Tuesday 22 July 2014

مختصر شامل لأحكام الصيام – الدرس الحادي والعشرون – أحكام قضاء رمضان



 




قضاء رمضان


     وهذه مسائل تكثر الحاجة إليها فيما يتعلق بالقضاء :
صوم رمضان له وقت محدد بهذا الشهر، فمن تركه بعذر فإنه يقضيه، ليستدرك ما فاته من صيام، وسنتاول في هذا الموضوع جملة من أحكام القضاء والكفارة والفدية في الصوم.
وجوب القضاء
اتفق أهل العلم على وجوب القضاء على كل من أفطر يوماً أو أكثر من رمضان، لعذر شرعي كالسفر والمرض المؤقت والحيض والنفاس، ودليل ذلك قوله تعالى: ( فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر) (البقرة:184)، وقول عائشة رضي الله عنها: "كان يُصيبنا ذلك -أي الحيض- فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" رواه مسلم.
وكل من لزمه القضاء فإنه يقضي بعدد الأيام التي أفطرها ، فإن أفطر جميع الشهر لزمه قضاء بعدد أيام الشهر سواء أكانت ثلاثين أم تسعة وعشرين يوماً.

    أ-  وقت قضاء الصوم
    يستمر قضاء الفائت مِن رمضان بعذرٍ إلى رمضان الذي بعده ، ومن دخل عليه رمضان الآخر ولم يصم ما عليه بغير عذر : أثم ، ولم يسقط عنه القضاء ، وأوجب بعض أهل العلم عليه: الكفارة وهي طعام مسكين عن كل يوم 
وإليكم بعض الأحكام في تأخير القضاء – الرئاسة العليا للبحوث والإفتاء –

- من أخر قضاء رمضان متساهلا فيه وبدون عذر يمنعه من الصيام  فإن عليه أولا : التوبة إلى الله من هذا التأخير، والاستغفار، والندم، ومن تاب تاب الله عليه. ثم  إن عليه بعد ذلك أمرين: يقضي اياما بعدد الأيام التي أفطرها،  ويطعم عن كل يوم مسكينًا، نصف صاع، بصاع النبي عليه الصلاة والسلام، ومقداره كيلو ونصف تقريبًا، من قوت البلد: من تمر، أو أرز، أو حنطة، أو نحو ذلك، تجمع ويُعطاها بعض الفقراء.
- من أخر الصيام بغير عذر فإن كان فقيرًا عاجزًا، لا يجد ما يطعم منه سقط عنه الإطعام، وبقي عليه الصيام .
--إذا كنت أخَّر القضاء بسبب شرعي كمرض، يكفيه القضاء،والحمد لله، ولا شيء عليه غيره.


- الجاهل بحرمة تأخير القضاء لا تلزمه كفارة.
-     ويستحب المبادرة بالقضاء بعد زوال العذر المانع من الصوم ، لأنه أبرأ للذمة وأسبق إلى الخير، وله أن يؤخره، بشرط أن يقضيه قبل حلول رمضان القادم،
-     لقول عائشة رضي الله عنها: " كان يكون عليَّ الصوم مِن رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان" رواه البخاري ومسلم.
- ولا يلزم التتابع في قضاء رمضان ولكنه يستحب؛ لأن القضاء يحاكي الأداء، كما قال أهل العلم.
-ومن استمر به العذر حتى مات قبل أن يتمكن من قضاء ما عليه من أيام -رمضان ، فلا شيء عليه ، لأن الله أوجب عليه عدة من أيام أخر ولم يتمكن منها فسقطت عنه.
- وأما من تمكن من القضاء ، ولكنه فرط حتى أدركه الموت فلوليه أن يصوم عنه الأيام التي تمكن من قضائها، لقوله : ( من مات وعليه صيام، صام عنه وليه) متفق عليه.

    ب. من مات وعليه صوم قضاء أو أي صوم واجب مثل نذر:
     - فلوليه أن يبرئ ذمة الميت بأداء الصوم عنه ، فإذا صام عنه برّاً به ، من غير إلزام . هَذَا أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ مِن َحَدِيث اِبْن عَبَّاس " أَنَّ اِمْرَأَة قَالَتْ يَا رَسُول اللَّه إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْم نَذْر أَفَأَصُوم عَنْهَا فَقَالَ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أُمّك دَيْن فَقَضَيْته أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكَ عَنْهَا : قَالَتْ نَعَمْ ؟ قَالَ فَصُومِي عَنْ أُمّك " ‏وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الصَّوْم يُقْضَى عَنْ الْمَيِّت سَوَاء كَانَ الصَّوْم عَنْ فَرْض رمضان أَوْ عَنْ نَذْر . ‏
 - وإذا كانت ذمة الميت مشغولة بالإطعام أطعم عنه وليُّه، أي إن كان من الذين لا يطيقون الصيام ومات ولم يخرج الفدية إطعام مسكين عن كل يوم أطعم عنه وليه.
  - وفي صوم غير الولي خلاف قوي ؛ الأظهر جوازه من غير الولي لتشبيه النَّبيِّ ذلك بقضاء الدين ، وهو ما لا يختص به الولي أو القريب ، وهو ما رجحه الإمام البخاري وأبو الطيب الطبري من الشافعية وغيرهما .
 - وذِكر الولي في الحديث للغالب، والله أعلم .
   عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال : " مَن مات وعليه صيام صام عنه وليُّه "رواه البخاري ومسلم.
-      لا يشترط التتابع في صيام القضاء للإطلاق في الآية بقوله تعالى: (فعدَّةٌ مِن أيام أخر ) .
قال ابن عباس رضي الله عنه : لا بأس أن يفرِّق.رواه البخاري معلِّقاً ووصله الدارقطني.
وجوب القضاء والكفارة المغلظة لمن جامع في نهار رمضان:

اتفق أهل العلم على وجوب القضاء مع الكفارة المغلظة في حالة الجماع المتعمد في نهار رمضان ؛ لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أن رجلاً أتى النبي ، فقال: (هلكت يا رسول الله! قال: وما شأنك؟ قال: وقعت على أهلي في رمضان، قال: تجد رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فتستطيع أن تطعم ستين مسكينًا، قال: لا ...) متفق عليه.
فالحديث يدل على وجوب الكفارة على من جامع متعمدًا في نهار رمضان على الترتيب، وبما أن العتق غير ممكن اليوم، فيجب صيام شهرين متتابعين، فإن عجز عنه أطعم ستين مسكيناً، ولا يجوز الانتقال من حالة إلى أخرى إلا إذا عجز عنها.
-     ومما يتعلق بالكفارة ، عدم جواز صرف كفارة الإطعام إلى الأهل الموسرين، بل الواجب صرفها إلى الفقراء والمساكين.
-     ومما يتعلق بها أيضاً وجوب التتابع في صيام الشهرين، فلو قطع التتابع لعذر، فإنه يبني على ما سبق بعد زوال العذر، وأما إن قطعه بغير عذر، فعليه أن يعيد الصيام من البداية، ولا يعتبر ما صامه قبل الانقطاع.
الفدية

الشيخ الكبير والمرأة العجوز اللذان لا قدرة لهما على الصيام، أو كان الصيام يشق عليهما مشقة شديدة في جميع فصول السنة، يُرَخَّص لهما في الفطر، ولا قضاء عليهما، وعليهما أن يُطعما عن كل يوم مسكيناً، لقوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) ( البقرة:184)، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "الآية ليست منسوخة، وهي للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا"، ومثلهما المريض مرضاً لا يرجى برؤه، ويشق عليه الصوم، فإنه يفطر، ويطعم عن كل يوم مسكيناً.
-أما إذا بلغ الشيخ الكبير أو المرأة العجوز حدَّ الهذيان وعدم التمييز، فلا يجب عليهما الصيام ولا الإطعام عليهما؛ لسقوط التكليف عنهما 

هذه أهم الأحكام المتعلقة بقضاء رمضان، فاحرص أخي المسلم على المسارعة والمبادرة في أداء ما عليك، واغتنم فرصة هذا الشهر الكريم، ولا تجعل للشيطان عليك سبيلاً، وإن فاتك شيء منه لعذر أو تقصير، فبادر إلى قضائه واستدراكه.


No comments:

Post a Comment