Thursday 16 June 2022

فقه الطهارة المسح على الخفين

  

فقه الطهارة

المسح على الخفين-شروطه- كيفيته- مدته

المسح على الخفين
المسح على الخفين والجوربين ثابت عن النبي ﷺ من فعله وقوله، وعليه العمل عند كافة أهل العلم من أهل السنة.
فقد ثبت في الصحيحين عن جرير أنه بال، ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل له: تفعل هكذا. قال: نعم، رأيت رسول الله ﷺ صنع مثل هذا. قال: إبراهيم فكان يعجبهم هذا الحديث. لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة.
يعني أن هذا الحديث ليس منسوخاً بآية المائدة كما يدعيه البعض ؛ لتأخر إسلام جرير.
وفي الصحيحين أيضاً عن المغيرة بن شعبة قال:" كنت مع النبي ﷺ ذات ليلة في مسير، فأفرغت عليه من الإداوة فغسل وجهه وغسل ذراعيه ومسح برأسه، ثم أهويت لأنزع خفيه، فقال: "دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما".
وفي المسند وصحيح ابن حبان والسنن عن صفوان بن عسال قال: ( كنت في الجيش الذين بعثهم رسول الله ﷺ فأمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثاً إذا سافرنا ويوماً وليلة إذا أقمنا، ولا نخلعهما إلاَّ من جنابة)
وبالجملة فالمسح على الخفين رخصة من رخص شريعة الله الغراء التي تجسد سماحتها ويسرها وملاءمتها لكل حالٍ ولكل زمان ومكانٍ.

تنبيهات لبعض الأخطاء في المسح على الخفين:
1- لا يشترط أن يكون الجورب من الجلد:
عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : ( تَوَضَّأَ النَّبِيّ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ ) .
رواه الترمذي ، وصححه الألباني في " صحيح سنن الترمذي "
قال " صاحب القاموس " : الجورب : لفافة الرِّجْلِ .
قال أبو بكر بن العربي : والجورب هو غِشَاءٌ للقدم من الصوف يُتَّخَذُ للتَدْفِئَة .
وعنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ قَالَ سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ : الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ
قال ابن حزم : وَالْمَسْحُ عَلَى كُلِّ مَا لُبِسَ فِي الرِّجْلَيْنِ - مِمَّا يَحِلُّ لِبَاسُهُ مِمَّا يَبْلُغُ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ سُنَّةٌ، سَوَاءٌ كَانَا خُفَّيْنِ مِنْ جُلُودٍ أَوْ لُبُودٍ أَوْ عُودٍ أَوْ حَلْفَاءَ أَوْ جَوْرَبَيْنِ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ وَبَرٍ أَوْ شَعْرٍ - كَانَ عَلَيْهِمَا جِلْدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ .
2- حكم المسح على الجورب المثقوب
الصحيح من أقاويل العلماء جواز المسح على الخف أو الجورب المخرق فقد رخص النبي ﷺ بالمسح على الخفين ولم يشترط كونه سليماً من الخروق أو الفتوق ولا سيما أن خفاف بعض الصحابة لا تخلو من فتوق وشقوق فلو كان هذا مؤثراً على المسح لبين النبي ﷺ ذلك بياناً عاماً فقد تقرر في القواعد الأصولية أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز .


ويصح أيضاً المسح على الجوربين اللذين يصفان البشرة لأن الإذن بالمسح على الخفين مطلق ولم يرد تقييده بشيء فكان مقتضى ذلك أن كل جورب يلبسه الناس لهم أن يمسحوا عليه وهذا مقتضى قول القائلين بجواز المسح على الخف المخرق ما أمكن المشيء عليه .
3- هل المسح على الخفين أفضل أم غسل القدمين؟
أن الأفضل في حق كل واحد ما كان موافقاً للحال التي عليها قدمه ، فإن كان لابساً للخف فالأفضل المسح ، وإن كانت قدماه مكشوفتين فالأفضل الغسل، ولا يلبس الخف من أجل أن يمسح عليه .
ويدل لهذا حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه لما أراد أن ينزع خفي النبي ﷺ ليغسل قدميه في الوضوء فقال له النبي ﷺ : ( دَعْهُمَا ، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ ، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا ) (رواه البخاري ومسلم)،  فهذا يدل على أن المسح أفضل في حق من كان يلبس الخفين
ويدل لذلك أيضاً ما رواه الترمذي عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه قَالَ :( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهنَّ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ . حسنه الألباني في  إرواء الغليل" . فالأمر بالمسح يدل على أنه أفضل، في حق لابس الخف أو الجورب.

4- لا يجب وجود نية المسح عند لبس الجورب ليصح المسح :

والدليل الحديث السابق ، أن رسول الله ﷺ كان يأمرهم بعدم نزع خفافهم إذا كانوا في سفر ، وهذا يعني أنهم لم يكونوا عقدوا النية على المسح ، ومع ذلك امرهم بعدم نزع الخفاف ، والمسح عليها .


5- شروط المسح على الخفين

 ويشترط لجواز المسح على الخفين والجوربين شروط منها:
1- أن يلبسهما على طهارة كاملة.
2- أن يسترا محل الفرض وهو كل القدمين إلى الكعبين.
3- أن يمكن تتابع المشي بهما عادة، بأن يكونا ثابتين

على القدمين فلا يقعا.
4- أن يكونا مباحين، فلا يصح المسح على المغصوب، ولا على ما كان غالبه حريراً بالنسبة للرجال.
5- أن يكونا طاهرين عيناً.
6- لا يشترط أن يكونا صفيقين، لا ترى بشرة القدم من تحتهما، ومع أن قول عامة الفقهاء اشتراط أن لا يكونا صفيقين.إلا أنه قد اختار جماعة:  منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض المعاصرين جواز المسح على الجوربين وإن كانت بشرة القدم ترى من ورائهما، ما دام يصدق عليهما مسمى الجوربين، ولأن الرخصة مبناها على التيسير- أنظر رقم 2 -  وهو الأشبه بمقاصد الشريعة.

فإذا توفرت هذه الشروط مسح المقيم يوماً وليلة، والمسافر ثلاثة أيامٍ بلياليهن، لحديث صفوان بن عسالٍ المتقدم.
5- بداية ونهاية مدة المسح
أما بداية مدة المسح على الخفين أو الجوربين فإنها تكون مِن أول مرَّة مَسَح فيها بعد الحَدَث وليس من أول لبس الخف . فإذا لبس الخف أو الجورب في أول النهار على وضوء الفجر ، وصلى الظهر والعصر بنفس وضوء الفجر ، ثم انتقض وضوءه عند المغرب ، فتوضا ومسح على جوربه فيحسب للمقيم اليوم والليلة من المغرب إلى مغرب اليوم التالي، فإذا توضأ في عند العصر من اليوم الثاني ، وظل على وضوءه للعشاء فيمكنه أن يصلى ما دام لم يحدث ، وللمسافر الثلاثة أيام من المغرب أيضا

 

صلي الظهر، لبس الشراب

توضأ

1

 

صلي العصر

احتفظ بوضوئه

2

بداية المسح- ويسري حتى مغرب اليوم التالي

صلى المغرب

انتقض وضوءه- توضأ ومسح على الشراب

3

يصلي المغرب والعشاء 

صلاة المغرب اليوم التالي- لم ينتقض وضوؤه بعد

ينتهي صلاحية المسح

4

يجب عليه أن يخلع الشراب إذا  انتقض وضوؤه ويغسل رجليه

عند المغرب أو العشاء

لو انتقض  وضوؤه

 

 

للمسافر : المدة ثلاثة أيام بلياليها
كيفية المسح على الخفين أو الجوربين :
6- صفة المسح فهي : أن يضع أصابع يديه مبلولتين بالماء على أصابع رجليه ثمَّ يُمرُّهما إلى ساقه ، يمسح الرجل اليمنى باليد اليمنى ، والرجل اليسرى باليد اليسرى ، ويُفرِّج أصابعه إذا مسح ولا يكرر المسح
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " يعني أن الذي يمسح هو أعلى الخف ، فيُمرّ يده من عند أصابع الرجل إلى الساق فقط ، ويكون المسح باليدين جميعاً على الرجلين جميعاً ، يعني اليد اليمنى تمسح الرجل اليمنى ، واليد اليسرى تمسح الرجل اليسرى في نفس اللحظة، كما تمسح الأذنان، لأن هذا هو ظاهر السنة ولا يمسح من جانبي الخف ّوخلفه فلم يرد في مسحه شيء .
لما روى أبو داود وغيره أن علياً رضي الله عنه قال: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه. لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه". ويكفي أن يمسح ظاهر قدمه اليمنى بيده اليمنى، وظاهر قدمه اليسرى بيده اليسرى مرة واحدة.

No comments:

Post a Comment