Saturday 26 July 2014

مختصر شامل في أحكام الصيام – الدرس الثاني والعشرون – زكاة الفطر



 




زكاة الفطر

تعريفها:
هي قدر معين من المال، يجب إخراجه عند غروب الشمس آخر يوم من أيام رمضان، بشروط معينة، عن كل مكلف ومن تلزمه نفقته.
معناها
1-  هي زكاة:  لما في بذلها خالصة لله من تزكية النفس، وتطهيرها من أدرانها وتنميتها للعمل وجبرها لنقصه.
2-الفطر :لأنها عطية عند الفطر يراد بها المثوبة من الله.
وإضافتها إلى الفطر من إضافة الشيء إلى سببه، فإن سبب وجوبها الفطر من رمضان - بعد إكمال عدة الشهر برؤية هلاله - فأضيفت له لوجوبها به.
حكمة تشريعها:
1- تطهيراً للنفس من أدرانها، من الشح وغيره من الأخلاق الرديئة.
2-وتطهيراً للصيام ما قد يؤثر فيه وينقص ثوابه من اللغو والرفث ونحوهما.
3-وتكميلاً للأجر وتنمية للعمل الصالح في رمضان.
4-ومواساة للفقراء والمساكين، وإغناء لهم من ذل الحاجة والسؤال يوم العيد.
5- إظهار شكر نعمة الله تعالى على العبد بإتمام صيام شهر رمضان وما يسر من قيامه، وفعل ما تيسر من الأعمال الصالحة.
6- إشاعة المحبة والمودة بين فئات المجتمع المسلم.
 عنْ وَكِيعٍ بْنِ الْجَرَّاحِ رحمه الله قَالَ :( زَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسَجْدَتِي السَّهْوِ لِلصَّلاةِ ، تَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلاةِ ).

مشروعيتها:
المشهور في السنة أنها فرضت في السنة الثانية من الهجرة، في العام الذي فرض فيه صوم رمضان.
حكمها:
فرض عين ، وقد حكى ابن المنذر رحمه الله  وغيره بالإجماع على وجوبها.

أدلة وجوبها:
1-قال تعالى:( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) (الأعلى 14-15)
2-  والأصل في وجوبها: ما رواه البخاري  ومسلم واللفظ له، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين.  
3-عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:( كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب)
4- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :(فرض رسول الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات).

شروط وجوبها:
تجب زكاة الفطر بثلاثة شروط:
الأول – الإسلام:
فلا تجب على الكافر الأصلي وجوب مطالبة في الدنيا، للحديث السابق ذكره عن ابن عمر رضي الله عنهما.
الثاني- غروب شمس آخر يوم من رمضان:
فمن مات بعد غروب ذلك اليوم، وجبت زكاة الفطر عنه، سواء مات بعد أن تمكن من إخراجها، أم مات قبله، بخلاف من ولد بعده.
ومن مات قبل غروب شمسه لم تجب في حقه، بخلاف من ولد قبله.
الثالث- أن يوجد لديه فضل من المال، يزيد عن قوته وقوت عياله في يوم العيد وليلته، وعن مسكن، وخادم إن كان بحاجة إليه.
فلو كان ماله لا يكفي لنفقات يوم العيد وليلته، بالنسبة له ولمن تجب عليه نفقتهم، لم تلزمه زكاة الفطر، ولو كان لديه مال يكفي يوم العيد وليلته، ولكنه لا يكفي لما بعد ذلك، تجب عليه الزكاة ولا عبرة بما بعد يوم العيد وليلته.
الذين يجب على المكلف إخراج زكاة الفطر عنهم:
يجب على من توفرت لديه هذه الشرائط الثلاثة، أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه، وعمن تلزمه نفقتهم، كأصوله وفروعه، وزوجته.
فلا يجب أن يخرجها عن ولده البالغ القادر على الاكتساب، ولا عن قريبه الذي لا يكلف بالإنفاق عليه، بل لا يصح أن يخرجها عنه إلا بأذنه وتوكيله.
فإذا أيسر بشئ لا يكفي عن جميع أقاربه الذي يكلف بنفقتهم، قدم نفسه، ثم زوجته، فولده الصغير،فأباه، فأمه، فولده الكبير العاجز عن الكسب.
زكاة الفطر جنساً وقدراً:
زكاة الفطر هي صاعً من غالب قوت البلد الذي يقيم فيه المكلف، بدليل حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق. وعند البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنَّا نخرج في عهد رسول الله يوم الفطر صاعاً من طعام، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأَقِطُ والتمر.
والصاع الذي كان يستعمله رسول الله إنما هو عبارة عن أربعة أمداد، أي حفنات، وهذه الحفنات الأربع مقدرة بثلاثة ألتار كيلاً، وتساوي بالوزن (2400) غراماً تقريباً.
فإذا كان غالب قوت بلدنا اليوم هو البُرُّ. فإن زكاة الفطر عن الشخص الواحد تساوي ثلاثة ألتار من الحنطة.
إخراج قيمة زكاة الفطر:
الأصل عدم إخراج قيمة زكاة الفطر بدلاً عنها لنص النبي على أنواع الأطعمة مع وجود قيمتها.
فلو كانت القيمة مجزئة لبين ذلك النبي فإنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
وكذلك فإنه لا يعلم أن أحداً من أصحاب النبي أخرج زكاة الفطر نقوداً مع إمكان ذلك في زمانهم وهم أعرف بسنته وأحرص على اتباع طريقته.
وإخراج القيمة يفضي إلى خفاء هذه الشعيرة العظيمة، وجهل الناس بأحكامها، واستهانتهم بها.
 ومذهب الإمام الشافعي أنه لا تجزئ القيمة، بل لا بدّ من إخراجها قوتاً من غالب أقوات ذلك البلد. إلا أن مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهو جواز دفع القيمة، لأنه يرى أن القيمة قد تكون في بعض الأحيان أنفع للفقير من الطعام، والأولى اتباع سنة النبي   فقد حدد أنواع الأطعمة التي يجب إخراجها، ويظهر منها أنها متنوعة على حسب غالب قوت أهل البلد ، وهذا هو الأولى والأرجح . والله أعلم
هل يجوز إخراج زكاة الفطر خارج المكان الذي يقطن فيه المزكي؟
الأصل أنها تخرج في المكان الذي يكون فيه الإنسان، وإن حصل أن أخرجت إلى مكان آخر فلا بأس، مثل إنسان يوكّل آخر في يوم العيد أن يخرج زكاة الفطر نيابة عنه، فيجوز ذلك، لكن الأولى أن تكون في البلد الذي يكون فيه الإنسان ما كان هذا المكان فيه من يحتاج لها .
توزيعها:
ويجوز أن يعطي الجماعة أو أهل البيت زكاتهم لمسكين واحد وأن تقسم صدقة الواحدعلى أكثر من مسكين للحاجة الشديدة
 ونص الإمام أحمد رحمه الله على أنه يَجُوزُ صَرْفُ صَاعٍ إلى جَمَاعَةٍ ، وَآصُعٍ إلى وَاحِدٍ .
وَقَالَ مَالِكٌ : لا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَعَنْ عِيَالِهِ مِسْكِينًا وَاحِدًا .
 وإذا أعطى فقيرا أقلّ من صاع فلينبهه لأنّ الفقير قد يُخرجها عن نفسه .
ويجوز للفقير إذا أخذ الفطرة من شخص وزادت عن حاجته أن يدفعها هو عن نفسه أو أحد ممن يعولهم إذا علم أنها تامة مجزئة

وقت إخراج زكاة الفطر:
أما وقت الوجوب، فقد قلنا إنه يبدأ بغروب شمس آخر أيام رمضان.
وأما الوقت الذي يجوز فيه إخراجها، فهو جميع شهر رمضان واليوم الأول من العيد.
يسنّ أداؤها صباح يوم العيد قبل الخروج إلى الصلاة. فقد جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وفي رواية عند البخاري: " وَأَمر بها أن تؤدَّي قبل خروج الناس إلى الصلاة ".
ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد إلى نهاية يوم العيد، فإن أخراها عنه أثِم ولزمه القضاء.

No comments:

Post a Comment