول الحيض قبل طوافها للإفاضة وكان لا يمكنها البقاء في مكة ولا العودة إليها بعد الذهاب منها ، فلها أن تستعمل دواء لمنع الحيض لتتمكن من الطواف، والضرر الذي قد يلحقها من ذلك ضرر مغتفر في سبيل تحقيق هذه العبادة العظيمة وأدائها على الوجه المشروع .
وروى عن عطاء أنه سئل عن امرأة تحيض ، يجعل لها دواء فترتفع حيضتها وهي في قرئها كما هي ، تطوف ؟ قال : نعم ، إذا رأت الطهر ، فإذا هي رأت خفوقا ولم تر الطهر الأبيض ، فلا . ( والخفوق : الدم القليل أو الخفيف قرب الانقطاع  ).
وإذا لم يمكنها أخذ هذا الدواء أو خافت حصول ضرر عليها منه ، فقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أنه إن لم يمكنها البقاء في مكة لذهاب رفقتها، ولم يمكنها السفر لبلدها والرجوع للطواف، فهي مضطرة ، تستثفر وتتحفظ بما يمنع سقوط الدم وتطوف ، وبهذا أفتى بعض أهل العلم .
فقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : قدمت امرأة محرمة بعمرة ، وبعد وصولها إلى مكة حاضت . ومحرمها مضطر إلى السفر فوراً وليس لها أحد بمكة ، فما الحكم ؟
فأجابت : "إذا كان الأمر كما ذكر من حيض المرأة قبل الطواف وهي محرمة ، ومحرمها مضطر للسفر فوراً وليس لها محرم ولا زوج بمكة ، سقط عنها شرط الطهارة من الحيض لدخول المسجد وللطواف للضرورة ، فتستثفر وتطوف وتسعى لعمرتها ، إلا إنْ تيسر لها أن تسافر وتعود مع زوج أو محرم، لقرب المسافة ويسر المؤونة فتسافر وتعود فور انقطاع حيضها لتطوف طواف عمرتها وهي متطهرة ، فإن الله تعالى يقول : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)( البقرة 185)، وقال : (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) ( البقرة 233)،  وقال : (وما جعل عليكم في الدين من حرجٍ) ( الحج78) . وقال : (فاتقوا الله ما استطعتم) ( التغابن 16)
وقال رسول الله : (إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم) ( البخاري)، إلى غير ذلك من نصوص التيسير ورفع الحرج، وقد أفتى بما ذكرنا جماعة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (2/238) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : امرأة حاضت ولم تطف طواف الإفاضة وتسكن خارج المملكة وحان وقت مغادرتها المملكة ولا تستطيع التأخر ويستحيل عودتها للمملكة مرة أخرى فما الحكم ؟
فأجاب : "إذا كان الأمر كما ذكر امرأة لم تطف طواف الإفاضة وحاضت ويتعذر أن تبقى في مكة أو أن ترجع إليها لو سافرت قبل أن تطوف ، ففي هذه الحالة يجوز لها أن تستعمل واحداً من أمرين : فإما أن تستعمل إبراً توقف هذا الدم وتطوف ، وإما أن تتلجم بلجام يمنع من سيلان الدم إلى المسجد وتطوف للضرورة ." أهـ

الرُّكن الرّابعُ: السَّعيُ بين الصَّفا والمروةِ: 


 

 
 
وذلك لحديث حبيبة بنت أبي تجزئة قالت:" دخلنا على دار أبي حسين في نسوة من قريش، والنّبي يطوف بين الصّفا والمروة، قالت: وهو يسعى يدور به إزاره من شدَّة السّعي وهو يقول لأصحابه: اسعوا فإنّ الله كتب عليكم السعي "، رواه أحمد، والحاكم، وغيرهما، وقالت عائشة رضي الله عنها:" ما أتم الله حجّ من لم يطف بين الصّفا والمروة "(متفق عليه).

كيفية السعي بين الصفا والمروة ، ومستحباته:
قال النووي رحمه الله: الواجب الثالث -أي من واجبات السعي- إكمال سبع مرات سعي بين الصف والمروة- يحسب الذهاب من الصفا إلى المروة مرة، والرجوع من المروة إلى الصفا مرة ثانية، والعود إلى المروة ثالثة، والعود إلى الصفا رابعة، وإلى المروة خامسة، وإلى الصفا سادسة، ومنه إلى المروة سابعة، فيبدأ بالصفا ويختم بالمروة، هذا هو المذهب الصحيح المشهور الذي نص عليه الشافعي وقطع به جماهير الأصحاب المتقدمين والمتأخرين وجماهير العلماء، وعليه عمل الناس وبه تظاهرت الاحاديث الصحيحة.
تفصيل السعي:
يصعد إلى الصفا بحيث يرى الكعبة (إذا أمكن) من باب الصفا ويقول حين الصعود:
 ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيم).( البقرة 158)
ثم يقول:
(الله أكبر الله أكبر، الله أكبر و لله الحمد، الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، و هزم الأحزاب و حده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون) ثلاث مرات.
يُسن أن يهرول بين الميلين الأخضرين (للرجل فقط).
يدعو بين الميلين الأخضرين:
(ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، رب اغفر وارحم، واعف وتكرم، وتجاوز عما تعلم, إنك أنت الأعز الأكرم، اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
ثم يصل إلى المروة فهذا شوط واحد فيتم سبعة أشواط يبدأ أولها بالصفا وينتهي آخرها بالمروة. عندما يقف عند المروة يقول (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ....)
ويقول نفس الأذكار والدعوات التي قالها عند الصفا، (يلبي الحاج في السعي، ولا يلبي المعتمر)،بعد ختام الشوط السابع من السعي يستحب صلاة ركعتين، وفي الحرم أفضل.
ويستحب أن يجمع في السعي بين الأذكار والدعوات وما تيسر من القرآن الكريم.
ويستحب أن يقول بعد تمام السعي: (ربنا تقبل منا وعافنا واعف عنا وعلى طاعتك وشكرك أعنا).
-    لا يشترط الاضطباع في السعي عند الحنفية (أما عند الشافعية فنعم)
-    لا تشترط الطهارة لصحة السعي ولكن باعتبار أن المسعى أصبح داخل الحرم فيستحب ذلك.
-    في حال انقطاع السعي بسبب  واجب أداء صلاة  الفريضة مع الجماعة، أو أي سبب آخر كان فيكمل السعي من حيث توقف
-    في حال أراد الحاج المتمتع أن يقدم سعي الحج على طواف الإفاضة فبإمكانه ذلك ويكون بأن ينشئ طواف نفل بعد أن يحرم في الثامن من ذي الحجة ويسعى بعده سعي الحج.
-    والمهم أن يكثر الحاج والمعتمر من الدعاء المأثور، ولا بأس أن يستعين ببعض الكتيبات الخاصة بأذكار الطواف والسعي إذا كان محتاجاً إلى ذلك بشرط أن تكون من الكتيبات التي تتحرى الصحيح الثابت عن النبي ، أما من لا يحتاج إليها، فالأفضل في حقه أن يعتمد على ما يحفظه من أدعية وأذكار وما يوفق إليه من الدعاء، فإن ذلك مظنة الخشوع في الدعاء وحضور القلب، وإجابة الدعاء.




No comments:

Post a Comment