Wednesday 9 February 2022

السيرة النبوية الشريفة حادثة الرجيع وبئر معونة

    

أحــداث وغــزوات في السنة  4 للهجرة:

كان لما أصاب المسلمين بأحد أثر سئ على سمعتهم ، إذ تجرأ الأعداء ، وكاشفوهم بالنزال ، ووقعت عدة أحداث لم يكن بعضها في صالح المسلمين ، ونكتفي هنا بذكر الأهم منها فقط .

 

حادث الرجيع :

قدم رجال من عَضل وقارة  إلى رسول اللهﷺ، وذكروا له أن فيهم إسلاماً، وطلبوا منه يبعث إليهم من يعلمهم الدين، ويقرئهم القرآن، فبعث عشرة من أصحابه أمَّر عليهم عاصم بن ثابت ، فلما كانوا بالرجيع غدروا بهم، واستصرخوا عليهم بني لحيان من هذيل، فلحقهم قريب من مائة رام، وأحاطوا بهم وهم في مكان مرتفع، فأعطوهم العهد إن نزلوا أن لا يقتلوهم، فأبى عاصم النزول، وقاتل مع أصحابه، فقتل منهم سبعة، وبقي ثلاثة، فأعطاهم الكفار العهد مرة أخرى، فنزلوا ، فغدروا بهم، وربطوهم، فقال أحد الثلاثة، هذا أول الغدر، وأبى يصحبهم فقتلوه ، وانطلقوا بالاثنين الآخرين إلى مكة ، وهما خبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة ، فباعوهما ، وكان خبيب بن عدي قد قتل الحارث بن عامر بن نوفل يوم بدر، فاشترته بنته أو أخوه ، وسجنوه فترة ثم خرجوا به إلى التنعيم ليقتلوه ، فصلى ركعتين ، ثم دعا عليهم، ثم قال فيما قال :

ولست أبالي حين أقتل مسلماً   على أي جنب كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ      يبارك على أوصال شلو ممزع

فقال له أبو سفيان : أيسرك أن محمداً عندنا نضرب عنقه ، وإنك لفي أهلك ؟ فقال : والله ما يسرني أني في أهلي ، وأن محمداً في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكه تؤذيه، ثم قتله عقبة بن الحارث بن عامر بأبيه .

وأما زيد بن الدثنة فكان قتل أمية بن محرث يوم بدر ، فابتاعه ابنه صفوان بن أمية ، وقتله بأبيه ، وقد نسب إليه ما تقدم من قول أبي سفيان ورد خبيب عليه .

وبعثت قريش ليؤتى بجزء من جسد عاصم، فبعث الله المزنابير فحمته منهم ، وكان عاصم قد عهد الله أن لا يمسه مشرك ، ولا يمس هو مشركاً في حياته ، فحفظه الله بعد وفاته .

 

مأساة بئر معونة :

وفي نفس أيام حادثة الرجيع حدثت مأساة أخرى أشد منها ، وملخصها أن أبا براء عامر بن مالك ، المدعو بملاعب الأسنة ، قدم على رسول اللهﷺ المدينة ، فدعاه رسول الله ﷺ

إلى الإسلام، فلم يسلم ، ولم يبعد، ولكنه أبدى رجاءه أن أهل نجد يجيبونه إلى الإسلام إذا بعث إليهم الدعاة، وقال : أنا جار لهم، فبعث إليهم رسول الله ﷺ سبعين داعياً من قراء الصحابة ، فنزلوا على بئر معونة  وذهب حرام بن ملحان بكتاب رسول الله ﷺ إلى عدو الله عامر بن الطفيل، فلم ينظر فيه ، وأمر رجلاً فطعنه من خلفه حتى أنفذ الرمح ، فقال حرام: الله أكبر ، فزت ورب الكعبة .

واستنفر عدو الله بني عامر فلم يجيبوه ، لجوار أبي براء ، فاستنفر بني سليم ، فأجابته بطون منها : رعل وذكوان وعصية ، فأحاطوا بالصحابة ، وقتلوهم عن آخرهم ، ولم ينج إلا كعب بن زيد ، وعمرو بن أمية الضمري ، فأما كعب بن زيد فكان جريحاً ، وظنوه قتيلاً ، فارتث من بين القتلى ، فعاش حتى قتل يوم الخندق.

وأما عمرو بن أمية الضمري الذي نجا من سرية القراء لقي أثناء رجوعه إلى المدينة رجلين من بني عامر، فقتلهما وهو يظن أنه أصاب بذلك بعض الثأر من بني عامر الذي غدروا بهم، ولم يشعر بعهدهما الذي لهما من رسول اللهﷺ، فقال له الرسولﷺ: «لقد قتلت رجلين لأدينّهما»  وكان بين بني عامر وبني النضير عهد وحلف.

وقد حزن رسول اللهﷺ حزناً شديداً على ما حدث بالرجيع وببئر معونة ، وكان الحادثان في شهر واحد – شهر صفر سنة 4هـ - ويقال : إن خبر الحادثين وصل إليهﷺ في ليلة واحدة ، فدعا على هؤلاء القتلة ثلاثين صباحاً في صلاة الفجر ، حتى أنزل الله عنهم: أبلغوا عنا قومنا: أنا لقينا ربنا ، فرضي عنا ، ورضينا عنه . فترك القنوت .

 

No comments:

Post a Comment