Friday 4 February 2022

السيرة النبوية الشريفة أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها

    


زواج النبيﷺ بزينب بنت جحش رضي الله عنها:

هي إحدى زوجات النبيﷺ، وابنة عمته أميمة بنت عبد المطلب، وإحدى أمهات المؤمنين. وُلدت في مكة قبل الهجرة بـ 33 سنة.

 في ذي القعدة من السنة الثالثة من الهجرة: تزوج النبي ﷺ زينب بنت جحش رضي الله عنها بأمر من الله تعالى، وقيل سنة أربع، وقيل سنة خمس، فقد جاء في تاريخ الإسلام للذهبي: "زينب بنت جحش بن رئاب الأسدي، أم المؤمنين، تزوجها النبي ﷺ سنة ثلاث، وقيل: سنة خمس، وقيل: سنة أربع، وهو أصح".

 

يُروى أنَّ زينب تقدم لخطبتها رجال من قريش، فأرسلت زينب إلى النبي تستشيره، فاختار لها النبي زيد بن حارثة زوجًا، فقالت: «أنا ابنة عمتك يا رسول الله، فلا أرضاه لنفسي»، فأنزل الله: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾، فأرسلت زينب إلى النبي، ورضيت بذلك، وجعلت أمرها للنبيﷺ، فزوجها من زيد بن حارثة، وساق لها رسول الله عشرة دنانير، وستين درهمًا، وخمارًا، ودرعًا، وإزارًا، وملحفة، وخمسين مُدًّا من طعام، وثلاثين صاعًا من تمر.

وكان هذا الزواج مثالًا لتحطيم الفوارق الطبقيَّة الموروثة قبل الإسلام، إذ إنَّ زيدًا -وهو أحد الموالي- تزوّجَ زينبَ التي كانت من طبقة السادة الأحرار.مكثت زينب عند زيد قريبًا من سنة أو فوقها، ثم وقع بينهما الخلاف، فهمّ زيد بتطليقها، فردّه النبي قائلًا: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ»، ثم طلقها زيد. قال أبو بكر بن العربي: «إنما قال عليه الصلاة والسلام لزيد أمسك عليك زوجك، اختبارًا لما عنده من الرغبة فيها أو عنها، فلما أطلعه زيد على ما عنده منها من النفرة التي نشأت من تعاظمها عليه أذن له في طلاقها»

زواجها من النبيﷺ

بعد أن انتهت عدتها من زيد بن حارثة،  وبينما كان النبيﷺ كان جالسًا يتحدث مع عائشة، فأخذته غشية، فسُرّيَ عنه، وهو يبتسم، ويقول: «من يذهب إلى زينب، ويبشرها أن الله قد زوجنيها من السماء».

 

ورُويَ أن النبي أرسل زيد بن حارثة لزينب، وقال له: «مَا أَجِدُ أَحَدًا أَوْثَقَ فِي نَفْسِي مِنْكَ، اذهب، فاذكرني لها»، يقول زيد: «فلما قال ذلك عظمت في نفسي، فذهبت إليها، فجعلت ظهري إلى الباب، فقلت: يا زينب أبشري، فإن رسول اللهﷺ يخطبك»، ففرحت بذلك، وقالت: «ما أنا بصانعةٍ شيئًا، أو ما كنت لأحدث شيئًا، حتى أُؤامر ربي عز وجل». فقامت إلى مسجد لها فصلت ركعتين، وناجت ربها، فقالت:

    اللهم إنَّ رسولك يخطبني، فإن كنت أهلًا له، فزوجني منه.

 

فنزل الوحي بقوله تعالى: ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا) ، فجاء رسول الله حتى دخل عليها بغير إذن.

وكانت تلك الآية تشريعًا يسمح بزواج الرجل من طليقة متبناه.

والحكمة الإلهية من هذا الزواج هي قطع تحريم أزواج الأدعياء أي المُتَبَنِين بعد إبطال التبني نفسه، وهذا صريح في قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولًا}(الأحزاب37).

وكانت تفتخر على نساء النبي وتقول: «زوجكن أهليكن وزوجني الله كلمة تعالى.png من فوق سبع سموات»، وقد رُوي أن زينب قالت للنبي: «أنا أعظم نسائك عليك حقًا، أنا خيرهنَّ مَنكحًا، وأكرمُهنَّ سترًا، وأقربهنَّ رحمًا، وزوجنيك الرحمن من فوق عرشه، وكان جبريل عليه السلام هو السفير بذلك، وأنا بنت عمتك، ليس لك من نسائك قريبة غيري».

 

ومع ما تحقق في هذا الزواج من حِكَم ومقاصد شرعية، فقد شكل أحد الشبُهات التي وجهها المستشرقون والمنافقون للنبي ﷺ، وهذا من قلبهم للأمور وتزييفهم للحقائق.

 

وفي صبيحة عرس زينب رضي الله عنها كان بداية نزول الآيات الخاصة بأمْر وفرض الحجاب على المرأة المسلمة، وذلك في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}(الأحزاب:53).. قال أنس بن مالك: (أنا أحدث الناس عهداً بهذه الآيات، وحُجِبْن نساء النبي ﷺ) رواه مسلم.

وكانت وفاتها في المدينة المنورة سنة 20 هـ، وقيل 21 هـ، وكانت أوَّل زوجات النبي لَحَاقًا به، وصَلَّى عليها عمر بن الخطاب، ودُفِنَت بالبقيع.

No comments:

Post a Comment