Wednesday 24 August 2016

أحكام الحج والعمرة 4 - واجبات الحج




  



أحكام الحج والعمرة 4- واجبات الحج

بعد أن أنهينا الحديث والتفصيل في أركان الحج نأتي على واجباته، وللعلم فإن الفرق بين الركن والواجب والسنة : أن الركن لا يصح الحج إلا به، وإذا لم يأت به الحاج لا تحتسب حجته، والواجب يصح الحج مع تركه، غير أنه يجب على من تركه دم (ذبح شاة) عند جمهور العلماء، وأما السنة فيستحب الأخذ بها ، ومن تركها فلا شيء عليه .

واجبات الحج :

واجبات الحج سبعة ، وهي على الجملة:
-      -الإحرام من الميقات المعتبر له ، أي : أن يكون الإحرام من الميقات المكاني، أما الإحرام نفسه فركن .
-      -والوقوف بعرفة إلى الغروب على من وقف نهارا ، أي يكون قد وقف جزء من النهار وجزء من الليل.
-      -والمبيت- لغير أهل السقاية والرعاية -بمنى ليالي أيام التشريق .
-      -والمبيت بمزدلفة إلى بعد نصف الليل لمن أدركها قبله على غير السقاة. ومعظم الليل للضعفاء ونحوهم. [بعض العلماء يجعل المبيت بمزدلفة ركنا من أركان الحج لا يصح إلا به ، وقد مال ابن القيم رحمه الله إلى هذا القول في "زاد المعاد ] .
-      -ورمي الجمرات مرتبا .
-      -والحلق أو التقصير
-      والوداع ، لغير أهل مكة ، ويسقط عن الحائض.
-      [وإذا كان الحاج متمتعا أو قارنا فعليه هدي واجب (ذبح شاة) ، لقوله تعالى : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) البقرة/196].
وإليكم التفصيل :

أولا: الإحرام من الميقات:

 وذلك لقوله حينما وقّت المواقيت:" هنّ لهنّ ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ، لمن كان يريد الحجّ والعمرة "، متفق عليه. الوقوف بعرفة إلى غروب الشّمس، وذلك لمن وقف نهاراً، لحديث جابر رضي الله عنه في صفة حجّة النّبي وفيه:" فلم يزل واقفاً حتّى غربت الشّمس، وذهبت الصّفرة قليلاً، حتّى غاب القرص "، رواه مسلم، ولحديث جابر رضي الله عنه قال:" رأيت يرمي على راحلته يوم النّحر، ويقول: لتأخذوا مناسككم، فإنّي لا أدري لعلي لا أحجّ بعد حجّتي هذه "، رواه مسلم، ولم يرد عن النّبي أنّه رخّص لأي أحد أن ينصرف من عرفة قبل غروب الشّمس

ما هي المواقيت المكانية لكل بلد؟

"المواقيت" جمع ميقات وهو مأخوذ من الوقت، وهو زماني ومكاني، أي: قد يراد بالميقات الوقت الزمني.
أما المواقيت المكانية للإحرام بالعمرة أو الحج فهي خمسة أماكن، لا يجوز للمعتمر أن يتجاوزها إلا بإحرام، كما أنه لا ينبغي له أن يحرم قبلها فيكون متـنطعا مخالفا لسنة سيد الأنام محمد .
وبيان ذلك ما جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: وقت رسول الله لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله، وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها.
وعن عائشة رضي الله عنها:  أن النبي : وقت لأهل العراق ذات عرق. رواه أبو داود والنسائي.
وفي حديث لعائشة رضي الله عنها : "وأهل الشام ومصر الجحفة" ، أهل الشام يشمل أهل فلسطين وسوريا ولبنان والأردن وجهاتهم، وأما أهل مصر فيشمل اهل المغرب وشمال أفريقية فذكرهم هنا؛ لأنه لم تكن هناك قناة السويس فكانت القارة الأفريقية والآسيوية يمكن العبور من واحدة إلى الأخرى عن طريق البر، فيأتي أهل مصر من طريق البر، وكذلك أهل المغرب من طريق البر ويمرون بالجحفة.
والجحفة قرية قديمة اجتحفتها السيل وجرفها وزالت، وكذلك أيضاً حل بها الوباء الذي دعا النبي أن ينقله الله من المدينة إلى الجحفة فقال: "اللهم انقل حمَّاها - أي حمَّى المدينة - إلى الجحفة" متفق عليه، لأنها كانت بلاد كفر.
ولما خَربت الجحفة وصارت مكاناً غير مناسب للحجاج جعل الناس بدلها رابغاً، ولا يزال الآن ميقاتاً، وهو أبعد منها قليلاً عن مكة، وعلى هذا فمن أحرم من رابغ فقد أحرم من الجحفة وزيادة، وبينها وبين مكة نحو ثلاثة أيام، والفرق بينها وبين المدينة سبعة أيام.
قوله: "وأهل اليمن يلملم" ، "يلملم" قيل: إنه مكان يسمى يلملم، وقيل: إنه جبل يلملم ، والميقات عند هذا الجبل، وأياً كان فهو معروف.
قوله: "وأهل نجد قرن" هو قرن المنازل ، وقيل: إنه يقال له قرن الثعالب.ولكن الصحيح، أن قرن الثعالب غير قرن المنازل .
قوله: "لأهل المشرق ذات عرق" ، وسمي هذا المكان بذات عرق؛ لأن فيه عرقاً وهو الجبل الصغير.
وهذه الثلاثة يلملم، وقرن المنازل، وذات عرق متقاربة، وهي عن مكة نحو ليلتين، وذات عرق أبعد من قرن المنازل، وهذه الأسماء ليست باقية الآن، فذو الحليفة تسمى أبيار علي، والجحفة صار بدلها رابغ، ويلملم تسمى السعدية، وقرن المنازل يُسمى السيل الكبير، وذات عرق تسمى الضَّريْبَة، ولكن الأمكنة - والحمد لله - مازالت معلومة مشهورة للمسلمين لم تتغير.

ثانياً: الوقوفُ بعرفةَ إلى الغُروبِ لمنْ وقفَ نهاراً:

 لقولِ جابرٍ رضي الله عنه في حديثِهِ في صفةِ حجِّ النّبيِّ : ( فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفاً حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ ) [رواه مسلم]، وقولِهِ فيها: ( لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ؛ فَإِنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلّي لاَ أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ ) [رواه مسلم].

ثالثاً: المبيت بمزدلفة:

 وذلك لأنّ قد بات فيها، لقول الله سبحانه وتعالى:" فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّين "، البقرة/198، ولحديث جابر رضي الله عنه، أنّ النّبي قال:" لتأخذ أمّتي نُسُكَها، فإنّي لا أدري لعلي لا ألقاهم بعد عامي هذا "، رواه مسلم، ولأنّ النّبي كان قد أذن للضعفاء بعد منتصف الليل، فدلّ ذلك على أنّ المبيت بمزدلفة أمر لازم، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بذكره عند المشعر الحرام، فلو لم يكن المبيت بمزدلفة واجباً، لم يحتج فيه بعض النّاس إلى ترخيص.

رابعاً: المبيت في منى ليالي أيّام التشريق الثلاثة للمتأخرين، وليلتين للمتعجلين:

 وذلك لقول الله تعالى:" وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى "، البقرة/203، وذلك لأنّ النّبي بات فيها ليالي أيّام التّشريق الثّلاث، ولأنّه أَذِنَ للعباس أن يبيت في مكّة ليالي منى من أجل سقايته، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:" أنّ العباس رضي الله عنه استأذن النّبي ليبيت بمكّة ليالي منى، من أجل سقايته، فأَذِنَ له "، متفق عليه.

كم من الليل والنهار يجوز للحاج أن يبقى خارج منى؟

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن بعض الحجاج من سكان العزيزية ينزلون إلى مساكنهم في النهار أيام التشريق .
فأجاب : " الذي أرى أنه لا ينبغي لساكن العزيزية أن ينزل إلى بيته بالنهار ، فمن السنة بلا شك أن يبقى في الخيمة بمنى ؛ لأن الحج نوع من الجهاد في سبيل الله عز وجل كما في حديث لعائشة رضي الله عنها عندما قالت : قلتُ يا رسولَ اللَّهِ ، على النِّساءِ جِهادٌ ؟ قالَ : نعَم ، جِهادٌ لا قتالَ فيهِ : الحجُّ والعمرةُ " ( صحيح)  فالمشروع في حق الحاج أن يبقى ليلا ونهارا في منى " انتهى .
وسئل رحمه الله أيضاً : هل الخروج في أيام التشريق إلى ما قرب من مكة كجدة مثلا غير مخلّ بالحج ؟
فأجاب : " لا يخل بالحج ، ولكن الأفضل أن يبقى الإنسان ليلا ونهارا بمنى كما بقي النبي فيها ليلا ونهارا ". انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين"

ثانيا :ضابط المبيت بمنى

هو أن يبقى فيها الحاج أكثر من نصف الليل ، وتحسب ساعات الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر .
أي يحسب الزمن من المغرب إلى الفجر، حسب التوقيت في منى، فإن كان جلوسك ست ساعات في منى هو أكثر من نصف الزمن، فقد أتيت بالواجب .
وهذا ما أفتى به الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
قال : ذكر العلماء رحمهم الله أن المبيت في منى يجب أن يكون معظم الليل ، فإذا قدَّرنا أن الليل عشر ساعات فليكن خمس ساعات ونصف كلها في منى ، وما زاد على ذلك فهو سنة " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (23/244) .

خامساً: رمي الجمار

ويرميَ الجمراتِ الثّلاثِ في أيّامِ التشريقِ بعدَ الزّوالِ كلَّ جمْرةِ بسبعِ حَصَياتٍ؛ يبدأُ بالجمرةِ الأُولى (الصُّغرى)، ثمَ الوُسْطى، ثمّ جمرةِ العقبةِ (الكُبرى)؛ لقولِ عائشةَ رضي اللهُ عنها: « ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ يَرْمِى الْجَمْرَةَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ؛ كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ؛ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ » [رواه أبو داود]. فإنْ خالفَ هذا التّرتيبَ لم يجزِهِ.
والجمار ثلاثا الصغرى التي تلى مسجد الخيف، والوسطى، والكبرى وهي جمرة العقبة التي هي جهة مكة وأقرب الجمرات إليها. ورمى الجمار هو واجب أثناء أداءهم فريضة الحج
وترمى جمرة العقبة  يوم النّحر قبل الزّوال وبعده، وترمى الجمرات الثّلاث في أيّام التّشريق بعد زوال الشّمس- أي بعد الظهر- وذلك لأنّ النّبي بدأ بجمرة العقبة الكبرى ضُحى يوم النّحر، ورمى الجمرات الثّلاث أيّام التّشريق بعد الزّوال، ولقوله تعالى:" واذْكُرُواْ الله فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى "( البقرة 203 )
ويستحب أخذ حصى الرمى لجمرة العقبة من المزدلفة، وهي سبع حصيات ترمى بها جمرة العقبة وحدها يوم النحر، وأما جمار أيام التشريق فالأَوْلى أخذها من غير المزدلفة.
 والحكمة من رمي الجمار:

1ـ أنه طاعة لله جل وعلا ، واقتداءً بالنبي واتباع أمره ، فقد رمى الجمرات وقال: خذوا عني مناسككم. رواه مسلم
2ـ وقتداءً بنبي الحنفية السمحة أبينا إبراهيم الخليل عليه السلام، وذلك أنه لما أمره الله بذبح ولده وسعى لتنفيذ ذلك اعترضه الشيطان ووسوس له بأن لا يذبح ولده فرماه بسبع حصيات، ثم انطلق فاعترضه أخرى فرماه بسبع، ثم انطلق فاعترضه ثالثه فرماه وأضجع ولده على جبينه وأجرى السكين على عنقه فلم تقطع، وناداه الله بقوله: ونادينه أن يا إبراهيم*  قد صدقت الرؤيا) ( الصافات 104-105) أي امتثلت ما أمرك الله به وعصيت الشيطان
3ـ الترغيم للشيطان والإغاظة له فإنه يغتاظ حينما يرى الناس يرجمون المكان الذي اعترض فيه خليل الله إبراهيم عليه السلام، فهذا المشهد عبادة وشعيرة من أعظم شعائر الإسلام، وليس عملا مسرحيا كما يقال .

 أوقات الرمي وآدابه:

ترمي أول الجمار وهي جمرة العقبة الكبرى ،يوم العيد وهي الجمرة التي تلي مكة ، ويصح أن يرميها في النصف الأخير من ليلة النحر وتجزؤه ، ولكن الأفضل أن يرميها ضحى يوم العيد لفعل الرسول  ، ويستمر وقتها إلى غروب شمس يوم النحر وهو يوم العيد، فإن فاته الرمي رماها بعد غروب الشمس ليلاً عن يوم العيد.
 يرميها واحدة بعد واحدة ويكبر مع كل حصاة، ويتحرى أن لا يؤذي بها أحداً من الحجاج أو غيرهم، ولا يسب الشيطان ولا يلعنه، ولا يرمى بغير الحصاة- التي جمعها من المزدلفة-
 أما في أيام التشريق فيبدأ وقت رمي الجمرات بعد زوال الشمس – بعد الظهر، ولا يجوز قبلها-  يرمي الأولى – وهي الصغرى- التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم الوسطى بسبع حصيات ثم الأخيرة بسبع حصيات في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، وهكذا الثالث عشر لمن لم يتعجل.
والسنة أن يقف بعد الأولى وبعد الثانية، بعدما يرمي الأولى يقف مستقبلاً القبلة ويجعلها عن يساره ويدعو ربه طويلاً، وبعد الثانية يقف ويجعلها عن يمينه مستقبلاً القبلة ويدعو ربه طويلاً في اليوم الحادي عشر والثاني عشر وفي اليوم الثالث عشر لمن لم يتعجل، أما الجمرة الأخيرة التي تلي مكة فهذه يرميها ولا يقف عندها؛ لأن الرسول رماها ولم يقف عندها .

سادساً: الحلق أو التقصير

لقولِهِ عز وجل: ﴿ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ﴾ [الفتح: 27]، ولأنّ النّبيَّ أمر بذلك من لم يسُقِ الهديَ من أصحابِهِ؛ بقولِهِ : ( وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ ) [متّفق عليه]،
 وذلك لقوله تعالى:" وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ " (البقرة 196)  ولأنّ النّبي أمر به فقال:" وليُقصِّر وليحلّ "( متفق عليه. )

الحلق أفضل من التقصير ،ومقدار ما يكفي من التقصير:

الأفضل الحلق في العمرة والحج جميعاً؛ لأن الرسول دعا للمحلقين ثلاثاً بالمغفرة والرحمة، وللمقصرين واحدة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسولُ اللهِ قال: " اللهمَّ ! اغفِرْ للمُحَلِّقينَ " قالوا : يا رسولَ اللهِ ! وللمُقصِّرينَ ؟ " اللهمَّ ! اغفِرْ للمُحَلِّقينَ " قالوا يا رسولَ اللهِ ! وللمُقصِّرينَ ؟ قال " اللهمَّ ! اغفِرْ للمُحَلِّقينَ " قالوا : يا رسولَ اللهِ ! وللمُقصِّرينَ ؟ قال " وللمُقَصِّرينَ "
 فالأفضل الحلق، لكن إذا كانت العمرة قرب الحج فالأفضل فيها التقصير ، حتى يتوفر شعر للحلق في الحج؛ لأن الحج أكمل من العمرة فيكون الأكمل للأكمل.
 أما إن كانت العمرة بعيدة عن الحج مثلاً في شوال يمكن لشعر الرأس أن يطول فإنه يحلق حتى يحوز فضل الحلق. ولا يجوز تقصير بعض الرأس ولا حلق بعضه، في أصح قولي العلماء، بل الواجب حلق الرأس كله أو تقصيره كله. والأفضل أن يبدأ بالشق الأيمن في الحلق والتقصير.
وذهب بعض أهل العلم إلى أ نه يكفي من أراد التحلل من العمرة أو الحج أن يأخذ من شعر رأسه ثلاث شعرات فصاعداً وأنه يجزئه ذلك.والأولى أن يأخذ من كل جهة من رأسه بعض شعيرات ويقصها ، وكذلك المرأة.

من يتولى الحلق أو التقصير؟

الأفضل للحاج والمعتمر عند التحلل أن يأمر غيره بحلق شعر رأسه أو تقصيره ، لأنه ثبت ذلك من فعل النبي ، فقد روى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: لما رمى رسول الله الجمرة ونحر نسكه وحلق ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر فقال: احلق فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، فقال: أقسمه بين الناس.
ولأن حلق غيره له أجدر بحلق جميع الرأس بترتيب، ولكن لا يشترط في الحلق أو التقصير أن يتولاهما شخص خاص مهني،- الحلاق المتخصص مثلا-، أي يجوز للحاج أو المعتمر أن يحلق بنفسه لنفسه، ويجوز للمحرم أن يقصر ويحلق لمحرم آخر أراد التحلل، ويجوز للزوج أن يقصر لزوجته ، وهي كذلك يجوز أن تتولى تقصير شعره أو حلقه.

سابعاً: طواف الوداع لغير الحائض والنفساء:

طواف الوداع واجب على كل إنسان غادر مكة وهو حاج أو معتمر، فإذا قدم الإنسان للحج أو للعمرة وأتى بذلك فإنه لا يخرج حتى يطوف للوداع، أما إذا قدم إلى مكة لغير حج ولا عمرة، بل لعمل أو لزيارة قريب، أو ما أشبه ذلك، فإن طواف الوداع لا يلزمه حينئذ، لأنه لم يأت بنسك حتى يلزمه طواف الوداع.
ويجب أن يكون طواف الوداع آخر شيء لقول النبي : " لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت"  ولكن العلماء- رحمهم الله- رخصوا لمن طاف طواف الوداع في الأشياء التي يفعلها وهو عابر وماشي، مثل أن يشتري حاجة في طريقه، أو أن ينتظر رفقة متى جاءوا ركب ومشى، وأما من طاف للوداع ثم أقام ونوى إقامة لغير هذه الأشياء وأمثالها فإنِه يجب عليهِ أن يعيد طواف الوداع.
 وذلك لأنّ النّبي طاف طواف الوداع عند خروجه من مكّة، وأمره بذلك، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" كان النّاس ينصرفون في كلّ وجهةٍ، فقال رسول الله : " لا ينفرنَّ أحدٌ حتّى يكون آخر عهده بالبيت " [متفق عليه]،وفي رواية : ( أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الحَائِضِ )،( رواه ابن الملقن في البدر المنير ، وقال صحيح ).
وعلى من طاف طواف الوداع بعد حج أو عمرة ، ثم نام فيها لسبب ما من تأخر سفره ، أو لحاجة أن يعيد الطواف مره أحرى إذا أراد الخروج من مكة.( الشيخ بن عثيمين) والله أعلم.




No comments:

Post a Comment