تفسير ميسر؛ سورة النازعات- ح 2 – هل أتاك حديث موسى.
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ ﴿١٥﴾
هل أتاك - أيها الرسول- خبر موسى؟ وهذا تسلية للنبي ﷺ أي إن فرعون كان أقوى من كفار عصرك، ثم أخذناه، وكذلك هؤلاء.
إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴿١٦﴾ اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ ﴿١٧﴾ فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ ﴿١٨﴾ وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ ﴿١٩﴾
(بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ) حين ناداه ربه بالوادي المطهَّر المبارك « الْمُقَدَّسِ أي المطهر» ، (طُوًى) وهو اسم الوادي على الصحيح، ، فقال له: ( اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ) ، كان فرعون علجا من همدان.وقيل من أهل إصطخر. أو من أهل أصبهان، يقال له ذو ظفر، طول أربعة أشبار.( إِنَّهُ طَغَىٰ) إنه قد أفرط وجاوز الحد في العصيان، فقل له: (فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ) أي تسلم فتطهر من الذنوب. و أن تشهد أن لا إله إلا الله. ( وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ) أي وأرشدك إلى طاعة ربك (فَتَخْشَىٰ) أي فتخافه وتتقيه، تبعد عن الذنوب، فتتقي غضب الله عليك.
فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَىٰ ﴿٢٠﴾ فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ ﴿٢١﴾ ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ ﴿٢٢﴾ فَحَشَرَ فَنَادَىٰ ﴿٢٣﴾
( فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَىٰ) فأرى موسى فرعونَ العلامة العظمى: وهي المعجزة وقيل : العصا. وقيل : اليد البيضاء تبرق كالشمس.( فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ ) فكذب فرعون نبيَّ الله موسى عليه السلام،وعصى ربه عزَّ وجلَّ، ( ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ ) ثم ولَّى معرضًا عن الإيمان ، (يَسْعَىٰ) أي يعمل بالفساد في الأرض ويجتهد في معارضة موسى.يعمل في نكاية موسى. وقيل ( أَدْبَرَ يَسْعَىٰ) هاربا من الحية. (فَحَشَرَ فَنَادَىٰ ) أي جمع أصحابه يحموه منها. وقيل : جمع جنوده للقتال والمحاربة.
فَحَشَرَ فَنَادَىٰ ﴿٢٣﴾ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ ﴿٢٤﴾ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَىٰ ﴿٢٥﴾ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ ﴿٢٦﴾
(فَحَشَرَ فَنَادَىٰ) وقيل : حشر الناس للحضور، (فَنَادَىٰ) أي قال لهم بصوت عال َ (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ) أي لا رب لكم فوقي.
أبليس أظهر كذبه : يروى إن إبليس تصور لفرعون في صورة الإنس بمصر في الحمام، فلم يعرفه فرعون، فقال له إبليس: ويحك! أما تعرفني؟ قال: لا. قال: وكيف وأنت خلقتني؟ ألست القائل أنا ربكم الأعلى.
{ فأخذه الله نكال الآخرة والأولى} أي نكال قوله { ما علمت لكم من إله غيري} [القصص 38] وقوله بعد { أنا ربكم الأعلى} [النازعات 24] قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة. وكان بين الكلمتين أربعون سنة؛ قال ابن عباس. والمعنى : أمهله في الأولى، ثم أخذه في الآخرة، فعذبه بكلمتيه. وقيل : نكال الأولى : هو أن أغرقه، ونكال الآخرة : العذاب في الآخرة. فانتقم الله منه بالعذاب في الدنيا والآخرة، وجعله عبرة ونكالا لأمثاله من المتمردين. إن في فرعون وما نزل به من العذاب لموعظةً لمن يتعظ وينزجر.
No comments:
Post a Comment