Tuesday 20 December 2022

السيرة النبوية الشريف فدك والفيء ومصالحة أهل القرى ومن غل من الغنائم

     

شاة مسمومة :

وبعدما عاد الهدوء، وذهب الخوف عاد اليهود إلى خبثهم، وتآمروا على قتل النبي ﷺ فأهدوا إلى رسول الله ﷺ شاة مسمومة بواسطة امرأة سلام بن مشكم: أحد كبرائهم، وقد علمت أن رسول الله ﷺ يعجبه الذراع ،فأكثرت السم فيه، وتناول منه رسول الله ﷺ ولاكها، ثم لفظها وقال: "إنها شاة مسمومة"، وسأل المرأة واليهود فاعترفوا بجريمتهم، قالوا: قلنا: إن كان ملكاً نستريح منه، وإن كان نبياً لا يضره، فعفا عنهم وعن المرأة، ثم إن أحد الصحابة وهو بشر بن البراء بن معرور كان قد أكل منها، فمات بهذا السم فأمر رسول الل ﷺ بقتل المرأة قصاصاً.

مصالحة أهل فدك: 

فدك قرية في شرق خيبر على بعد يومين، تعرف اليوم ب" حائط " وكان رسول اللهﷺ قد أرسل محيصة بن مسعود إلى يهود فدك بعد وصوله خيبر، ليدعوهم إلى الإسلام، فأبطأوا عليه، فلما سمعوا بفتح خيبر داخلهم الرعب، فأرسلوا للنبيﷺ على أنهم يصالحونه على النصف من فدك بمثل ما عامل عليه أهل خيبر، فقبل ذلك منهم،‏  فكانت أرض فدك خالصة لرسول الله ﷺ لأنه لم يُوجِف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، ينفق منها على نفسه، ويعول صغير بني هاشم ويزوج أيمهم .

قال تعالى: (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٦﴾‏ مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿سورة الحشر٧﴾‏ والفيء: ما أُخذ من أموال الكفار بحق من غير قتال.

  وادي القُرَي‏

 ولما فرغ رسول الله من خيبر، انصرف إلى وادي القري، وكان بها جماعة من اليهود، وانضاف إليهم جماعة من العرب‏.‏ ويروي أبو هريرة ما حدث فيها قال:  " خَرَجْنَا مع رَسولِ اللَّهِ يَومَ خَيْبَرَ، فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا ولَا فِضَّةً، إلَّا الأمْوَالَ والثِّيَابَ والمَتَاعَ، فأهْدَى رَجُلٌ مِن بَنِي الضُّبَيْبِ، يُقَالُ له رِفَاعَةُ بنُ زَيْدٍ، لِرَسولِ اللَّهِ غُلَامًا، يُقَالُ له مِدْعَمٌ، فَوَجَّهَ رَسولُ اللَّهِ إلى وادِي القُرَى، حتَّى إذَا كانَ بوَادِي القُرَى، بيْنَما مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلًا لِرَسولِ اللَّهِ ، إذَا سَهْمٌ عَائِرٌ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا له الجَنَّةُ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ:" كَلَّا، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، إنَّ الشَّمْلَةَ الَّتي أخَذَهَا يَومَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عليه نَارًا " ، فَلَمَّا سَمِعَ ذلكَ النَّاسُ جَاءَ رَجُلٌ بشِرَاكٍ - أوْ شِرَاكَيْنِ - إلى النبيِّ ، فَقَالَ: شِرَاكٌ مِن نَارٍ - أوْ: شِرَاكَانِ مِن نَارٍ –" (رواه البخاري).‏

ثم عَبَّأ رسول الله أصحابه للقتال، وصَفَّهم، ودفع اللواءه إلى سعد بن عبادة، وراية إلى الحُبَاب بن المنذر، وراية إلى سهل بن حُنَيْف، وراية إلى عبَّاد بن بشر، ثم دعاهم إلى الإسلام فأبوا، وبرز رجل منهم، فبرز إليه الزبير بن العوام فقتله، ثم برز آخر فقتله، ثم برز آخر فبرز إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقتله، حتى قتل منهم أحد عشر رجلاً، كلما قتل منهم رجل دعا من بقي إلى الإسلام‏.‏ وكانت الصلاة تحضر هذا اليوم، فيصلي بأصحابه، ثم يعود، فيدعوهم إلى الإسلام وإلى الله ورسوله، فقاتلهم حتى أمسوا، وغدا عليهم فلم ترتفع الشمس قيد رمح حتى أعطوا ما بأيديهم، وفتحها عنوة، وغَنَّمَهُ اللهُ أموالهم، وأصابوا أثاثا ومتاعًا كثيرًا‏.‏ وأقام رسول الله بوادي القري أربعة أيام‏.‏ وقسم على أصحابه ما أصاب بها، وترك الأرض والنخل بأيدي اليهود، وعاملهم عليها ـ كما عامل أهل خيبرـ‏.

مصالحة أهل تيماء ‏‏ :

ولما بلغ يهود تيماء خبر استسلام أهل خيبر ثم فَدَك ووادي القُرَي، لم يبدوا أي مقاومة ضد المسلمين، بل بعثوا من تلقاء أنفسهم يعرضون الصلح، فقبل ذلك منهم رسول الله ، وأقاموا بأموالهم‏.‏ أ هـ

فلما تم له فتح خيبر ووادي القرى، وأطاع له أهل فدك وتيماء، أخذ في عودته إلى المدينة . حتى إذا كان بسد الصبهاء حلت صفية فزفت إليه ﷺ، وأولم عليها بحيس من التمر والأقط والسمن، وأقام في المكان ثلاثة أيام.

ثم سار حتى قدم المدينة في أواخر شهر صفر أو في شهر ربيع الأول من سنة 7هـ .

No comments:

Post a Comment