Tuesday, 9 May 2023

السيرة النبوية الشريفة العام التاسع هـ بني تميم قبيلة طيء

   

 

أحداث العام التاسع ه

عمرة الجعرانه

جاء بنو تميم يباهون،فعرفوا لذي الفضل

والفصاحة فضله وأسلموا

هدم فلس بني طيء وإسلام عدي بن حاتم

 

عمرة الجعرانة في ذي القعدة : 

روى البخاري ومسلم، أن  قتادة سأل أنس بن مالك: كم حج رسول الله؟ : قال : "حجةً واحدةً واعتمر أربعَ مراتٍ عمرتُه  -زمنَ الحُديبيةِ - وعمرتُه في ذي القعدةِ من المدينةِ ( وهي عمرة القضاء) -وعمرتُه من الجِعرانةِ في ذي القعدةِ حيث قسم غُنَيمةَ حُنَينٍ- وعمرتُه مع حجَّتِه "

ولما فرغ رسول الله ﷺ من قسمة الغنائم من غزوة حنين أحرم للعمرة – وهي عمرة الجعرانة – فاعتمر ، ثم قفل راجعاً إلى المدينة، فبلغها لست أو ثلاث بقين من ذي القعدة .

تأديب بني تميم ودخولهم في الإسلام :        

وفي المحرم سنة 9هـ نقلت الأخبار إلى المدينة بأن بني تميم يحرضون القبائل على منع الجزية، فأرسل إليهم رسول الله ﷺ خمسين فارساً بقيادة عيينة بن حصن الفزاري، فهجم عليهم في الصحراء، فأسر منهم أحد عشر رجلاً وإحدى وعشرين امرأة وثلاثين صبياً، وجاء بهم على المدينة، فجاء عشرة من رؤسائهم، ورغبوا في المباهاة، فخطب خطيبهم عطارد بن حاجب فأجابه ثابت بن قيس، ثم أنشد شاعرهم الزبر قان بن بدر فأجابه حسان بن ثابت ، فلما فرغ حسان بن ثابت من قوله، قال الأقرع بن حابس:‌ «وأبي، إن هذا الرجل لمؤتى له، لخطيبه أخطب من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولأصواتهم أحلى من أصواتنا»، فلما فرغ القوم أسلموا، وجوزهم رسول الله ﷺ فأحسن جوائزهم.

احسان النبي لهم: قد ورد في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة قال: لاَ أَزَالُ أُحِبّ بَنِي تَمِيمٍ مِنْ ثَلاَثٍ. سَمِعْتُهُنّ مِنْ رَسُولِ اللّهِ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ يَقُولُ: "هُمْ أَشَدّ أُمّتِي عَلَىَ الدّجّالِ" قَالَ: وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ فَقَالَ النّبِيّ : "هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا" قَالَ: وَكَانَتْ سَبِيّةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ عَائِشَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ: "أَعْتِقِيهَا فَإِنّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ".

وهذا الحديث فيه منقبة عظيمة لبني تميم، حيث وصفهم رسول الله بالشجاعة وشدة البأس على الدجال، وذلك في قتالهم مع المسلمين له.  

نبذة عن بني تميم :

بنو تميم قبيلة عربية كانت في الجاهلية وصدر الإسلام تسكن في الدهناء وشمال إقليم نجد واليمامة في السعودية وهي موطنها الأصلي.

منهم تميم بن أوس أبو رقية الداري. فهي نسبة إلى جده السابع الدار (من عبد الدار) ويعني خادم البيت المقدس لأنه كان مقيما في أرض إبراهيم عليه السلام، وكان قيما على مقامه.وُلد تميم بن أوس الداريّ بفلسطين، وكان راهبها وعابدها، ووفد إلى المدينة سنة الثانية من الهجرة- وقيل قبل- فأسلم رضي الله عنه وكان من السابقين بإعلان إسلامهم عن علم ومعرفة وطواعية، وسكن المدينة، وصحب النبي ، وروى عنه عدداً من الأحاديث، وشارك بالغزو، واتسم بكثرة العبادة، وقيام الليل وتلاوة القرآن والورع.

قال ابن سيرين، إن الداري كان من الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله، وأنه كان يقرأ القرآن في ركعة، وكان كثير التهجد، وقام ليلة بآية حتى أصبح.

روى عنه عدد من الصحابة والتابعين، وله في الإسلام مناقب عديدة:

فهو يعدّ أول من أسرج في المسجد، فهو صاحب فكرة إضاءة المسجد بالقنديل والزيت؛ فكانوا قبل ذلك يسرجون بسعف النخل، فبعث تميم خمسة غلمان لهذا الغرض، وكان اسم أحدهم: فتح، فسماه النبي سراجاً، وذكر أصحاب السير والتاريخ أنه نقل القناديل من بلاد الشام، إذ كان يتم استخدامها في إضاءة الكنائس.حمل تميم من الشام إلى المدينة قناديل وزيتاً ومقطاً «حبل»، ووافق قدوم القناديل ليلة الجمعة فأمر غلاماً يقال له أبو البزاد فقام فنشط المقط وعلق القناديل وصب فيها الماء والزيت وجعل فيها الفتيل، فلما غربت الشمس أمر أبا البزاد فأسرجها، وخرج الرسول ، إلى المسجد، فإذا بها تزهر، فقال: من فعل هذا؟، قالوا تميم الداري يا رسول الله، فقال: نورت الإسلام نور الله عليك في الدنيا والآخرة»، وقال النبي : «مَن أسْرَجَ في مسجِدٍ مِن مساجِدِ اللهِ سِراجًا، لم تزَلِ الملائكةُ وحملَةُ العرشِ يَسْتغفِرونَ له، ما دامَ في ذلك المسجِدِ ضَوءٌ مِن ذلك السِّراجِ.» (ضعيف)

ويعد أول من صنع المنابر في المساجد، فقد صنع المنبر الأول في المسجد النبوي الشريف في السنة الثامنة للهجرة، وكان أول أمير إسلامي على بيت المقدس بعد الفتح في بلاد الشام، انتقل إلى الشام بعد قتل عثمان ونزل بيت المقدس وكان إسلامه سنة تسع ه.

وجاء من وجوه عديدة أن النبي أقطعه بيت حبرون .

"حَبْرُون اسم القرية التي فيها قبر إبراهيم الخليل عليه السلام بقرب البيت المقدس، وقد غلب على اسمها الخليل .وقدم على النبي تميم الداري في قومه وسأله أن يقطعه حبرون فأجابه وكتب له كتابا نسخته:

بسم الله الرحمن الرحيم:  هذا ما أعطى محمد رسول الله لتميم الداري وأصحابه: إني أعطيتكم بيت عينون وحبرون والمرطوم وبيت إبراهيم بذمتهم وجميع ما فيهم، عطية بت، ونفذت وسلمت ذلك لهم ولأعقابهم بعدهم، أبد الآبدين، فمن آذاهم فيه آذى الله"

شهد أبو بكر بن أبي قحافة وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب " اهـ باختصار .

ولم تكن " فلسطين " يومئذٍ بأيدي المسلمين ، بل كانت بأيدي الروم ، فأقطعهم الرسول إياها بعد أن يفتحها الله عليه . فيكون هذا كالبشارة من النبي بفتحها .

ولما فتحت فلسطين في عهد عمر وفّى بوعد رسول الله ، وأوقفها تميم على ذريته وعلى خيرات حددها، فهو أول وقف في الإسلام في أرض فلسطين ، وقد ذكر المقدسي في كتابه "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" : " ... وجود دار ضيافة دائمة مع خباز وطباخ وخدام يقدمون العدس بالزيت لكل حاجّ أو زائر يمر بمدينة الخليل، وهذه الضيافة والإطعام من وقف تميم الداري رضي الله عنه".

تكية حرم الخليل .. سر المدينة التي لا يجوع أهلها

قال الحمداني‏:‏ وبلد الخليل عليه السلام معمور من بني تميم الداري رضي الله عنه

 وبيد بني تميم هؤلاء الرقعة التي كتبها النبي لتميم وإخوته بإقطاعهم بيت حبرون التي

 هي بلد الخليل عليه السلام وبعض بلادها.

 

هدم فلس بني طيء وإسلام عدي بن حاتم:

وفي شهر ربيع الآخر سنة 9هـ أرسل رسول الله ﷺ علي بن أبي طالب في مائة وخمسين رجلاً على مائة بعير وخمسين فرساً ليهدم صنم بني طئ المعروف بالفلس ، وكان مع علي رضي الله عنه راية سوداء ولواء أبيض، فشن الغارة على محلة حاتم الطائي  المعروف بالجود والكرم ، فأصاب نعماً وشاء وسبيا ، وفيها سفانة بنت حاتم الطائي،  فلما جاءوا بها إلى المدينة منَّ عليها رسول الله ﷺ فأطلقها بغير فدية، وأكرمها وأعطاها الراحلة ، فذهبت إلى الشام ، وكان أخوها عدي بن حاتم قد هرب إليها، فقالت له عن رسول الله ﷺ : لقد فعل فعلة ما كان أبوك يفعلها، ائته راغباً أو راهباً، فجاء عدي بغير أمان ولا كتاب، فلما كلم رسول الله ﷺ أسلم مكانه .

يقول عدى: بيْنَا أنَا عِنْدَ النَّبيِّ ، إذْ أتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إلَيْهِ الفَاقَةَ، ثُمَّ أتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَال َ: "يا عَدِيُّ، هلْ رَأَيْتَ الحِيرَةَ؟ قُلتُ: لَمْ أرَهَا، وقدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَالَ: فإنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حتَّى تَطُوفَ بالكَعْبَةِ، لا تَخَافُ أحَدًا إلَّا اللَّهَ -قُلتُ فِيما بَيْنِي وبيْنَ نَفْسِي: فأيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قدْ سَعَّرُوا البِلَادَ؟!- ولَئِنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى، قُلتُ: كِسْرَى بنِ هُرْمُزَ؟ قَالَ: كِسْرَى بنِ هُرْمُزَ، ولَئِنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِن ذَهَبٍ أوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَن يَقْبَلُهُ منه، فلا يَجِدُ أحَدًا يَقْبَلُهُ منه، ولَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أحَدُكُمْ يَومَ يَلْقَاهُ، وليسَ بيْنَهُ وبيْنَهُ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ له، فَلَيَقُولَنَّ له: ألَمْ أبْعَثْ إلَيْكَ رَسولًا فيُبَلِّغَكَ؟ فيَقولُ: بَلَى، فيَقولُ: ألَمْ أُعْطِكَ مَالًا وأُفْضِلْ عَلَيْكَ؟ فيَقولُ: بَلَى، فَيَنْظُرُ عن يَمِينِهِ فلا يَرَى إلَّا جَهَنَّمَ، ويَنْظُرُ عن يَسَارِهِ فلا يَرَى إلَّا جَهَنَّمَ. قَالَ عَدِيٌّ: سَمِعْتُ النبيَّيقولُ: اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقَّةِ تَمْرَةٍ، فمَن لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ.

 قَالَ عَدِيٌّ: فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حتَّى تَطُوفَ بالكَعْبَةِ، لا تَخَافُ إلَّا اللَّهَ، وكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بنِ هُرْمُزَ، ولَئِنْ طَالَتْ بكُمْ حَيَاةٌ، لَتَرَوُنَّ ما قَالَ النَّبيُّ أبو القَاسِمِ َ: يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ..." (البخاري)

 هذان الحادثان – تأديب بني تميم ، وهدم فلس طئ – من أهم ما وقع بعد فتح مكة وغزوة حنين ، وقد وقع أثناء ذلك بعض الأحداث الطفيفة الأخرى ، ولكن الصراع القائم بين المسلمين والوثنيين كان قد انتهى بعد الفتح بصفة عامة، وكاد المسلمون يستريحون من تعب الحروب وعنائها، ولكن الذي استجد قبل الفتح بقليل هو اتجاه القوات النصرانية المتمركزة في الشام نحو المسلمين، والذي كان من نتائجها معركة مؤتة، وكانت هذه القوات متغطرسة جداً لأجل انتصاراتها المتواصلة ضد الفرس، ففتحت باب اللقاء الدامي بينهما وبين المسلمين، وكان من نتائجه غزوة تبوك في حياة النبي ﷺ، ثم فتوح الشام في زمن الخلفاء الراشدين .

No comments:

Post a Comment