Tuesday 22 February 2022

تفسير سورة التكوير - ج2 والاخير- قراءة تعليمية

   
 

سورة التكوير

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

 

إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴿١﴾‏ وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ﴿٢﴾‏ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ﴿٣﴾‏ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ﴿٤﴾‏ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴿٥﴾‏ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴿٦﴾‏ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴿٧﴾‏ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ﴿٨﴾‏ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴿٩﴾‏ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴿١٠﴾‏ وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ﴿١١﴾‏ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ﴿١٢﴾‏ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ﴿١٣﴾‏ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ﴿١٤﴾‏ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ﴿١٥﴾‏ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ﴿١٦﴾‏ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ﴿١٧﴾‏ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴿١٨﴾‏ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴿١٩﴾‏ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ﴿٢٠﴾‏ مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴿٢١﴾‏ وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ﴿٢٢﴾‏ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ﴿٢٣﴾‏ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴿٢٤﴾‏ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ﴿٢٥﴾‏ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴿٢٦﴾‏ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ﴿٢٧﴾‏ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ﴿٢٨﴾‏ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴿٢٩﴾‏

 

التفسير:

إذا الشمس لُفَّت وذهب ضَوْءُها،  وإذا النجوم تناثرت،  فذهب نورها،  وإذا الجبال سيِّرت عن وجه الأرض فصارت هباءً منبثًا،  وإذا النوق الحوامل تُركت وأهملت،  وإذا الحيوانات الوحشية جُمعت واختلطت؛ ليقتصَّ الله من بعضها لبعض،  وإذا البحار أوقدت ، فصارت على عِظَمها نارًا تتوقد،  وإذا النفوس قُرنت بأمثالها ونظائرها، وإذا الطفلة المدفونة حية سُئلت يوم القيامة سؤالَ تطييب لها وتبكيت لوائدها : بأيِّ ذنب كان دفنها؟ وإذا صحف الأعمال عُرضت، وإذا السماء قُلعت وأزيلت من مكانها، وإذا النار أوقدت فأضرِمت، وإذا الجنة دار النعيم قُرِّبت من أهلها المتقين، إذا وقع ذلك، تيقنتْ ووجدتْ كلُّ نفس ما قدَّمت من خير أو شر.

 

فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ﴿١٥﴾‏ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ﴿١٦﴾‏ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ﴿١٧﴾‏ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴿١٨﴾‏ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴿١٩﴾‏ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ﴿٢٠﴾‏ مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴿٢١﴾‏

أقسم الله تعالى بالنجوم المختفية أنوارها نهارًا،  وفي الليل تظهر أنوارها، فهذه النجوم الجارية والمستترة في أبراجها « الْخُنَّسِ » ، أي:في حال طلوعها، ثم هي جوار في فلكها، وفي حال غيبوبتها يقال لها: « كُنَّس » من قول العرب:أوى الظبي إلى كنَاسة:إذا تغيب فيه.

الجوار: تجري في السماء، والشمسُ تَجْرِي،  أما الكنس: تكنس ما حولها،  كَنَسَ الموضع يَكْنُسُه، بالضم، كَنْساً: كَسَح القُمامَة عنه. أي أن الله تعالى وصف الكواكب بأنها تنقبض على نفسها وتجري في السماء وتكنس ما حولها من انقاض أو قمامة، قسم قد يبدو في الوهلة الأولى غريب وعجيب! وقوة جذب كل كوكب هي حسب حجمه، فإن قدرة الأرض على جذب أي جسم أقوى بـ 6 مرّات من قدرة القمر، بينما يعتبر العلماء كوكب المشتري “مكنسة شفط كونية” للدور الكبير الذي يلعبه في جذب المذنبات والكويكبات

ويقسم ربنا بالليل إذا أقبل بظلامه، والصبح إذا ظهر ضياؤه، ( وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ) أي:أضاء، و،  وانجــابَ عَنهــا لَيلُهـا وعَسعَسَ  إن القرآن لَتبليغ رسول كريم- هو جبريل عليه السلام-  ذِي قوة في تنفيذ ما يؤمر به، صاحبِ مكانة رفيعة عند الله، تطيعه الملائكة، مؤتمن على الوحي الذي ينزل به. ( عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ) قال:جبريل يدخل في سبعين حجابا من نور بغير إذن، ( مُطَاعٍ ثَمَّ ) أي:له وجاهة، وهو مسموع القول مطاع في الملأ الأعلى.

( مُطَاعٍ ثَمَّ ) أي:في السموات، يعني:ليس هو من أفناد الملائكة، بل هو من السادة والأشراف، مُعتَنى به، انتخب لهذه الرسالة العظيمة.

 

وقوله: ( أَمِينٍ ) صفة لجبريل بالأمانة، وهذا عظيم جدا أن الرب عز وجل يزكي عبده ورسوله الملكي جبريل كما زكى عبده ورسوله البشري محمدا ﷺ بقوله: ( وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ )

وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ ﴿٢٢﴾‏ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ﴿٢٣﴾‏ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ﴿٢٤﴾‏ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ ﴿٢٥﴾‏

وما محمد الذي تعرفونه بمجنون،  ولقد رأى محمد جبريل الذي يأتيه بالرسالة في الأفق العظيم، وما هو ببخيل في تبليغ الوحي. وما هذا القرآن بقول شيطان رجيم، مطرود من رحمة الله، ولكنه كلام الله ووحيه. ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ الْمُبِينِ ) يعني:ولقد رأى محمدٌ جبريل الذي يأتيه بالرسالة عن الله عز وجل على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح (بِالأفُقِ الْمُبِينِ) أي:البين، وهي الرؤية الأولى التي كانت بالبطحاء، بعد انقطاع الوحي فترة ،استمرت هذه الفترة عدة أسابيع والرسولﷺ مكتئبًا حزينًا حتى كان يوم والرسولﷺ في الصحراء اذ سمع صوتًا فوقه، فنظر الى أعلى فرأي أعجب مشهد يمكن أن يراه أي انسان في الدنيا، رأي الرسول ﷺجبريل بصورته الحقيقية جالسًا على كرسي أو عرش بين السماء والأرض.

 

فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ﴿٢٦﴾‏ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴿٢٧﴾‏ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ﴿٢٨﴾‏ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿٢٩﴾‏

فأين تذهب بكم عقولكم في التكذيب بالقرآن بعد هذه الحجج القاطعة؟ ما هو إلا موعظة من الله لجميع الناس، لمن شاء منكم أن يستقيم على الحق والإيمان، وما تشاؤون الاستقامة، ولا تقدرون على ذلك، إلا بمشيئة الله رب الخلائق أجمعين.

  

No comments:

Post a Comment