Monday 6 November 2017

تفسير وربط للآيات ويبان المتشابهات سورة التغابن ج 2 – يوم التغابن

  




 


  سورة التغابن ج 2 – يوم التغابن


وفي الآيات التالية يصف الله تعالى أحوال الناس يوم القيامة ، واختلافهم فيها
وقوله: ( يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ) وهو يوم القيامة، سمي بذلك لأنه يجمع فيه الأولون والآخرون في صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينَفُذَهم البصر، كما قال تعالى: ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ [ هود:103 ] وقال تعالى: قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [ الواقعة:49 ، 50 ]
وقوله: ( ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ) قال ابن عباس:هو اسم من أسماء يوم القيامة. وذلك أن أهل الجنة يغبنون أهل النار. وكذا قال قتادة ومجاهد.
وقال مقاتل بن حيان:لا غبن أعظمُ من أن يدخل هؤلاء إلى الجنة، ويُذْهَب بأولئك إلى النار.

في اللغة:

 تَغَابَنَ النَّاسُ : غَبَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً ، أَيْ تَخَادَعُوا، أعطي شيء بخس بثمن عال،
يقال: غبنت فلانا إذا بايعته أو شاريته فكان النقص عليه والغلبة لك.
تَغَابَنَ له : تقاعد حتى غُبِنَ  ، المصدر : تغابن
تَغَابُنُ النَّاسِ فِي السُّوقِ : تَخَادُعُهُمْ ، غَبْنُ بَعْضِهِمْ بَعْضاً، أي خدع بعضهم بعضا. ويقال: غبنت الثوب وخبنته إذا طال عن طولك فخطت منه شيئا؛ فهو نقصان أيضا، والمَغابن: ما انثنى من الخلق نحو الإبطين والفخذين.


عودة للتفسير:

وسمى يوم القيامة يوم التغابن؛ لأنه غَبنَ فيه أهل الجنة أهل النار،  أي أن أهل الجنة أخذوا الجنة، وأخذ أهل النار النار على طريق المبادلة؛ فوقع الغبن، لأجل مبادلتهم الخير بالشر، والجيد بالرديء، والنعيم بالعذاب. يقال: غبنت فلانا إذا بايعته أو شاريته فكان النقص عليه والغلبة لك. وكذا أهل الجنة وأهل النار؛ على ما يأتي بيانه. قال المفسرون: فالمغبون من غُبن( نقص ) أهله ومنازله في الجنة. ويظهر يومئذ غبن كل كافر بترك الإيمان، وغبن كل مؤمن بتقصيره في الإحسان وتضييعه الأيام. قال الزجاج: ويغبن من ارتفعت منزلته في الجنة من كان دون منزلته.
وفي هذه الآيات تمثيل ما يقع يوم القيامة بالغبن في الشراء والبيع؛ كما قال تعالى: ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ) [ البقرة: 16 ] . ولما ذكر أن الكفار اشتروا الضلالة بالهدى وما ربحوا في تجارتهم بل خسروا، وذكر أيضا أنهم غبنوا؛ وذلك أن أهل الجنة اشتروا الآخرة بترك الدنيا، واشترى أهل النار الدنيا بترك الآخرة. وهذا نوع مبادلة اتساعا ومجازا.
وقد فرق الله سبحانه وتعالى الخلق فريقين: فريقا للجنة وفريقا للنار. وجعل لك إنسان بيت في الجنة وبيت في النار، فقد يسبق الخذلان على العبد بعمله، فيكون من أهل النار، فيحصل الموفق على منزل المخذول ومنزل الموفق في النار للمخذول؛ فكأنه وقع التبادل فحصل التغابن.
وقد يخبر عن هذا التبادل بالوراثة كما بيناه في ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١﴾ ، قال عنهم ( الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿١١﴾ ( المؤمنون)، والله أعلم. وقد يقع التغابن في غير ذلك اليوم على ما يأتي بيانه بعد؛ ولكنه أراد التغابن الذي لا جبران لنهايته هو الذي يكون يوم القيامة.

أمثلة مؤثرة في  كيف يكون التغابن يوم القيامة:

 وقال الحسن وقتادة: بلغنا أن التغابن في ثلاثة أصناف:
1-  رجل علم علماً فعلَّمه غيره فعمل الثاني به،  وضيعه هو ولم يعمل به فشقي به، وعمل به من تعلمه منه فنجا به.
2-ورجل اكتسب مالا من وجوه يُسأل عنها – أي من غير الحلال -وشح عليه- وبالرغم من ذلك بخل بماله ولم ينفقه- ، وفرط في طاعة ربه بسببه،، ولم يعمل فيه خيرا، وتركه لوارث ، ورثه ولا حساب عليه في طريق كسب الأول له؛ فعمل ذلك الوارث فيه بطاعة ربه ففاز، وشقي من اكتسب المال بغير وجوه الحلال.
3- ورجل كان له عبد فعمل العبد بطاعة ربه فسعد، وعمل السيد بمعصية وبه فشقي. 4-وروي عن النبي أنه قال: ( إن الله تعالى يقيم الرجل والمرأة يوم القيامة بين يديه فيقول الله تعالى لهما قولا فما أنتما بقائلين فيقول الرجل يا رب أوجبت نفقتها علي فتعسفتها من حلال وحرام وهؤلاء الخصوم يطلبون ذلك ولم يبق لي ما أوفي به فتقول المرأة يا رب وما عسى أن أقول اكتسبه حراما وأكلته حلالا وعصاك في مرضاتي ولم أرض له بذلك فبعدا له وسحقا فيقول الله تعالى قد صدقت فيؤمر به إلى النار ويؤمر بها إلى الجنة فتطلع عليه من طبقات الجنة وتقول له غبناك غبناك سعدنا بما شقيت أنت به ) ( لم أجده ) ،فذلك يوم التغابن.

الغبن في المعاملة الدنيوية

ويعرف الغبن في الفقه الإسلامي بأنه: «زيادة في الثمن المعتاد بالنسبة للمشتري ونقص عنه بالنسبة للبائع»، وهذا يعني أن الغبن هو الخداع في المبايعة، ويرد الغبن على البيع والشراء( المعاوضات)
قال ابن العربي: استدل علماؤنا بقوله تعالى: « ذلك يوم التغابن » على أنه لا يجوز الغبن في المعاملة الدنيوية؛ لأن الله تعالى خصص التغابن بيوم القيامة فقال: « ذلك يوم التغابن » وهذا الاختصاص يفيد أنه لا غبن في الدنيا؛( وهو أن يبيع البضاعة بربح فاحش، فهذا هو الغبن في التجارة ، أو يبيع بضاعتة فاسدة رديئة بثمن بضاعة جيدة) فكل من اطلع على غبن في مبيع،  فعليه رده إذا زاد على الثلث،  واختاره البغداديون واحتجوا عليه بوجوه: منها ما ورد في قوله لحبان بن منقذ ( وكان رجلا بسيطا يستغله التجار فيزيدوا عليه في الثمن ) قال ابن عمر: أن رجلا كان يخدع في البيوع ، فقال له رسول الله : " إذا بايعت فقل لا خلابة ". متفق عليه ، قال : وكان في عقدته ضعف، فحثه رسول الله أن يقول لمن يبايعه ( لا خلابة ) أي لا ظلم أو خديعة.
والغبن في الدنيا ممنوع بإجماع في حكم الدين؛ إذ هو من باب الخداع المحرم شرعا في كل ملة، لكن اليسير منه لا يمكن الاحتراز عنه لأحد؛ إذ لو حكمنا برده ما نفذ بيع أبدا؛ لأنه لا يخلو منه، حتى إذا كان كثيرا أمكن الاحتراز منه فوجب الرد به، والفرق بين القليل والكثير أصل في الشريعة معلوم.

قدر الزيادة – الربح للبائع - التي يسامح بها في البيع:

يقول القرطبي: فقدر علماؤنا الثلث لهذا الحد؛ إذ رأوه في الوصية وغيرها. ويكون معنى الآية على هذا: ذلك يوم التغابن الجائز مطلقا من غير تفصيل، أو ذلك يوم التغابن الذي لا يستدرك أبدا؛ لأن تغابن الدنيا يستدرك بوجهين: إما برد في بعض الأحوال، وإما بربح في بيع آخر وسلعة أخرى. فأما من خسر الجنة فلا درك له أبدا. وقد قال بعض علماء الصوفية: إن الله كتب الغبن على الخلق أجمعين، فلا يلقى أحد ربه إلا مغبونا، لأنه لا يمكنه الاستيفاء للعمل حتى يحصل له استيفاء الثواب. وفي الأثر قال النبي : (لا يلقى الله أحد إلا نادما إن كان مسيئا إن لم يحسن، وإن كان محسنا إن لم يزدد ) .
وقد فسر ذلك بقوله تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)  فسبحانه وتعالى يكفر بعض السيئات عمن حسُن إيمانه، وعمل من الصالحات ما يرى منه عزمه عليها، ومنها الغبن يكفر قليله ربنا بفضله، ويجازي بالحسنات إحسانا عظيما من فضله، ثم يأتي ربنا كما في معظم المواضع ، يأتي بالضد من ذلك ، من أصر على الكفر والتكذيب بآيات الله ، فهؤلاء بئس المصير الذي صاروا إليه. أعاذنا الله من ذلك.

وقوله تعالى : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)

متشابه:

هذه الآية كمثيلتها في سورة الحديد حيث بقول تعالى فيها: ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا) [ الحديد22 ] ففي الحديد فصل الله تعالى بأنواع ما قد يصيب الإنسان فيهمه، من زروع في الأرض تصيبها الآفات، أو يعدوا عليها الحيوان، أو في أنفسكم من مرض أو موت حبيب، كما قال تعالى في آل عمران 186: ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ)، وهنا في هذه السورة أجمل القول وتركها مفنوحة لتشمل كل ما يتصور من المصائب، فيمكن أن يقال أنها هنا أعم، قال: ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ )
قال ابن عباس في معنى الآية: يعني كل ما يصيب ابن آدم فإنما هو عن إرادة الله، فهو بأمر الله، يعني:عن قدره ومشيئته. وقيل: سبب نزولها إن الكفار قالوا: لو كان ما عليه المسلمون حقا وصدقا، لصانهم الله عن المصائب في الدنيا؛ فبين الله تعالى أن ما أصاب من مصيبة في نفس أو مال أو قول أو فعل، يقتضي هما أو يوجب عقابا عاجلا أو آجلا فبعلم الله وقضائه، ولا يدري فعسى أن ما يحسبه مصيبة اليوم، يرى عاقبته خير له غداً، وقد بشر بذلك رسول الله ، فيما يرويه عنه أبو هريرة رضي الله عنه، قال: "  ما يُصيبُ المُسلِمَ، مِن نَصَبٍ ولا وَصَبٍ، ولا هَمٍّ ولا حُزْنٍ ولا أذًى ولا غَمٍّ، حتى الشَّوْكَةِ يُشاكُها، إلا كَفَّرَ اللهُ بِها مِن خَطاياهُ " ( رواه البخاري ) .
( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) أي:ومن أصابته مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره، فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله، هدى الله قلبه، وعَوَّضه عما فاته من الدنيا هُدى في قلبه، ويقينا صادقًا، وقد يخلف عليه ما كان أخذ منه، أو خيرًا منه.
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) يعني:يهد قلبه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، أيد هذا قول الحبيب من روايه ابن عباس في الحديث المشهور قوله : " واعلمْ أنَّ ما أصابكَ لم يكن ليُخطِئَكَ وما أخطأكَ لم يكنْ ليصيبكَ واعلمْ أنَّ الخلائقَ لو اجتمعوا على أنْ يعطوكَ شيئًا لم يردِ اللهُ أنْ يعطيَكَهُ لم يقدِروا على ذلك أو يصرِفوا عنكَ شيئًا أراد اللهُ أنْ يعطيَكَهُ لم يقدِروا على ذلك" ( رواه السفاريني الحنبلي بهذه الصيغة – وهو حسن)
وقال الأعمش، عن أبي ظِبْيان قال:كنا عند علقمة فقرئ عنده هذه الآية: ( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) فسئل عن ذلك فقال:هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم
وقال سعيد بن جبير، ومقاتل بن حيان: ( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) يعني:يسترجع ساعة تحدث له المصيبة، يقول: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [ البقرة:156 ]

وفي الحديث المتفق عليه: " عجبًا لأمرِ المؤمنِ . إن أمرَه كلَّه خيرٌ . وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمنِ . إن أصابته سراءُ شكرَ . فكان خيرًا له . وإن أصابته ضراءُ صبر . فكان خيرًا له " ( صحيح مسلم)

وقال أحمد:عن عبادة بن الصامت يقول: إنَّ رجلًا أتى النبيَّ فقال: يا نبيَّ اللهِ، أيُّ العملِ أفضلُ؟ قال: الإِيمانُ باللهِ، وتصديقٌ به، وجهادٌ في سبيلِه، قال: أريدُ أهونَ من هذا يا رسولَ اللهِ، قال: "السَّماحةُ والصبرُ"، قال: أريدُ أهونَ من ذلك يا رسولَ اللهِ، قال: "لا تتَّهمِ اللهَ [تبارك وتعالى] في شيءٍ قضى لك به".  أي هونوا على أنفسكم المصائب، واشتغلوا بطاعة الله، واعملوا بكتابه.  وقوله: ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) أمرٌ بطاعة الله، وطاعة خاصة لرسول الله ،  فيما شرع من التتشريعات التي انفردت بها السنة، دون القرآن – مع كونها من الله أيضاً، فما ينطق عن الهوى- وفعل ما به أمر وترك ما عنه نهى وزجر، وأطيعوا الرسول في العمل بسنته كلها؛ فإن توليتم عن الطاعة فليس على الرسول إلا التبليغ.
 ثم قال: ( فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) أي:إن نكلتم عن العمل فإنما عليه ما حُمِّل من البلاغ، وعليكم ما حُمِّلْتم من السمع والطاعة.
قال الزهري:منَ الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ،  وعلينا التسليم.
ثم قال تعالى مخبرًا أنه الأحد الصمد، الذي لا إله غيره، فقال: ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) فالأول خَبَرٌ عن التوحيد، ومعناه معنى الطلب، أي: وحدوا الإلوهية له، وأخلصوها لديه، وتوكلوا عليه تهون عليكم المصائب إذ تعلمون أنها من قدر من الله الواجد الأحد، كما قال تعالى: (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا)  [ المزمل:9 ] .



للهم لك الحمدُ كلُّه، اللهم لا قابضَ لما بسطتَ، ولا مُقَرِّبَ لما باعدتَ، ولا مُباعِدَ لما قرَّبتَ ، و لا مُعطِيَ لما منعْتَ، ولا مانعَ لما أَعطيتَ اللهم ابسُطْ علينا من بركاتِك و رحمتِك وفضلِك ورزقِك ، اللهم إني أسألُك النَّعيمَ المقيمَ الذي لا يحُولُ ولا يزولُ اللهم



No comments:

Post a Comment