خصائص النبي الكريم ﷺ في الآخرة:
أعطى الله محمداً ﷺ الوسيلة والفضيلة
الوسيلة الراجح أنها هي: منزل النبي ﷺ في الجنة، وهي داره، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش، قمة الجنة هي: الوسيلة، درجة في الجنة لا ينالها إلا واحد، وهو النبي ﷺ لا يشاركه فيها غيره، من قال حين يسمع النداء: " اللَّهُمَّ رَبَّ هذِه الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، والصَّلَاةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ والفَضِيلَةَ، وابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الذي وعَدْتَهُ، حَلَّتْ له شَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ." (البخاري)
قال عن نفسه، أنه أنّه سيُعطى «الوسيلة»، وهي مرتبة عالية في الجنة، لا ينالها إلا شخص واحد، قال عن نفسه: « سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ، فمَن سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ»
وفي حديث آخر قال: "إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ، فمَن سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ." (مسلم)
وفي رواية للإمام أحمد، قال رسول الله ﷺ: "وسَلُوا اللهَ ليَ الوسيلةَ، ثم قال: الوسيلةُ : أعلى درجةٍ في الجنةِ ، لا ينالُها إلا رجلٌ ، وأرجو أن أكونَ أنا ذلك الرجلُ." (صحيح الجامع- للألباني)
الوسيلة حاصلة للنبيﷺ فنحن لماذا ندعو؟
ندعو أن يؤتيه الله الوسيلة حتى نستفيد نحن وننال الشفاعة؛ لأن من سأل له الوسيلة حلت له الشفاعة، فإذا أردت يا عبد الله أن تنال شفاعة رسول الله فسل الله الوسيلة لرسول الله ﷺ.
والمقام المحمود
ولذلك نحن نقول هذا الذكر من الأذكار بعد الأذان: "آتِ محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً"، وهذه من خصائصه ﷺ الأخرى: المقام المحمود.
والمقام المحمود: ذلك بأنه سيُعطى الشفاعة، قال عن نفسه: «وأُعطيتُ الشفاعةَ».أنّه سيُعطى ما يُسمّى «المقام المحمود»، في القرآن: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ٧٩﴾ (الإسراء)، وقد قال عن نفسه أنه في يوم القيامة: «فيَكْسوَني ربِّي حُلَّةً خضراءَ، ثمَّ يؤذَنَ لي، فأقولُ ما شاء اللهُ أنْ أقولَ، فذلك المقامُ المحمودُ». ( اصله في صحيح مسلم)
قال ابن جرير الطبري رحمه الله: أكثر أهل العلم على أن ذلك هو المقام الذي يقومه ﷺ يوم القيامة للشفاعة للناس، ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم؛ لأن الناس يكربون يوم القيامة كربة عظيمة حتى يتمنى الكفار الانفكاك من الموقف ولو إلى النار، ولأن الشمس دنت من رؤوس العباد فصهروا في عرقهم، وهم قيام على أرجلهم، وخمسون ألف سنة، فيتمنون الفكاك ولو إلى النار، والناس يفزعون يريدون الفكاك، يطوفون على الأنبياء واحداً واحداً لينفرج الموقف ولتنفك الأزمة، كل يحولهم، حتى يصلوا إلى النبي ﷺ فيقوم ويستأذن على ربه، ويدخل عليه، ويسجد تحت العرش، السجدة الطويلة التي يفتح الله عليه فيها بمحامد وأدعية لا نعرفها، ثم يقول: يا محمد! ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع (رواه البخاري، ومسلم)، فيعطى الشفاعة في أهل الموقف، فيبدأ الحساب وتنفك أزمة الموقف. فهذا المقام المحمود يحمده عليه كل الخلق.
ثم تبدأ قضية أخرى وهي قضية الحساب، ويقضي الله تعالى بين الخلق، ويأتي الله تعالى بكرسيه لفصل القضاء بين الخلق، والناس جثى، كل أمة جاثية، كل أمة تتبع نبيها.
وله ﷺ في هذا الموطن شفاعات متعددة:
شفاعة في استفتاح باب الجنة.
وشفاعة في تقديم من لا حساب عليه لدخول الجنة.
وشفاعة في ناس من الموحدين عندهم معاصٍ وذنوب، استحقوا دخول النار ألا يدخلوها.
وشفاعة في ناس موحدين دخلوا النار أن يخرجوا منها.
وشفاعة في رفع درجات ناس في الجنة.
وشفاعة في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب.
فالنبي ﷺ هو الذي يستفتح باب الجنة فيشفع لهم عند الله -تبارك وتعالى-، فيدخل ويدخلون وراءه.
والنبي ﷺ الذي يشفع لمن لا حساب عليه من أمته؛ كما جاء في الحديث بعد ما ينادي: يا رب! يا رب! أمتي يا رب! فيقول: يا محمد! أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ( البخاري، ومسلم)
ثم إن له في عمه أبي طالب موقفاً، تكريماً للنبي ﷺ، فجاء العباس عم النبي ﷺ أخو أبي طالب، فـالعباس أسلم وكان قلقاً على مصير أخيه أبي طالب، فقال: يا رسول الله! هل نفعت أبا طالب بشيء؟ أبو طالب مات كافراً وسيدخل النار قطعاً، فحق وعيد "هل نفعت أبا طالب بشيء؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟" كان يصونك ويحافظ عليك، ويذب عنك وينافح؟ قال النبي ﷺ: (نعم) نفعته، (هو في ضحضاح من نار) ضحضاح: ما رق من الماء على وجه الأرض فاستعير في النار، فقال:" هو في ضَحْضَاحٍ مِن نَارٍ، ولَوْلَا أنَا لَكانَ في الدَّرَكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ." (رواه البخاري)
وفي رواية: أن العباس عم النبي ﷺ، قال: "يا رسول الله! إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك فهل نفعه ذلك؟ قال: "نعم، وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح ".
ومعنى الغمرات: المعظم من الشيء الكبير، لكن هذا الضحضاح ليس بنعيم إطلاقاً، فإن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، قال أنه سمع النبي ﷺ وذُكِر عنده عمه أبو طالب، فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه أم دماغه .(البخاري)
وقال: أَهْوَنُ أهْلِ النَّارِ عَذابًا أبو طالِبٍ، وهو مُنْتَعِلٌ بنَعْلَيْنِ يَغْلِي منهما دِماغُهُ.) (رواه مسلم)
فنسأل الله تعالى أن يعيذنا من النار، وأن يقينا عذاب النار.
أنّه أوّل من تنشقّ عنه الأرض يوم القيامة: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه رسول الله ﷺ قال عن نفسه: «أنا سيدُ ولدِ آدمَ ولا فخر وأنا أولُ من تنشقُّ الأرضُ عنه يومَ القيامةِ ولا فخر وأنا أولُ شافعٍ وأولُ مشفَّعٍ ولا فخر ولواءُ الحمدِ بيدي يومَ القيامةِ ولا فخرَ» ( صححه الألباني)
-وأنّه إمام الأنبياء وخطيبهم: قال عن نفسه: «إذا كانَ يومُ القيامةِ كنتُ إمامَ النَّبيِّينَ وخطيبَهم وصاحبَ شفاعتِهم غيرَ فَخْرٍ».أنّ كلّ الأنبياء يوم القيامة يكونون تحت لوائه، قال عن نفسه: «آدمُ فمَنْ دونَه تحتَ لوائي ولا فخرَ».( حسنه الألباني)
أنّه أكثر الأنبياء تَبَعًا يوم القيامة، قال عن نفسه: « أنا أكْثَرُ الأنْبِياءِ تَبَعًا يَومَ القِيامَةِ، وأنا أوَّلُ مَن يَقْرَعُ بابَ الجَنَّةِ.» (مسلم)
-أنّه أوّل من يقرع باب الجنة: وأوّل من يدخلها، قال عن نفسه: «أنا أولُ مَنْ يَقرَعُ بابَ الجنةِ»، وقال أيضًا: «آتي بابَ الجنةِ يومَ القيامةِ، فأستفتِحُ، فيقولُ الخازِنُ: مَنْ أنت؟ فأقولُ: محمدٌ، فيقولُ: بك أُمرتُ لا أفتحَ لأحدٍ قبلَك».(رواه مسلم)
-أنّه سيُعطى الشفاعة: قال عن نفسه: «وأُعطيتُ الشفاعةَ».أنّه سيُعطى ما يُسمّى «المقام المحمود»، في القرآن: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ٧٩﴾ (الإسراء)، وقد قال عن نفسه أنه في يوم القيامة: «فيَكْسوَني ربِّي حُلَّةً خضراءَ، ثمَّ يؤذَنَ لي، فأقولُ ما شاء اللهُ أنْ أقولَ، فذلك المقامُ المحمودُ». ( اصله في صحيح مسلم
- له دعوة مستجابة خبأهاﷺ لأمته:
وللنبي ﷺ دعوة مستجابة خبأها لأمته من كمال شفقته عليهم، ورأفته بهم، واعتنائه بمصالحهم، وقيل: الدعوة هذه هي الشفاعة المعطاة للنبي ﷺ.
-و للنبي ﷺ خصائص في أمته:
-فجعلت أمته خير الأمم، قال تعالى: ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)(آل عمران ١١٠)
- وأحلت الغنائم لهم: وكانت الغنائم من قبل تأتي النار من السماء فتأكلها قال تعالى: ( فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا) (الأنفال ٦٩)
- وجعلت الأرض لهم مسجداً وطهوراً.
- ووضع عنهم الآصار والأغلال، قال تعالى عن نبيه الكريم: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ) (الأعراف ١٥٧) والإصر: أي يذهب عنهم ما كُلِّفوه من الأمور الشاقة كقطع موضع النجاسة من الجلد والثوب، وإحراق الغنائم .
-وهداهم الله إلى يوم الجمعة أن يكون عيدهم: قال تعالى عن اليهود: ( إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ( النحل١٢٤) ، قال: إنما جعل الله تعظيم يوم السبت بالتفرغ للعبادة فيه على اليهود الذين اختلفوا فيه على نبيهم، واختاروه بدل يوم الجمعة الذي أُمِروا بتعظيمه.
- وتجاوز له عن أمته الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. عن ابن عباس رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ: (إنَّ اللهَ وضعَ عن أُمَّتي الخطأَ والنسيانَ وما استُكرِهوا عليه) ( رواه الإمام أحمد -ضعيف)
- وحفظهم من الهلاك والاستئصال: فلا يمكن أن ينزل بأمة محمد ﷺ عذاب يفنيهم تماماً، ولا يمكن أن يُسلط عليهم عدو يستبيح بيضتهم كلهم إطلاقاً. قال رسول الله ﷺ: "سألت ربي لأمتي ثلاثًا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدةً ، سألته أن لا يهلكَ أمتي بسنةٍ عامةٍ فأعطانيها ، وسألته أن لا يسلطَ عليهم عدوًا من غيرِهم فيجتاحَهم فأعطانيها ، وسألته ألا يجعلَ بأسَهم بينهم فمنعنيها ، وقال يا محمدُ إني إذا قضيتُ قضاءً لم يردّْ" (صححه الألباني)
- ولا تجتمع أمته على ضلالة، وهم شهداء الله في أرضه، وشهداء للأنبياء يوم القيامة.
-صفوف المسلمين في الصلاة كصفوف الملائكة عند الله.
-وهم غر محجلون يوم القيامة: بياض في جباههم ومواضع الوضوء منهم. قال رسول الله ﷺ: "أمتي يومَ القيامةِ غُرٌّ من السجودِ، مُحجَّلون من الوُضوءِ." (صحيح الترمذي- للألباني)
- وأول من يجتاز على الصراط أمة محمد ﷺ وهو أمامهم.
- وأول أمة تدخل الجنة وهو أولهم.
- وأن عملهم قليل وأجرهم كثير؛ فأعمارنا بالنسبة لأعمار بقية الأمم أقل، ولكن من يدخل الجنة من هذه الأمة أكثر، ثلثا أهل الجنة من هذه الأمة.
خصائص النبيﷺ في بعض الأحكام الفقهية:
منها؛ أنه لا يجوز له ﷺ أن يأخذ من الزكاة ولا من الصدقة، لأن هذه أوساخ الناس، ولا تليق بالنبي ﷺ، ولذلك لما أَخَذَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ تَمْرَةً مِن تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا في فِيهِ، فَقالَ رَسولُ ﷺ:" كِخْ كِخْ، ارْمِ بهَا، أَما عَلِمْتَ أنَّا لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟ " (رواه مسلم)
- ولكنه كان يأكل الهدية ﷺ.
يحرم عليه ﷺإمساك- أي أن يبقيها على ذمته- أي امرأة لا تريده
فإذا أرادت أي امرأة فراقه يجب عليه أن يمكنها من الفراق.
بينما بقية الرجال لا يلزم أحدهم إذا كرهته زوجته أن يطلقها، لكن النبي ﷺ ملزم، ولذلك جاء في صحيح البخاري أن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (أنَّ ابْنَةَ الجَوْنِ -هذه بنت من ملوك العرب كانت جميلة جداً جداً- خطبها النبي ﷺ وتزوجها، ولَمَّا أُدْخِلَتْ علَى رَسولِ اللَّهِ ﷺ ودَنَا منها، قَالَتْ: أعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ لَهَا: لقَدْ عُذْتِ بعَظِيمٍ، الحَقِي بأَهْلِكِ " (رواه البخاري)
فحرِّم عليه نكاح كل امرأة كرهت صحبته، ولا شك أن المرأة هذه ليست بمستوى أن تكون من أمهات المؤمنين، ولذلك ما أكملت الطريق وأخرجت من الحسبة.
ليس له ﷺ إذا لبس لباس الحرب أن يخلعه قبل أن يحارب.
والنبي ﷺ إذا لبس لباس الحرب لا يجوز له أن يخلعه، ولا يمكن أن يتراجع في قرار الحرب، إذا اتخذ قرار الحرب ولبس اللأمة لامته من إكمال المشوار. فقد قال رسول الله ﷺ: " الآنَ ليس لنبيٍّ إذا لبِس لَأْمَتَه أن يضَعَها حتى يُقاتِلَ" لامته: هي عُدَّةُ الحرْبِ مِن السِّلاحِ والدُّروعِ.
ليس لهﷺ خائنة الأعين
النبي ﷺ ليس له خائنة الأعين، بمعنى أنه لا يجوز له ولا يليق بمقامه أن يشير بعينه إشارة خفية ولو إلى شيء مباح، مثل قتل شخص مهدور الدم.
ولذلك لما أهدر النبي ﷺ دم عبد الله بن سعد بن أبي سرح؛ لأنه كان ممن أنشد الشعر في سب النبي ﷺ، ومن سب النبي ﷺيقتل حدًا، وقد أهدر النبيﷺدم نفر من المشركين يوم فتح مكة، ومن الناس الذين أهدر دمهم: عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فتوجه إلى عثمان أخيه من الرضاعة واختفى عنده، فلما دعا النبي ﷺ الناس إلى البيعة جاء عثمان بـابن أبي سرح حتى أوقفه عند النبي ﷺ، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاث مرات، ابن أبي سرح يطلب البيعة والنبي ﷺ يأبى، ابن أبي السرح يطلب البيعة والنبي ﷺ يأبى، ثم بعد الثلاث بايعه، ثم قال النبي ﷺ لأصحابه: " أما كانَ فيكُم رجلٌ رشيدٌ يقومُ إلى هذا حيثُ رآني كفَفتُ يدي عن بيعتِهِ فيقتلُهُ" فقالوا : وما يُدرينا يا رسولَ اللَّهِ ما في نَفسِكَ ، هلَّا أوأمات إلينا بعينِكَ ؟ قالَ : "إنَّهُ لا ينبَغي لنبيٍّ أن يَكونَ لَهُ خائنةُ أعينٍ" (رواه أبو داودوالنسائي، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: إسناده صالح)
لا يعرف ﷺ القراءة ولا الكتابة إطلاقاً
من خصائصه ﷺ: أنه لا يعرف القراءة ولا الكتابة إطلاقاً، كما أن الله وصفه بقوله: ( ومَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ) (العنكبوت٤٨) ، لا قراءة ولا كتابة، لماذا؟ قال تعالى: (إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) (العنكبوت٤٨)
لو أنك يا محمد ﷺ قارئ وكاتب لقالوا: هذا القرآن من الثقافات التي اطلع عليها وقرأها وتعلمها من الكتب، ثم جاء وكتب لنا هذا القرآن، فقال: أنت معروف من أول أمرك، لا قراءة ولا كتابة، فأنت أمي؛ لأن هذا يكون أبلغ، حتى القرآن لا يمكن لأحد أن يقول: تعلمه من غيره، وأنه كان يقرأ كتب ثقافات، فهو لا يعرف القراءة أصلاً، لا يوجد إلا مصدر واحد هو: الوحي، من أين تأتيه هذه الأخبار؟ أخبار السابقين بهذه التفصيلات، لا يعرف يقرأ ولا يكتب، فهذه ليست منقصة بالنسبة للنبي ﷺ، بل بالعكس هي في حقه كمال، فلو كان يعرف القراءة والكتابة، كان فتح باباً كبيراً للافتراء عليه.
وكذلك فإنه ﷺ لا يقول الشعر:
قال تعالى: )وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ( )يس٦٩(، فهو لم يكن عالماً لا بصنوفه ولا بأنواعه، ولذلك لما أراد أن يستشهد ببيت كَسَّره وقدَّم وأخر، ولما قال شيئاً قال رجزاً يسيراً، وشعراً غير مقصود، وشيئاً أتى وجرى على اللسان من غير قصد، مثل قوله:
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
هذا من بحور الشعر وليس من القصائد. وإذا جاء ببيت أو بيتين من أبيات غيره كسرها وكسر الوزن
إباحة الوصال في الصيام للنبي ﷺ:
النبي ﷺ أبيح له الوصال في الصيام، يوالي الصيام ونحن لا نوالي، هذه من خصائصه، يختلف عنا فيها.
يباح له عليه الصلاة والسلام الزواج من غير ولي ولا شهود
يتزوج ﷺ من غير ولي ولا شهود، كما حصل أن الله تعالى زوجه زينب بنت جحش من غير ولي ولا شهود، نزل العقد من السماء، كانت زينب -رضي الله عنها- تفخر على أزواج النبي ﷺ، تقول: "زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات" )رواه البخاري(
يجوز للنبي ﷺ أن يجمع أكثر من أربع نسوة، ونحن لا يجوز لنا أن نزيد على أربع.
وفي ذلك فوائد كثيرة، منها: أن يكثر من يشاهد أحواله الباطنة، فعنده نساء متعددات، وتتشرف قبائل العرب بمصاهرته، ويزيد ذلك في تأليفهم، وتكثر عشيرته من جهة نسائه، فيزداد أعوانه ويحاربون معه، وينصرون الدين، وكذلك نقل الأحكام الشرعية من جهة عدد أكبر من النساء؛ لأن بعض الأشياء لا يطلع عليها إلا الزوجات، كبعض الأشياء الداخلية في البيوت، وصار عندنا عدد من أمهات المؤمنين، وكذلك ألف الله قلوب أعدائه ببعض هذه الزواجات، أم حبيبة أبوها كان من أعدائه، وصفية ألف الله قلبها على الإسلام، وهكذا حصلت من البركة في زواجه ﷺ.
أُحل له القتال في مكة ساعة من نهار فقط
ولم يحل لأحد آخر غيره، ولا يجوز القتال في مكة إطلاقاً، إلا النبيﷺ أحلت له ساعة كسر بها الشرك، ودمر بها الأوثان والأصنام.
وعصمه الله تعالى، فلا يقول الباطل.
وكل من استهان به ﷺ أو سبه فإنه يكفر مباشرة وعقوبته القتل.
ساب النبيﷺ يقتل ولو تاب
ومن الأحكام التي قد يستغربها بعض الناس، لكن هذا هو الراجح: أن الذي يسب النبي ﷺ يقتل ولو تاب، بينما الذي يسب الله تعالى إذا تاب انتهى، يعفى عنه لماذا؟
لأن الله غفور رحيم، والله تعالى بيَّن أن من أخطأ في حقه تعالى ثم تاب فإنه يغفر له.
لكن الذي يسب النبيﷺ جاءت النصوص بقتله، فعرفنا الآن أن هناك حداً شرعياً في كل من يسب النبي ﷺ وهو القتل، من الذي يملك إسقاط الحد هذا؟
هو ﷺ إذا تنازل سقط الحد، أما إذا لم يتنازل فيقام الحد.
والآن بعد ممات النبي ﷺ لو جاء واحد وسب النبي ﷺ يترتب عليه أمران:
أولاً: انتهاك حق الله تعالى؛ لأنه عصى الله، وهذا معروف، وهذا يمكن أن يستدرك بالتوبة.
ثانياً: انتهاك حرمة النبي ﷺ، وهذا حده القتل، إلا إذا تنازل النبي ﷺ، وبما أنه قد مات ﷺ فلابد من إقامة الحد.
فالذي يسب النبي ﷺ ويتوب توبته تنفع عند الله، لكن لابد من قتله.
هذا هو الراجح في مسألة سابِّ النبي ﷺ، دمه مهدور مباشرة، ويرفع أمره إلى الحاكم الشرعي ليطبق حد الله فيه، يشهد عليه، ويرفع أمره، أي واحد يسب النبي ﷺ يشهد عليه ويرفع أمره، ويبت في قتله. (موقع الشيخ محمد صالح المنجد)
رؤية النبي ﷺ لمن خلفه في الصلاة:
ثم إنه ﷺ من خصائصه: أنه كان يرى من خلفه في الصلاة مع أن وجهه إلى القبلة، لكنه يرى الصفوف التي خلفه، ويرى لو أن واحداً متقدم أو متأخر.
ولما غشي على أسماء في قصة الكسوف وقامت وأكملت صلاتها بدون وضوء، والعلماء صححوا صلاة من غشي عليه وقام، والغشيان غير الإغماء، فهو درجة أخف، من غشي عليه وقام وأكمل الصلاة صححوا صلاته، بأي شيء؟
لأن أسماء كانت وراء النبي ﷺ، وكان يشاهد من خلفه، وقامت أسماء وأكملت بعد الغشيان من غير وضوء وما أنكر عليها ﷺ. معناها أن صلاة المغشي عليه إذا غشي عليه وقام صحيحة.
وذلك لأنه ليس نوماً وإنما هو دوخة خفيفة يمكن أن نسميها هكذا.
النبيﷺ لا يورث.
النبي ﷺ لا يورث، قال: " إنا معاشرَ الأنبياءِ لا نُورثُ ، ما تركناه صدقةً" ( إسناده صحيح على شرط مسلم) وفي هذه يشاركه بقية الأنبياء ، فإنهم لا يوثوا مالا، لا درهما والا دينارا، ولكن يورثوا العلم.وأي مال يتركه فهو لبيت مال المسلمين.
- ولا يجوز لأزواجه الزواج بعد موته
أزواجه لا يجوز الزواج بهن بعد موته بل هن أمهات المؤمنين جيمعا. قال تعالى: ( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ..) ( الأحزاب ٦) ، وقال تعالى: ( وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا) ( الأحزاب٥٣)
ولا يتمثل الشيطان به في المنام.
قال ﷺ: " مَن رَآنِي في المَنامِ فقَدْ رَآنِي، فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَتَمَثَّلُ بي." (رواه مسلم)
من دعا عليه النبي عليه الصلاة والسلام من المسلمين تنقلب دعوته عليه رحمة وبركة
وأخيراً: أي واحد من المسلمين سبه النبي ﷺ أو شتمه أو دعا عليه فإن هذه الدعوة تنقلب في حق هذا الرجل المدعو عليه رحمة وبركة؛ لأن النبي ﷺ قال لبعض أصحابه أشياء: تربت يمينك، لا كبر سنك، لا أشبع الله بطنه .. كذا .. كذا إلى آخره.
فذات مرة أودع النبي ﷺ عائشة أسيراً فهرب منها، مع أنها موكلة بحراسته فهرب، فلما علم ﷺ، قال: " قطع الله يدك" يعني: لماذا لم تنتبه لهذا الأسير؟ فقعدت عائشة تنتظر، قال: "ما بالك؟" قالت: دعوت علي أن تنقطع يدي، قال: "أما علمتِ" المسألة التي سألتها ربي أو كما قال ﷺ قلت: "اللهم إني أتخذ عندك عهداً لن تخلفنيه، فإنما أنا بشر" يعني: أغضب كما يغضب البشر " اللَّهُمَّ إنِّي أتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ، فإنَّما أنا بَشَرٌ، فأيُّ المُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ شَتَمْتُهُ، لَعَنْتُهُ، جَلَدْتُهُ، فاجْعَلْها له صَلاةً وزَكاةً، وقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بها إلَيْكَ يَومَ القِيامَةِ." (رواه مسلم)
يعني: حتى لو سب أحد المسلمين فهو في صالحه
فماذا بقي من شمائل هذا النبي الكريم وكل شمائله والحمد لله وخصائصه بركة وخير ورحمة لهذه الأمة. نسأل الله تعالى أن يرزقنا شفاعته، وأن يجعلنا من أهل ملته وسنته، وأن يحيينا على سنته ويميتنا عليها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
No comments:
Post a Comment