Monday 4 October 2021

السيرة النبوية الشريفة-خلق النبي ﷺ ج2 وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين

  
   

 

 

رحمة النبي ﷺ

 

قال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الانبياء:١٠٧)

وعندما قيل له ادع على المشركين قال ﷺ "إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة" - رواه مسلم.

" قال ﷺ : اللهم إنما أنا بشر ، فأيُّ المسلمين سببته أو لعنته ، فاجعلها له زكاة و أجراً " رواه مسلم .

كان من دعاء النبي ﷺ : ( اللهم من وليَ من أمرِ أمتي شيئاً ، فشقَّ عليهم ، فاشقُق عليه ، و من ولي من أمر أمتي شيئاً ، فرفق بهم ، فارفق به )

قال ﷺ : (هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم) رواه البخاري.

قال تعالى : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ..) (آل عمران:159)

يَقضي حاجة من جاءه سائلاً أو محتاجاً. يُشعِر كل واحد من صحابته أنّه الأقرب والأحبّ إليه. كان رسول الله ﷺ أرحم الناس بأمّته، قال -تعالى-: {لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ ما عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ} ( التوبة 128)

وقال ﷺ في فضل الرحمة: (الراحمون يرحمُهم الرحمنُ، ارحموا من في الأرضِ يرحمْكم من في السماءِ، الرحمُ شِجنةٌ من الرحمنِ فمن وصلها وصله اللهُ ومن قطعها قطعه اللهُ) (صحيح سنن رواه الترمذي )

 

عفو النبي ﷺ:

 

عن أنس رضي الله عنه قال "كان النبي ﷺ من احسن الناس خلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت له والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني بهﷺ، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا النبي ﷺ قد قبض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك فقال يا أنس أذهبت حيث أمرتك؟ قلت نعم، أنا أذهب يا رسول الله – فذهبت" رواه مسلم وأبو داود.

 

عدل النبي ﷺ :

 

كان عدله وإقامته شرع الله تعالى ولو على أقرب الأقربين.

قال تعالى: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءِ للّهِ وَلَوْ عَلَىَ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ} (النساء١٣٥)

كان يعدل بين نسائه ﷺ ويتحمل ما قد يقع من بعضهن من غيرة كما كانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ غيورة.

فعن أم سلمة ـ رضي الله عنها أنها ـ أتت بطعامٍ في صحفةٍ لها إلى رسول الله ﷺ وأصحابه، فجاءت عائشة... ومعها فِهرٌ ففلقت به الصحفة، فجمع النبي ﷺ بين فلقتي الصحفة وهو يقول: (كلوا، غارت أُمكم ـ مرتين ـ ) ثم أخذ رسول الله ﷺ صحفة عائشة فبعث بها إلى أُم سلمة وأعطى صحفة أُم سلمة عائشة. رواه النسائي وصححه الألباني

قال ﷺ في قصة المرأة المخزومية التي سرقت، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (أنَّ أُسَامَةَ كَلَّمَ النبيَّ ﷺ في امْرَأَةٍ، فَقالَ: إنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا يُقِيمُونَ الحَدَّ علَى الوَضِيعِ ويَتْرُكُونَ الشَّرِيفَ، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لو أنَّ فَاطِمَةَ فَعَلَتْ ذلكَ لَقَطَعْتُ يَدَهَا. ‏)‏.( البخاري)

كلام النبي ﷺ

كان إذا تكلم تكلم بكلام فَصْلٍ مبين، يعده العاد ليس بسريع لا يُحفظ ، ولا بكلام منقطع لا يُدركُه السامع، بل هديه فيه أكمل الهديِّ ،كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقولها: (ما كان رسول الله ﷺ يسرد سردكم هذا ، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل يتحفظه من جلس إليه) متفق عليه

وكان عليه الصلاة والسلام لا يتكلم فيما لا يَعنيه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وإذا كرِه الشيء‏:‏ عُرِفَ في وجهه

 

رحمته وحكمته ﷺ

 

فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: بينما نحن في المسجد مع رسول اللهﷺ إذ جاء أعرابي ، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله ﷺ : مَه مَه، قال: قال رسول اللهﷺ: (لا تزرموه، دعوه) ، فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول اللهﷺ دعاه فقال له: (إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ، ولا القذر، إنما هي لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن) قال: فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه. رواه مسلم

 

تواضعه ﷺ :

 

وكان ﷺ يجيب دعوتهم دعوة الحر والعبد والغني والفقير ويعود المرضى في أقصى المدينة ويقبل عذر المعتذر.

وكان ﷺ سيد المتواضعين ، يتخلق ويتمثل بقوله تعالى: { تِلْكَ الدّارُ الاَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ }[ القصص 83 ].

فكان أبعد الناس عن الكبر ، كيف لا وهو الذي يقول ﷺ : (لَا تُطْرُونِي كما أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ؛ فإنَّما أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولوا: عبدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ.) رواه البخاري.

كيف لا وهو الذي كان يقول ﷺ : (آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد) رواه أبو يعلى وحسنه الألباني.

كيف لا وهو القائل بأبي هو وأمي ﷺ:  (لو أُهدي إليَّ كراعٌ لقبلتُ ولو دُعيت عليه لأجبت) رواه الترمذي وصححه الألباني.

كيف لا وهو الذي كان ﷺيحذر من الكبر أيما تحذير فقال : ( لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ.) رواه مسلم

ومن تواضعه ﷺأنه كان يجيب الدعوة ولو إلى خبز الشعير ويقبل الهدية.

عن انس رضي الله عنه قال كان ﷺ يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة فيجيب - رواه الترمذي في الشمائل.

الإهالة السنخة: أي الدهن الجامد المتغير الريح من طوال المكث.

 

مجلسه ﷺ:

 

كان يجلِس على الأرض، وعلى الحصير، والبِساط،

عن أنس رضي الله عنه قال "كان النبي ﷺإذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع يده، ولا يصرف وجهه من وجهه حتى يكون الرجل هو يصرفه، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له" - رواه أبو داود والترمذي بلفظه.

عن أبي أمامة الباهلي قال : خرج علينا رسول الله ﷺ متوكئًا على عصا، فقمنا إليه، فقال: (لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضًا ) رواه أبو داود أبن ماجة وإسناده حسن.

 

زهدهﷺ

 

كان ﷺ أزهد الناس في الدنيا وأرغبهم في الآخرة خيره الله تعالى بين أن يكون ملكا نبيا أو يكون عبدا نبيا فاختار أن يكون عبدا نبيا.

كان ينامُ على الفراش تارة، وعلى النِّطع تارة، وعلى الحصير تارة، وعلى الأرض تارة، وعلى السرير تارة بين رِمَالهِ، وتارة على كِساء أسود‏.

 

قال أنس بن مالك رضي الله عنه : ( دخلت على النبيﷺ وهو على سرير مزمول بالشريط وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف ودخل عمر وناس من الصحابة فانحرف النبي ﷺفرأى عمر أثر الشريط في جنبه فبكى فقال النبي ﷺ: ما يبكيك يا عمر قال: ومالي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا وأنت على الحال الذي أرى فقال يا عمر: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة قال : بلى قال: هو كذلك )

وكان من زهده ﷺوقلة ما بيده أن النار لا توقد في بيته في الثلاثة أهلة في شهرين .

عن عروة رضي الله عنه قال: عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت تقول: والله يا ابن أختي كنا لننظر إلى الهلال ثم الهـلال ثـلاثة أهله في شهرين ما أوقـد في أبيـات رسـول الله ﷺ نار، قلت: يا خالة فما كان عيشكم؟ قالت: الأسودان ـ التمر والماء ـ) متفق عليه.

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (كان النبي ﷺ يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله لا يجدون عشاءاً، وكان أكثر خبزهم الشعير) رواه الترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني.

 

عبادته ﷺ

 

كان ﷺ أعبد الناس ، و من كريم أخلاقهﷺ أنه كان عبداً لله شكوراً.

 

فإن من تمام كريم الأخلاق هو التأدب مع الله رب العالمين وذلك بأن يعرف العبد حقّ ربه سبحانه وتعالى عليه فيسعى لتأدية ما أوجب الله عز وجل عليه من الفرائض ثم يتمم ذلك بما يسّر الله تعالى له من النوافل ، وكلما بلغ العبد درجةً مرتفعةً عاليةً في العلم والفضل والتقى كلما عرف حق الله تعالى عليه فسارع إلى تأديته والتقرب إليه عز وجل بالنوافل.

فقد قال رسول الله ﷺ عن رب العالمين في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه إن الله تعالى قالى: (... وما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه...) رواه البخاري.

فقد كان ﷺيعرف حق ربه عز وجل عليه وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر على الرغم من ذلك كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ ويسجد فيدعو ويسبح ويدعو ويثني على الله تبارك وتعالى ويخشع لله عز وجل حتى يُسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل.

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: أن نبي الله ﷺكان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: (أفلا أكون عبداً شكوراً) رواه البخاري.

وكان مـن تمثله ﷺ للقـرآن أنه يذكر الله تعالى كثيراً، قال عز وجل : {...وَالذّاكِـرِينَ اللّهَ كَثِيراً وَالذّاكِرَاتِ أَعَدّ اللّهُ لَهُـم مّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيـماً } [ الأحزاب ٣٥].

وقال تعالى: {... فَاذْكُرُونِيَ أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } (البقرة ١٥٢)

وقال ﷺ : (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره ، مثل الحي والميت) رواه البخاري.

كان عليه الصلاة والسلام أكثر الناس دعاءً، وكان من أكثر دعاء النبي ﷺ أن يقول: اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وقِنَا عَذَابَ النَّارِ.) متفق عليه .

 

دعوته ﷺ

 

كانت دعوتهﷺشملت جميع الخلق، كان رسول الله محمدﷺ أكثر رسل الله دعوة وبلاغـًا وجهادًا ، لذا كان أكثرهم إيذاءً وابتلاءً ، منذ بزوغ فجر دعوته إلى أن لحق بربه جل وعلا .

وقد ذكر كتاب زاد المعاد حيث قال أن دعوة النبي عليه الصلاة والسلام كانت على مراتب :

المرتبة الأولى‏:‏ النبوة‏.‏ الثانية‏:‏ إنذار عشيرته الأقربين‏.‏ الثالثة‏:‏ إنذار قومه‏.‏ الرابعة‏:‏ إنذار قومٍ ما أتاهم من نذير من قبله وهم العرب قاطبة‏.‏ الخامسة‏:‏ إنذارُ جميع مَنْ بلغته دعوته من الجن والإِنس إلى آخر الدّهر‏

وقد قال الله جل وعلا لنبيهﷺ : { قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } {يوسف ١٠٨).

ومن ذلك شفقته بمن يخطئ أو من يخالف الحق وكان يُحسن إليه ويعلمه بأحسن أسلوب ، بألطف عبارة وأحسن إشارة ، من ذلك لما جاءه الفتى يستأذنه في الزنى.

 

فعن أبي أُمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: إن فتىً شاباً أتى النبيﷺ فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه فقال له: (ادنه)، فدنا منه قريباً، قال: (أتحبّه لأمّك؟) قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لأمهاتهم) قال: (أفتحبه لابنتك؟) قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لبناتهم) قال: (أفتحبه لأختك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لأخواتهم). قال: (أفتحبه لعمتك؟) قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لعماتهم). قال: (أفتحبه لخالتك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لخالاتهم) قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصّن فرجه) فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. رواه أحمد.

 

وقد انتهج النبي ﷺ ذلك في دعوته ولطيف أسلوبه للناس كلهم حتى شملت الكافرين ، فكان من سبب ذلك أن أسلم ودخل في دين الله تعالى أفواجٌ من الناس بالمعاملة الحسنة والأسلوب الأمثل ، كان يتمثل في ذلك صلى الله عليه وسلم قول الله عز وجل: { ادْعُ إِلِىَ سَبِيــلِ رَبّــكَ بِالْحِكْـمَةِ وَالْمَـوْعِظَـةِ الْحَسَنَـةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ ... } ( النحل ١٢)

إن النبي ﷺكان إذا أُسيء إليه يدفع بالتي هي أحسن يتمثل ويتخلق بقوله تعالى: {.. ادْفَعْ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنّهُ وَلِيّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقّاهَا إِلاّ الّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقّاهَآ إِلاّ ذُو حَظّ عَظِيم } [ فصلت ٣٤-٣٥)

مزاح النبي ﷺ

وكان من هديهﷺ أن يمازح العجوز، فقد أتتْ عجوزٌ إلى النبيِّ ﷺ فقالتْ: " يا رسولَ اللهِ ادعُ اللهَ أن يُدخلَني الجنَّةَ"،  فقال: ( يا أمَّ فلانٍ إنَّ الجنَّةَ لا تدخُلها عجوزٌ ) ، قال فولَّتْ تَبكي فقال : (أخبِروها أنها لا تدخلُها وهي عجوزٌ إنَّ اللهَ تعالى يقول ( إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا) ( الواقعة ٣٣ – ٣٧) رواه الترمذي في الشمائل وحسنه الألباني .

وكان جُلُّ ضحكه التبسم، بل كلُّه التبسم، فكان نهايةُ ضحكِه أن تبدوَ نواجِذُه‏.‏

 

كرم النبي ﷺ

كان رسول الله كريماً سخيّا، وقال: (لَوْ كانَ لي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا ما يَسُرُّنِي أنْ لا يَمُرَّ عَلَيَّ ثَلاثٌ، وعِندِي منه شيءٌ إلَّا شيءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ).( البخاري) ، ومن كرمه ﷺ أنه جاءه رجل يطلب البردة التي هي عليه فأعطاه إياها ﷺ

كان يُكرم من يأتيه ضيفاً، ويقوم بخدمة ضيوفه بنفسه، وإن كان بيته لا يتّسع لمن جاءه ضيفاً؛ يقوم بتوزيع ضيوفه على صحابته الذين يَعلم أنّهم سيكرمونه.

 

صبر النبي ﷺ

 

كان النبي ﷺيصبر على الأذى فيما يتعلق بحق نفسه وأما إذا كان لله تعالى فإنه يمتثل فيه أمر الله من الشدة.. وهذه الشدة مع الكفار والمنتهكين لحدود الله خير رادع لهم وفيها تحقيق للأمن والأمان..

قال تعالى: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ) (الفتح٢٩ )

ومن صبر النبيﷺ أنه عندما اشتد الأذى به جاءه ملك الجبال يقول: (يا مُحَمَّدُ، إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بأَمْرِكَ، فَما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ ﷺَ: (بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أَصْلَابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا.)  ( مسلم) ، والأخشبان هما جبلا مكة أبو قبيس وقعيقعان.

فقد أخرج ابن سعد عن أنس رضي الله عنه قال : (رأيت إبراهيم وهو يجود بنفسه بين يدي رسول الله ﷺ، فدمعت عينا رسول الله ﷺ، فقال : (تَدْمَعُ العَيْنُ وَيَحْزَنُ القَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا ما يَرْضَى رَبَّنَا، وَاللَّهِ يا إِبْرَاهِيمُ إنَّا بكَ لَمَحْزُونُونَ.) ( مسلم)

 

تعاون النبي ﷺ

 

قال عليه ﷺ‏:‏ ‏(‏مَنْ اسْتطاع منكم أَنْ يَنْفَعَ أَخاه فَلْيَنْفَعْه‏)‏‏.

عن ابن أبي أوفى : (أن رسول الله ﷺكان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين والعبد حتى يقضي له حاجته) رواه النسائي والحاكم.

وكان ﷺ يقول‏:‏ ‏(‏مَنْ اسْتطاع منكم أَنْ يَنْفَعَ أَخاه فَلْيَنْفَعْه‏)‏‏.

الخلاصة:

 

وكان رسول الله ﷺ أشد الناس حياءً، قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: (كان النبيُّ ﷺ أشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ في خِدْرِهَا.) ( البخاري)

وإذا دخل الغريب عليه مع صحابته لم يميّزه عنهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسولُ اللهِ ﷺ يَجْلِسُ بينَ ظهرَيْ أصحابِه ، فيجيءُ الغريبُ ، فلا يدري أيُّهم هو ، حتى يسألَ ، فطلَبْنا إلى رسولِ اللهِ ﷺ أن نَجْعَلَ له مجلسًا يَعْرِفُه الغريبُ إذا أتاه) ( صحيح أبي داوود)

يحترم الصّغار والكبار، وكلّما دخلت عليه أمّه أو أخته من الرّضاعة قام احتراماً لها، وبسط لها ثوبه لتجلس عليه.

كان  أحسن الناس خلقا، وكانﷺ يقول: (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن؛ وإن الله يبغض الفاحش البذيء). وفي رواية: (ما مِن شيءٍ يوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسنِ الخلقِ ، وإنَّ صاحبَ حُسنِ الخلقِ ليبلُغُ بِهِ درجةَ صاحبِ الصَّومِ والصَّلاةِ).( رواه الترمذي – وصححه الألباني)

وقال ﷺ: (أنا زعيمُ بيتٍ في ربضِ الجنةِ لمن ترك المِراءَ و إن كان محقًّا ، و بيتٍ في وسطِ الجنة لمن ترك الكذبَ و إن كان مازحًا ، و بيتٍ في أعلى الجنةِ لمن حَسُنَ خُلُقُه) .(السلسلة الصحيحة للألباني)

وقال ﷺ: (إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسِنُكم أخلاقًا ) (صحيح الترغيب والترهيب)

وبعد أن عرفنا خلقه، فلنتذكر أن الله تعالى قال: ( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } ( سورة الأحزاب٢١)

وقال تعالى :{وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا } (النساء٦٩) ‏

 


 


No comments:

Post a Comment