Wednesday 7 December 2022

السيرة النبوية الشريفة- تابع مراسلات رسول الله ﷺ للملوك ،كسري وقيصر

 

تابع-مراسلات رسول اللهللملوك

كسرى، وهرقل قيصر ملك الروم

وأتباعه

 

ولما أراد النبىﷺ أن يكتب إلى الملوك والأمراء قيل له: إنهم لا يقرؤون كتاباً إلا إذا كان مختوما، فاتخذ خاتماً من فضة، نقش عليه (محمد رسول الله)، وكان النقش ثلاثة أسطر، جاء لفظ (الله) فى أعلى الدائرة، وفى الوسط كلمة(رسول)، وفى الأسفل كلمة (محمد).

لكي لا يكون اسم الرسول فوق لفظ الجلالة.

 

3-كتابه ﷺ إلى كسرى أبرويز ملك فارس : 

 

كتب إليه " بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة : (لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِين)﴿يس ٧٠﴾‏  فأسلم تسلم ، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك " .

وبعث الكتاب مع عبدالله بن حذافة السهمي، وأمره أن يدفعه على عظيم البحرين، ليدفعه عظيم البحرين إلى كسرى ، فلما قرئ عليه الكتاب مزقه ، وقال : عبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي . فلما بلغ ذلك رسول الله ﷺ قال: "مزق الله ملكه" ووقع كما قال. فقد انهزم جيشه أمام الروم هزيمة منكرة، ثم انقلب عليه ابنه شيرويه، فقتله وأخذ ملكه، ثم استمر فيه التمزق والفساد إلى أن استولى عليه الجيش الإسلامي في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم لم تقم لهم قائمة.

 

4- كتاب النبي ﷺ إلى هرقل قيصر ملك الروم:

" بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد عبدالله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى، وأسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين :

   ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴿٦٤ آل عمران﴾

وبعث الكتاب مع دحية بن خليفة الكلبي، وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى، ليدفعه إلى قيصر، وكان قيصر قد جاء من حمص إلى بيت المقدس ماشياً على قدميه، شكراً لله تعالى على ما حصل له من الفتح والانتصار على الفرس، فلما جاءه الكتاب أرسل رجاله ليأتوا برجل من العرب يعرف النبي، فوجدوا أبا سفيان في ركب من قريش، فأتوا بهم إلى هرقل، فدعاهم هرقل في مجلسه، وحوله عظماء الروم، فسألهم أيهم أقرب إليه نسباً، فأخبروه بأنه أبو سفيان، فأدناه منه وأجلس بقية الناس وراءه، وقال لهم: إني سائل هذا عن هذا الرجل – أي النبي ﷺ فإن كذبني فكذبوه. فاستحيى أبو سفيان أن يكذب .

وسأله هرقل : كيف نسبه فيكم ؟

فقال : هو فينا ذو نسب .

فقال : فهل قال هذا القول منكم أحد قبله ؟

قال : لا .

قال: فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ؟

قال : بل ضعفاؤهم .

قال: أيزيدون أم ينقصون ؟

قال: بل يزيدون .

قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ؟

قال : لا .

قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟

قال : لا .

قال: فهل يغدر ؟

قال : لا .

وهنا تمكن أبو سفيان من إدخال كلمة مريبة فقال :

ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها .

قال: فهل قاتلتموه ؟

قال : نعم . الحرب بيننا وبينه سجال . ينال منا وننال منه .

قال: وماذا يأمركم ؟

قال : يقول : اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، واتركوا ما يقول آباؤكم ، يأمر بالصلاة والصدق والعفاف والصلة .

قال هرقل معلقاً على هذا الحوار:

 ذكرت أنه فيكم ذو نسب، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها .

وذكرت أنه لم يقل أحد منكم هذا القول قبله. قلت: فلو كان كذلك لقلت: رجل يأتم بقول قيل قبله .

وذكرت أنه لم يكن من آبائه من ملك، قلت: فلو كان من آبائه من ملك قلت: رجل يطلب ملك أبيه .

ذكرت أنكم لم تكونوا تتهمونه بالكذب، فعرفت أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس، ويكذب على الله .

وذكرت أن ضعفاء الناس اتبعوه، وهم أتباع الرسل .

وذكرت أنهم يزيدون . وكذلك أمر الإيمان حتى يتم .

وذكرت أنه لا يرتد منهم أحد، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب .

وذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئاً، ونهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين ، وقد كنت أعلم أنه خارج ، ولم أكن أظنه منكم. فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه . ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه .

ثم دعا الكتاب فقرأه، فارتفعت الأصوات وكثر اللغط. فأُخرج أبا سيفان ومن معه ، فلما خرج أبو سفيان قال لأصحابه: لقد ظهر أمر ابن أبي كبشة، إنه ليخافه ملك بني الأصفر ، ولم يزل أبو سفيان موقناً بعده بظهور أمر رسول الله ﷺ حتى وفقه الله للإسلام.

وأجاز هرقل دحية بن خليفة الكلبي بمال وكسوة. ثم رجع إلى حمص، فأذن لعظماء الروم في غرفة له ، وأمر بأبوابها فأغلقت. ثم قال: يا معشر الروم ! هل لكم في الفلاح والرشد ، وأن يثبت ملككم ؟ فتتابعوا هذا النبي ، فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها مغلقة، فلما رأى قيصر نفرتهم قال: ردوهم علي، فقال لهم: إني قلت مقالتي أختبر بها شدتكم على دينكم، فقد رأيت . فسجدوا له ورضوا عنه.

ويتبين من هذا أن قيصر عرف النبيﷺ وصدق نبوته تمام المعرفة، ولكن غلب عليه حب ملكه فلم يسلم، وباء بإثمه وإثم رعيته كما قال النبيﷺ

 

أما دحية بن خليفة الكلبي فإنه لما كان يمشي في طريقه راجعاً إلى المدينة قطع عليه الطريق رجال من بني جذام، وانتهبوه، حتى لم يتركوا معه شيئاً، فلما بلغ المدينة، وأخبر رسول الله ﷺ، بعث إليهم زيد بن حارثة في خمسمائة مقاتل، فأغاروا وقتلوا وغنموا ألف بعير ، وخمسة آلاف شاة، وسبوا مائة من النساء والصبيان، وأسرع زيد بن رفاعة الجذامي، وأحد رؤسائهم، إلى المدينة – وكان أسلم هو  ورجال من قومه، ونصروا دحية حين قطع الطريق عليه – فرد عليه رسول الله ﷺالغنائم والسبى .

 

5-وكتب رسول الله ﷺكتابا إلى الحارث بن أبي شمر الغساني:

 أمير دمشق من قِبَل قيصر . وهاك نص الكتاب :

" بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى الحارث بن أبي شمر : سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله وصدق، وإني أدعوك أن تؤمن بالله وحده لا شريك له، يبقى لك ملكك ".

وبعث الكتاب مع شجاع بن وهب الأسدي –من أسد بن خزيمة – فلما قرأ الكتاب رمى به ، وقال : من ينزع ملكي مني ؟ واستعد ليرسل جيشاً يغزو المسلمين، وقال لشجاع بن وهب : أخبر صاحبك بما ترى، واستأذن قيصر في حرب رسول الله ﷺ فثناه قيصر عن عزمه، فأجاز الحارث شجاع بن وهب بالكسوة والنفقة، ورده بالحسنى .
 

6-وكتب ﷺكتابا إلى أمير بصري:

يدعوه إلى الإسلام ، وبعث الكتاب مع الحارث بن عمير الأزدي رضي الله عنه، فلما بلغ مؤتة –من عمل البلقاء في جنوب الأردن– تعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني فضرب عنقه .

وكان هذا أشد عمل عدواني تجاه الرسل،فلم يقتل لرسول الله ﷺ رسول غيره ، وقد وجد -ﷺ على ذلك وجداً شديداً ، حتى أفضى ذلك إلى معركة مؤته ، وسنأتي على ذكرها .

 

7-وكتب ﷺ  كتابا إلى هوذة بن علي صاحب اليمامة . وهو :

 

" بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله إلى هوذة بن علي . سلام على من اتبع الهدى ، واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر ، فأسلم تسلم، وأجعل لك ما تحت يديك " .

 

وبعث الكتاب مع سليط بن عمرو العامري . فأكرمه وأجازه ، وكساه من نسيج هجر ، وكتب في الجواب :

" ما أحسن ما تدعوا إليه وأجمله ، وأنا شاعر قومي وخطيبهم، والعرب تهابني ، فاجعل لي بعض الأمر أتبعك " .

فلما بلغ ذلك رسول الله ﷺ قال: "لو سألني قطعة من الأرض ما فعلت، باد وباد ما في يديه" ثم تنبأ له بالهلكة «باد وباد ما فى يديه»، فلما انصرف النبى ﷺ من الفتح، جاءه جبريل بأن هوذة بن على قد مات، وفقد ملكه ولم يسلم، فقالﷺ: «أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبأ، يقتل بها بعدى». فقال قائل: يا رسول الله، من يقتله؟ فقال: « أنت وأصحابك». فكان كذلك.ومن تنبأ رسول الله بخروجه هو مسيلمة بن حبيب الحنفي الكذاب، ويكنى: أبا ثُمَامَةَ، وفي الأمثال: «أكذب من مسيلمة». ولد ونشأ في اليمامة، في القرية المسماة اليوم بالجبيلة، بقرب العيينة.

8-وكتب رسول الله ﷺ كتابا إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين ،

دعاه فيه إلى الإسلام ، وبعث هذا الكتاب مع العلاء بن الحضرمي، فأسلم المنذر، وأسلم بعض أهل البحرين، وبقى الآخرون على دينهم من اليهودية أو المجوسية، فكتب المنذر يخبر بذلك رسول الله ﷺويستفتيه ، فكتب إليه يأمره أن يترك للمسلمين ما أسلموا عليه، ويأخذ من اليهود والمجوس الجزية، وأنك مهما تصلح فلم نعزلك عن عملك .

 

9- وكتب رسول الله ﷺ كتابا إلى ملكي عُمان جيفر وأخيه وهو :

" بسم الله الر حمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى جيفر وعبد ابني الجلندي . سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فإني أدعوكم بدعاية الإسلام ، أسلما تسلما ، فإني رسول الله ﷺ إلى الناس كافة ، لأنذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين . فإنكما إن أقرر بالإسلام وليتكما ، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل ، وخيل تحل بساحتكما ، وتظهر نبوتي على ملككما "

وبعث الكتاب مع عمرو بن العاص رضي الله عنه، فلما قدم عمان لقي عبد بن الجلندي ، فسأله عبد عما يدعو إليه ، فقال : إلى الله وحده لا شريك له ، وتخلع ما عبد من دونه ، وتشهد أن محمداً عبده ورسوله . وبعد حوار جرى بينهما سأله عبد عما يأمر به . فقال : يأمر بطاعة الله وينهى عن معصيه ، ويأمر بالبر وصلة الرحم . وينهى عن الظلم والعدوان والزنا وشرب الخمر ، وعن عبادة الحجر والوثن والصليب .

قال عبد : ما أحسن هذا الذي يدعو إليه ، لو كان أخي يتابعني عليه لركبنا حتى نؤمن بمحمد ونصدق به، لكن أخي أضن بملكه من أن يدعه ويصير ذنباً – تابعاً - .

قال عمرو : إن أسلم أخوك ملكه رسول الله ﷺ على قومه، فأخذ الصدقة من غنيهم فيردها على فقيرهم ، فقال : إن هذا لخلق حسن ، ثم سأله عن الصدقة فأخبره بتفاصيلها ، فلما ذكر المواشي قال : ما أرى قومي يرضون بهذا .

ثم إن عبداً أوصل عمراً إلى أخيه جيفر ، فأعطاه الكتاب فقرأه ، ثم أعطاه لأخيه ، وسأل عمراً عما فعلته قريش . فأخبره أنهم أسلموا ، وأنه إن أسلم يسلم ، وإلا وطئته الخيل وتبيد خضراءه .

وأرجأ جيفر أمره إلى غد ، فلما كان الغد أبدى القوة والصمود ، ولكنه خلا بأخيه واستشاره ، فلما كان بعد الغد أسلم هو وأخوه ، وخليا بين عمرو وبين أخذه الصدقة ، وكانا عوناً على من خالفه .

أرسل هذا الكتاب إلى عبد وجيفر بعد فتح مكة . وأما بقية الكتب فقد أرسلت بعد عودته ﷺ من الحديبية .

 

 

 

No comments:

Post a Comment